4 أعوام على هبة "باب الرحمة".. المسجد الأقصى تحت وطأة الانتهاكات
القدس - وكالة سند للأنباء
أربعة أعوام مرّت على ذكرى هبّة "باب الرحمة" التي تمكن فيها المقدسيون من فتح المصلى واستعادته بعدما أغلقته شرطة الاحتلال الإسرائيلي لأكثر من 16 عامًا، ومنعتهم من أداء الصلاة فيه.
ورغم إعادة فتح مصلى "باب الرحمة" شرقي المسجد الأقصى بتاريخ 22 شباط/ فبراير 2019، إلا أنّ الأطماع الإسرائيلية للاستيلاء عليه لا تزال قائمة ولم تتوقف، حيث تواصل سلطات الاحتلال مساعيها لتفريغه من المصلين وإبعادهم عنه، تمهيدًا لإغلاقه مرةً أخرى.
وبالعودة إلى تاريخ القضية فإن شرطة الاحتلال أغلقت مصلى باب الرحمة عام 2003 حيث كان مقرًا للجنة التراث الإسلامي، واعتبرته أنه يستخدم لنشاطات سياسية.
وفي عام 2017 أصدرت محكمة الاحتلال قرارًا قضائيًا يقضى بإغلاق المصلى حتى إشعار آخر، وذلك بموجب قانون "مكافحة الإرهاب".
وفي 17 فبراير من العام 2019 أقفل الاحتلال البوابة الحديدية المؤدية إلى درج حجري يوصل نحو مصلى باب الرحمة، بعدما أدّى أعضاء مجلس الأوقاف الإسلامية، الصلاة في المبنى أثناء جولة تفقدية فيه.
وبعدما اكتشف المقدسيون القفل، بدأت التطورات تتلاحق في المكان، حيث خلع المقدسيون قفل البوابة ومن ثم البوابة بأكملها، وتلاحقت الأحداث وازدادت أعداد المصلين من القدس والداخل الفلسطيني الذين أدوا الصلوات الجماعية في محيط المصلى، واشتبكوا مع شرطة الاحتلال ليلة الـ 19 من فبراير ليصاب ويعتقل العشرات منهم.
ثم توّجت الاعتصامات المكثفة التي استمرت بضعة أيام، بصلاة جمعة حاشدة أمّها الآلاف الذين اندفعوا بعد الصلاة نحو بابي المصلى، وفتحوهما عنوة برفقة بعض المرجعيات الدينية المقدسية، وصدحت التكبيرات والهتافات لأول مرة منذ 16 عاما داخل المصلى.
اعتقالات وإبعاد..
بعد فتح المصلى بيوم، دأبت شرطة الاحتلال على اعتقال أي شخص يفتح مصلى باب الرحمة في الصباح الباكر، حيث بدأ الأمر باعتقال حراس المسجد الأقصى الذين يفتحونه، وإبعادهم لمدة تتراوح بين 4 و6 أشهر، ثم تطوّع المصلون لفتح الباب والمجازفة بالاعتقال والإبعاد.
استمر هذا الحال لنحو 6 أشهر، تخللها اقتحام شرطة وضباط الاحتلال المصلى بالأحذية، واعتقال المصلين من داخله والتضييق عليهم، ومنع إدخال مستلزمات المصلى، كما أصدرت محكمة إسرائيلية في يوليو/ تموز 2020 قرارا بإعادة إغلاق المصلى، لكنه لم ينفذ.
منع الترميم..
وعلى مدار 4 سنوات، استمر عناصر الاحتلال بدخول المصلى المفروش بأحذيتهم، كما نصبت الشرطة الإسرائيلية بؤرة مراقبة فوقه، وأخرى بجانبه على مدار الساعة، ومنعت ترميمه.
علاوة على عرقلة دخول مواد الترميم إلى المسجد الأقصى، يتحكم الاحتلال بمخطط الترميم، ويشترط مثلًا أن يغلق المصلى بالكامل أثناء ترميمه، الأمر الذي ترفضه دائرة الأوقاف الإسلامية.
