تقرير الأقصى في 2023 .. تصاعد العدوان يفجّر الطوفان
القدس المحتلة - وكالة سند للأنباء
مع تمادى الاحتلال في عدوانه على المسجد الأقصى في عام 2023، بالتهويد والاقتحام ومحاولة فرض أمر واقع جديد، انفجر الطوفان من غزة ليضع المنطقة بأسرها على صفيح ساخن.
مؤسسة القدس الدولية، رصدت أبرز ملامح العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى التي دفعت كتائب القسام لإطلاق عملية طوفان الأقصى في 2023/10/7.
وانتهى عام 2023 على جرح نازف، باستمرار الاحتلال في حصار الأقصى وتقييد وصول المصلين إليه بالتوازي مع حربه على غزة، لمنع الرباط في المسجد وليتجنّب قدر الإمكان تفجر الوضع في القدس انطلاقًا من المسجد.
وفي تعبير عن مركزية العدوان على الأقصى بالنسبة إلى "جماعات المعبد"، قال موشيه فيجلن، عضو "الكنيست" السابق وأحد قادة "جماعات المعبد"، إنّ معركة طوفان الأقصى "يجب أن تسمّى معركة المعبد، فـ [الأقصى] هو لبّ المعركة، ويجب بناء "المعبد"، وفق زعمه.
اقتحامات وصلوات توراتية
وشارك 52,853 مستوطنًا في اقتحام الأقصى في عام 2023، في مقابل 54,201 اقتحموا المسجد في عام 2022، وفق توثيق شبكة القدس البوصلة.
وأدى مستوطنون طقوسًا وصلوات توراتية بالتزامق مع الاقتحامات، ونشرت "جماعات المعبد"، في 2023/8/3، توثيقًا لأداء المستوطنين طقس "بركة الكهنة".
واستغلت "جماعات المعبد" موسم الأعياد العبرية الطويل من رأس السنة العبرية إلى أسبوع العُرش (9/16 إلى 10/7) لتصعيد وتيرة فرض مظاهر وأدوات توراتية إلى الأقصى، من اقتحام المسجد بلباس التوبة، والنفخ بالبوق، وطقس الانبطاح أو السجود الملحمي.
وشارك في الاقتحامات وزراء وأعضاء "كنيست" حاليون وسابقون، في مقدمتهم وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن جفير الذي اقتحم الأقصى غير مرة خلال عام 2023، إضافة إلى وزير النقب والجليل يتسحاق فاسرلاف، وأعضاء "الكنيست" أرئيل كيلنر، وعميت هاليفي، ودان إيلوز، وإسحاق كرويزير.
مطالب جماعات المعبد
مع بداية عام 2023، كشفت "جماعات المعبد" عن مطالبها في ما يتعلّق بالأقصى في عهد الحكومة الجديدة، والسياسة التي سيعتمدها إيتمار بن جفير بعد تولّيه حقيبة الأمن القومي، واندرجت المطالب تحت ثلاثة عناوين، هي التقسيم الزماني والتقسيم المكاني، والتأسيس المعنوي للمعبد.
وتضمّنت المطالب تمديد ساعات الاقتحامات، والسماح بها على مدار أيام الأسبوع، والسماح بأداء كل الصلوات والطقوس التوراتية، ورفع أيّ حظر على إدخال "الأدوات المقدسة" إلى الأقصى، وتحديد موقع لكنيس في المسجد، وإنهاء مرافقة شرطة الاحتلال للمجموعات المقتحمة، والسماح بدخول المستوطنين من الأبواب كافة، وعدم منع الاقتحامات في أي مناسبة إسلامية، وإعلان "الحقّ المتساوي" لجميع الأديان في الأقصى، علاوة على وقف إبعاد المستوطنين عن المسجد، وفتح باب كنيس المحكمة التنكزية، الخاضع حاليًا لسيطرة وزارة الجيش، أمام جميع المستوطنين.
