أسرلة التعليم.. معركة كبرى تواجه أهالي مدينة القدس
القدس - وكالة سند للأنباء
يواجه التعليم في مدينة القدس جملة من التحديات، التي تستدعي في كلّ عام عدداً من المؤتمرات للإحاطة به، وكان موضوع "أسرلة التعليم في القدس"، محور اليوم الجمعة، ضمن فعاليات أسبوع القدس والضفة الغربية، الذي نظمته الحملة العالمية "فلسطين بوصلتي".
وتعد المرجعيات التعليمية أبرز المشكلات التي تطال جهاز التعليم في القدس، وذلك لافتقار وجود جسم تعليمي إداري واحد، يجمع المدارس كافة، ويلزمها بمنهجيّة تعليميّة وتربويّة وطنيّة واضحة وموحّدة.
ويوجد في القدس ما يقارب 200 مدرسة تضمّ نحو 90 ألف تلميذ فلسطيني، وتنتمي هذه المدارس إلى أربع مرجعيات تعليميّة مختلفة، لكلّ منها خطتّها الخاصة ومصالح وأولويات مختلفة.
وتشكل المرجعية الأولى – وهي الكبرى- ما نسبته 51% من المدارس، وفيها يدرس أكثر من نصف التلاميذ المقدسيّين، وهي ما يطلق عليها بالتعبير المجازي "حكوميّة" أو "بلديّة" إذ تتبع لبلديّة الاحتلال في القدس.
وتدير هذه المدارس الجهات الإسرائيليّة المحليّة في المدينة، حيث يكون التعليم فيها بشكل مجاني.
أما المرجعيّة الثانية هي المدارس الخاصة، والتي تتبع للجمعيات الخيريّة والمؤسسات والكنائس، التي تتصف بأقساطها المرتفعة جداً، إذ يصل عددها إلى السبعين.
وحافظت المرجعية الثانية على استقلاليتها لفترات طويلة، إلا أنها في العقد الأخير أبدت مرونة في الحصول على دعم من بلديّة الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي أفقدها بعض استقلاليتها.
أما النوع الثالث من المرجعيات، فهو مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين "أونروا"، والتي لا يتجاوز عددها في القدس خمس مدارس.
ويتمثل النوع الرابع من المرجعيات بمدارس "الأوقاف"، التي تعتبر مدارس وطنيّة حكوميّة تتبع إدارياً إلى وزارة التربية والتعليم الفلسطينيّة في رام الله.
إلى هذه الأنواع الأربعة، ثمّة أنواع جديدة تظهر بين الحين والآخر، منها ما يطلق عليه "مدارس المقاولات"، التي تنشأ على أساس تجاري بحت بدعم من جهات إسرائيليّة حكوميّة.
وينتج من تعدّد المرجعيات اختلافٌ واضح في المخرجات التعليميّة، حيث يضم كل نوع من هذه المدارس سياسة خاصة به، وأحياناً منهاج تعليم مختلف.
ويؤدّي هذا التعدّد في المرجعيات، إلى صعوبة في الحصول على رقم واضح وأكيد لعدد التلاميذ في مدارس القدس وعدد المتسرّبين منهم، ما يؤثر على أدوات المتابعة والتخطيط.
محاولات أسرلة التعليم
ويعد استهداف عقول الأبناء وهويتهم الوطنية، المعركة الكبرى لدى المقدسيين، فمنذ عام 2010، تتداول جلسات لجنة التربية والثقافة والتعليم في الكنيست الإسرائيلي، موضوع المنهاج الفلسطيني الذي يُدرّس في معظم مدارس القدس.
وخلُص تقرير صادر عن هذه اللجنة إلى أن الكتب الفلسطينية تفتقر إلى ما سماه "وسائل تعزيز قيم السلام والتصالح مع إسرائيل"، وإلى الاعتراف الواضح بوجود "دولة إسرائيل"، وتتجاهل علاقة اليهود بأرض فلسطين.
وانطلاقاً من هذه النتائج، توزِّع بلدية الاحتلال في القدس كل عام الكتب الفلسطينية، على المدارس التابعة لها بعد أن تحرّفها، وتحذف منها كل ما هو فلسطيني.
وتكلف هذه العملية سلطات الاحتلال ما مقداره ثلاثة ملايين ونصف مليون شيكل (مليون دولار أميركي تقريباً)، سنوياً، وفق ما أورده تقرير صادر عن لجنة الكنيست المذكورة.
ويترتب على ذلك، دراسة أكثر من نصف تلاميذ القدس منهاجاً فلسطينياً محرّفاً، بحسب المزاج الإسرائيلي.
وفيما يتعلق بالمدارس الفلسطينية الخاصة التي تتلقى تمويلاً من بلدية الاحتلال، فقد بدأت محاولات التدخل في الكتب الفلسطينية التي تدرّسها مع بداية العام الدراسي 2011-2012.
