الخطة الخمسية.. التعليم بالقدس في قلب الاستهداف الصهيوني

  • السبت 26, أغسطس 2023 10:47 ص
  • الخطة الخمسية.. التعليم بالقدس في قلب الاستهداف الصهيوني
الخطة الخمسية التي أقرتها حكومة الاحتلال الساعية إلى تهويد القدس بالكامل، وطرد السكان والهدافة إلى السيطرة الكاملة على المدينة، هي خطة قائمة على مزاعم تحسين مظاهر المدينة وأنها تطويرية، وهي في أصلها لتهويد المدينة وتغيير طابعها وثقافتها، ويحظي قطاع التعليم فيها بحيزٍ كبير من الاستهداف.
الخطة الخمسية.. التعليم بالقدس في قلب الاستهداف الصهيوني
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام
الخطة الخمسية التي أقرتها حكومة الاحتلال الساعية إلى تهويد القدس بالكامل، وطرد السكان والهدافة إلى السيطرة الكاملة على المدينة، هي خطة قائمة على مزاعم تحسين مظاهر المدينة وأنها تطويرية، وهي في أصلها لتهويد المدينة وتغيير طابعها وثقافتها، ويحظي قطاع التعليم فيها بحيزٍ كبير من الاستهداف.
أبعاد خطيرة
الناطق الإعلامي باسم اتحاد لجان أولياء الأمور بالقدس رمضان طه يقول إن هذه الخطة لها مآرب وأبعاد خطيرة على التعليم والطلبة المقدسيين، كونها تهدف إلى السيطرة على المدينة وإفراعها من محتواها وهويتها الوطنية الفلسطينية.
وأشار في حديث صحفي، إلى أن تخصيص ميزانية كبيرة لبند التعليم يستهدف حرف البوصلة عن تدريس المناهج الفلسطينية بالمدارس المقدسية، ودمج طلبتها في التعليم الإسرائيلي، وصولًا لأسرلة هذا القطاع كاملًا، كونه يُعد الهدف الرئيس للخطة.
ويحظى قطاع التعليم في مدينة القدس المحتلة بالنصيب الأكبر من “الخطة الخمسية لتطوير شرقي القدس”، التي أقرتها حكومة الاحتلال الإسرائيلي، مُخصِّصَةً 800 مليون شيكل لأسرلة هذا القطاع الحيوي، وتذويب عقول الطلبة المقدسيين وكي وعيهم وفكرهم.
وتهدف الخطة إلى “زيادة عدد ونسبة الطلاب في المناهج الإسرائيلية وبرامج الإعداد للأكاديمية الإسرائيلية، بحيث تؤدي لاندماجهم في الأكاديمية وعالم التوظيف، من خلال توفير حوافز مادية وتربوية”.
وفيما يتعلق بالتعليم العالي في القدس، تقرر “تشكيل لجنة لمراقبة تحويل الأموال، مؤلفة من مندوبي وزارتي المالية والقدس، و(تراث إسرائيل)، وبلدية الاحتلال، من أجل وضع خطة لمنح المؤهلات المطلوبة لدمج عرب القدس الشرقية بالتشغيل بإنتاج مرتفع”، على حد تعبير الخطة.
وجاءت مصادقة حكومة الاحتلال على الخطة التي تبلغ مخصصاتها 3.2 مليار شيكل، بالإجماع، بعد إصرار وزير المالية الإسرائيلي المتطرف “بتسلئيل سموتريتش”، المعروف بمواقفه الفاشية والعنصرية، على إخراج البند المتعلق بتعزيز التعليم الأعلى للشبان المقدسيين، بمبلغ 200 مليون شيكل، من الخطة.
ويضيف طه أن “هذه الخطوة تحرم حق المقدسيين من أن يكون لهم تعليم فلسطيني نابع من هويتهم الوطنية، بما كفلته المواثيق الدولية، والاتفاقيات السياسية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل”.
ويبين أن “حكومة الاحتلال تعتمد خطة واضحة لأسرلة التعليم المقدسي، وهي تعرف أبعادها ومخاطرها، بغية إجبار الشعب الفلسطيني في القدس على الرضوخ والقبول بمثل هذه الخطط، لتصفية الوجود الفلسطيني بالمدينة، وتذويب الطلبة داخل المجتمع الإسرائيلي”.