وأرسلت جماعة "العودة إلى جبل المعبد" المتطرفة رسالة إلى وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير طالبت فيها بتسهيل ذبح "قربان الفصح" في الأقصى، وعدّت تشكيل حكومة يمينية حقيقية لأول مرة في تاريخ دولة الاحتلال "فرصة ذهبية" لتحقيق هذه الطقوس في المسجد.
اجتماعات في أنفاق مجاورة للأقصى
وعقدت حكومة الاحتلال في 2023/5/21 جلستها الأسبوعية في أنفاق مجاورة للمسجد الأقصى للمصادقة على مجموعة من القرارات والميزانيات التهويدية لمناسبة الذكرى العبرية لاحتلال القدس.
وكان من بين القرارات تخصيص 17 مليون دولار لتطوير الأنفاق وتهويد محيط المسجد الأقصى، والخطة الخمسية التالية للقدس، وتعزيز مكانة القدس كـ "عاصمة للشعب اليهودي" عبر العالم، وفق زعمهم، وتشكيل لجان خاصة للتعامل مع المشاريع المتعثرة والبطيئة وتسريع وتيرة التهويد في المحيط الشمالي والجنوبي للبلدة القديمة تحديدًا.
وعقدت حكومة الاحتلال التي يسيطر عليها تيار الصهيونية الدينية، اجتماعًا خاصًا مع ممثلي "جماعات المعبد" لتعزيز التنسيق والتكامل بين الجهتين، ولتوحيد الجهد لتحقيق الهدف المشترك بتهويد المسجد الأقصى وتغيير هويته.
وعقد هذا الاجتماع في الأنفاق المجاورة للمسجد الأقصى عقب الاجتماع الذي عقدته حكومة الاحتلال هناك، وحضر الاجتماع ثمانية وزراء في حكومة الاحتلال هم وزير الخارجية ايلي كوهين، ووزير الأمن القومي إيتمار بن جفير، ووزيرة النقل ميري ريغيف، ووزير الاقتصاد نير بركات، ووزير النقب والجليل يتسحاق فاسرلاف، ووزير الاتصالات شلومو كاراي، ووزير التراث الحاخام أميحاي إلياهو، ووزيرة حماية البيئة عيديت سيلمان، إضافة إلى خمسة من أعضاء "الكنيست"، هم رئيسه عمير أوحانا، والأعضاء حانوتش ميليفيتسكي وأرييل كيلنر ودان إيلوز وعميت هيلفي.
مخطّط لتقسيم الأقصى مكانيًا قيد الإعداد
كشف إعلام عبري في حزيران/يونيو عن خبر مفاده أنّ عضو "الكنيست" عميت هليفي يعدّ مسودة تفصيلية لتقسيم الأقصى مكانيًا بين المسلمين واليهود، بحيث يخصص محيط الجامع القبلي جنوبًا للمسلمين في حين تخصّص قبة الصخرة حتى الحد الشمالي للمسجد لليهود.
وتقوم مسودة هليفي على إعادة تعريف المسجد الأقصى إسلاميًا بوصفه مبنى المصلى القبلي حصرًا، وأن كل ما سواه غير مقدس إسلاميًا، وتعدّ تقديس المسلمين كل ما دار عليه سور المسجد "مؤامرة لحرمان اليهود من مقدسهم"، باعتبار أن "المقدس إسلاميًا هو ذلك المسجد المبني في الجنوب فقط، وبقية المكان ليس مقدسًا عند المسلمين" حسب ادعاء المسودة المقترحة.
وينصّ مشروع القانون التفصيلي الذي يعده هليفي على التخلص من الدور الأردني في المسجد الأقصى تمامًا، وإنهاء دور الأوقاف الإسلامية، ووضع خطة تدريجية لتحقيق ذلك، وإتاحة المجال لليهود لاقتحام الأقصى من كلّ الأبواب، وعدم قصر حركة اليهود على باب المغاربة.
وتنصّ المسودة كذلك على تحويل الحضور اليهودي في المسجد الأقصى إلى حضور ديني، في إشارة ضمنية لإقامة الطقوس التوراتية في المسجد، إضافة إلى تخصيص المساحة التي تبدأ من صحن الصخرة حتى أقصى شمال المسجد لليهود، وهي تشكل حوالي 70% من مساحة الأقصى.
