أكاديمية فلسطينية: تدمير منزل لا يعنى انهيار الوطن
لندن- عربي21
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للأستاذة المساعدة في الهندسة المعمارية في جامعة سيراكيوز، إيمان فياض، قالت فيه إن السلطات الإسرائيلية قامت في 9 تموز (يوليو) 1998، بهدم منزل صغير أصبح فيما بعد رمزا للصمود في قرية عناتا شمال شرقي القدس للمرة الأولى.
وأشارت إلى أن المنزل تقطن فيه عائلة الشوامرة، المكونة من تسعة أفراد، بني في جزء من الضفة الغربية تسيطر عليه "إسرائيل" عسكريا. وتحدث فيه عمليات هدم المنازل بشكل روتيني، حيث يُحرم الفلسطينيون مثل عربية وسليم الشوامرة من الحصول على تصاريح بناء على الأراضي التي اشتروها ويملكونها بشكل قانوني.
وأصبح المنزل هدفا لعمليات الهدم المتكررة لأن الأسرة رفضت المغادرة. وفي كل مرة هدمته السلطات الإسرائيلية، أعادت الأسرة بناءه، بالتعاون مع متطوعين من اللجنة الإسرائيلية ضد هدم المنازل. أصبح المنزل، المعروف الآن باسم بيت عربية، رمزا لصمود أهله.
وتقول الكاتبة إن قصة هذه العائلة تجسد الطبيعة المحفوفة بالمخاطر للحياة كفلسطيني، سواء كان يقيم في الوطن أو في الخارج في الشتات.
وأضافت: "عندما زرت منزل عربية في عام 2012 للاحتفال بإعادة بنائه للمرة الخامسة، كنت أدرك تمام الإدراك أن دمارا آخر قد يكون وشيكا، وبينما يعيد التاريخ نفسه مرة أخرى عندما يتعلق الأمر بتهجير الفلسطينيين من منازلهم بشكل جماعي، يظل هناك شيء واحد واضح بالنسبة لي: على الرغم من أن المنزل يمكن أن يكون مؤقتا، إلا أن الوطن دائم".
وأردفت فياض قائلة إن "تعريفي لـ’الوطن’ هو تعريف معقد. على الرغم من الحنين الذي أشعر به كلما زرت مسقط رأسي - ريستون، فيرجينيا، إحدى ضواحي واشنطن - أو أيا من المدن الأمريكية التي عشت فيها كشخص بالغ، إلا أنها ليست أماكن اعتبرتها موطنا لي على الإطلاق. عندما يسألني أحد من أين أنا، أقول أنا من القدس".
فـ"القدس هي المكان الذي نشأت فيه، منذ أن كنت في الخامسة من عمري تقريبا حتى تخرجت من المدرسة الثانوية. إنه المكان الذي ولدت فيه أمي، حيث ولد والداها وأجدادها، وحيث تكمن معظم ذكرياتي التكوينية. القدس، مع عدم استقرارها واستقرارها في آن، هي المكان الذي تعلمت فيه أن الفضاء المادي يشكل هويتنا. لقد علمتني أن أفهم العالم المادي كمكان للتدفق الدائم، وهو أمر أساسي لعملي كمهندسة معمارية ومحاضرة اليوم".
وتضيف الكاتبة: "عندما كنت طفلة، أحببت التجول في القدس مع أفراد عائلتي، والاستماع إليهم وهم يروون المناظر الطبيعية للمدينة. كان المبنى المهجور المتاخم لمحكمة إسرائيلية دار سينما كانوا يترددون عليها عندما كانوا مراهقين. كان هناك مطعم مملوك لإسرائيليين يقع في مكان كان بلا شك المنزل القديم لعائلة فلسطينية.
وتكمل فياض مقالها قائلة إن الطريق السريع الإسرائيلي أدى إلى تقسيم الأحياء التي كانت متصلة ذات يوم، ما أدى إلى تقسيم الضفة الغربية إلى نصفين وتوفير خط صدع فعلي تم من خلاله إنشاء وتوسيع المستوطنات غير القانونية.
