غرامة بقيمة 15 ألف شيقل لمعلم فلسطيني رفض تعليم "العرَبِيّة" لشرطيّ احتلاليّ
القدس المحتلة- القسطل:
قضت محكمة "إسرائيلية" بفرض غرامة مالية بحق الفلسطيني سليمان عبد الرحمن أبو صعلوك، كتعويضٍ لأحد عناصر شرطة الاحتلال في القدس، بقيمة 15 ألف شيقل.
أبو صعلوك فلسطيني من مدينة اللد، ويعيش في مدينة الناصرة، وهو صحفي، ومدرس في اللغة العربية، يُحبّها ويحبّ تعليمها.
رفع الشرطي دعوى قضائية ضده يتهمه فيها بـ "التمييز العنصري ضد رجال الشرطة"؛ بعد رفض تدريسه اللغة العربية ضمن محاضرات إلكترونية.
قضيةٌ غير متوقعة..
بدأت القضية قبل نحو عام، أي خلال جائحة فيروس "كورونا"، عندما قرر المعلّم أبو صعلوك استثمار وقته وإعطاء دروس خصوصية في اللغة العربية إلكترونياً، وقام بالإعلان على أحد المواقع بأنه سيقوم بتدريس اللغة الفصحى.
ويُبيّن أبو صعلوك لـ "القسطل" أن الطالب يختار المعلّم الذي يرغب بالتعلم لديه، من ثمّ يقوم الموقع بإرسال معلومات الطالب ورقمه وبريده، ليتصل المعلّم به للاتفاق على التفاصيل.
ويقول: "في الرابع والعشرين من حزيران 2021، توجه لي أحد الطلبة باسم امرأة، دون أيّ صورة، اتصلت بالرقم المرفق ولم يكن هناك أيّ رد، وفيما بعد أعاد الاتصال، لكن المتصل كان شاباً".
وفي حينها، أخبره الشاب أنه يريد تعلم اللغة العربية العامية، فأجابه المعلّم أبو صعلوك أنه يعلم اللغة الفصحى، ودار بينهما حديث حول الوقت الذي سيستغرقه للتعلم، وإن كان يعرف بعض العربية.
ويضيف أبو صعلوك: "الشاب أخبرني أنه يعرف بعض الكلمات البسيطة مثل؛ هات هوية، وقف هون... هذه الكلمات أضاءت لي الإشارة، فسألته بماذا يعمل، حتى أخبره كم سيستغرق وقتًا".
فرد ضاحكاً "أنا أعمل في الشرطة"، فاكتفى المعلّم بإجابته "آسف لا أقوم بتعليم العربية لرجال الشرطة"، وانتهى الحوار دون حدوث أي مشكلة.
عصر اليوم التالي، حدّث ما لم يكن بالحسبان، حيث تفاجأ المعلّم أبو صعلوك باتصالٍ هاتفي من قِبَل أحد المحامين الذي أخبره أن "الشرطي يطالبه بتعويضٍ مالي حده الأقصى 50 ألف شيقلًا، وإنذار في حال لم يتم ذلك خلال خمسة أيام، سيتم رفع دعوى قضائية ضده؛ بحجة التمييز".
"كنت متفاجئاً جداً وقلت للمحامي: أنا لم أعمل معه أي شيء.. أنا أُدرس بشكلٍ خصوصي، في منزلي، وأختار تلاميذي، وأنا لست مؤسسة أو مدرسة"، كما أوضح.
ويقول لـ "القسطل": "عقب مرور وقتٍ قصير على معركة "سيف القدس"، كل ما جاء أمامي في هذه اللحظة هو صورة هذا الشرطي وهو يعتدي على أهلنا في مدينة القدس، كل ما تصورته هو قمع أهلنا في الشيخ جراح وباب العامود والمسجد الأقصى.. كيف يريد مني الموافقة على تعليمه بعد كل ذلك؟".
"تخيلي أنه مطلوب مني حسب "القانون الإسرائيلي" أن أعلمه، وإن قُلت لا سأعاقب!"، يقول وعلامات الاستغراب والتعجب تملأ صوته.