لوبي صهيوني
أطلق في "الكنيست"، في 2023/5/29، "لوبي الحرية اليهودية في جبل المعبد" لتعزيز السيطرة اليهودية على الأقصى، وفرض مزيد من الحضور الديني اليهودي فيه. وأعلن عن تأسيس اللوبي ثلاثة أعضاء من حزب "الليكود" الحاكم هم نِسيم فيتوري وآرييل كيلنر ودان إيلوز، وثلاثتهم يشاركون في اقتحامات المسجد الأقصى، وكانوا شاركوا في اقتحام المسجد في 5/18 لمناسبة الذكرى العبرية لاحتلال القدس.
وحضر حفل الإطلاق مندوبون عن "جماعات المعبد"، وركزت مداخلات الشخصيات السياسية على ضرورة "تعزيز مكانة جبل المعبد في النسيج الصهيوني"، و"تعزيز الحقوق اليهودية" التي يقصد بها عادة تعزيز الحضور الديني والطقوس التوراتية في المسجد الأقصى، و"ضرورة شكر الذين يعملون على تعزيز الزيارات اليهودية إلى جبل المعبد" في إشارة إلى تكامل الأدوار مع "جماعات المعبد" كأساس لعمل هذا اللوبي.
وكانت تلك الدورة البرلمانية الرابعة التي تشهد تأسيس لوبي عنوانه السيطرة على المسجد الأقصى وتعزيز الحضور الديني اليهودي فيه؛ حيث كان الأول في عام 2016 وترأسته في ذلك الوقت المتطرفة شولي موعالم مع الحاخام يهودا جليك، تلاه في 2019 تشكيل لوبي ثانٍ بمبادرة من أرييل كيلنر وماي جولان، تجدد في عام 2020.
منع أعمال الترميم
ومع استمرار منع الاحتلال أعمال الترميم في الأقصى بالتوازي مع الأنفاق التهويدية وأعمال الحفر التي ينفذها في المسجد، تسربت مياه الأمطار إلى المصلى المرواني، وغرق سجاد المصلى في أماكن متفرقة، ما اضطر حراس الأقصى إلى وضع أغطية بلاستيكية في الأماكن التي تسربت إليها المياه.
كما ظهرت انهيارات جديدة لبعض البلاط في طريق الآلام قرب باب الغوانمة أحد أبواب المسجد الأقصى، ورُصد تساقط حجارة من الجهة الخارجية لمصلى قبة الصخرة، تحديدًا من الواجهة الغربية أسفل المزراب جهة المضلع على يسار المدخل الغربي الرئيس للمصلى.
وفي آب/أغسطس، تقدمت منظمة "جبل المعبد بأيدينا" بالتماس أمام المحكمة العليا للاحتلال تطالب فيه حكومة الاحتلال والشرطة والبلدية بمنع دائرة الأوقاف الإسلامية من "إلقاء النفايات في الأقصى"، مدّعية أنه تم توثيق إلقاء القمامة في مكان خالٍ داخل المسجد، وأن ذلك يعدّ "انتهاكًا صارخًا للمعتقدات والمشاعر الدينية".
وقبل نهاية العام، دعت "جماعات المعبد" جمهورها من المستوطنين للمشاركة في مسيرة حاشدة في "تل أبيب"، في 2024/1/4، للمطالبة بإنهاء الدور الأردني في الأقصى وطرد الأوقاف من المسجد.
الأقصى وطوفان الأقصى
كل ما تقدّم، وهو يلخّص المشهد العام للعدوان ويعرض خطوطه العريضة، استدعى ردًا من المقاومة، إذ بيّن قادة المقاومة أنّ إطلاق عملية طوفان الأقصى كان على خلفية تصاعد العدوان على المسجد الأقصى والمرابطين والمرابطات، وعلى الأسرى في سجون الاحتلال.
