دفنت فيه الشهيدة شيرين أبو عاقلة.. ما تود معرفته عن جبل صهيون

  • الأحد 12, يونيو 2022 02:46 م
  • دفنت فيه الشهيدة شيرين أبو عاقلة.. ما تود معرفته عن جبل صهيون
القدس المحتلة– سلطت جنازة الشهيدة الصحافية شيرين أبو عاقلة، في القدس 13 مايو/أيار الماضي، الأنظار على جبل صهيون حيث دفنت في مقبرة الروم الأرثوذكس، لتتوارد التساؤلات بعدها حول تاريخ هذا الجبل الغني بالمعالم الأثرية، وحقيقة تسميته التي أنتجت توجسا وحساسية خشية ارتباطها بالحركة الصهيونية.
دفنت فيه الشهيدة شيرين أبو عاقلة.. ما تود معرفته عن جبل صهيون بالقدس حيث مقام النبي داود
جمان أبو عرفة -الجزيرة نت
12/6/2022
القدس المحتلة– سلطت جنازة الشهيدة الصحافية شيرين أبو عاقلة، في القدس 13 مايو/أيار الماضي، الأنظار على جبل صهيون حيث دفنت في مقبرة الروم الأرثوذكس، لتتوارد التساؤلات بعدها حول تاريخ هذا الجبل الغني بالمعالم الأثرية، وحقيقة تسميته التي أنتجت توجسا وحساسية خشية ارتباطها بالحركة الصهيونية.
نزلت الجزيرة نت إلى جبل صهيون، الذي يقع في الجزء الجنوبي الغربي لسور القدس، ضمن مسارات تعبق بالتاريخ من قمته إلى سفحه، فارتفاع قمته يصل إلى 760 مترا، وسفوحه تمتد شمالا حتى باب الخليل، وغربا حتى وادي مأمن الله، وجنوبا حتى وادي الربابة، وشرقا حتى وادي قدرون قريبا من باب المغاربة.
لا يخلو متر مربع فيه من أثر تاريخي، فهو الجبل الذي حُكي عن رسوخه منذ عهد اليبوسيين، وأقدم توثيق خطي له كان في أسفار التوراة التي ذكرت أن الملك النبي داود عليه السلام أخذ قلعة صهيون من اليبوسيين.
ويُعلق الباحث المقدسي إيهاب الجلاد للجزيرة نت على ذلك قائلا "ذكر الجبل بمسماه في التوراة يعني أنه موجود قبل بني إسرائيل، وما جاء كان وصفا لمكان قائم من الأصل".
أصل التسمية
تتفاوت التفسيرات حول أصل تسمية "صهيون" لكن الجلاد يؤكد أن الكلمة وصف للجبل وليس لها أي ارتباط سياسي أو تاريخي، مضيفا أن "صهيون" أحد أسماء مدينة القدس قديما، وأرجح التفسيرات تتحدث عن جذر فعل ثلاثي (صهو) والذي أضيفت له واو ونون للتصغير أو دلالة المكان، وتحوّر الفعل عبر الأزمان وعلى الألسن، حاملا معاني شتى كالمكان العالي الحصين، أو الأرض الجافة.
عدا القدس، يحمل جبل في ريف اللاذقية بسوريا، وآخر في اليمن اسم "صهيون" كناية عن علوهما ومنعتهما، كما جاءت المراجع المكتوبة منذ العهد الأيوبي على ذكر جبل صهيون في سوريا.
نبعت حساسية العرب تجاه التسمية بسبب دلالتها السياسية الحديثة، مع أن الحركة الصهيونية هي من اقتبست الاسم لربط نفسها بالقدس وجبل صهيون لا العكس.
الأهمية الجغرافية
يتمتع الجبل بالحصانة من جميع الجهات -ما عدا جهة البلدة القديمة- لأنه محاط بالوديان، وكانت قمته عبر الأزمان مقصدا لمن أراد السيطرة على تلة بيت المقدس.
ويذكر الباحث الجلاد أن العصابات اليهودية حاولت جاهدة احتلال هذا الجبل عام 1948 ونجحت في ذلك فعلا، لكنها لم تستطع احتلال بقيته داخل السور.
تدخل بعض أجزاء الجبل داخل سور القدس، وغالبيتها خارجه، واختلف ذلك بعد الترميم العثماني لسور القدس، حيث قُلصت مساحة السور قليلا، كما تظهر آثار السور الأيوبي حتى اليوم.
صلته بالنبي داود
يطلق على الجبل أيضا اسم جبل النبي داود، ومثله أيضا يسمى أحد أبواب سور القدس الذي يتقاطع مع قمة الجبل، والذي بقي مغلقا بين عامي 1948 و1967 حتى احتلال شرقي القدس، لأنه كان يطل مباشرة على شق القدس الغربي.
يقول الجلاد إن الصليبيين ادعوا وجود قبر النبي داود فوق الجبل وبنوا فوقه آثارهم، ويضيف "الراجح أن النبي داود دفن في القدس، لكن لا تأكيد حتميا حول موقع قبره، والثابت أن الأثر على جبل صهيون هو مقام النبي وليس قبره".
