موازنات حكومية و5 بقرات حمراء.. خطة إسرائيلية لبناء "الهيكل الثالث" في باحات الأقصى
محمد وتد – الجزيرة نت
القدس المحتلة– كشفت القناة 12 الإسرائيلية، مساء السبت، في تقرير مصور، النقاب عن وجود تنسيق وتعاون بين العديد من الوزارات الحكومية لرصد ميزانيات وبذل الجهود من أجل تنفيذ رؤية ترميم "الهيكل" المزعوم في ساحات المسجد الأقصى الشريف.
ووفقا للقناة، يعلق مؤيدو تحقيق الرؤية لبناء "الهيكل" المزعوم آمالهم على "5 بقرات حمراء" تم اختيارها بعناية حسب الشروط التي تنص عليها الكتب اليهودية، حيث تم جلبها على متن طائرة من ولاية تكساس الأميركية، وأكدت القناة أن وزارة حكومية رصدت ميزانية لاستيراد البقرات الخمس وتربيتها.
وقبيل بناء "الهيكل" تقضي التعاليم التوراتية حرق البقرة الحمراء على جبل الزيتون، ومن ثّم نثر رمادها قبالة الأقصى إيذانا ببدء طقوس إقامة "الهيكل الثالث" والتجهيز لصعود ملايين اليهود إلى "جبل الهيكل" (المسمى التوراتي للمسجد الأقصى).
الهيكل المزعوم
وبحسب مراقبين، فإن ذلك يعكس تنامي هذه المعتقدات التوراتية وتوجه المجتمع الإسرائيلي نحو التطرف الديني والمعتقدات التوراتية لبناء "الهيكل الثالث" المزعوم مكان قبة الصخرة، حيث تتوافق الأحزاب اليهودية المشاركة بالائتلاف الحكومي على ضرورة تنفيذ فكر بناء "الهيكل" الأمر الذي أدى لتسارع رصد الميزانيات الخاصة بالتجهيزات بغية تحقيق هذا الهدف.
ويحدث هذا كله رغم أن المعتقد الديني التوراتي للتيار الحريدي يحظر على اليهود الصعود إلى "جبل الهيكل (اقتحام الأقصى)" حتى تحقيق شرط نزول "المسيح المنقذ" ليأذَن لليهود بذلك بعد تحقيق شرط "الطهارة" من "النجاسة الكبرى" إذ تتطلب الطهارة -وفق معتقدهم- ذبح بقرات حمراء وحرقها قبالة المسجد الأقصى، وخلط بعضها بالمياه ليتطهر اليهود، ثم نثر ما تبقى من رمادها قبالة الأقصى، وهو ما يتناقض مع معتقدات تيار الصهيونية الدينية الجديد الذي يعتبر شريكا أساسيا في الحكومة الحالية.
التعاليم اليهودية
وتتطلع الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو الذي يوصف بـ "الشخص المغامر" لبناء الهيكل المزعوم في ساحات الحرم مكان قبة الصخرة، انطلاقا من انصياعه لمعتقدات وفكر الصهيونية الدينية المتجددة بشأن "الخلاص للشعب اليهودي" فضلا عن الاستعداد مؤقتا لتقسيم ساحات الحرم القدسي الشريف مع المسلمين، حتى يتمكن اليهود من فرض كامل السيادة الدينية على الأقصى.
من جانبه، يعتقد الباحث بالشؤون اليهودية والصهيونية والسياسية الدكتور صالح لطفي أن المؤسسة الإسرائيلية بمختلف أذرعها، وفي ظل الظروف الفلسطينية والإقليمية الراهنة، تسعى إلى تحقيق أسطورة بناء "الهيكل الثالث" المزعوم، لافتا إلى أن حكومة نتنياهو بات لديها اعتقاد كبير بأن الفرصة مواتية لتحقيق نظرية "المخلص" وفق الفكر الصهيوني الديني المتجدد، لتحل هذه النظرية محل المعتقد التوراتي "نزول المسيح المنقذ" الذي يؤمن به التيار الحريدي.
وفي الوقت الذي يدعو فيه تيار الصهيونية الدينية الجديدة إلى عدم انتظار نزول "المسيح المنقذ" لبناء "الهيكل الثالث" المزعوم، لا يزال التيار الحريدي يحظر اقتحام المسجد الأقصى (الصعود إلى جبل الهيكل) ويطالب بالتريث حتى نزول "المسيح المنقذ" لتخليص الشعب اليهودي، وليأذن لهم بناء الهيكل المزعوم، وفق ما يؤكده لطفي.
