منع ترميم المسجد الأقصى.. مخطط إسرائيلي للوصول إلى "الهيكل" المزعوم
غزة/ القدس - فاتن عياد الحميدي - وكالة سند للأنباء
للأسبوع الثاني على التوالي، تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي منع لجنة الإعمار في دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس من العمل في ترميم المسجد الأقصى المبارك وإعماره، بعدما هددت جميع موظفيها بالاعتقال إذا باشروا أعمالهم.
ليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها منع لجنة الإعمار من القيام بعملهم داخل أروقة وباحات المسجد الأقصى، فقد سبقها عشرات القرارات بوقف أعمال الترميم المؤقتة، إلا أن المختلف هذه المرة هو منع أعمال الترميم ووقفها بشكل كامل.
ورغم حالة المسجد الأقصى الماسة والعاجلة لإعادة ترميم بنيته التحتية وتطوير شبكات المياه والكهرباء والإطفاء وغيرها، إلا أن سلطات الاحتلال تضع قيودًا مشددة على إدخال المواد والمعدات اللازمة لذلك، حتى وصل الأمر بها لمنع أعمال الترميم بشكل كامل مؤخرًا.
ويستمر الاحتلال في التضييق على موظفي الإعمار بشكل دوري، خاصةً بعد اقتحام أرئيل شارون للمسجد الأقصى عام 2001 (رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك)، بينما ارتفعت وتيرة استهداف اللجنة عام 2015.
وفي عام 2020، بدأت شرطة الاحتلال التدخل في إعمار الأقصى سواء على مستوى ترميم المباني، أو الكهرباء والسماعات، وأعمال التبليط، إضافة إلى منع ترميم سور الأقصى الشرقي، وغيرها من المشاريع التي ما زالت معطلة.
وتشكلت لجنة إعمار المسجد الأقصى بعد إحراق المسجد عام 1969، وكان لها دور كبير ومهم في الحفاظ على المسجد والعمل على ترميمه، والتي تضم 75 موظفاً ما بين فنيين وعمال ومهندسين ومختصين في مجال الفسيفساء وصناعة الشبابيك الجصية، وغيرها.
إيقاف للمشاريع..
المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب، يقول إن الاحتلال يسعى لسحب الصلاحيات كافة من دائرة الأوقاف وتفريغ الوصاية الأردنية من مضمونها، حيث يتدرج في فرض الوقائع التهويدية على المسجد إلى أن يصل إلى مرحلة تقسمه لـ "الأقصى" والتي أعلن عنها قبل فترة أحد أعضاء الكنيست من حزب "الليكود".
ويشير "أبو دياب" في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، إلى أنّ 27 مشروعاً تم إيقافها لترميم المسجد الأقصى، ففي السابق كان الإيقاف مؤقتاً لساعات أو يوم ليتسنى أخذ موافقة الجهات المختصة التابعة لسلطات الاحتلال، مستدركاً: لكن الآن توقف الإعمار بشكل كامل فلا تستطيع الأوقاف التدخل ولا أخذ الإذن من الاحتلال.
وليس هذا المنع الوحيد على المستوى الفلسطيني فحسب، فلم يوافق الاحتلال مسبقاً على أعمال ترميم ضخمة ورسمية تقدمت منها دول عربية كالأردن والمغرب وغيرها، وسمح فقط التبرع بسجاد المسجد وثلاجات المياه.
ويؤكد "أبو دياب" أنه لم تكن هناك بيئة حقيقية وضغط على الاحتلال لتفعيل اتفاقية الوصاية الأردنية التي تُلزمه بقبول إدارة الأردن الكاملة على المسجد دون الرجوع إليه.
محاولة لكف اليد الإسلامية عن الأقصى
إلى ذلك، يرى الباحث المقدسي محمد هلسة أنّ منع ترميم المسجد يأتي في إطار المحاولات الإسرائيلية الهادفة إلى الحد من سلطة الأطراف الإسلامية المختلفة وعلى رأسها الأوقاف، على "الأقصى"، لجعل "إسرائيل" صاحبة السيادة والولاية.
ويعتبر "ضيف سند" هذا الوقت الأمثل لـ"إسرائيل" في ظل الحكومة اليمينية المتطرفة التي يرأسها بنيامين نتنياهو الذي يطالب بتسريع الخطى للوصول إلى "الهيكل المزعوم".