ولهذه الخطة، مخاطر حقيقية على التعليم- وفق طه- كونها تحرم طلبة القدس من تعليم المنهاج الفلسطيني الذي يعبر عن هويته ومعاناته على مدار السنوات الطويلة جراء الاحتلال، بالإضافة إلى حرف وتقييد هذه المناهج بحيث تكون وفق ما يرتئيه الاحتلال، من خلال حذف النصوص وتغيير المصطلحات والمفاهيم الحقيقية الفلسطينية.
ويضيف “هذا الأمر خطير جدًا، نرفضه بكافة إمكانياتنا، ونحمل الجميع المسؤولية الكاملة إزاء مواجهة الخطر المحدق في عملية إلغاء الهوية الوطنية وكي الوعي الفلسطيني، وتهويد القدس بشكل عام، حتى لا يتبقى منها أي معلم عربي إسلامي يُدلل على أنها أرض عربية محتلة”.
آليات المواجهة
وحول آليات مواجهة “الخطة الخمسية”، يؤكد طه أنها تتطلب تفعيل الدبلوماسية الفلسطينية في العالم، لأجل إبراز المعاناة والضغوطات التي تُمارس على المقدسيين، للقبول بأسرلة التعليم، وكذلك مطالبة المؤسسات الدولية بالضغط على الاحتلال للعدول عن هذه الخطوات.
وتتطلب أيضًا، مطالبة الدول العربية والإسلامية بتبني قطاع التعليم في القدس، عبر توفير جميع الإمكانيات المادية واللوجستية، ودعم المعلمين الذين يُعانون من عدم صرف رواتبهم بانتظام، ومن ظروف اقتصادية وغلاء المعيشة، من أجل تثبيتهم وعدم انتقالهم للعمل في مدارس بلدية الاحتلال وتدريس المنهاج الإسرائيلي.
ويشير طه إلى أن التعليم يعاني نقصًا حادًا بالمختبرات العلمية والمدارس التي تُواكب التكنولوجيا الحديثة، ناهيك عن ضعف إمكانيات البيئة الصحية في الصفوف المدرسية، لافتًا إلى أن “كل ذلك يُشكل خطرًا، وعلى الجميع تبني مثل هذه الأمور”.
ويؤكد ضرورة توعية أولياء أمور طلبة القدس بمخاطر التعليم الإسرائيلي، و”البجروت” (شهادة تثبت أن الطالب اجتاز بنجاح امتحان الثانوية العامة الإسرائيلي، وشرط أساسي للتعليم العالي في الكيان) على مستقبل أبنائهم، ومنع تسجيلهم في هذه المدارس.
ويبين أن التجربة أثبتت خلال الفترة الماضية، أن “التعليم الإسرائيلي يمثل نظرية واضحة هدفها تفريغ المدارس والطلبة المقدسيين منها، وعدم منحهم التعليم الحقيقي، بغية إفشال الجيل المقدسي، كي يكون أيدي عاملة لدى مصانع الاحتلال”.
انتزاع الثقافة
الباحث والناشط المقدسي أمجد شهاب، أكد أن “الخطة الخمسية” تحاول السيطرة على التعليم وفرض الأمن في أحياء القدس.
وبين -في تصريح صحفي- أن “الخطة الخمسية” تهدفُ لضرب الهوية المقدسية، وانتزاع الثقافة والتعليم من المقدسيين، مشيرا إلى أن الاحتلال يكرّس ميزانية ضخمة لتنفيذ “الخطة الخمسية” التي تسعى لأسرلة التعليم.
وتابع “من المؤسف عدم وجود خطط فلسطينية استراتيجية، لمواجهة الخطة الخمسية التي أقرها الاحتلال”.
عملية الدمج
وقال منسق الائتلاف الأهلي لحقوق الفلسطينيين في القدس المحتلة زكريا عودة، إنّ “الخطة الخمسية” تستهدف في الأساس أسرلة التعليم في مدينة القدس المحتلة ودعم عملية الدمج.
وبين عودة في تصريح صحفي، أن الخطورة التي تتصدرها الخطة هي التركيز على التعليم تحت عنوان تقليص الفجوة وتعزيز البرامج التهويدية، وفرض المنهاج الإسرائيلي وزيادة عدد الطلبة في المدارس الإسرائيلية.
وقال إنّ الخطة تستهدف كذلك تطوير البنية التحتية التي تعني ربط المستوطنات بالجزء الغربي من المدينة، وتسهيل تنقل المستوطنين، ضمن خطة خطيرة للغاية تعجل من عملية السيطرة والضم والتهويد للمدينة.