ورغم تباين المواقف حول توقيت بناء "الهيكل الثالث" المزعوم، يضيف لطفي "إن جميع أحزاب الائتلاف الحكومي، وبضمنها حزب الليكود، تتفق فيما بينها على ضرورة مواصلة التحضيرات والتجهيزات لبناء الهيكل، وتجهيز لباس الكهنة، وتربية البقرة الحمراء، وتعزيز مكانة الحاخام الأكبر".
وفي حديثه للجزيرة نت، يعتقد أن المجتمع الإسرائيلي يتجه منذ سنوات نحو التطرف الديني بمواقفه وليس التطرف السياسي فقط، إذ باتت فكرة "الهيكل المزعوم" متجذرة حتى لدى شرائح واسعة من تيار العلمانيين والليبراليين الإسرائيليين، وكذلك بين أوساط ما يسمى "اليسار الصهيوني اليهودي".
حرب دينية
ورغم التحضيرات ورصد الميزانيات، يستبعد الباحث إقدام حكومة نتنياهو الوقت الراهن على بناء الهيكل في ساحات الحرم القدسي الشريف، مشيرا إلى أن هذا يعد بمثابة خطوة انتحارية للكيان الإسرائيلي، من شأنها إشعال انتفاضة دينية في فلسطين التاريخية، مع الأخذ بنظر الاعتبار أنها ستنتقل للعالمين العربي والإسلامي، الأمر الذي سيعرض المنطقة لحرب دينية.
كما يعتقد أن إسرائيل على قناعة بأنه لا يمكنها حسم حرب دينية مع العالمين العربي والإسلامي، مشيرا إلى أن نشر التقرير بهذا التوقيت بمثابة "بالون اختبار" وجس نبض للشعب الفلسطيني، فضلا أن نشر فكرة بناء "الهيكل" تهدف لتحقيق مكاسب سياسية إسرائيلية ورسائل للجمهور اليهودي، مع الأخذ في الاعتبار أن المعلن بالسياسات يختلف عما يطبق على أرض الواقع، وفق قوله.
البقرة الحمراء
على الجانب الآخر، ذكر الصحافي الاستقصائي عمري منيف -الذي كشف عن استيراد الحكومة 5 بقرات حمراء ضمن التحضيرات والاستعدادات لبناء "الهيكل"- أن منظمتين تقفان وراء البحث المحموم عن البقرة الحمراء، أولاهما منظمة "نبني إسرائيل" التي تتكون من مسيحيين إنجيليين وتيار يميني متطرف بقيادة رجل يدعى تساحي ميمو.
أما الثانية، فيقول الصحفي الاستقصائي إنها تدعى "معهد الهيكل" وهي برئاسة يسرائيل أرييل الذي يعتبر الحاخام الروحي للوزير إيتمار بن غفير، كما يعتبر الشخصية الثانية في حركة "كاخ" اليمينية المتطرفة برئاسة الحاخام مئير كاهانا التي كانت محظورة.
في السياق، يبدو أن المنظمات اليمينية ليست الوحيدة التي تروج لهذه الخطوة، وفق الصحفي الإسرائيلي الذي أضاف "قبل بضع سنوات، قدّمت وزارة القدس اقتراحا تصميميا لبناء منتزه جبل الزيتون، وادّعى المسؤولون الذين شاركوا في التخطيط أن مساره يهدف للاحتفال المستقبلي بحرق البقرة التي تسبق بناء الهيكل".
كما أوضح أن المشاركة المالية والتنظيمية للحكومة لا تعد الوحيدة في الترويج لمشروع بناء "الهيكل" حيث يتم تحويل ملايين الدولارات من الوزارات الحكومية إلى المنظمات التي تروج لهذه الفكرة، مشيرا إلى أن خطوة جلب البقرات الحمراء والتحضير لبناء "الهيكل" من شأنه أن يؤدي إلى تغيير حقيقي في هوية الدولة من "دولة يهودية ديمقراطية" إلى "دولة دينية توراتية".
وفي حديثه للجزيرة نت، قال الصحافي الاستقصائي إن معبد الهيكل لا يقدم القرابين والكهنة فقط، مبينا أن "المعبد هو مجلس توراتي (سنهدرين) أيضا، يقرر ويقاضي وفق الأحكام الدينية اليهودية، ويمهد لإعداد المَلِك، أو ما يسمى الحاخام الأكبر الذي لا يحكم بالضرورة بطريقة ديمقراطية".
