أسواق البلدة القديمة.. عصب مدينة القدس الذي يحاربه الاحتلال
غزة/ القدس - فاتن عياد الحميدي – وكالة سند للأنباء
لم يسلم اقتصاد مدينة القدس وتجارها من مرمى نيران وأطماع الاحتلال الإسرائيلي، في إطار خطتها الممنهجة الرامية لتهويد المدينة وإفراغها من سكانها، في ظل تزايد اعتداءات الاحتلال بحق المقدسات الإسلامية بالقدس في الآونة الأخيرة.
وتسعى حكومة الاحتلال لضرب عصب المدينة المقدسة المتمثل بالسوق المقدسي والتجار، والذي يُعد شوكة في حلق الاحتلال، إلا أن نشاط الحركة السياحية والتجارية في محيط المسجد الأقصى والبلدة القديمة، يُفشل مخططات الاحتلال التي تعمل على تفريغ المدينة من أهلها، وخنق اقتصادها، وزيادة معدلات الفقر فيها.
ضرب عصب المدينة..
تضم البلدة القديمة في مدينة القدس ما يقارب 1400 محل تجاري، منها 370 محلاً مغلقاً بشكل كامل، و420 محل وحانوت يعانون الأمرَّين من سياسة الاحتلال الإسرائيلي الخانقة، شرق المدينة المقدسة.
يقول التاجر وعضو لجنة التجار في مدينة القدس أحمد دنديس، إن الاحتلال ينتهج سياسة مُخططة في تفريغ المدينة من مضمونها، سواء كان ذلك تجارياً، تعليمياً، سكانياً، إنما يصب جميعه في مستنقع الضغط على البلدة القديمة، ونقل الحياة منها إلى مناطق أخرى خارجها.
ومن ضمن ركائز الاحتلال في تهويد القدس، ضرب عصب المدينة واقتصادها، ويتمثل ذلك بإغلاق المحلات التجارية، وشن الحملات اليومية المكثفة، نصب الحواجز العسكرية على أبواب البلدة القديمة، والحد من تواجد الفلسطينيين من الضفة الغربية والداخل المحتل وقطاع غزة داخلها، وفق ما ذكره التاجر "دنديس".
ويتابع لـ "وكالة سند للأنباء": "أما العامل الأكبر فهو فرض الضرائب الباهظة، مثل ضريبة الدخل، ضريبة 18% أو ما تعرف بالقيمة المضافة، كذلك ضريبة الأرنونا، وهي ضريبة يفرضها القانون على أصحاب المباني والأراضي، إذ تعد الأثقل على كاهل التاجر المقدسي، إضافة لضريبة التأمين الوطني، وغيرها من الضرائب التي إذا لم تُدفع، فستتراكم سنوياً على التاجر المقدسي وتصبح بمئات آلاف الشواكل".
ويصف التاجر "دنديس" وضع الأسواق الحالي في مدينة القدس بـ"الصعب"؛ لما تسببت به العوامل السابقة من ركود وضعف، خاصةً في البلدة القديمة وشوارعها الرئيسة.
طمس وتهجير..
ويلفت ضيفنا إلى أن سلطات الاحتلال تسعى لطمس معالم العروبة والهوية الفلسطينية عن مدينة القدس، وذلك بإزالة البسطات الموجودة خارج أسوار البلدة القديمة بشكل يومي، وتفريغ ساحة باب العامود من جميع الباعة المتجولين، حتى يتسنى للمستوطنين اقتحام المسجد الأقصى، خاصة في الأعياد اليهودية.
ويتفق رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، ناصر الهدمي، مع التاجر دنديس، في أن الاحتلال يسعى لضرب التجار المقدسيين، بانتهاج مجموعة من السياسات كان أولها طرد 70 ألف مقدسي من غرب مدينة القدس عند احتلالها عام 1948، دون السماح لهم بالعودة إلى منازلهم وممتلكاتهم حتى اللحظة، بموجب قانون سنه الاحتلال حينها.
ويرى الهدمي أنّ هذه السياسات أضعفت شيئاً فشيئاً الحركة التجارية في البلدة القديمة، حيث أصبحت بعض الأسواق خالية من المتسوقين مثل: سوق الباشورة، سوق الخواجات، سوق العطارين، سوق خان الزيت، مؤكداً أن الهدف الأساسي هو إفراغ المدينة من أهلها.
استفزاز متواصل..