وصنّف عودة الخطة بأنها رئيسية لحسم مستقبل القدس ووضعها نحو التهويد والأسرلة.
ولفت إلى أن الجزء الأمني من الخطة يستهدف في الأساس دعم البؤر الاستيطانية.
وذكر عودة أنه تم رصد 120 مليون شيكل من أجل تعزيز أمن البؤر الاستيطانية والمستوطنين في القسم الشرقي من المدينة، عبر اقامة مراكز شرطية جديدة ونشر وتعزيز الشرطة في المناطق والطرق المؤدية للمستوطنات.
وأوضح أنّ الخطة تستهدف محاصرة المدارس الفلسطينية ومنع الميزانيات عنها، ومنع فتح أي مدرسة لا تعتمد المنهاج الدراسي الإسرائيلي، مع الإشارة إلى أن الاحتلال يشترط فتح 3 مدارس بكفر عقب تابعة للبلدية بتدريس المنهاج العبري، وهي تستهدف الطلبة في المداس الابتدائية.
تعزيز القبضة الأمنية
من جانبه شدد الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات أن الخطة تأتي لتعزيز الأمن والسيادة والسيطرة على مدينة القدس، وتهويدها وأسرلتها، استكمالاً للخطة الحكومية الخماسية الممتدة من عام (2018-2023)، والتي بلغت ميزانيتها 2 مليار و 100 مليون شيكل.
وأوضح أن الخطة الخمسية تسعى لاستهداف التعليم والوعي والذاكرة والرواية والهوية والثقافة الفلسطينية.
وواصل “تسعى بلدية الكيان وأجهزتها الأمنية من أجل إغلاق المؤسسات الفنية والثقافية والمراكز الشبابية في المدينة ،تحت ذريعة أنها تنشر ثقافة متطرفة وتقيم أنشطة وفعاليات تحريضية، تعرض أمن دولة الكيان للخطر”
مزيد من العزل والفصل العنصري
وأردف بالقول “نجد أنها خطة أمنية بامتياز حيث ميزانية الأمن لوحدها 120 مليون شيكل وكذلك مزيد من الرقابة والعسكرة ومراكز الشرطة ورجال الأمن، والعزل والفصل العنصري”.
وتابع عبيدات “ستشمل الخطة تطوير الطرق والبنية التحتية للمشاريع والمخططات الاستيطانية، لها نصيب من هذه الميزانية، من أجل ربط المستوطنات بعضها ببعض وتوسيع شبكة القطارات والأنفاق وبناء المزيد من الجسور والأنفاق وقطار هوائي يسهل الوصول للقسم الشرقي من المدينة ووصول المستوطنين اليها”
وحذر من أن الاحتلال يسعى لأسرلة التعليم من خلال بناء عشرات المدارس في الاحياء المقدسية المختلفة التي تتبع النظام التعليمي والمنهاج الاسرائيلي، ومعارك مستمرة مع المقدسيين حول المنهاج، وعندما شعر بأن هذا لم يحسم الأمر بشكله النهائي، جاء بالخطة الخمسية كنافذة أخرى لتحقيق المزيد من الربط والطرد والتهويد والأسرلة والضبط.
الصبغة اليهودية
وقال الشيخ عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى في حديث لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”: الخطة الخمسية تتضمن إجراءات تهويد مدينة القدس والعمل على إضفاء الصبغة اليهودية عليها والعمل على عزلها عن محيطها الإسلامي والعربي والفلسطيني؛ بحيث لا يستطيع أي شخص من المدن والقرى المحيطة بالقدس من فلسطين أن يأتي إليها.
وأضاف: الخطة تهدف لتدمير الآثار الإسلامية التي تصادف الاحتلال وتنتشر في ربوع مدينة القدس، والتي تؤكد للاحتلال على الهوية الإسلامية للمدينة المقدسة، مشيراً إلى أن محاولات الاحتلال لتهويد المدينة وجعلها عاصمة لدولته المزعومة لن تنجح.
وشدد صبري على أن الخطة الخمسية تمثل مخططاً عدوانيًّا على المسجد الأقصى وباحاته ومصلياته، وهي امتداد لجرائم الاحتلال في القدس والتي يرتكبها منذ زمن طويل.
ودعا صبري إلى ضرورة مواجهة تلك الخطة، مبيناً أن الاحتلال يخشى عمليات المقاومة وهبّات الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك.