تحليل خطة "الليكود" لتقسيم المسجد الأقصى.. أين يكمن الخطر؟

  • الأحد 11, يونيو 2023 10:52 ص
  • تحليل خطة "الليكود" لتقسيم المسجد الأقصى.. أين يكمن الخطر؟
في إطار المساعي الإسرائيلية المتواصلة لتهويد المسجد الأقصى المبارك وتحقيق أطماع المتطرفين فيه، أعلن عضو الكنيست عميت هاليفي من حزب "الليكود" قبل أيام عن خطة أعدها مع أعضاء آخرين من حزبه لتقسيم المسجد بين المسلمين واليهود.
تحليل خطة "الليكود" لتقسيم المسجد الأقصى.. أين يكمن الخطر؟
غزة/ القدس - وكالة سند للأنباء
في إطار المساعي الإسرائيلية المتواصلة لتهويد المسجد الأقصى المبارك وتحقيق أطماع المتطرفين فيه، أعلن عضو الكنيست عميت هاليفي من حزب "الليكود" قبل أيام عن خطة أعدها مع أعضاء آخرين من حزبه لتقسيم المسجد بين المسلمين واليهود.
وتقترح الخطة تجريد المملكة الأردنية من الوصاية على المسجد الأقصى، والبدء في عملية من شأنها إزالة المكانة السياسية التي اكتسبتها المملكة على مر السنين، كجزء من الاتفاقات مع حكومات الاحتلال المتعاقبة.
ووفقًا للخطة التي يعكف "هاليفي" حاليًا على حشد التأييد لها في الكنيست، فسيتم تغيير جميع إجراءات اقتحام اليهود للمسجد الأقصى، إذ يطالب بأن يُسمح لهم باقتحامه من جميع البوابات، وليس فقط بوابة المغارية كما يحدث حاليًا
وجاء في الخطة أن المسلمين سيستمرون في الصلاة في المسجد الأقصى، وسيحصلون على المصلى القبلي (الجهة الجنوبية) وملحقاته، ويستولي اليهود على المنطقة الوسطى والشمالية خصوصًا قبة الصخرة، بحجة أنها شيدت على أنقاض "الهيكل" المزعوم.
مخاطر استراتيجية..
نائب مدير عام الأوقاف بالقدس ناجح بكيرات، عددّ ثلاثة مخاطر استراتيجية تنطوي على هذه الخطة، يتمثل أولها في اعتبار أن هذه الخطة ترجمة لمطالبات حكومية بهدم المسجد الأقصى ولم تعد تقتصر على دعوات تطلقها جهات متطرفة لا وزن لها في "إسرائيل"، ما يعني إضفاء الصبغة السياسية عليها.
أمّا الخطر الثاني بحسب ما جاء في حديث "بكيرات" لـ "وكالة سند للأنباء" فينطوي على دخول المطالبات المتطرفة في أروقة دوائر الحكم، ووضع مقترحاتها موضع تنفيذ لدى أعلى هيئة حكم متمثلة بالكنيست في "إسرائيل".
ويرى أنّ الخطر الثالث لهذه الخطة ينطوي على وضع قضية التقسيم موضع تفاوض لدى الطرف الآخر (فلسطين والأردن)؛ لخلق حالة انشقاق في موقفهم، ودفعهم للقبول بالتفاوض الجزئي داخل مساحات المسجد الأقصى.
الأثر العملي لخطة التقسيم..
من الناحية العملية، يؤكد المختص بالشأن المقدسي جمال عمرو، أن الخطة تعني حسم الصراع على ملكية المسجد الأقصى، وامتلاك قرابة 70% من مساحته.
ويوضح "عمرو" لـ "وكالة سند للأنباء" أنّ هذه الخطة لا تعني ترك بقية المساحة للمسلمين، بل هم يريدون مخططات وتقسيمات هندسية، والسماح للمسلمين بـ 30% من مساحة المصلى القبلي فقط وتحت حراسة مشددة، وما تبقى لليهود، في مشهد يحاكي واقع المسجد الإبراهيمي بعد مجزرة عام 1994.