ويضعنا "الهدمي" – وهو أيضاً صاحب محل في البلدة القديمة- في صورة الاستفزاز الذي يمارسه الاحتلال بحق التجار المقدسيين، ويوضح لـ "وكالة سند للأنباء"، ادَّعاء الاحتلال قيامه بـ"عمليات تطوير وتوسعة" في شارع السلطان سليمان، لكن الغريب كما وصفه، أنها "أخذت وقتاً أطول بكثير من الوقت المطلوب، والذي كان سيختلف لو أن التوسعة في الجزء الغربي للمدينة".
وتحارب سلطات الاحتلال، التاجر المقدسي بمنع تعويضه، بل يحرص الاحتلال على الإطالة والمماطلة؛ لتدمير التجار، وتضييع مواسم العمل عليهم كما تفعل الآن من خلال توسعة شارع السلطان سليمان، حيث أضاعت موسم الصيف، وستضيع موسم الشتاء القادم، وفقاً للهدمي.
ولم يكتفِ الاحتلال بذلك، بل بدأ بتشديد الخناق على الأسواق الأقرب للمسجد الأقصى، مثل سوق القطانين، والذي يُفضي بابه إلى المسجد مباشرة، فتمنع مرور المقدسيين، وتزيل البسطات، وتغلق المحلات، وتكثف الوجود العسكري.
وتصب هذه الإجراءات وفقاً لضيفنا في خانة واحدة، وهي إجبار المقدسيين على ترك المكان وتهويد القدس؛ ليتسنى لهم توسعة البؤر الاستيطانية، والسيطرة الكاملة على المدينة، بالإضافة لإجبارهم كذلك على التسوق من أماكن تجارية أخرى؛ لضرب اقتصاد المدينة.
وبهذا الصدد أنشأت سلطات الاحتلال العديد من المولات والمحلات الإسرائيلية، مثل سوق "مانيلا" الإسرائيلي القريب من البلدة القديمة ومركز مدينة القدس، لجلب المتسوقين إليه، إضافة إلى "مول مالحا"، ومول "عطروت"، وكلاهما ينشران الإعلانات الترويجية في الأعياد الإسلامية، والمناسبات الفلسطينية لجلب المتسوقين.
عقبة تحدٍ أمام الاحتلال..
وتطرّق ضيفنا في حديثه إلى أن التجار المقدسيين يشكلون عقبة تحدٍ كبيرة أمام سلطات الاحتلال، وعن سؤالنا له كيف ذلك، يجيب "الهدمي" أن "التاجر المقدسي يحافظ على حانوته وعلى الحيز المكاني الخاص به، ما يعيق عملية الاستيطان الإسرائيلي، وسيطرة المستوطنين على المكان".
ومن جانب آخر، يؤكد أن إعمار الأسواق المقدسية، سيؤول إلى ركود السوق الإسرائيلي ما يؤثر سلباً على اقتصادها، كذلك رفاهية التاجر المقدسي المادية، تساعده في رفع بقية المواطنين في القدس، وتمسكهم بالمكان.
ولم تسلم الرموز المقدسية في أسواق القدس من الانتهاك، حيث يروي شهادته بشن بلدية الاحتلال هجوماً على محل "كوكتيل الطيبات" في شارع هارون الرشيد، وهو من أشهر محلات المشروبات وأكبرها في البلدة القديمة.
ويصف الحدث قائلاً: "تقدمت بلدية الاحتلال، وسلطة اليافطات، كذلك سلطة الصحة، وسلطة التراخيص، جملة واحدةً على الحانوت، وفرضوا على المحل المذكور ضرائب هائلة، ناهيك عن الخراب الذي تسبب به الاحتلال في الممتلكات من تكسير ومصادرة، ما أدى لخسارة كبيرة لصاحب المحل".
وطالت هذه الهجمات المحلات الكبيرة في البلدة القديمة مثل محل: حلويات جعفر، الحلواني، تكوك، مطعم لينا، مطعم أبو شكري؛ كونها جاذبة للسياح، وداعمة للاقتصاد الفلسطيني.
وتحدثت "وكالة سند للأنباء" مع عدد من التجار المقدسيين أصحاب المحلات، والذين أجمعوا تعدد أصناف التنكيل بهم، من تكسير للمحلات، ومصادرة للمعدات، واعتقال للأبناء، وفرض الضرائب وتغريم التجار.
ودعا ضيوفنا لدعم التاجر المقدسي حتى يتسنى له الصمود أمام عنجهية الاحتلال وتطرفه، فالتاجر المقدسي عصب المدينة ورأس الحربة، وأي خلل في هذه المنظومة، سيؤدي إلى خراب في المدينة.