محمد وتد – الجزيرة نت
القدس المحتلة– كشفت القناة 12 الإسرائيلية، مساء السبت، في تقرير مصور، النقاب عن وجود تنسيق وتعاون بين العديد من الوزارات الحكومية لرصد ميزانيات وبذل الجهود من أجل تنفيذ رؤية ترميم "الهيكل" المزعوم في ساحات المسجد الأقصى الشريف.
ووفقا للقناة، يعلق مؤيدو تحقيق الرؤية لبناء "الهيكل" المزعوم آمالهم على "5 بقرات حمراء" تم اختيارها بعناية حسب الشروط التي تنص عليها الكتب اليهودية، حيث تم جلبها على متن طائرة من ولاية تكساس الأميركية، وأكدت القناة أن وزارة حكومية رصدت ميزانية لاستيراد البقرات الخمس وتربيتها.
وقبيل بناء "الهيكل" تقضي التعاليم التوراتية حرق البقرة الحمراء على جبل الزيتون، ومن ثّم نثر رمادها قبالة الأقصى إيذانا ببدء طقوس إقامة "الهيكل الثالث" والتجهيز لصعود ملايين اليهود إلى "جبل الهيكل" (المسمى التوراتي للمسجد الأقصى).
الهيكل المزعوم
وبحسب مراقبين، فإن ذلك يعكس تنامي هذه المعتقدات التوراتية وتوجه المجتمع الإسرائيلي نحو التطرف الديني والمعتقدات التوراتية لبناء "الهيكل الثالث" المزعوم مكان قبة الصخرة، حيث تتوافق الأحزاب اليهودية المشاركة بالائتلاف الحكومي على ضرورة تنفيذ فكر بناء "الهيكل" الأمر الذي أدى لتسارع رصد الميزانيات الخاصة بالتجهيزات بغية تحقيق هذا الهدف.
ويحدث هذا كله رغم أن المعتقد الديني التوراتي للتيار الحريدي يحظر على اليهود الصعود إلى "جبل الهيكل (اقتحام الأقصى)" حتى تحقيق شرط نزول "المسيح المنقذ" ليأذَن لليهود بذلك بعد تحقيق شرط "الطهارة" من "النجاسة الكبرى" إذ تتطلب الطهارة -وفق معتقدهم- ذبح بقرات حمراء وحرقها قبالة المسجد الأقصى، وخلط بعضها بالمياه ليتطهر اليهود، ثم نثر ما تبقى من رمادها قبالة الأقصى، وهو ما يتناقض مع معتقدات تيار الصهيونية الدينية الجديد الذي يعتبر شريكا أساسيا في الحكومة الحالية.
التعاليم اليهودية
وتتطلع الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو الذي يوصف بـ "الشخص المغامر" لبناء الهيكل المزعوم في ساحات الحرم مكان قبة الصخرة، انطلاقا من انصياعه لمعتقدات وفكر الصهيونية الدينية المتجددة بشأن "الخلاص للشعب اليهودي" فضلا عن الاستعداد مؤقتا لتقسيم ساحات الحرم القدسي الشريف مع المسلمين، حتى يتمكن اليهود من فرض كامل السيادة الدينية على الأقصى.
من جانبه، يعتقد الباحث بالشؤون اليهودية والصهيونية والسياسية الدكتور صالح لطفي أن المؤسسة الإسرائيلية بمختلف أذرعها، وفي ظل الظروف الفلسطينية والإقليمية الراهنة، تسعى إلى تحقيق أسطورة بناء "الهيكل الثالث" المزعوم، لافتا إلى أن حكومة نتنياهو بات لديها اعتقاد كبير بأن الفرصة مواتية لتحقيق نظرية "المخلص" وفق الفكر الصهيوني الديني المتجدد، لتحل هذه النظرية محل المعتقد التوراتي "نزول المسيح المنقذ" الذي يؤمن به التيار الحريدي.
وفي الوقت الذي يدعو فيه تيار الصهيونية الدينية الجديدة إلى عدم انتظار نزول "المسيح المنقذ" لبناء "الهيكل الثالث" المزعوم، لا يزال التيار الحريدي يحظر اقتحام المسجد الأقصى (الصعود إلى جبل الهيكل) ويطالب بالتريث حتى نزول "المسيح المنقذ" لتخليص الشعب اليهودي، وليأذن لهم بناء الهيكل المزعوم، وفق ما يؤكده لطفي.
