الْكَنزُ الْمَدفون (قصّة للفتيان) زياد غزال فريحات

زياد غزال فريحات

  • الجمعة 11, فبراير 2022 01:04 ص
  • الْكَنزُ الْمَدفون     (قصّة للفتيان)     زياد غزال فريحات
يحكى أن رجلاً صالحاً قضى عمره يجوب الآفاق لنشر تعاليم الإسلام، وفي إحدى رحلاته وجد كنوز قارون, فخاف أن يفتنه المال فعاهد الله على إنفاق الكنوز في نشر تعاليم القرآن وحفظه، وأخذ يدفن في كل بلد يذهب إليه جزءاً من الكنوز حتى واراها التراب ولم يبق منها إلا القليل ... وفي إحدى الأيام جهز الرجل الصالح متاعه لرحلة في أحد المحيطات ... وعندما يأتي في خاطره المحيط يحس بالخوف من غدره وغطرسة أمواجه، فخشي من الغرق وأن يغرق معه سر الكنوز، فجمع أولاده الثلاثة محمد وياسين وطه وكشف عن صدورهم التي تتلألأ صفاءً وأخذ قضيباً من الحديد المتوهج احمراراً, ورسم على صدور الأبناء معاً خارطة للبلاد التي دفن بها الكنوز, ومواقع الكنوز وترك لأبنائه وصية يقول فيها :
بسم الله الرحمن الرحيم

  الْكَنزُ الْمَدفون
    (قصّة للفتيان)    
زياد غزال فريحات

يحكى أن رجلاً صالحاً قضى عمره يجوب الآفاق لنشر تعاليم الإسلام، وفي إحدى رحلاته وجد كنوز قارون, فخاف أن يفتنه المال فعاهد الله على إنفاق الكنوز في نشر تعاليم القرآن وحفظه، وأخذ يدفن في كل بلد يذهب إليه جزءاً من الكنوز حتى واراها التراب ولم يبق منها إلا القليل ... وفي إحدى الأيام جهز الرجل الصالح متاعه لرحلة في أحد المحيطات ... وعندما يأتي في خاطره المحيط يحس بالخوف من غدره وغطرسة أمواجه، فخشي من الغرق وأن يغرق معه سر الكنوز، فجمع أولاده الثلاثة محمد وياسين وطه وكشف عن صدورهم التي تتلألأ صفاءً وأخذ قضيباً من الحديد المتوهج احمراراً, ورسم على صدور الأبناء معاً خارطة للبلاد التي دفن بها الكنوز, ومواقع الكنوز وترك لأبنائه وصية يقول فيها :
  *-: لقد رسمت على صدوركم خارطة للبلاد التي نشرت فيها دين الله وتعاليم القرآن, والمواقع التي دفنت بها كنوز قارون، وعاهدت الله أن أنفقها في نشر القرآن وحفظه، أتدرون لماذا الحفظ ؟ لأنَّ الحفظ يبني  الحب والمودة للآيات، فإن حفظتم القرآن معاً فإنكم سوف ترون مواقع الكنوز، وإن رأيتموها فأنفقوها على ما عاهدت الله عليه، وإذا نسيتم جزءاً من القرآن فإن أعداءكم وأعداء دينكم سوف يرون مواقع الكنوز، ويستخرجوها وتنفق ضدكم و ضد دينكم.  
أبنائي الأعزاء :
على صدوركم ثروة أمة فيجب أن يكون داخل هذه الصدور كتاب ربكم، فإن حفظتموه فقد أصبح بينكم وبين آياته حب كبير ومودة غامرة و أصبحتم أسياداً، وإن نسيتموه أصبحتم عبيداً رخيصي الثمن ... مع دعائي المستمر لكم بالصون والسداد.
وارتحل الأب تاركاً وصيته، وخاض عباب المحيط فهاجت الأمواج وثارت العواصف واستسلمت السفينة لعتو العواصف والأمواج فتحطمت, وأخذت الأمواج تتقاذف الرجل الصالح وهو يقرأ القرآن حتى خرجت منه روحه الطاهرة.
هدأت الأمواج وسكنت العواصف والرجل الصالح مسجّى مأدبة للحيتان، ولم تتركه وإلا هو في بطونها.