وبحسب تقرير صادر عن لجنة الكنيست ذاتها، "لا يعقل أن تصرف البلدية نحو 77 مليون شيكل لدعم المدارس الخاصة"، وفي الوقت نفسه تسمح لها بتعليم منهاج فلسطيني "محرّض".
ومن هذا المنطلق، حاولت بلدية الاحتلال فرض المنهاج الفلسطيني المحرّف على المدارس الخاصة التي تمولها جزئياً؛ إلا أن الأخيرة رفضت ذلك وفضل معظم مدرائها تحمّل مسؤولية توفير الكتب الفلسطينية الأصلية على عاتقهم، ونقلها من الضفة الغربية إلى داخل القدس بشكل يخالف القانون الإسرائيلي، بدلاً من أن يدرّسوا المناهج المحرّفة.
ولا تنتهي المعركة هنا، فمنذ عامَين، تحاول بلدية الاحتلال فرض المنهاج الإسرائيلي على التلاميذ الفلسطينيين في مدارسها، إلا أن الفلسطينيين أبدوا رفض هذه المحاولات بشكل قاطع، لرؤيتهم فيها طريقة لأسرلة التعليم، ومسح الهوية الفلسطينية.
ونجحت موجة الاحتجاجات التي سادت القدس في العام الماضي، في إغلاق بعض الصفوف التي استحدثت في مدارس البلدية لتدريس المنهاج الإسرائيلي.
وقال آخرون، إن المنهاج الإسرائيلي لن ينجح في تغيير الهوية الفلسطينية، وهو مجرد ضرورة تُفرض على المقدسيين لتذليل العقبات التي تواجههم في طريقهم إلى الجامعات.
ورغم عدم توفر أعداد دقيقة للتلاميذ الذين يدرسون المنهاج الإسرائيلي في المدارس الابتدائية والإعدادية في القدس، إلا أنه من المؤكد تزايد الأعداد عاماً بعد آخر.
ويذكر أن مديري المدارس التابعة لبلدية الاحتلال، يتعرضون لضغط كبير من البلدية وتهديدات بإقالتهم، في حال رفضهم هذا المنهاج.
وينظر الفلسطينيون في كثير من الأحيان إلى التعليم باعتباره "خيمتهم الأخيرة" لبناء مستقبل أفضل لأبنائهم، إذ يردد البعض أن "التعليم هو أداة لتمكين" أفراد يعيشون في مجتمع يعاني من تضييق الاحتلال.
ويُظهر الواقع في القدس أن التعليم أضعف من أن يحمل آمال المقدسيين في التمكين وتحسين أوضاعهم، فهو بحد ذاته يبحث عمّن يسند ظهره ويدعمه.
القدس - وكالة سند للأنباء
يواجه التعليم في مدينة القدس جملة من التحديات، التي تستدعي في كلّ عام عدداً من المؤتمرات للإحاطة به، وكان موضوع "أسرلة التعليم في القدس"، محور اليوم الجمعة، ضمن فعاليات أسبوع القدس والضفة الغربية، الذي نظمته الحملة العالمية "فلسطين بوصلتي".
وتعد المرجعيات التعليمية أبرز المشكلات التي تطال جهاز التعليم في القدس، وذلك لافتقار وجود جسم تعليمي إداري واحد، يجمع المدارس كافة، ويلزمها بمنهجيّة تعليميّة وتربويّة وطنيّة واضحة وموحّدة.
ويوجد في القدس ما يقارب 200 مدرسة تضمّ نحو 90 ألف تلميذ فلسطيني، وتنتمي هذه المدارس إلى أربع مرجعيات تعليميّة مختلفة، لكلّ منها خطتّها الخاصة ومصالح وأولويات مختلفة.
وتشكل المرجعية الأولى – وهي الكبرى- ما نسبته 51% من المدارس، وفيها يدرس أكثر من نصف التلاميذ المقدسيّين، وهي ما يطلق عليها بالتعبير المجازي "حكوميّة" أو "بلديّة" إذ تتبع لبلديّة الاحتلال في القدس.
وتدير هذه المدارس الجهات الإسرائيليّة المحليّة في المدينة، حيث يكون التعليم فيها بشكل مجاني.
أما المرجعيّة الثانية هي المدارس الخاصة، والتي تتبع للجمعيات الخيريّة والمؤسسات والكنائس، التي تتصف بأقساطها المرتفعة جداً، إذ يصل عددها إلى السبعين.
وحافظت المرجعية الثانية على استقلاليتها لفترات طويلة، إلا أنها في العقد الأخير أبدت مرونة في الحصول على دعم من بلديّة الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي أفقدها بعض استقلاليتها.
أما النوع الثالث من المرجعيات، فهو مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين "أونروا"، والتي لا يتجاوز عددها في القدس خمس مدارس.
ويتمثل النوع الرابع من المرجعيات بمدارس "الأوقاف"، التي تعتبر مدارس وطنيّة حكوميّة تتبع إدارياً إلى وزارة التربية والتعليم الفلسطينيّة في رام الله.