وفي ظل القصور العربي والإسلامي إزاء ما يتعرض له المسجد الأقصى، يؤكد "هلسة" أن "إسرائيل" لا ترتدع إلا بموقفٍ حازمٍ يمنعها ويكف يدها عن التدخل في قبلة المسلمين، وهو ما لا نجد له أي صدى لدى الأطراف العربية الرسمية، سوى التفاف الحاضنة الشعبية من المرابطين والمرابطات وأهل البلدة المقدسة والمناصرين الذين يهبون لنصرته.
ورغم خطورة ما يجري من منع للترميم، إلا أن هذا الموقف لم يدفع بإحداث غضب شعبي يُمهد للدخول في مواجهة شعبية في المسجد الأقصى، على اعتبار أنها قضايا إدارية لا تثير ردات فعل وفقاً لـ"هلسة"، إنما ما يستدعي ذلك هو الاعتداء والتدنيس، ومحاولة الدخول المستوطنين وإحداث تغيير في سلوكهم مثل الصلوات التلمودية.
وترى سلطات الاحتلال أن "الأقصى" هو "هيكل اليهود" ومنذ سنوات طويلة تسعى لإثبات هويتها المزعومة ما يجعلها تضعه كأولوية في تغيير الجغرافيا وقلب الرواية عبر الحفريات والنبش والتخريب المنظم للمسجد، تبعًا لضيفنا.
ويردف: "في كل مرة تخطو فيها إسرائيل بهذا الاتجاه تجد حائط صد أمامها متمثلاً بالحاضنة الشعبية وعقيدة المسلمين، فالمسجد الأقصى ليس مجرد مكان للعبادة".
تنغيص مستمر..
ويتفق ضيفا سند أن الاحتلال يسعى للتنغيص المستمر على موظفي الإعمار وتشديد الإجراءات بحقهم مثل الاعتقال، وإصدار أوامر إبعاد بحق جزء كبير منهم، وفرض القيود على الشأن الإداري، مثل منع التمديدات الكهربائية والصيانة، وملاحقة الخطباء.
بينما لا تسمح سلطات الاحتلال للأوقاف بفتح باب المغاربة الذي يدخل منه المستوطنون المقتحمون فحسب، إنما الأبواب كافة، إلا بعد مجيء شرطة الاحتلال وتواجدها وإعطاء أوامر للموظفين والحراس بفتحها.
وتمنع "إسرائيل" منعاً باتاً مرافقة الحارس أو موظف الأوقاف، حيث يتم اعتقال كل من يحاول السير معه أو خلفه.
وليس ذلك فحسب، إنما تعمدت سلطات الاحتلال قطع أسلاك سماعات المسجد ومنعت تصليحها، إضافة لمنع التنظيف أو تغيير السجاد والنوافذ التي يحطمها الاحتلال، تحديدًا في المسجد القبلي.
أما ظاهرة تسرب المياه في فصل الشتاء داخل المصلى المرواني، فقد كان من المقرر ترميمها هذا الصيف، إلا أن سلطات الاحتلال حالت دون ذلك؛ رافقها منع معالجة أنابيب المياه الخاصة بالوضوء
كما تتعمد سلطات الاحتلال منع الإعمار ليصبح المسجد آيلاً للسقوط، وإبعاد الأوقاف عنه لاستبدالها بجماعات الهيكل، وهي ما تحاول "إسرائيل" الوصول إليه، خاصةً أنه ليس بإمكان الأوقاف تغيير "لمضة" كهربائية في المسجد دون أخذ الإذن، في تسلسل مهين للأوقاف وموظفيها والمسلمين عامة، وفق ما أجمع عليه ضيفا سند.
وترمي هذه الإجراءات لتغيير الوضع الديني والتاريخي والقانوني في المسجد الأقصى، بخطوات بدأها بزيادة الاقتحامات والساعات، وإعطاء مزيد من الصلاحيات للمستوطنين والمقتحمين، خاصة في ظل هذه الحكومة التي هي جزء من جماعات الهيكل
ويؤكد ضيفا سند أن يجري هو سياسة إسرائيلية لتهيئة المسجد الأقصى للتقسيم وهي الخطوة التي تسبق بناء "الهيكل" المزعوم، كجزء من خطوات ينتهجها الاحتلال بشكل تدريجي للسيطرة على المسجد.
