باحث في تاريخ القدس للجزيرة نت: لهذه الأسباب لا يمكن تأريخ

  • الخميس 09, فبراير 2023 11:19 ص
  • باحث في تاريخ القدس للجزيرة نت: لهذه الأسباب لا يمكن تأريخ
قبل نحو 4 أشهر بدأت آليات حفر ثقيلة العمل في شارع "السلطان سليمان" الواقع بين بابي العامود والساهرة (من أبواب البلدة القديمة)، وخلال الحفريات اكتُشف محجر قديم وخندق ومغارة دفن وبصمة يد محفورة على جدار صخري.
باحث في تاريخ القدس للجزيرة نت: لهذه الأسباب لا يمكن تأريخ مكتشفات الحفريات الإسرائيلية الأخيرة
الجزيرة نت - أسيل الجندي
القدس المحتلة
قبل نحو 4 أشهر بدأت آليات حفر ثقيلة العمل في شارع "السلطان سليمان" الواقع بين بابي العامود والساهرة (من أبواب البلدة القديمة)، وخلال الحفريات اكتُشف محجر قديم وخندق ومغارة دفن وبصمة يد محفورة على جدار صخري.
وتُنفذ الحفريات شركة "مورية" التابعة لبلدية الاحتلال والمسؤولة عن أعمال البناء والإنشاء والأشغال في هذه المنطقة، وذلك تحت إشراف من سلطة الآثار الإسرائيلية، وذلك بهدف تحويل المنطقة لحدائق وشارع للمشاة، وفقا للهدف المعلن من طرف بلدية الاحتلال.
في هذا السياق، تحدث للجزيرة نت الباحث في تاريخ القدس إيهاب الجلاد عن تفاصيل ما تم اكتشافه حتى الآن في هذه الحفرية، وما المكتشفات التي إن وجدت يمكن البناء عليها وتأريخها بشكل دقيق.
آثار أيوبية وعثمانية
كشفت الحفريات في بداياتها عن محجر قديم أُنشئت منه مباني البلدة القديمة وسورها التاريخي، الذي بني في العهد الروماني وأعيد بناؤه في الفترتين الأيوبية والعثمانية، ومع إعادة بنائه كل مرة كانت الحجارة تُقطع من المكان ذاته لقربه من السور.
وهكذا توالت أعمال توسعة السور والخندق الذي حُفر في ذات المكان خلال الفترة الأيوبية بأمر من القائد صلاح الدين الأيوبي، وفقا لما وثّقه نقش حجري موجود داخل قبة يوسف في المسجد الأقصى المبارك.
ووفقا للباحث المقدسي، فإن العثمانيين نقلوا النقش الحجري من منطقة السور التاريخي إلى المسجد الأقصى تكريما للقائد الأيوبي، وفي عهدهم أعادوا بناء السور بعد هدمه في زمن المعظم عيسى ابن شقيق القائد صلاح الدين الأيوبي، الذي دمره خوفا من هجوم الصليبيين حتى لا يأخذوا المدينة محصنة، فيصعب على المسلمين استردادها لاحقا.
وأوضح الباحث إيهاب الجلاد أن هذه هي الطريقة التي كان معمول بها في العصور الوسطى، فإن لم يكن بالإمكان الدفاع عن المدينة يتم هدم أسوارها كي يأخذها العدو بدون أسوار، فتكون غير محصنة ويمكن استرجاعها لاحقا.
وفي الفترة العثمانية أيضا تم طمر الخندق الذي بني في العهد الأيوبي بهدف رفع مستوى الشارع لتسهيل وصول الناس إلى البلدة القديمة، ولأن الخنادق لم تعد تؤدي غرضها الدفاعي.
وقد أظهر بناء السور وهدمه وإعادة بنائه تلة بيت المقدس وانحدارها بشكل جميل، ومع ظهور المحجر والخندق في الحفريات برزت طبوغرافيا المكان بشكل أوضح.
وقبل نحو أسبوع ظهر خلال الحفريات نقش لكف يد بشكل وحجم اليد اليمنى لرجل، واكتُشف النقش بالقرب من باب الساهرة، وقالت سلطة الآثار إنه "تم الكشف عن بصمة يد غامضة منحوتة في الصخر في الحفريات الأثرية في شارع السلطان سليمان في القدس، وعن أجزاء من الخندق المائي العميق الذي أحاط بالمدينة من أجل حمايتها، بدءا من القرن العاشر الميلادي وربما قبل ذلك، وفي أحد الأقسام تم اكتشاف بصمة نخيل منحوتة في جدار الخندق".
وبخصوص بصمة اليد، رجّح الجلاد أنها تعود للفترة العثمانية لأن الكف اشتهرت حينها وكانت ترمز إلى "دفع العين السيئة والحسد"، مشيرا إلى وجود هذه الكف حتى الآن على مبان عثمانية في كل من حي باب حطة وحارة الشرف في البلدة القديمة.
ووجدت عند باب العامود أيضا مغارة دفن، لكن لم يتم التركيز عليها وفقا للباحث المقدسي الذي قال إن وجود العملات المعدنية والأواني الفخارية يساعد في تحديد عمر الأشياء والطبقات الأثرية، لأن الحجر يقدر عمره بملايين السنين والحفر بداخله ليس دليلا أثريا، ولا يمكن التقييم بناء على الحفر فقط.
وأوضح أنه "يمكن قياس عمر الفخار عن طريق "كربون 14″ لأنه مادة عضوية، بينما تشير العملات إلى الحقب المختلفة، وفي حال وجدت داخل أي حفرية يمكن تأريخ الطبقة ومعرفة تفاصيل أكثر".
لكن هدف الحفرية إنشائي وليس أثريا، وفي تعقيبه على ذلك قال الجلاد "هذه حفرية سريعة جدا وهذا سيؤدي لتدمير الكثير من الآثار لأنهم أدخلوا آليات حفر ثقيلة ولم يتم تنخيل التراب ونقله للفحص بشكل دقيق، وبالتالي الموجودات التي تم اكتشافها قليلة وضعيفة ولا يمكن تأريخها".
وفي حديث سابق للجزيرة نت، قال المحامي مهند جبارة إن بلدية الاحتلال قدّمت قبل سنوات مشروع "مركز المدينة شرقي القدس"، ويشمل عدة شوارع بدءا من المصرارة إلى شارع "رقم 1" مرورا بشوارع السلطان سليمان وصلاح الدين الأيوبي والزهراء والأصفهاني والرشيد وشارع عثمان بن عفان في حي وادي الجوز، وصولا إلى منطقة الشيخ جراح والشارع الفاصل بين شطري المدينة الشرقي والغربي.
وأوضح أن البلدية تقدّم رؤيتها لكل أرض في هذا المربع حتى عام 2050، وبالتالي تحديد الشكل التنظيمي لمركز المدينة لنحو 30 سنة قادمة، وهذا يعني أن كل شخص يتقدم بمقترح لمشروع معين ضمن هذا المربع لا يتوافق مع رؤية البلدية، سيتم رفضه.
وفي تعليقه القانوني على هذه المشاريع، قال جبارة إن ما يحدث في القدس مناقض للمواثيق الدولية، وعلى رأسها معاهدة جنيف الرابعة التي تنص بشكل واضح على أنه يمنع على المحتل إحداث تغييرات جذرية في الأراضي المحتلة، وهو ما لم تتوقف عنه إسرائيل منذ احتلال شرقي القدس عام 1967.