وأدخلت الأوقاف الإسلامية سجّادا إلى المصلى منذ فتحه، ويتعهده سدنة الأقصى وحراسه بالتنظيف والحراسة على مدى الصلوات الخمس.
تضييق متواصل..
هنادي الحلواني مدرسة مقدسية وإحدى اللواتي تعرضن مرارا للاعتقال والإبعاد على خلفية ارتيادها مصلى باب الرحمة، تقول إن الاحتلال يستهدف روّاد المصلى بالإبعاد والتهديد، ويفتش حقائبهم مانعا إدخال الطعام أو البالونات التي جلبت لتوزع على الأطفال داخله.
كما يمنع الاحتلال، وفق تصريحات لـ "الحلواني"، وضع السواتر الخشبية التي تفصل صفوف الرجال والنساء أثناء الصلاة، وصادر مرارا رفوف الأحذية الخشبية على مداخله، الأمر الذي قلّل عدد رواده.
جماعات الهيكل..
جماعات "الهيكل" المزعوم تؤمن بوجود "دلالة دينية" لباب الرحمة؛ حيث سيدخل منه "المسيح المنتظر" في آخر الزمان، ويسعون لتحويل المصلى إلى كنيس، لكن فتحه الأخير بدد أحلامهم، وفق أستاذ دراسات بيت المقدس عبد الله معروف.
ويوضح "معروف"، أن المقتحمين يحاولون تغيير طبيعة المنطقة الشرقية بمساندة قوات الاحتلال ويكثفون صلواتهم فيها، لتمكين اقتطاعها من المسجد الأقصى.
ورجح أن "تظل قضية باب الرحمة في الواجهة الفترة المقبلة بحكم الأخطار التي تحيق بها". لكنه يستبعد إعادة الاحتلال إغلاق المصلى تحسبا لردود فعل فلسطينية مماثلة للأعوام الماضية.
بنى الأمويون "باب الرحمة" قبل نحو 1300 عام ليكون بابا مشتركا بين سور القدس والمسجد الأقصى الشرقي، ولاصقه مصلى باب الرحمة الذي يتكون من بابي "التوبة" و"الرحمة"، اللذين يفضيان لقاعة قباب كبيرة تحملها أعمدة رخامية.
وظل المصلى مفتوحًا حتى العهد العباسي، ثم احتله الفرنجة وفتحوه في أيام عيد الفصح، وقدسوه زعمًا منهم أنه الباب الذي دخل منه السيد المسيح عليه الصلاة والسلام.
وبعد تحرير القدس أغلق القائد صلاح الدين الأيوبي الباب لـ "أغراض أمنية"، وحوّل المصلى لمكان للصلاة، حتى الفترتين المملوكية والعثمانية، حيث اعتكف فيه الإمام أبي حامد الغزالي وألّف كتابه "إحياء علوم الدين"، ونشطت فيه المولوية المتصوفة.
احتلال وانتكاسة..
انتكس المصلى وقل استخدامه في عهد الاحتلال البريطاني بسبب التضييقات على المصلين، ورغم ذلك فإنه ظل مفتوحًا حتى العهد الأردني، ثم أُهمل تمامًا بعد الاحتلال الإسرائيلي للمسجد الأقصى عام 1967.
لكنه في عام 1992 شهد انتعاشًا لافتًا استمر 11 عامًا، بعدما اتخذته لجنة التراث الإسلامي مقرًا لها ونشّطت فيها الفعاليات الدينية والاجتماعية، حتى حظرها الاحتلال مطلع عام 2003، واتخذ ذلك ذريعة لإغلاق المصلى بالكامل.
منذ ذلك الحين، لم يفتح مصلى باب الرحمة أمام المصلين، لكنه استخدم كقاعات لعقد امتحانات مدارس الأقصى الشرعية، حتى جاء اليوم المشهود منتصف شهر فبراير/ شباط 2019.