إلى هذه الأنواع الأربعة، ثمّة أنواع جديدة تظهر بين الحين والآخر، منها ما يطلق عليه "مدارس المقاولات"، التي تنشأ على أساس تجاري بحت بدعم من جهات إسرائيليّة حكوميّة.
وينتج من تعدّد المرجعيات اختلافٌ واضح في المخرجات التعليميّة، حيث يضم كل نوع من هذه المدارس سياسة خاصة به، وأحياناً منهاج تعليم مختلف.
ويؤدّي هذا التعدّد في المرجعيات، إلى صعوبة في الحصول على رقم واضح وأكيد لعدد التلاميذ في مدارس القدس وعدد المتسرّبين منهم، ما يؤثر على أدوات المتابعة والتخطيط.
محاولات أسرلة التعليم
ويعد استهداف عقول الأبناء وهويتهم الوطنية، المعركة الكبرى لدى المقدسيين، فمنذ عام 2010، تتداول جلسات لجنة التربية والثقافة والتعليم في الكنيست الإسرائيلي، موضوع المنهاج الفلسطيني الذي يُدرّس في معظم مدارس القدس.
وخلُص تقرير صادر عن هذه اللجنة إلى أن الكتب الفلسطينية تفتقر إلى ما سماه "وسائل تعزيز قيم السلام والتصالح مع إسرائيل"، وإلى الاعتراف الواضح بوجود "دولة إسرائيل"، وتتجاهل علاقة اليهود بأرض فلسطين.
وانطلاقاً من هذه النتائج، توزِّع بلدية الاحتلال في القدس كل عام الكتب الفلسطينية، على المدارس التابعة لها بعد أن تحرّفها، وتحذف منها كل ما هو فلسطيني.
وتكلف هذه العملية سلطات الاحتلال ما مقداره ثلاثة ملايين ونصف مليون شيكل (مليون دولار أميركي تقريباً)، سنوياً، وفق ما أورده تقرير صادر عن لجنة الكنيست المذكورة.
ويترتب على ذلك، دراسة أكثر من نصف تلاميذ القدس منهاجاً فلسطينياً محرّفاً، بحسب المزاج الإسرائيلي.
وفيما يتعلق بالمدارس الفلسطينية الخاصة التي تتلقى تمويلاً من بلدية الاحتلال، فقد بدأت محاولات التدخل في الكتب الفلسطينية التي تدرّسها مع بداية العام الدراسي 2011-2012.
وبحسب تقرير صادر عن لجنة الكنيست ذاتها، "لا يعقل أن تصرف البلدية نحو 77 مليون شيكل لدعم المدارس الخاصة"، وفي الوقت نفسه تسمح لها بتعليم منهاج فلسطيني "محرّض".
ومن هذا المنطلق، حاولت بلدية الاحتلال فرض المنهاج الفلسطيني المحرّف على المدارس الخاصة التي تمولها جزئياً؛ إلا أن الأخيرة رفضت ذلك وفضل معظم مدرائها تحمّل مسؤولية توفير الكتب الفلسطينية الأصلية على عاتقهم، ونقلها من الضفة الغربية إلى داخل القدس بشكل يخالف القانون الإسرائيلي، بدلاً من أن يدرّسوا المناهج المحرّفة.
ولا تنتهي المعركة هنا، فمنذ عامَين، تحاول بلدية الاحتلال فرض المنهاج الإسرائيلي على التلاميذ الفلسطينيين في مدارسها، إلا أن الفلسطينيين أبدوا رفض هذه المحاولات بشكل قاطع، لرؤيتهم فيها طريقة لأسرلة التعليم، ومسح الهوية الفلسطينية.
ونجحت موجة الاحتجاجات التي سادت القدس في العام الماضي، في إغلاق بعض الصفوف التي استحدثت في مدارس البلدية لتدريس المنهاج الإسرائيلي.
وقال آخرون، إن المنهاج الإسرائيلي لن ينجح في تغيير الهوية الفلسطينية، وهو مجرد ضرورة تُفرض على المقدسيين لتذليل العقبات التي تواجههم في طريقهم إلى الجامعات.
ورغم عدم توفر أعداد دقيقة للتلاميذ الذين يدرسون المنهاج الإسرائيلي في المدارس الابتدائية والإعدادية في القدس، إلا أنه من المؤكد تزايد الأعداد عاماً بعد آخر.
ويذكر أن مديري المدارس التابعة لبلدية الاحتلال، يتعرضون لضغط كبير من البلدية وتهديدات بإقالتهم، في حال رفضهم هذا المنهاج.
وينظر الفلسطينيون في كثير من الأحيان إلى التعليم باعتباره "خيمتهم الأخيرة" لبناء مستقبل أفضل لأبنائهم، إذ يردد البعض أن "التعليم هو أداة لتمكين" أفراد يعيشون في مجتمع يعاني من تضييق الاحتلال.
ويُظهر الواقع في القدس أن التعليم أضعف من أن يحمل آمال المقدسيين في التمكين وتحسين أوضاعهم، فهو بحد ذاته يبحث عمّن يسند ظهره ويدعمه.