غزة/ القدس - فاتن عياد الحميدي – وكالة سند للأنباء
لم يسلم اقتصاد مدينة القدس وتجارها من مرمى نيران وأطماع الاحتلال الإسرائيلي، في إطار خطتها الممنهجة الرامية لتهويد المدينة وإفراغها من سكانها، في ظل تزايد اعتداءات الاحتلال بحق المقدسات الإسلامية بالقدس في الآونة الأخيرة.
وتسعى حكومة الاحتلال لضرب عصب المدينة المقدسة المتمثل بالسوق المقدسي والتجار، والذي يُعد شوكة في حلق الاحتلال، إلا أن نشاط الحركة السياحية والتجارية في محيط المسجد الأقصى والبلدة القديمة، يُفشل مخططات الاحتلال التي تعمل على تفريغ المدينة من أهلها، وخنق اقتصادها، وزيادة معدلات الفقر فيها.
ضرب عصب المدينة..
تضم البلدة القديمة في مدينة القدس ما يقارب 1400 محل تجاري، منها 370 محلاً مغلقاً بشكل كامل، و420 محل وحانوت يعانون الأمرَّين من سياسة الاحتلال الإسرائيلي الخانقة، شرق المدينة المقدسة.
يقول التاجر وعضو لجنة التجار في مدينة القدس أحمد دنديس، إن الاحتلال ينتهج سياسة مُخططة في تفريغ المدينة من مضمونها، سواء كان ذلك تجارياً، تعليمياً، سكانياً، إنما يصب جميعه في مستنقع الضغط على البلدة القديمة، ونقل الحياة منها إلى مناطق أخرى خارجها.
ومن ضمن ركائز الاحتلال في تهويد القدس، ضرب عصب المدينة واقتصادها، ويتمثل ذلك بإغلاق المحلات التجارية، وشن الحملات اليومية المكثفة، نصب الحواجز العسكرية على أبواب البلدة القديمة، والحد من تواجد الفلسطينيين من الضفة الغربية والداخل المحتل وقطاع غزة داخلها، وفق ما ذكره التاجر "دنديس".
ويتابع لـ "وكالة سند للأنباء": "أما العامل الأكبر فهو فرض الضرائب الباهظة، مثل ضريبة الدخل، ضريبة 18% أو ما تعرف بالقيمة المضافة، كذلك ضريبة الأرنونا، وهي ضريبة يفرضها القانون على أصحاب المباني والأراضي، إذ تعد الأثقل على كاهل التاجر المقدسي، إضافة لضريبة التأمين الوطني، وغيرها من الضرائب التي إذا لم تُدفع، فستتراكم سنوياً على التاجر المقدسي وتصبح بمئات آلاف الشواكل".
ويصف التاجر "دنديس" وضع الأسواق الحالي في مدينة القدس بـ"الصعب"؛ لما تسببت به العوامل السابقة من ركود وضعف، خاصةً في البلدة القديمة وشوارعها الرئيسة.
طمس وتهجير..
ويلفت ضيفنا إلى أن سلطات الاحتلال تسعى لطمس معالم العروبة والهوية الفلسطينية عن مدينة القدس، وذلك بإزالة البسطات الموجودة خارج أسوار البلدة القديمة بشكل يومي، وتفريغ ساحة باب العامود من جميع الباعة المتجولين، حتى يتسنى للمستوطنين اقتحام المسجد الأقصى، خاصة في الأعياد اليهودية.
ويتفق رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، ناصر الهدمي، مع التاجر دنديس، في أن الاحتلال يسعى لضرب التجار المقدسيين، بانتهاج مجموعة من السياسات كان أولها طرد 70 ألف مقدسي من غرب مدينة القدس عند احتلالها عام 1948، دون السماح لهم بالعودة إلى منازلهم وممتلكاتهم حتى اللحظة، بموجب قانون سنه الاحتلال حينها.
ويرى الهدمي أنّ هذه السياسات أضعفت شيئاً فشيئاً الحركة التجارية في البلدة القديمة، حيث أصبحت بعض الأسواق خالية من المتسوقين مثل: سوق الباشورة، سوق الخواجات، سوق العطارين، سوق خان الزيت، مؤكداً أن الهدف الأساسي هو إفراغ المدينة من أهلها.
استفزاز متواصل..