ويُبيّن أنه توجه لمحامية، والتي بدورها حذّرته من الاستخفاف بالقضية لأن هناك قانون "إسرائيلي" يُجرم ما فعله تحت بند "التمييز في تقديم الخدمات العامة"، خاصةً رجال الشرطة أو من يلبسون الزي العسكري.
كتبت المحامية رسالة مفادها أن "المعلّم أبو صعلوك رفض تعليم الشرطي أولاً؛ لأنه يعاني من حواجز نفسية بسبب الاعتداءات الوحشية التي تعرّض لها خلال حياته، ثانياً؛ هو مُدرس خصوصي، يُعلم اللغة لمن يُحبّها، وليس لمن يريد استغلالها للمسّ والاعتداء على الآخر".
إلا أن محامي الشرطي قال إن كل ذلك لا يهمهم، وهذا كلام فارغ، ومنحهم إنذارًا أخيرًا من أجل الاتصال بالشرطي وتعويضه، قبل رفع الدعوى القضائية.
لم يُقدم المعلّم أبو صعلوك أيّ تعويضٍ للشرطي، ومرّت الأيام والشهور، دون أن يرفع محامي الشرطي أي دعوى قضائية. وفي تشرين أول/ أكتوبر الماضي، حدث ما توقعه أبو صعلوك، وتم رفع دعوى قضائية بحقه بقيمة 50 ألف شيقلًا في محكمة "نتانيا".
محاكمٌ بوليسية..
يوم الإثنين (20 حزيران الجاري)، وصل أبو صعلوك للمحكمة، وخلالها، ادّعى محامي الشرطي بأن المعلّم رفض تعليم الشرطي لأنه "كاره لدولة إسرائيل، ويُميز ضد الشرطة الإسرائيلية، وليس للأسباب النفسية أيّ علاقة".
ويوضح أبو صعلوك بأن محاميه رد على ادعاء محامي الشرطي الإسرائيلي، بأن "ما يحاولون فعله هو محاولة ابتزاز وسلب للأموال بشكلٍ غير قانوني، من خلال استغلال الشرطي لوظيفته".
ويلفت إلى أن القاضي في محكمة الاحتلال، حكم عليه في نهاية الأمر بتعويضٍ مالي للشرطي بقيمة 15 ألف شيقلًا، بحجة "التمييز ضد الشرطة"، محذّراً المعلّم أبو صعلوك ومحاميه بألا يستأنفوا على القضية لأن لا فائدة من كل ما قدموه، وسيترتب عليه غرامات مالية أكثر.
ويضيف وعلامات الخذلان سيدة الموقف: "لم أستوعب كل ما يحدث.. صدمة بكل المقاييس.. قلت له أنا أشعر الآن بالغضب، كأنه يُعتدى عليّ في هذه القاعة من قِبَل المحكمة، مثلما اعتُدي عليّ مسبقاً من قبل الشرطة.. أتخيل نفسي أُضرب وأُهان.. عدا عن أن الشرطي حضر المحكمة بملابسه العسكرية".
وأكد أن دخله من عمله كمدرس لم يكن يتعدى 600 شيقل شهرياً، ولا يوجد أي تناسب بين دخله وبين التعويض المالي الباهظ الذي فرضته عليه محكمة الاحتلال.
وقال بغصّة: "يحق للشرطي الإسرائيلي أن يقمعك وأن يكسر يديك ورجليك وأسنانك، وأن يدوس على رقبتك، وأن يقوم بشتمك بأقذر الشتائم، وأن يمارس كل أحقاده وعنصريته ضدك!! أما أنت أيها العربي.. فلا يحق لك أن ترفض تقديم أي خدمة له يطلبها منك".
لكن المعلّم أبو صعلوك ثابتاً على مواقفه، وأكد على ذلك مردداً "أنا لا أُعلم رجال الشرطة ومواقفنا الوطنية ثابتة.. هذه الدولة التي تدّعي أنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وتتغنى بذلك، يتضح في هذه القضية أنه لا يوجد أيّ فصل بين السلطات الثلاث، وأن السلطة القضائية تخدم التنفيذية تماماً.. القاضي هو الجلاد".
واختتم مؤكداً أن: "الهدف من نشر القضية هو الكشف عن سخافة محاكم الاحتلال، التي تتجاوب مع دعوات من هذا النوع؛ محامون كُثر أكدوا بأن مثل هذه القضايا يجب أن تُلتغى قبل أن تصل للنطق بالحكم".