وعلى أثر العملية، شنّ الاحتلال عدوانًا همجيًا على غزة، وبالتزامن مع هذا العدوان على القطاع الذي شارف شهره الثالث، استمرت "جماعات المعبد" في عدوانها على الأقصى، وحاولت أن تظهر مركزية فكرة "المعبد" بالنسبة إلى جنود الاحتلال المشاركين في العدوان.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر، نشر عضو "الكنيست" الأسبق موشيه فيغلن، وهو من الداعمين لفكرة "المعبد"، مقطعًا له في المسجد الأقصى قرب باب الرحمة في 2023/11/2، قال فيه "لقد أسموا المعركة (طوفان الأقصى)، ونحن يجب أن نسميها (معركة المعبد) وليس (السيف الحديدي)، لُبّ المعركة هو هذا المكان، لا نملك مزيدًا من الوقت؛ يجب أن نبني المعبد".
واستغلّ الاحتلال عدوانه على غزة لفرض حصار مطبق على الأقصى والقدس القديمة، وتقييد وصول المصلين إلى المسجد، بالتوازي مع استمرار فتح الأقصى أمام المستوطنين لاقتحامه وأداء صلواتهم فيه.
ودعت "جماعات المعبد" المستوطنين إلى المشاركة الحاشدة في اقتحام الأقصى، ودعت إلى المشاركة في إقامة صلوات و"نحيب" في المسجد بهدف طلب العون من الله لجنود الاحتلال في عدوانهم على غزة.
كما نشرت جماعة "العودة إلى جبل المعبد" صورة لقبة الصخرة مطالبة بتسريع هدم الأقصى وإقامة "المعـبد" مكانه، وأرفقت عبارة "سنؤذيهم بأغلى ما لدى حـماس".
كذلك، نشرت منظمة "جبل المعبد بأيدينا" على صفحات التواصل الاجتماعي صورة لدبابات الاحتلال على شاطئ تسير قُدمًا نحو مجسم للمعبد المزعوم، مرفقة بتعليق: "قريبًا في جبل المعبد".
القدس المحتلة - وكالة سند للأنباء
مع تمادى الاحتلال في عدوانه على المسجد الأقصى في عام 2023، بالتهويد والاقتحام ومحاولة فرض أمر واقع جديد، انفجر الطوفان من غزة ليضع المنطقة بأسرها على صفيح ساخن.
مؤسسة القدس الدولية، رصدت أبرز ملامح العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى التي دفعت كتائب القسام لإطلاق عملية طوفان الأقصى في 2023/10/7.
وانتهى عام 2023 على جرح نازف، باستمرار الاحتلال في حصار الأقصى وتقييد وصول المصلين إليه بالتوازي مع حربه على غزة، لمنع الرباط في المسجد وليتجنّب قدر الإمكان تفجر الوضع في القدس انطلاقًا من المسجد.
وفي تعبير عن مركزية العدوان على الأقصى بالنسبة إلى "جماعات المعبد"، قال موشيه فيجلن، عضو "الكنيست" السابق وأحد قادة "جماعات المعبد"، إنّ معركة طوفان الأقصى "يجب أن تسمّى معركة المعبد، فـ [الأقصى] هو لبّ المعركة، ويجب بناء "المعبد"، وفق زعمه.
اقتحامات وصلوات توراتية
وشارك 52,853 مستوطنًا في اقتحام الأقصى في عام 2023، في مقابل 54,201 اقتحموا المسجد في عام 2022، وفق توثيق شبكة القدس البوصلة.
وأدى مستوطنون طقوسًا وصلوات توراتية بالتزامق مع الاقتحامات، ونشرت "جماعات المعبد"، في 2023/8/3، توثيقًا لأداء المستوطنين طقس "بركة الكهنة".
واستغلت "جماعات المعبد" موسم الأعياد العبرية الطويل من رأس السنة العبرية إلى أسبوع العُرش (9/16 إلى 10/7) لتصعيد وتيرة فرض مظاهر وأدوات توراتية إلى الأقصى، من اقتحام المسجد بلباس التوبة، والنفخ بالبوق، وطقس الانبطاح أو السجود الملحمي.
وشارك في الاقتحامات وزراء وأعضاء "كنيست" حاليون وسابقون، في مقدمتهم وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن جفير الذي اقتحم الأقصى غير مرة خلال عام 2023، إضافة إلى وزير النقب والجليل يتسحاق فاسرلاف، وأعضاء "الكنيست" أرئيل كيلنر، وعميت هاليفي، ودان إيلوز، وإسحاق كرويزير.
مطالب جماعات المعبد
مع بداية عام 2023، كشفت "جماعات المعبد" عن مطالبها في ما يتعلّق بالأقصى في عهد الحكومة الجديدة، والسياسة التي سيعتمدها إيتمار بن جفير بعد تولّيه حقيبة الأمن القومي، واندرجت المطالب تحت ثلاثة عناوين، هي التقسيم الزماني والتقسيم المكاني، والتأسيس المعنوي للمعبد.
وتضمّنت المطالب تمديد ساعات الاقتحامات، والسماح بها على مدار أيام الأسبوع، والسماح بأداء كل الصلوات والطقوس التوراتية، ورفع أيّ حظر على إدخال "الأدوات المقدسة" إلى الأقصى، وتحديد موقع لكنيس في المسجد، وإنهاء مرافقة شرطة الاحتلال للمجموعات المقتحمة، والسماح بدخول المستوطنين من الأبواب كافة، وعدم منع الاقتحامات في أي مناسبة إسلامية، وإعلان "الحقّ المتساوي" لجميع الأديان في الأقصى، علاوة على وقف إبعاد المستوطنين عن المسجد، وفتح باب كنيس المحكمة التنكزية، الخاضع حاليًا لسيطرة وزارة الجيش، أمام جميع المستوطنين.
وأرسلت جماعة "العودة إلى جبل المعبد" المتطرفة رسالة إلى وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير طالبت فيها بتسهيل ذبح "قربان الفصح" في الأقصى، وعدّت تشكيل حكومة يمينية حقيقية لأول مرة في تاريخ دولة الاحتلال "فرصة ذهبية" لتحقيق هذه الطقوس في المسجد.
اجتماعات في أنفاق مجاورة للأقصى
وعقدت حكومة الاحتلال في 2023/5/21 جلستها الأسبوعية في أنفاق مجاورة للمسجد الأقصى للمصادقة على مجموعة من القرارات والميزانيات التهويدية لمناسبة الذكرى العبرية لاحتلال القدس.
وكان من بين القرارات تخصيص 17 مليون دولار لتطوير الأنفاق وتهويد محيط المسجد الأقصى، والخطة الخمسية التالية للقدس، وتعزيز مكانة القدس كـ "عاصمة للشعب اليهودي" عبر العالم، وفق زعمهم، وتشكيل لجان خاصة للتعامل مع المشاريع المتعثرة والبطيئة وتسريع وتيرة التهويد في المحيط الشمالي والجنوبي للبلدة القديمة تحديدًا.
وعقدت حكومة الاحتلال التي يسيطر عليها تيار الصهيونية الدينية، اجتماعًا خاصًا مع ممثلي "جماعات المعبد" لتعزيز التنسيق والتكامل بين الجهتين، ولتوحيد الجهد لتحقيق الهدف المشترك بتهويد المسجد الأقصى وتغيير هويته.
وعقد هذا الاجتماع في الأنفاق المجاورة للمسجد الأقصى عقب الاجتماع الذي عقدته حكومة الاحتلال هناك، وحضر الاجتماع ثمانية وزراء في حكومة الاحتلال هم وزير الخارجية ايلي كوهين، ووزير الأمن القومي إيتمار بن جفير، ووزيرة النقل ميري ريغيف، ووزير الاقتصاد نير بركات، ووزير النقب والجليل يتسحاق فاسرلاف، ووزير الاتصالات شلومو كاراي، ووزير التراث الحاخام أميحاي إلياهو، ووزيرة حماية البيئة عيديت سيلمان، إضافة إلى خمسة من أعضاء "الكنيست"، هم رئيسه عمير أوحانا، والأعضاء حانوتش ميليفيتسكي وأرييل كيلنر ودان إيلوز وعميت هيلفي.