ورغم تباين المواقف حول توقيت بناء "الهيكل الثالث" المزعوم، يضيف لطفي "إن جميع أحزاب الائتلاف الحكومي، وبضمنها حزب الليكود، تتفق فيما بينها على ضرورة مواصلة التحضيرات والتجهيزات لبناء الهيكل، وتجهيز لباس الكهنة، وتربية البقرة الحمراء، وتعزيز مكانة الحاخام الأكبر".
وفي حديثه للجزيرة نت، يعتقد أن المجتمع الإسرائيلي يتجه منذ سنوات نحو التطرف الديني بمواقفه وليس التطرف السياسي فقط، إذ باتت فكرة "الهيكل المزعوم" متجذرة حتى لدى شرائح واسعة من تيار العلمانيين والليبراليين الإسرائيليين، وكذلك بين أوساط ما يسمى "اليسار الصهيوني اليهودي".
حرب دينية
ورغم التحضيرات ورصد الميزانيات، يستبعد الباحث إقدام حكومة نتنياهو الوقت الراهن على بناء الهيكل في ساحات الحرم القدسي الشريف، مشيرا إلى أن هذا يعد بمثابة خطوة انتحارية للكيان الإسرائيلي، من شأنها إشعال انتفاضة دينية في فلسطين التاريخية، مع الأخذ بنظر الاعتبار أنها ستنتقل للعالمين العربي والإسلامي، الأمر الذي سيعرض المنطقة لحرب دينية.
كما يعتقد أن إسرائيل على قناعة بأنه لا يمكنها حسم حرب دينية مع العالمين العربي والإسلامي، مشيرا إلى أن نشر التقرير بهذا التوقيت بمثابة "بالون اختبار" وجس نبض للشعب الفلسطيني، فضلا أن نشر فكرة بناء "الهيكل" تهدف لتحقيق مكاسب سياسية إسرائيلية ورسائل للجمهور اليهودي، مع الأخذ في الاعتبار أن المعلن بالسياسات يختلف عما يطبق على أرض الواقع، وفق قوله.
البقرة الحمراء
على الجانب الآخر، ذكر الصحافي الاستقصائي عمري منيف -الذي كشف عن استيراد الحكومة 5 بقرات حمراء ضمن التحضيرات والاستعدادات لبناء "الهيكل"- أن منظمتين تقفان وراء البحث المحموم عن البقرة الحمراء، أولاهما منظمة "نبني إسرائيل" التي تتكون من مسيحيين إنجيليين وتيار يميني متطرف بقيادة رجل يدعى تساحي ميمو.
أما الثانية، فيقول الصحفي الاستقصائي إنها تدعى "معهد الهيكل" وهي برئاسة يسرائيل أرييل الذي يعتبر الحاخام الروحي للوزير إيتمار بن غفير، كما يعتبر الشخصية الثانية في حركة "كاخ" اليمينية المتطرفة برئاسة الحاخام مئير كاهانا التي كانت محظورة.
في السياق، يبدو أن المنظمات اليمينية ليست الوحيدة التي تروج لهذه الخطوة، وفق الصحفي الإسرائيلي الذي أضاف "قبل بضع سنوات، قدّمت وزارة القدس اقتراحا تصميميا لبناء منتزه جبل الزيتون، وادّعى المسؤولون الذين شاركوا في التخطيط أن مساره يهدف للاحتفال المستقبلي بحرق البقرة التي تسبق بناء الهيكل".
كما أوضح أن المشاركة المالية والتنظيمية للحكومة لا تعد الوحيدة في الترويج لمشروع بناء "الهيكل" حيث يتم تحويل ملايين الدولارات من الوزارات الحكومية إلى المنظمات التي تروج لهذه الفكرة، مشيرا إلى أن خطوة جلب البقرات الحمراء والتحضير لبناء "الهيكل" من شأنه أن يؤدي إلى تغيير حقيقي في هوية الدولة من "دولة يهودية ديمقراطية" إلى "دولة دينية توراتية".
وفي حديثه للجزيرة نت، قال الصحافي الاستقصائي إن معبد الهيكل لا يقدم القرابين والكهنة فقط، مبينا أن "المعبد هو مجلس توراتي (سنهدرين) أيضا، يقرر ويقاضي وفق الأحكام الدينية اليهودية، ويمهد لإعداد المَلِك، أو ما يسمى الحاخام الأكبر الذي لا يحكم بالضرورة بطريقة ديمقراطية".