الاهتمام الإسلامي
اهتم المسلمون المماليك بجبل صهيون وبنوا مجمعا ضخما فوق الآثار الصليبية، وكانت ملكية المكان حينها تتنقل بين المسلمين والنصارى حسب سياسة الحاكم المملوكي. لكن السلطان العثماني سليمان القانوني ثبت ملكية المكان للمسلمين في القرن الـ 16، وأولاه اهتماما خاصا، فوسع وعمّر محيط المقام، وأقام "كلية النبي داود" التي ضمت مسجدا ومدرسة ومطبخا وغرفا فسيحة لإيواء الضيوف.
حي ومقبرة الدجاني
عيّن السلطان القانوني الشيخ أحمد الدجاني حارسا لمقام النبي داود، لتتكفل عائلة الدجاني (تسمى الداودي أيضا) بحراسة المقام لأكثر من 4 قرون متتالية، وتبني بيوتا في القرن الـ 19 حول المقام ليتشكل ما عرف بحي الدجانية أو الداودية.
بجانب الحي 3 مقابر: الكبيرة لذرية الشيخ سليمان الدجاني، والوسطى لذرية الشيخ أنيس الدجاني، أما الصغرى (160 مترا) فسميت "تربة المنسي" حيث دفن فيها الأطفال، وضمت قبر الشيخ المنسي الذي ذكره عبد الغني النابلسي ومجير الدين الحنبلي، وترجح الروايات أنه كان أحد فاتحي بيت المقدس.
غرفة العشاء الأخير وفق الاعتقاد المسيحي والتي تحولت لمسجد ومن ثم أبطله الاحتلال وفتحه أمام السياح (الجزيرة)
مكانة مسيحية
الحظ الأكبر على جبل صهيون كان للطوائف المسيحية المختلفة، لاحتضانه عدة معالم دينية تنسب لأحداث مختلفة، وضح أبرزها الجلاد للجزيرة نت:
عليّة صهيون أو غرفة العشاء الأخير: مبنى من طابقين يضم المقام والمسجد، وحول الاحتلال طابقه الأول إلى كنيس حول ما يعتقدون أنه قبر النبي داود. لكن المسيحيين يعتقدون أن هذه العليّة مكان حادثتي "العشاء الأخير" و"غسل الأرجل" بين المسيح عليه السلام وتلاميذه، وهي موضع "العنصرة" حيث نزل الروح القدس على الحواريين، ليتكلم كل منهم بلغة مختلفة وينقل الدين الجديد في أنحاء الأرض، ولذلك يُنظر إليهما مسيحيا أنهما زمان ومكان ولادة الكنيسة الأولى.
كنيسة نيامة أو رقاد العذراء: أبرز المعالم المعمارية على الجبل التي تميّز مشهده العام، وتقع غربي مقام النبي داود، وهي موقع موت السيدة مريم عليها السلام وفق الاعتقاد المسيحي، حيث دفنت لاحقا في وادي قدرون (كنيسة قبر مريم). ويذكر أن الكنيسة الحالية بنيت بداية القرن الـ 20، على أنقاض كنيسة بيزنطية ضخمة بنيت في القرن الرابع وهدمت إبان الغزو الفارسي.
كنيسة صياح الديك: بنيت في مكان إنكار القديس بطرس السيد المسيح 3 مرات قبل صياح الديك، وحسب الاعتقاد المسيحي أيضا فإن الكنيسة بنيت فوق بيت الكاهن "قيافا" والمغارة التي احتجز فيها المسيح. ومثل الكنيسة السابقة، بُنيت صياح الديك في العهد البيزنطي، أما بناؤها الحالي فيعود إلى عام 1931.
مقابر ومدارس: يبدو الاهتمام المسيحي جليا بالدفن فوق جبل صهيون، ولذلك يحتوي من جهة الغرب على مقابر للروم الأرثوذكس والكاثوليك، والبروتستانت، والأرمن. إلى جانب احتوائه على كنيسة المخلص الأرمنية، ومدرسة ثانوية مسيحية تدعى "صهيون" تأسست في عهد الاحتلال البريطاني، ودرس فيها أول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد الشقيري.
تهويد الجبل
احتلت العصابات اليهودية الجبل عام 1948، وسُيطر على مسجد ومقام النبي داود وحُول إلى كنيس، وحرف اتجاه المحراب من البيت الحرام إلى موقع المسجد الأقصى، وأبطل المسجد الموجود في غرفة العشاء الأخير (مع الإبقاء على اتجاه المحراب) أما المسجد الثالث فأغلق تماما
هُجرّت عائلة الدجاني حارسة المقام، واستولى الاحتلال على مساكنها، وهدم 200 بيت، بينما منع الدفن في مقابر الدجاني حتى اليوم.
كما حاول الاحتلال تهويد الجبل لطمس المعالم الإسلامية والمسيحية البيّنة فيه، فبنى كُنُسا عديدة مثل الكنيس السفاردي، ومدارس دينية مثل الشتات وهشيبانو، وبنى قبوا للمحرقة (الهولوكوست) ومقبرة سامبوسكي.
زُجت النجمة السداسية وأعلام الاحتلال في كل موضع داخل جبل صهيون الذي يملؤه طلاب المعاهد الدينية اليهودية، ورواد الكُنس وأفراد شرطة الاحتلال، لكن التاريخ المتأصل منذ آلاف السنين على هذا الجبل يفصح للرائي عن أصل الحكاية وأهل الجبل.