ولكن وصيته بقيت وأبناؤه باقون، محمد في الثامنة من عمره  وياسين في السابعة وطه في السادسة, والكنوز ما زالت مدفونة والأبناء ما زالوا صغاراً، وبعد سنوات من وفاة الأب، تُوفيت أمهم واضطر الفتيان الثلاثة للانتقال إلى ملجأ للأيتام، وخلال وجودهم في الملجأ علم رجل عجوز من الأعداء بقصة الكنوز والخارطة المرسومة على صدورهم، فاجمتع مع ابنه الأكبر الذي يسمى الحوت وقال له :
 *-: لقد جئت بك لأمر عظيم يا ولدي .
  الحوت : خيراً يا والدي . 
العجوز : بل شر عظيم. نار تستعر تحت الرماد، سنصلى بنارها إن نبتت بين غاباتنا ... سيخرج من وهج النار, نور يبدد ظلام كهوفنا ويخطف أبصارنا.
 الحوت -: وأين هذه النار ؟
العجوز : على صدور فتية أيتام خارطة تضم مواقع كنوز قارون، فإن حفظوا القرآن فسوف يرون مواقعها, ثم يستخرجونها وينفقونها على بناء مجد دينهم، وهذا يعني هدم صروح مجدنا.
  الحوت -: وما هو دوري  ؟
العجوز : ستمثل أنك أبوهم ..
سام : كيف ذلك وهم أيتام ؟
العجوز : هذا أمر بسيط، لكن الأهم أن تنسيهم ما حفظوه من القرآن ... وبذالك نرى مواقع الكنوز ونصبح أسياد الأرض ... الأيتام الثلاثة أخوة أكبرهم محمد يحفظ عشرة أجزاء ... وهو الآن في الصف السابع، والأوسط ياسين يحفظ ستة أجزاء وهو في الصف السادس، والأصغر طه يحفظ أربعة أجزاء وهو في الصف الخامس، والآن احفظ ما سأقوله لتنفذه بالضبط.
ورسم العجوز خطة للحوت، بدأها بتغيير شكل ابنه ليشبه والد الفتيان الثلاثة، وذهابه إلى الملجأ ليأخذهم ويعيشوا معه، ذهب الحوت إلى مدير الملجأ وأخبره أنه والد الفتيان الثلاثة، فعرفه المدير وحمد الله على سلامته، فطلب الحوت من المدير أن يمهد له لقاءه بأبناه ويخبرهم بالقصة قبل أن يدخل عليهم، اجتمع المدير بالأبناء وقال لهم:
*-:  لقد جمعتكم الليلة لأمر يشبه حكآيات الزمن الغابر ... أمر غريب كل الغرابة ... يجمع في طياته الماضي والحاضر والمستقبل.
ياسين: ما هذا يا سيدي ... هل جمعتنا لتسرد علينا أحجية ؟
قل لنا ما هو الأمر حتى نذهب للنوم فنحن في غاية النعاس.
المدير: لا تكن عجولاً ... أنتم تعلمون أن أباكم قد توفي وأنتم أطفال صغار ... 
محمد: صحيح، ولكن ما علاقة هذا بالأمر الذي جمعتنا لأجله؟!
ياسين: آه .. إن هذا أشبه بالتقلب على الأشواك ... إنني لا أريد معرفة هذا الأمر ... سوف أذهب للنوم .
محمد: انتظر .. يجب أن تبقى، لأن الأمر مهم على ما يبدو.
أيها المدير إلى أين تريد أن توصلنا ؟
المدير: إلى أبيك يا محمد .
محمد: أبي .. كيف أصل لرجل في بطون الحيتان ؟!
المدير: إنه ليس كذالك .
ياسين: أسخف نكتة سمعهتا في حياتي ... ربما أنه يتسابق مع حوريات البحر.
محمد: أين هو إذن ؟
المدير: إنه حي يرزق .
ياسين: أريد أن أقول لك أن رهبة الموت ليست مجالاً لهذه النكت الباهتة.
المدير: أن أباكم في الخارج ينتظر الإذن مني بالدخول ... لقد نجا من الأمواج والعواصف، لقد تعلق بإحدى أخشاب السفينة ونجا مريضاَ على إحدى الجزر، وعندما شفي جاء اليكم فاقداً جزءاً  كبيراً من ذاكرته ... إنه لا يتذكر إلا القليل ... القليل ... لماذا لا ينفجر حنان الأبوة في داخلكم ... لماذا لا تتشقق أحجار عيونكم ليسيل منها الدمع فرحاً لإسدال الستار على  يتمكم ؟! يا عبدالله يا أبا محمد.