غزة/ القدس - فاتن عياد الحميدي - وكالة سند للأنباء
للأسبوع الثاني على التوالي، تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي منع لجنة الإعمار في دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس من العمل في ترميم المسجد الأقصى المبارك وإعماره، بعدما هددت جميع موظفيها بالاعتقال إذا باشروا أعمالهم.
ليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها منع لجنة الإعمار من القيام بعملهم داخل أروقة وباحات المسجد الأقصى، فقد سبقها عشرات القرارات بوقف أعمال الترميم المؤقتة، إلا أن المختلف هذه المرة هو منع أعمال الترميم ووقفها بشكل كامل.
ورغم حالة المسجد الأقصى الماسة والعاجلة لإعادة ترميم بنيته التحتية وتطوير شبكات المياه والكهرباء والإطفاء وغيرها، إلا أن سلطات الاحتلال تضع قيودًا مشددة على إدخال المواد والمعدات اللازمة لذلك، حتى وصل الأمر بها لمنع أعمال الترميم بشكل كامل مؤخرًا.
ويستمر الاحتلال في التضييق على موظفي الإعمار بشكل دوري، خاصةً بعد اقتحام أرئيل شارون للمسجد الأقصى عام 2001 (رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك)، بينما ارتفعت وتيرة استهداف اللجنة عام 2015.
وفي عام 2020، بدأت شرطة الاحتلال التدخل في إعمار الأقصى سواء على مستوى ترميم المباني، أو الكهرباء والسماعات، وأعمال التبليط، إضافة إلى منع ترميم سور الأقصى الشرقي، وغيرها من المشاريع التي ما زالت معطلة.
وتشكلت لجنة إعمار المسجد الأقصى بعد إحراق المسجد عام 1969، وكان لها دور كبير ومهم في الحفاظ على المسجد والعمل على ترميمه، والتي تضم 75 موظفاً ما بين فنيين وعمال ومهندسين ومختصين في مجال الفسيفساء وصناعة الشبابيك الجصية، وغيرها.
إيقاف للمشاريع..
المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب، يقول إن الاحتلال يسعى لسحب الصلاحيات كافة من دائرة الأوقاف وتفريغ الوصاية الأردنية من مضمونها، حيث يتدرج في فرض الوقائع التهويدية على المسجد إلى أن يصل إلى مرحلة تقسمه لـ "الأقصى" والتي أعلن عنها قبل فترة أحد أعضاء الكنيست من حزب "الليكود".
ويشير "أبو دياب" في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، إلى أنّ 27 مشروعاً تم إيقافها لترميم المسجد الأقصى، ففي السابق كان الإيقاف مؤقتاً لساعات أو يوم ليتسنى أخذ موافقة الجهات المختصة التابعة لسلطات الاحتلال، مستدركاً: لكن الآن توقف الإعمار بشكل كامل فلا تستطيع الأوقاف التدخل ولا أخذ الإذن من الاحتلال.
وليس هذا المنع الوحيد على المستوى الفلسطيني فحسب، فلم يوافق الاحتلال مسبقاً على أعمال ترميم ضخمة ورسمية تقدمت منها دول عربية كالأردن والمغرب وغيرها، وسمح فقط التبرع بسجاد المسجد وثلاجات المياه.
ويؤكد "أبو دياب" أنه لم تكن هناك بيئة حقيقية وضغط على الاحتلال لتفعيل اتفاقية الوصاية الأردنية التي تُلزمه بقبول إدارة الأردن الكاملة على المسجد دون الرجوع إليه.
محاولة لكف اليد الإسلامية عن الأقصى
إلى ذلك، يرى الباحث المقدسي محمد هلسة أنّ منع ترميم المسجد يأتي في إطار المحاولات الإسرائيلية الهادفة إلى الحد من سلطة الأطراف الإسلامية المختلفة وعلى رأسها الأوقاف، على "الأقصى"، لجعل "إسرائيل" صاحبة السيادة والولاية.
ويعتبر "ضيف سند" هذا الوقت الأمثل لـ"إسرائيل" في ظل الحكومة اليمينية المتطرفة التي يرأسها بنيامين نتنياهو الذي يطالب بتسريع الخطى للوصول إلى "الهيكل المزعوم".