ويضعنا "الهدمي" – وهو أيضاً صاحب محل في البلدة القديمة- في صورة الاستفزاز الذي يمارسه الاحتلال بحق التجار المقدسيين، ويوضح لـ "وكالة سند للأنباء"، ادَّعاء الاحتلال قيامه بـ"عمليات تطوير وتوسعة" في شارع السلطان سليمان، لكن الغريب كما وصفه، أنها "أخذت وقتاً أطول بكثير من الوقت المطلوب، والذي كان سيختلف لو أن التوسعة في الجزء الغربي للمدينة".
وتحارب سلطات الاحتلال، التاجر المقدسي بمنع تعويضه، بل يحرص الاحتلال على الإطالة والمماطلة؛ لتدمير التجار، وتضييع مواسم العمل عليهم كما تفعل الآن من خلال توسعة شارع السلطان سليمان، حيث أضاعت موسم الصيف، وستضيع موسم الشتاء القادم، وفقاً للهدمي.
ولم يكتفِ الاحتلال بذلك، بل بدأ بتشديد الخناق على الأسواق الأقرب للمسجد الأقصى، مثل سوق القطانين، والذي يُفضي بابه إلى المسجد مباشرة، فتمنع مرور المقدسيين، وتزيل البسطات، وتغلق المحلات، وتكثف الوجود العسكري.
وتصب هذه الإجراءات وفقاً لضيفنا في خانة واحدة، وهي إجبار المقدسيين على ترك المكان وتهويد القدس؛ ليتسنى لهم توسعة البؤر الاستيطانية، والسيطرة الكاملة على المدينة، بالإضافة لإجبارهم كذلك على التسوق من أماكن تجارية أخرى؛ لضرب اقتصاد المدينة.
وبهذا الصدد أنشأت سلطات الاحتلال العديد من المولات والمحلات الإسرائيلية، مثل سوق "مانيلا" الإسرائيلي القريب من البلدة القديمة ومركز مدينة القدس، لجلب المتسوقين إليه، إضافة إلى "مول مالحا"، ومول "عطروت"، وكلاهما ينشران الإعلانات الترويجية في الأعياد الإسلامية، والمناسبات الفلسطينية لجلب المتسوقين.
عقبة تحدٍ أمام الاحتلال..
وتطرّق ضيفنا في حديثه إلى أن التجار المقدسيين يشكلون عقبة تحدٍ كبيرة أمام سلطات الاحتلال، وعن سؤالنا له كيف ذلك، يجيب "الهدمي" أن "التاجر المقدسي يحافظ على حانوته وعلى الحيز المكاني الخاص به، ما يعيق عملية الاستيطان الإسرائيلي، وسيطرة المستوطنين على المكان".
ومن جانب آخر، يؤكد أن إعمار الأسواق المقدسية، سيؤول إلى ركود السوق الإسرائيلي ما يؤثر سلباً على اقتصادها، كذلك رفاهية التاجر المقدسي المادية، تساعده في رفع بقية المواطنين في القدس، وتمسكهم بالمكان.
ولم تسلم الرموز المقدسية في أسواق القدس من الانتهاك، حيث يروي شهادته بشن بلدية الاحتلال هجوماً على محل "كوكتيل الطيبات" في شارع هارون الرشيد، وهو من أشهر محلات المشروبات وأكبرها في البلدة القديمة.
ويصف الحدث قائلاً: "تقدمت بلدية الاحتلال، وسلطة اليافطات، كذلك سلطة الصحة، وسلطة التراخيص، جملة واحدةً على الحانوت، وفرضوا على المحل المذكور ضرائب هائلة، ناهيك عن الخراب الذي تسبب به الاحتلال في الممتلكات من تكسير ومصادرة، ما أدى لخسارة كبيرة لصاحب المحل".
وطالت هذه الهجمات المحلات الكبيرة في البلدة القديمة مثل محل: حلويات جعفر، الحلواني، تكوك، مطعم لينا، مطعم أبو شكري؛ كونها جاذبة للسياح، وداعمة للاقتصاد الفلسطيني.
وتحدثت "وكالة سند للأنباء" مع عدد من التجار المقدسيين أصحاب المحلات، والذين أجمعوا تعدد أصناف التنكيل بهم، من تكسير للمحلات، ومصادرة للمعدات، واعتقال للأبناء، وفرض الضرائب وتغريم التجار.
ودعا ضيوفنا لدعم التاجر المقدسي حتى يتسنى له الصمود أمام عنجهية الاحتلال وتطرفه، فالتاجر المقدسي عصب المدينة ورأس الحربة، وأي خلل في هذه المنظومة، سيؤدي إلى خراب في المدينة.