القدس المحتلة- القسطل:
قضت محكمة "إسرائيلية" بفرض غرامة مالية بحق الفلسطيني سليمان عبد الرحمن أبو صعلوك، كتعويضٍ لأحد عناصر شرطة الاحتلال في القدس، بقيمة 15 ألف شيقل.
أبو صعلوك فلسطيني من مدينة اللد، ويعيش في مدينة الناصرة، وهو صحفي، ومدرس في اللغة العربية، يُحبّها ويحبّ تعليمها.
رفع الشرطي دعوى قضائية ضده يتهمه فيها بـ "التمييز العنصري ضد رجال الشرطة"؛ بعد رفض تدريسه اللغة العربية ضمن محاضرات إلكترونية.
قضيةٌ غير متوقعة..
بدأت القضية قبل نحو عام، أي خلال جائحة فيروس "كورونا"، عندما قرر المعلّم أبو صعلوك استثمار وقته وإعطاء دروس خصوصية في اللغة العربية إلكترونياً، وقام بالإعلان على أحد المواقع بأنه سيقوم بتدريس اللغة الفصحى.
ويُبيّن أبو صعلوك لـ "القسطل" أن الطالب يختار المعلّم الذي يرغب بالتعلم لديه، من ثمّ يقوم الموقع بإرسال معلومات الطالب ورقمه وبريده، ليتصل المعلّم به للاتفاق على التفاصيل.
ويقول: "في الرابع والعشرين من حزيران 2021، توجه لي أحد الطلبة باسم امرأة، دون أيّ صورة، اتصلت بالرقم المرفق ولم يكن هناك أيّ رد، وفيما بعد أعاد الاتصال، لكن المتصل كان شاباً".
وفي حينها، أخبره الشاب أنه يريد تعلم اللغة العربية العامية، فأجابه المعلّم أبو صعلوك أنه يعلم اللغة الفصحى، ودار بينهما حديث حول الوقت الذي سيستغرقه للتعلم، وإن كان يعرف بعض العربية.
ويضيف أبو صعلوك: "الشاب أخبرني أنه يعرف بعض الكلمات البسيطة مثل؛ هات هوية، وقف هون... هذه الكلمات أضاءت لي الإشارة، فسألته بماذا يعمل، حتى أخبره كم سيستغرق وقتًا".
فرد ضاحكاً "أنا أعمل في الشرطة"، فاكتفى المعلّم بإجابته "آسف لا أقوم بتعليم العربية لرجال الشرطة"، وانتهى الحوار دون حدوث أي مشكلة.
عصر اليوم التالي، حدّث ما لم يكن بالحسبان، حيث تفاجأ المعلّم أبو صعلوك باتصالٍ هاتفي من قِبَل أحد المحامين الذي أخبره أن "الشرطي يطالبه بتعويضٍ مالي حده الأقصى 50 ألف شيقلًا، وإنذار في حال لم يتم ذلك خلال خمسة أيام، سيتم رفع دعوى قضائية ضده؛ بحجة التمييز".
"كنت متفاجئاً جداً وقلت للمحامي: أنا لم أعمل معه أي شيء.. أنا أُدرس بشكلٍ خصوصي، في منزلي، وأختار تلاميذي، وأنا لست مؤسسة أو مدرسة"، كما أوضح.
ويقول لـ "القسطل": "عقب مرور وقتٍ قصير على معركة "سيف القدس"، كل ما جاء أمامي في هذه اللحظة هو صورة هذا الشرطي وهو يعتدي على أهلنا في مدينة القدس، كل ما تصورته هو قمع أهلنا في الشيخ جراح وباب العامود والمسجد الأقصى.. كيف يريد مني الموافقة على تعليمه بعد كل ذلك؟".
"تخيلي أنه مطلوب مني حسب "القانون الإسرائيلي" أن أعلمه، وإن قُلت لا سأعاقب!"، يقول وعلامات الاستغراب والتعجب تملأ صوته.
ويُبيّن أنه توجه لمحامية، والتي بدورها حذّرته من الاستخفاف بالقضية لأن هناك قانون "إسرائيلي" يُجرم ما فعله تحت بند "التمييز في تقديم الخدمات العامة"، خاصةً رجال الشرطة أو من يلبسون الزي العسكري.