مخطّط لتقسيم الأقصى مكانيًا قيد الإعداد
كشف إعلام عبري في حزيران/يونيو عن خبر مفاده أنّ عضو "الكنيست" عميت هليفي يعدّ مسودة تفصيلية لتقسيم الأقصى مكانيًا بين المسلمين واليهود، بحيث يخصص محيط الجامع القبلي جنوبًا للمسلمين في حين تخصّص قبة الصخرة حتى الحد الشمالي للمسجد لليهود.
وتقوم مسودة هليفي على إعادة تعريف المسجد الأقصى إسلاميًا بوصفه مبنى المصلى القبلي حصرًا، وأن كل ما سواه غير مقدس إسلاميًا، وتعدّ تقديس المسلمين كل ما دار عليه سور المسجد "مؤامرة لحرمان اليهود من مقدسهم"، باعتبار أن "المقدس إسلاميًا هو ذلك المسجد المبني في الجنوب فقط، وبقية المكان ليس مقدسًا عند المسلمين" حسب ادعاء المسودة المقترحة.
وينصّ مشروع القانون التفصيلي الذي يعده هليفي على التخلص من الدور الأردني في المسجد الأقصى تمامًا، وإنهاء دور الأوقاف الإسلامية، ووضع خطة تدريجية لتحقيق ذلك، وإتاحة المجال لليهود لاقتحام الأقصى من كلّ الأبواب، وعدم قصر حركة اليهود على باب المغاربة.
وتنصّ المسودة كذلك على تحويل الحضور اليهودي في المسجد الأقصى إلى حضور ديني، في إشارة ضمنية لإقامة الطقوس التوراتية في المسجد، إضافة إلى تخصيص المساحة التي تبدأ من صحن الصخرة حتى أقصى شمال المسجد لليهود، وهي تشكل حوالي 70% من مساحة الأقصى.
لوبي صهيوني
أطلق في "الكنيست"، في 2023/5/29، "لوبي الحرية اليهودية في جبل المعبد" لتعزيز السيطرة اليهودية على الأقصى، وفرض مزيد من الحضور الديني اليهودي فيه. وأعلن عن تأسيس اللوبي ثلاثة أعضاء من حزب "الليكود" الحاكم هم نِسيم فيتوري وآرييل كيلنر ودان إيلوز، وثلاثتهم يشاركون في اقتحامات المسجد الأقصى، وكانوا شاركوا في اقتحام المسجد في 5/18 لمناسبة الذكرى العبرية لاحتلال القدس.
وحضر حفل الإطلاق مندوبون عن "جماعات المعبد"، وركزت مداخلات الشخصيات السياسية على ضرورة "تعزيز مكانة جبل المعبد في النسيج الصهيوني"، و"تعزيز الحقوق اليهودية" التي يقصد بها عادة تعزيز الحضور الديني والطقوس التوراتية في المسجد الأقصى، و"ضرورة شكر الذين يعملون على تعزيز الزيارات اليهودية إلى جبل المعبد" في إشارة إلى تكامل الأدوار مع "جماعات المعبد" كأساس لعمل هذا اللوبي.
وكانت تلك الدورة البرلمانية الرابعة التي تشهد تأسيس لوبي عنوانه السيطرة على المسجد الأقصى وتعزيز الحضور الديني اليهودي فيه؛ حيث كان الأول في عام 2016 وترأسته في ذلك الوقت المتطرفة شولي موعالم مع الحاخام يهودا جليك، تلاه في 2019 تشكيل لوبي ثانٍ بمبادرة من أرييل كيلنر وماي جولان، تجدد في عام 2020.