ويدخل الحوت وهو يشبه أباهم تماماً ، ويقوم بمعانقتهم ويفرح الفتيان الثلاثة كثيراً بلقاء أبيهم ومسك الحوت بأيديهم جميعاً وخاطبهم:
  *-: سوف أعوضكم عن سنين الحرمان التي ولت إلى  غير رجعة وأضع الآلام بعداً عنكم على مقصلة مشاعر عشقي لكم، وأدفن في رمال النسيان آهات يتمكم.
ياسين: ووصيتك التي أوصيتنا بها ... حفظ القرآن ... كيف نكون حراساً أمنين له ... كيف نثور على المساس بالصفحات وكيف تدمع العيون لأسر الكلمات وتخشع القلوب على زلزلة الآيات.
 الحوت -: سنـثور ونبكي ونخشع ونطوف الدنيا معاً للنشر تعاليمه.
يخرجون من الملجأ فرحين مسرورين وهم يغنون معاً.
سنثور لأجل القرآن …
تنزيل الله الرحمن ..
ولأجل الحفاظ البررة ..
من صاروا خلف القضبان ..
حزب الشيطان الفجار ..
شنقوا الآي بحبل النار ..
ليذوقوا عذاب الفجار ..
وسنبقى في كل أذان ..
وسنجمع كل الأعلام ..
من حفظوا آي العلام ..
ونذيب جليد الكلمات ..
بلهيب جلال الفرقان ..
والذكر المنزل سيعود ..
دستوراً للحكم فريد ..
كي يمحو أشقى الأزمان ..
ويطهرنا بالإيمان ..
ويأخذهم الحوت إلى قلعة في أعلى جبل في طرف المدينة، وفي الطريق أخبرهم الحوت أنه نسي مواقع الكنوز ويجب عليهم أن يحفظوا القرآن لكي يتعرفوا على المواقع, وبعد أيام من وصولهم إلى القلعة، أمر الحوت ثلاثة من رجاله يسكنون خارج القلعة بسرقة مصاحف الفتيان الثلاثة، ثم دفنها  بجوار القلعة.
تحت الشجرة الميتة، وهي شجرة ضخمة معروفة لديهم، وأخبرهم بتوخي الحذر لأن الفتيان يضعون المصاحف تحت رؤوسهم عند النوم، فقال له أحد رجاله :
*-: ألا ترى يا سيدي أن سرقة المصاحف لا تجدي نفعاً ... فربما لا ينسون شيئاً مما حفظوه ويكون جهدنا هباءً منثوراً.
  الحوت: سرقة المصاحف لا تسمح لهم بحفظ القرآن، وهذا يعني أنهم لن يستخرجوا الكنوز التي ستنفق على بناء مجد دينهم الذي يعني هدم مجدنا. أما أنهم لن ينسوا، فأنتم لا تعلمون ما يعني المصحف بين يدي الحافظ، غياب الصحف من بين أيديهم هو أول خطوة على طريق النسيان.
وأخبر الحوت الفتيان أنه سوف يغادر القلعة عدة أيام.
  وعندما جاء الليل وأسدل ستاره، والكل خلا إلى فراشه وأغلق جفنيه ينتظر الأحلام الجميلة، دخل الرجال الثلاثة إلى غرفة الفتيان وحاولوا سرقة المصاحف ولكن الفتيان إستيقظوا وحدث صراع شديد بينهم والفتيان يصرخون ويستنجدون بأبيهم ولكن بلا مجيب, ومع شدة المقاومة فقد استطاع الرجال الثلاثة سرقة المصاحف، وهربوا بسرعة ثم دفنوها تحت الشجرة الميتة، وبقي الفتيان يبكون حتى الفجر، فحضر الحوت بعد علمه أن المصاحف أصبحت تحت الشجرة الميتة، فأخبر الفتيان الحوت بما حدث، وقال له محمد بتصميم وعزيمة :
  *- : يجب أن نستعيد المصاحف ... فبدونها لن نصبح حفاظاً.
 الحوت -: يجب أن نستعيد المصاحف حتى لو متنا من أجل ذلك.
  فهناك أعداء لنا يحاولون منعكم من حفظ القران، إن سرقة المصاحف خطوة من طريق، معركة من حرب ... الخطوة الثانية ربما تكون اختطافكم أو قتلكم ، يجب أن أحافظ على حياتكم فلن تخرجوا من القلعة إطلاقاً.
ياسين: هل سنسجن في القلعة لأجل أن نبقى أحياءً ... الموت خير من ذالك.
  الحوت :- هناك مكان وأحد آمن به عليكم غير القلعة .
محمد: أين هذا المكان ؟
 الحوت:- إنّه مدينة الملاهي.
محمد : -مدينة الملاهي ... مدينة بلا دين.