كتبت المحامية رسالة مفادها أن "المعلّم أبو صعلوك رفض تعليم الشرطي أولاً؛ لأنه يعاني من حواجز نفسية بسبب الاعتداءات الوحشية التي تعرّض لها خلال حياته، ثانياً؛ هو مُدرس خصوصي، يُعلم اللغة لمن يُحبّها، وليس لمن يريد استغلالها للمسّ والاعتداء على الآخر".
إلا أن محامي الشرطي قال إن كل ذلك لا يهمهم، وهذا كلام فارغ، ومنحهم إنذارًا أخيرًا من أجل الاتصال بالشرطي وتعويضه، قبل رفع الدعوى القضائية.
لم يُقدم المعلّم أبو صعلوك أيّ تعويضٍ للشرطي، ومرّت الأيام والشهور، دون أن يرفع محامي الشرطي أي دعوى قضائية. وفي تشرين أول/ أكتوبر الماضي، حدث ما توقعه أبو صعلوك، وتم رفع دعوى قضائية بحقه بقيمة 50 ألف شيقلًا في محكمة "نتانيا".
محاكمٌ بوليسية..
يوم الإثنين (20 حزيران الجاري)، وصل أبو صعلوك للمحكمة، وخلالها، ادّعى محامي الشرطي بأن المعلّم رفض تعليم الشرطي لأنه "كاره لدولة إسرائيل، ويُميز ضد الشرطة الإسرائيلية، وليس للأسباب النفسية أيّ علاقة".
ويوضح أبو صعلوك بأن محاميه رد على ادعاء محامي الشرطي الإسرائيلي، بأن "ما يحاولون فعله هو محاولة ابتزاز وسلب للأموال بشكلٍ غير قانوني، من خلال استغلال الشرطي لوظيفته".
ويلفت إلى أن القاضي في محكمة الاحتلال، حكم عليه في نهاية الأمر بتعويضٍ مالي للشرطي بقيمة 15 ألف شيقلًا، بحجة "التمييز ضد الشرطة"، محذّراً المعلّم أبو صعلوك ومحاميه بألا يستأنفوا على القضية لأن لا فائدة من كل ما قدموه، وسيترتب عليه غرامات مالية أكثر.
ويضيف وعلامات الخذلان سيدة الموقف: "لم أستوعب كل ما يحدث.. صدمة بكل المقاييس.. قلت له أنا أشعر الآن بالغضب، كأنه يُعتدى عليّ في هذه القاعة من قِبَل المحكمة، مثلما اعتُدي عليّ مسبقاً من قبل الشرطة.. أتخيل نفسي أُضرب وأُهان.. عدا عن أن الشرطي حضر المحكمة بملابسه العسكرية".
وأكد أن دخله من عمله كمدرس لم يكن يتعدى 600 شيقل شهرياً، ولا يوجد أي تناسب بين دخله وبين التعويض المالي الباهظ الذي فرضته عليه محكمة الاحتلال.
وقال بغصّة: "يحق للشرطي الإسرائيلي أن يقمعك وأن يكسر يديك ورجليك وأسنانك، وأن يدوس على رقبتك، وأن يقوم بشتمك بأقذر الشتائم، وأن يمارس كل أحقاده وعنصريته ضدك!! أما أنت أيها العربي.. فلا يحق لك أن ترفض تقديم أي خدمة له يطلبها منك".
لكن المعلّم أبو صعلوك ثابتاً على مواقفه، وأكد على ذلك مردداً "أنا لا أُعلم رجال الشرطة ومواقفنا الوطنية ثابتة.. هذه الدولة التي تدّعي أنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وتتغنى بذلك، يتضح في هذه القضية أنه لا يوجد أيّ فصل بين السلطات الثلاث، وأن السلطة القضائية تخدم التنفيذية تماماً.. القاضي هو الجلاد".
واختتم مؤكداً أن: "الهدف من نشر القضية هو الكشف عن سخافة محاكم الاحتلال، التي تتجاوب مع دعوات من هذا النوع؛ محامون كُثر أكدوا بأن مثل هذه القضايا يجب أن تُلتغى قبل أن تصل للنطق بالحكم".