منع أعمال الترميم
ومع استمرار منع الاحتلال أعمال الترميم في الأقصى بالتوازي مع الأنفاق التهويدية وأعمال الحفر التي ينفذها في المسجد، تسربت مياه الأمطار إلى المصلى المرواني، وغرق سجاد المصلى في أماكن متفرقة، ما اضطر حراس الأقصى إلى وضع أغطية بلاستيكية في الأماكن التي تسربت إليها المياه.
كما ظهرت انهيارات جديدة لبعض البلاط في طريق الآلام قرب باب الغوانمة أحد أبواب المسجد الأقصى، ورُصد تساقط حجارة من الجهة الخارجية لمصلى قبة الصخرة، تحديدًا من الواجهة الغربية أسفل المزراب جهة المضلع على يسار المدخل الغربي الرئيس للمصلى.
وفي آب/أغسطس، تقدمت منظمة "جبل المعبد بأيدينا" بالتماس أمام المحكمة العليا للاحتلال تطالب فيه حكومة الاحتلال والشرطة والبلدية بمنع دائرة الأوقاف الإسلامية من "إلقاء النفايات في الأقصى"، مدّعية أنه تم توثيق إلقاء القمامة في مكان خالٍ داخل المسجد، وأن ذلك يعدّ "انتهاكًا صارخًا للمعتقدات والمشاعر الدينية".
وقبل نهاية العام، دعت "جماعات المعبد" جمهورها من المستوطنين للمشاركة في مسيرة حاشدة في "تل أبيب"، في 2024/1/4، للمطالبة بإنهاء الدور الأردني في الأقصى وطرد الأوقاف من المسجد.
الأقصى وطوفان الأقصى
كل ما تقدّم، وهو يلخّص المشهد العام للعدوان ويعرض خطوطه العريضة، استدعى ردًا من المقاومة، إذ بيّن قادة المقاومة أنّ إطلاق عملية طوفان الأقصى كان على خلفية تصاعد العدوان على المسجد الأقصى والمرابطين والمرابطات، وعلى الأسرى في سجون الاحتلال.
وعلى أثر العملية، شنّ الاحتلال عدوانًا همجيًا على غزة، وبالتزامن مع هذا العدوان على القطاع الذي شارف شهره الثالث، استمرت "جماعات المعبد" في عدوانها على الأقصى، وحاولت أن تظهر مركزية فكرة "المعبد" بالنسبة إلى جنود الاحتلال المشاركين في العدوان.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر، نشر عضو "الكنيست" الأسبق موشيه فيغلن، وهو من الداعمين لفكرة "المعبد"، مقطعًا له في المسجد الأقصى قرب باب الرحمة في 2023/11/2، قال فيه "لقد أسموا المعركة (طوفان الأقصى)، ونحن يجب أن نسميها (معركة المعبد) وليس (السيف الحديدي)، لُبّ المعركة هو هذا المكان، لا نملك مزيدًا من الوقت؛ يجب أن نبني المعبد".
واستغلّ الاحتلال عدوانه على غزة لفرض حصار مطبق على الأقصى والقدس القديمة، وتقييد وصول المصلين إلى المسجد، بالتوازي مع استمرار فتح الأقصى أمام المستوطنين لاقتحامه وأداء صلواتهم فيه.
ودعت "جماعات المعبد" المستوطنين إلى المشاركة الحاشدة في اقتحام الأقصى، ودعت إلى المشاركة في إقامة صلوات و"نحيب" في المسجد بهدف طلب العون من الله لجنود الاحتلال في عدوانهم على غزة.
كما نشرت جماعة "العودة إلى جبل المعبد" صورة لقبة الصخرة مطالبة بتسريع هدم الأقصى وإقامة "المعـبد" مكانه، وأرفقت عبارة "سنؤذيهم بأغلى ما لدى حـماس".
كذلك، نشرت منظمة "جبل المعبد بأيدينا" على صفحات التواصل الاجتماعي صورة لدبابات الاحتلال على شاطئ تسير قُدمًا نحو مجسم للمعبد المزعوم، مرفقة بتعليق: "قريبًا في جبل المعبد".