 ياسين :- مدينة بلا أخلاق.
طه :- مدينة بلا رجولة.
محمد :- هذه المدينة هي المشنقة التي سيعلق على أعوادها حلمنا في حفظ القرآن.
  الحوت:- أنا لا أقبل منكم الذهاب إلى هناك ... ولكن هذه ضرورات إلى حين إعداد العدة ... وفي نهاية الأمر يرجع لكم ... أنتم أحرار ومن الغد سنبدأ بالتدريب, وأول شيء سنتدرب عليه هو السباحة.
وأخذ الحوت يدربهم على السباحة؛ لكي يرى الخارطة التي على صدورهم كل يوم فعندما ينسون جزأ من القران فسوف تظهر على صدر أحدهم نقطة يعرف منها موقع أحد الكنوز.
ومضت ثلاث شهور والفتيان صامدون، ولكن بعدها ذهب ياسين وطه إلى مدينة الملاهي للنظر فقط، واستمرا شهراً يذهبان ولا يقومان بشيء سوى النظر، وبعد شهر أي في الشهر الرابع تعرفوا على أطفال مدينة الملاهي، وفي الشهر الخامس أصبحا يلعبان في المدينة كأنهما من أهلها ... والحوت يراقب كل حركة لهما، وهو مليء بالسرور؛ لأن خطته تسير في خطها المرسوم.
ولكن محمد لم يقبل الذهاب إلى مدينة الملاهي واستمر بتحذير أخويه.
ولكنهما لم يسمعا له, وفي أحد الأيام سمع محمد ياسين يصف مدينة الملاهي بقوله :
 *- : إنها مدينة بلا هموم ثقيلة ولا أحلام صعبة المنال.
محمد: مدينة سوف تقتل الغضب الذي أنجبته سرقة المصاحف ببطء. 
لقد أدرك محمد أن الغضب لغياب المصاحف ضروري حتى لا يتحولوا مثل قطار بلا محرك يقف على السكة متبلداً ينتظر الصدأ،كما أنه لاحظ أن أخويه لا يراجعون حفظ القرآن وهذا ما زاد من خوفه.
 ومضى شهر آخر وبدأ محمد يحس بالسأم فعندما كانت المصاحف معه كان لايعرف السأم ... شغله حفظ القرآن لتحقيق حلم يصبو إليه، وفي غياب المصحف أصبح السأم له صديقاً ثقيل الظل.
ومضت ثلاثة شهور أخرى فازداد تعلق ياسين وطه بمدينة الملاهي, ونسيا الجزء الأول من القرآن، ونسيا أن لهما مصاحف مسروقة لا بد أن ترجع إليهما، وبعد مضي هذه الشهور, بدأ محمد بالذهاب الى المدينة للنظر فقط فحدث معه مثل ما حدث مع أخويه، ولكن كانت المدة أطول، ونسي هو الجزء الأول من القرآن إلا أنه لم ينسَ أبداً أن له مصحفاً مسروقاً لا بد أن يرجع مهما طال الزمن.
وعندما خلع الفتيان ملابسهم ليمارسوا السباحة رأى الحوت على صدر ياسين نقطة يظهر فيها مكان الكنز، فصرخ الحوت بأعلى صوته فرحاً. 
    *- :ها هو الكنز .. لقد رأيته .. لقد رأيته.
محمد : هل قلت أنك رأيت موقع الكنز ... أنت ... أنت لست أبي ...  أنت لا يمكن أن تكون أبي.
  ينزع الحوت القناع ويظهر بشكله الحقيقي فيصعق الفتيان ولا يستطيعون الكلام من شدة الصدمة وعيونهم تحملق في الحوت، فقد كان الحوت ممثلاً بارعاً، لقد نسي الفتيان الثلاثة جزءً من القرآن بمكره ومؤامراته, ولكنهم أيضاً لم يحافظوا على وصية أبيهم, هل نلومهم على تفريطهم ؟ ولكن هل تلام الأغنام على نقص اللحم واللبن ما دام الراعي ذئباً ؟ كيف تثمر الأشجار وهي في كل يوم تكسر.
كيف يلام الفارس على الهزيمة وهو ذاهب إلى المعركة مقيداً بأغلال القائد ... إنهم ضحية وهم في نفس الوقت قد قصروا وفرطوا.