القدس - وكالة سند للأنباء
أربعة أعوام مرّت على ذكرى هبّة "باب الرحمة" التي تمكن فيها المقدسيون من فتح المصلى واستعادته بعدما أغلقته شرطة الاحتلال الإسرائيلي لأكثر من 16 عامًا، ومنعتهم من أداء الصلاة فيه.
ورغم إعادة فتح مصلى "باب الرحمة" شرقي المسجد الأقصى بتاريخ 22 شباط/ فبراير 2019، إلا أنّ الأطماع الإسرائيلية للاستيلاء عليه لا تزال قائمة ولم تتوقف، حيث تواصل سلطات الاحتلال مساعيها لتفريغه من المصلين وإبعادهم عنه، تمهيدًا لإغلاقه مرةً أخرى.
وبالعودة إلى تاريخ القضية فإن شرطة الاحتلال أغلقت مصلى باب الرحمة عام 2003 حيث كان مقرًا للجنة التراث الإسلامي، واعتبرته أنه يستخدم لنشاطات سياسية.
وفي عام 2017 أصدرت محكمة الاحتلال قرارًا قضائيًا يقضى بإغلاق المصلى حتى إشعار آخر، وذلك بموجب قانون "مكافحة الإرهاب".
وفي 17 فبراير من العام 2019 أقفل الاحتلال البوابة الحديدية المؤدية إلى درج حجري يوصل نحو مصلى باب الرحمة، بعدما أدّى أعضاء مجلس الأوقاف الإسلامية، الصلاة في المبنى أثناء جولة تفقدية فيه.
وبعدما اكتشف المقدسيون القفل، بدأت التطورات تتلاحق في المكان، حيث خلع المقدسيون قفل البوابة ومن ثم البوابة بأكملها، وتلاحقت الأحداث وازدادت أعداد المصلين من القدس والداخل الفلسطيني الذين أدوا الصلوات الجماعية في محيط المصلى، واشتبكوا مع شرطة الاحتلال ليلة الـ 19 من فبراير ليصاب ويعتقل العشرات منهم.
ثم توّجت الاعتصامات المكثفة التي استمرت بضعة أيام، بصلاة جمعة حاشدة أمّها الآلاف الذين اندفعوا بعد الصلاة نحو بابي المصلى، وفتحوهما عنوة برفقة بعض المرجعيات الدينية المقدسية، وصدحت التكبيرات والهتافات لأول مرة منذ 16 عاما داخل المصلى.
اعتقالات وإبعاد..
بعد فتح المصلى بيوم، دأبت شرطة الاحتلال على اعتقال أي شخص يفتح مصلى باب الرحمة في الصباح الباكر، حيث بدأ الأمر باعتقال حراس المسجد الأقصى الذين يفتحونه، وإبعادهم لمدة تتراوح بين 4 و6 أشهر، ثم تطوّع المصلون لفتح الباب والمجازفة بالاعتقال والإبعاد.
استمر هذا الحال لنحو 6 أشهر، تخللها اقتحام شرطة وضباط الاحتلال المصلى بالأحذية، واعتقال المصلين من داخله والتضييق عليهم، ومنع إدخال مستلزمات المصلى، كما أصدرت محكمة إسرائيلية في يوليو/ تموز 2020 قرارا بإعادة إغلاق المصلى، لكنه لم ينفذ.
منع الترميم..
وعلى مدار 4 سنوات، استمر عناصر الاحتلال بدخول المصلى المفروش بأحذيتهم، كما نصبت الشرطة الإسرائيلية بؤرة مراقبة فوقه، وأخرى بجانبه على مدار الساعة، ومنعت ترميمه.
علاوة على عرقلة دخول مواد الترميم إلى المسجد الأقصى، يتحكم الاحتلال بمخطط الترميم، ويشترط مثلًا أن يغلق المصلى بالكامل أثناء ترميمه، الأمر الذي ترفضه دائرة الأوقاف الإسلامية.