ومحاكاة واقع "الإبراهيمي" من الناحية العملية يعني، "وجود مركز عبادة مصغر في مكان عسكري كبير، يبدأ مما يعرف بـ"الغطيطة، وهي بوابات إلكترونية ضخمة، يسبقها عشرات الحواجز العسكرية، ورسم أدوات متاحة تفصل المواقع المقدسة بالأقصى عن بعضها البعض"، بحسب "عمرو".
وعلى ضوء ذلك، فإن من الناحية العملية الخطة تهدف لاستقطاع المسجد الأقصى وليس تقسيمه زمانيًا ومكانيًا.
ويصف "بكيرات" المرحلة التي يمر المسجد الأقصى الآن بأنها "متقدمة" ومبنية على مراحل تهويدية سابقة، مشيرًا إلى أن كل ما يجري إشارات واضحة المعالم تجاه تقسيم المسجد بما يضمن 70% من مساحته لليهود.
هدم "الأقصى".. الخطر الأبر
لكن أخطر ما في الخطة المقترحة، من وجهة نظر رئيس مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، زياد الحموري، تتمثل بالتمهيد لـ "هدم أجزاء كبير من المسجد الأقصى بذريعة أنها ليست للمسلمين".
ويُبيّن "الحموري" لـ "وكالة سند للأنباء" أنّ الخطة لا تستهدف التقسيم بحد ذاته؛ لأنه من الناحية العملية "الأقصى" يشهد تقسيما زمانيا ومكانيا يتعدى حقوق المسلمين في الصلاة، ويمنعهم منها في بعض الأحيان.
ويشدد أنّ هذه الإجراءات لا تملك أي إجازة قانونية دولية، فهي جريمة حرب؛ لكن الاحتلال يضعها موضع تنفيذ لمرحلة تشير لها الوقائع المستجدة من حيث الانتشار الكبير لجنود الاحتلال وعمليات الهدم المتسارعة، وغيرها من الإجراءات التي تستهدف المسجد ومحيطه.
الرباط.. الحل الأمثل
ويُجمع "ضيوف سند" أن الخطة المطروحة لا يمكنها النجاح في حال كثّف الفلسطينيون تواجدهم ورباطهم في المسجد الأقصى ومحيطه، مؤكدين أنّ "الأقصى" لا يقبل القسمة أو التهويد مهما تغول الاحتلال في غطرسته وسياسة تهويده.
ويقول ناجح بكيرات إن الاحتلال يحاول تحريض جمهوره على الاقتحامات الدائمة والمتكررة لـ "الأقصى" ويروّض العالم للقبول بأفكارٍ خطيرة متعلقة بمصير المكان، لكن كل ذلك سيفشل في حال واجه الفلسطينيون المخطط بالرباط فيه.
يؤيده جمال عمرو، الذي أكدّ أن الاحتلال الإسرائيلي أقام معنويًا في ذهن اليهود صنمًا اسمه "الهيكل"، ويترجمه منذ سنوات طويلة إلى عمل هندسي من خلال سيطرة مادية، وعسكرية، وفعلية على المكان المقدس.
ويلفت "عمرو" إلى أنّ "العقل الإسرائيلي يتابع بشكل دقيق ردود الفعل الفلسطينية والعربية والإسلامية، ويدير خطواته بمنتهى الخبث والدقة، وهو يرسم لمرحلة جديدة يحسم فيها الصراع على الأقصى".
أمّا زياد الحموري، يعتقد أن هذا المقترح مسبوق بعدة قرارات صادرة عن المحكمة العليا، التي اعتبرت ساحات المسجد الأقصى عامة وليست مقدسة، وسمحت بنفخ البوق في باحاته، مضيفًا: "أنّ القوانين والإجراءات كلها لديهم من أجل هدم المسجد، ويريدون لهذا القرار أن يضع الخطة موضع تنفيذ".
يُذكر أن خطة عميت هاليفي ليست الأولى التي تطرح فكرة تقسيم المسجد الأقصى وتهويد قبة الصخرة، فقد سبقته نماذج أخرى اقترحتها دراسات ودعوات إسرائيلية منذ احتلال شرق القدس عام 1967.