وفي ظل القصور العربي والإسلامي إزاء ما يتعرض له المسجد الأقصى، يؤكد "هلسة" أن "إسرائيل" لا ترتدع إلا بموقفٍ حازمٍ يمنعها ويكف يدها عن التدخل في قبلة المسلمين، وهو ما لا نجد له أي صدى لدى الأطراف العربية الرسمية، سوى التفاف الحاضنة الشعبية من المرابطين والمرابطات وأهل البلدة المقدسة والمناصرين الذين يهبون لنصرته.
ورغم خطورة ما يجري من منع للترميم، إلا أن هذا الموقف لم يدفع بإحداث غضب شعبي يُمهد للدخول في مواجهة شعبية في المسجد الأقصى، على اعتبار أنها قضايا إدارية لا تثير ردات فعل وفقاً لـ"هلسة"، إنما ما يستدعي ذلك هو الاعتداء والتدنيس، ومحاولة الدخول المستوطنين وإحداث تغيير في سلوكهم مثل الصلوات التلمودية.
وترى سلطات الاحتلال أن "الأقصى" هو "هيكل اليهود" ومنذ سنوات طويلة تسعى لإثبات هويتها المزعومة ما يجعلها تضعه كأولوية في تغيير الجغرافيا وقلب الرواية عبر الحفريات والنبش والتخريب المنظم للمسجد، تبعًا لضيفنا.
ويردف: "في كل مرة تخطو فيها إسرائيل بهذا الاتجاه تجد حائط صد أمامها متمثلاً بالحاضنة الشعبية وعقيدة المسلمين، فالمسجد الأقصى ليس مجرد مكان للعبادة".
تنغيص مستمر..
ويتفق ضيفا سند أن الاحتلال يسعى للتنغيص المستمر على موظفي الإعمار وتشديد الإجراءات بحقهم مثل الاعتقال، وإصدار أوامر إبعاد بحق جزء كبير منهم، وفرض القيود على الشأن الإداري، مثل منع التمديدات الكهربائية والصيانة، وملاحقة الخطباء.
بينما لا تسمح سلطات الاحتلال للأوقاف بفتح باب المغاربة الذي يدخل منه المستوطنون المقتحمون فحسب، إنما الأبواب كافة، إلا بعد مجيء شرطة الاحتلال وتواجدها وإعطاء أوامر للموظفين والحراس بفتحها.
وتمنع "إسرائيل" منعاً باتاً مرافقة الحارس أو موظف الأوقاف، حيث يتم اعتقال كل من يحاول السير معه أو خلفه.
وليس ذلك فحسب، إنما تعمدت سلطات الاحتلال قطع أسلاك سماعات المسجد ومنعت تصليحها، إضافة لمنع التنظيف أو تغيير السجاد والنوافذ التي يحطمها الاحتلال، تحديدًا في المسجد القبلي.
أما ظاهرة تسرب المياه في فصل الشتاء داخل المصلى المرواني، فقد كان من المقرر ترميمها هذا الصيف، إلا أن سلطات الاحتلال حالت دون ذلك؛ رافقها منع معالجة أنابيب المياه الخاصة بالوضوء
كما تتعمد سلطات الاحتلال منع الإعمار ليصبح المسجد آيلاً للسقوط، وإبعاد الأوقاف عنه لاستبدالها بجماعات الهيكل، وهي ما تحاول "إسرائيل" الوصول إليه، خاصةً أنه ليس بإمكان الأوقاف تغيير "لمضة" كهربائية في المسجد دون أخذ الإذن، في تسلسل مهين للأوقاف وموظفيها والمسلمين عامة، وفق ما أجمع عليه ضيفا سند.
وترمي هذه الإجراءات لتغيير الوضع الديني والتاريخي والقانوني في المسجد الأقصى، بخطوات بدأها بزيادة الاقتحامات والساعات، وإعطاء مزيد من الصلاحيات للمستوطنين والمقتحمين، خاصة في ظل هذه الحكومة التي هي جزء من جماعات الهيكل
ويؤكد ضيفا سند أن يجري هو سياسة إسرائيلية لتهيئة المسجد الأقصى للتقسيم وهي الخطوة التي تسبق بناء "الهيكل" المزعوم، كجزء من خطوات ينتهجها الاحتلال بشكل تدريجي للسيطرة على المسجد.