وأدخلت الأوقاف الإسلامية سجّادا إلى المصلى منذ فتحه، ويتعهده سدنة الأقصى وحراسه بالتنظيف والحراسة على مدى الصلوات الخمس.
تضييق متواصل..
هنادي الحلواني مدرسة مقدسية وإحدى اللواتي تعرضن مرارا للاعتقال والإبعاد على خلفية ارتيادها مصلى باب الرحمة، تقول إن الاحتلال يستهدف روّاد المصلى بالإبعاد والتهديد، ويفتش حقائبهم مانعا إدخال الطعام أو البالونات التي جلبت لتوزع على الأطفال داخله.
كما يمنع الاحتلال، وفق تصريحات لـ "الحلواني"، وضع السواتر الخشبية التي تفصل صفوف الرجال والنساء أثناء الصلاة، وصادر مرارا رفوف الأحذية الخشبية على مداخله، الأمر الذي قلّل عدد رواده.
جماعات الهيكل..
جماعات "الهيكل" المزعوم تؤمن بوجود "دلالة دينية" لباب الرحمة؛ حيث سيدخل منه "المسيح المنتظر" في آخر الزمان، ويسعون لتحويل المصلى إلى كنيس، لكن فتحه الأخير بدد أحلامهم، وفق أستاذ دراسات بيت المقدس عبد الله معروف.
ويوضح "معروف"، أن المقتحمين يحاولون تغيير طبيعة المنطقة الشرقية بمساندة قوات الاحتلال ويكثفون صلواتهم فيها، لتمكين اقتطاعها من المسجد الأقصى.
ورجح أن "تظل قضية باب الرحمة في الواجهة الفترة المقبلة بحكم الأخطار التي تحيق بها". لكنه يستبعد إعادة الاحتلال إغلاق المصلى تحسبا لردود فعل فلسطينية مماثلة للأعوام الماضية.
بنى الأمويون "باب الرحمة" قبل نحو 1300 عام ليكون بابا مشتركا بين سور القدس والمسجد الأقصى الشرقي، ولاصقه مصلى باب الرحمة الذي يتكون من بابي "التوبة" و"الرحمة"، اللذين يفضيان لقاعة قباب كبيرة تحملها أعمدة رخامية.
وظل المصلى مفتوحًا حتى العهد العباسي، ثم احتله الفرنجة وفتحوه في أيام عيد الفصح، وقدسوه زعمًا منهم أنه الباب الذي دخل منه السيد المسيح عليه الصلاة والسلام.
وبعد تحرير القدس أغلق القائد صلاح الدين الأيوبي الباب لـ "أغراض أمنية"، وحوّل المصلى لمكان للصلاة، حتى الفترتين المملوكية والعثمانية، حيث اعتكف فيه الإمام أبي حامد الغزالي وألّف كتابه "إحياء علوم الدين"، ونشطت فيه المولوية المتصوفة.
احتلال وانتكاسة..
انتكس المصلى وقل استخدامه في عهد الاحتلال البريطاني بسبب التضييقات على المصلين، ورغم ذلك فإنه ظل مفتوحًا حتى العهد الأردني، ثم أُهمل تمامًا بعد الاحتلال الإسرائيلي للمسجد الأقصى عام 1967.
لكنه في عام 1992 شهد انتعاشًا لافتًا استمر 11 عامًا، بعدما اتخذته لجنة التراث الإسلامي مقرًا لها ونشّطت فيها الفعاليات الدينية والاجتماعية، حتى حظرها الاحتلال مطلع عام 2003، واتخذ ذلك ذريعة لإغلاق المصلى بالكامل.
منذ ذلك الحين، لم يفتح مصلى باب الرحمة أمام المصلين، لكنه استخدم كقاعات لعقد امتحانات مدارس الأقصى الشرعية، حتى جاء اليوم المشهود منتصف شهر فبراير/ شباط 2019.