وبقي الفتيان يحملقون بالحوت وهو يبتسم مسروراً فخاطبهم: 
  *-: في الأمس ... حاربتكم من وراء ستار، أما اليوم فحربي على مرأى ومسمع منكم ... ومع هذا سأكون كريماً معكم ... ستكون هذه القلعة  سجنكم ... سجن واسع أليس كذالك ... وأسمح لكم بالتنزه في مدينة الملاهي ولكن تحت حراب حرسي. 
ومضت الأيام والفتيان في القلعة وهم يقاومون نسيان جزء آخر من القرآن وعندما يأتي الليل يصعدون على القلعة وينشدون معاً.
ضمنا السجن لكي نشرب كأس الذل قهراً ..
وضربنا بصورف العنف والترهيب غدراً ..
تقف الألفاظ في حيرتها غرقى بوحل ..
حينما يطعن أهل البغي هذا البدر مكراً ..
اغفر اللهم زلات خطانا كل آن ..
إذ نسينا الآي سرنا في سراب وافتتان ..
بلعتنا هذه الدنيا عقولاً وقلوباً ..
لوث العزة بالإسلام سم الأفعوان ..
***
نحن أحرار ولن نبقى مطايا للأعادي ..
ننشر القرآن والإيمان في كل البلاد ..
صرخة التكبير في أفواهنا في كل ناد ..
نقرأ التوبة والأنفال في ركب الجهاد ..
****
استخرج الحوت الكنز وأصبح الحوت أغنى أهل الأرض، فعلم سلطان قوي بقصة الكنز الذي حصل عليه الحوت، فقرر السلطان محاربة الحوت والحصول على الفتيان الأيتام وسار السلطان بجيشه وحاصر القلعة  وأدرك الحوت أنه لا يستطيع المقاومة كثيراً فقرر مغادرة القلعة مع الفتيان, ولكن الفتيان قاوموا الذهاب معه فحاول إقناعهم أن مصلحتهم في الذهاب معه وقال لهم :
*- يوجد نفق في أسفل القلعة بجانب خزان المياه لا يعرفه غيري، كما أعدكم بإرجاع المصاحف لكم فهي مدفونه تحت الشجرة الميتة خارج القلعة.
تردد الفتيان فهم لا يثقون بالحوت إطلاقاً ولكنهم في نفس الوقت خائفون من السلطان الذي جاء لينسيهم كل ما حفظوه والحصول على الكنوز، فقال لهم محمد:
*- الأفضل لنا أن نذهب مع الحوت فشخص نستطيع أن نقاومه خير لنا من سلطان قوي لا قدرة لنا على مقاومته ... سنذهب معك.
وعندما ساروا عدة خطوات دخل جنود السلطان القلعة فقتلوا الحوت وكل من فيها سوى الفتيان، وسجن السلطان الفتيان وأصبح كل يوم يعذبهم حتى ينسوا جزءاً آخر من القرآن، ولكن دون جدوى بقي الفتيان يقاومون نسيان آيات القرآن الكريم, فأشار بعض قادة الجند على السلطان أن يتبع نفس خطة الحوت وقال: 
*- يا سيدي إن سجنهم وتعذيبهم يجعلهم يتمسكون بالحفظ أكثر, فعلينا أن نتبع خطة الحوت بأن نجعلهم يعيشون في القلعة بين الجنود ونسمح لهم بالذهاب إلى مدينة الملاهي.
وافق السلطان على ذلك, وعاش الفتيان كما كانوا يعيشون مع الحوت وأصبحوا يذهبون إلى مدينة الملاهي ويلعبون مع الجميع دون أن ينسوا شيئاً مما حفظوه ودون أن ينسوا أن لهم مصاحفاً لا بدّ أن ترجع إليهم. وفي ليلة كان السلطان يحتفل هو وجنده على سطح القلعة، غادر الفتيان عن طريق النفق الذي أخبرهم به الحوت وذهبوا إلى الشجرة الميتة واستخرجوا مصاحفهم, وغادروا إلى مكان لا يعرفهم فيه أحد، وتنكروا وغيروا من أشكالهم، فقد استفادوا من تجربتهم مع الحوت وكيف غير شكله،  وبقوا متخفين حتى حفظوا القرآن كاملاً واستخرجوا الكنوز وجمعوا كل الحفاظ ليكونوا حرساً للمصاحف والكنوز.
وزحف الحفاظ إلى القلعة ودخلوها بعد أن أخرجوا السلطان الظالم منها، واستثمروا الكنوز وجعلوها وقفاً لحفظ القرآن ونشر تعاليم الإسلام, وكان يرددون دائماً ما قاله لهم أبوهم: 
أتدرون لماذا الحفظ، فالحفظ يبني الحب والمودة للآيات

النهاية