وتشير الكاتبة إلى أنها "على مدار عدة سنوات، شهدت ظهور إحدى هذه المستوطنات تدريجيا في الحي الذي أعيش فيه. تضمنت المحادثات الكثير من قول "كان هذا في السابق" وقضيت طفولتي في استحضار نسخ بديلة للقدس، أعيش بين الماضي والحاضر".
وأكدت إيمان فياض أنه رغم تمتعها بحقوق أكثر وحياة أكثر كرامة في نيويورك مما كانت ستعيشه كفلسطينية في القدس، فمن المفارقات أن المدينة التي تشعر أنها تنتمي إليها هي المكان الوحيد الذي لا يمكن أن يكون موطنها مرة أخرى.
وقالت إن "إسرائيل" تحرمها فعليا من حق كسب لقمة العيش أو امتلاك أو استئجار منزل أو حتى قيادة سيارة في القدس. لا تنطبق هذه المعاملة التمييزية على مواطني الولايات المتحدة الآخرين. على الرغم من جنسيتها الأمريكية، فإن هويتها كفلسطينية تجعلها شخصا استثنائيا.
وتعود وتؤكد إيمان فياض أنه مع ذلك، فلن تُزاح القدس من شخصيتها أبدا؛ لا تزال عائلتها تعيش هناك، وتزورهم كثيرا. قائلة: "عندما أفكر في سؤال الجنود الإسرائيليين عند نقاط التفتيش عن أسباب وجودي في القدس، والذي كان ذات يوم جزءا من روتيني الصباحي للذهاب إلى المدرسة، فإن الإجابة عن هذا السؤال تبدو اليوم أكثر وجودية من كونها عملية وحتى عندما كنت أعيش في القدس، كنت أعتبر زائرة، وليس مقيمة قانونية".
وتابعت: "كنت أضطر أنا وأبي وشقيقاي إلى الحصول على تصاريح زيارة توافق عليها السلطات الإسرائيلية كل ثلاثة أشهر حتى نتمكن من الاستمرار في العيش في المدينة مع والدتي، التي هي على عكسنا، من سكان القدس الأصليين – وهو مصطلح غير رسمي يستخدم لتحديد الفلسطينيين المولودين في القدس، وتدعي ’إسرائيل’ ولايتها القضائية على القدس الشرقية، وهذا يسمح لها بتقييد حركة حاملي بطاقات هوية الضفة الغربية والوصول إلى أي جزء من المدينة".
وتقول إن الطرد والتهجير القسري لعشرات الفلسطينيين أولا من منازلهم ثم في نهاية المطاف من وطنهم – في نكبة عام 1948، عندما تأسست "إسرائيل"؛ وفي عام 1967، عندما فُقدت المزيد من الأراضي؛ وفي الجولات اللاحقة من العنف، بما في ذلك الحرب الحالية.. كله خلق أعدادا متفرقة من اللاجئين في العالم تصل إلى حوالي ستة ملايين شخص، و"أحب أن أعتقد أن وطننا موجود داخل كل واحد منا، بغض النظر عن مكان وجودنا. لكن هذا التهجير المنهجي هو في جوهره مأساوي للغاية".
وأضافت أن في غزة، تعرض ما يقدر بنحو 70% من الوحدات السكنية المحتلة للتدمير أو لأضرار بالغة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، ما أدى إلى نزوح حوالي 85% من سكان القطاع داخليا. وهذا التدمير الشامل للمساكن، والذي يُشار إليه عموما بإبادة المنازل، يجعل مساحات كاملة من الأرض غير صالحة للسكن. وتشير التقديرات إلى أنه في الضفة الغربية تم هدم أكثر من 1395 مبنى في العام الماضي، لتنضم إلى حوالي 60 ألف مبنى آخر تم هدمها في العقود الأخيرة في الأراضي المحتلة.
وتشير إلى أن "إسرائيل" تبرر العديد من عمليات الهدم هذه باعتبارها قانونية بموجب أنظمة تقسيم المناطق، التي تصنف حوالي 72% من الضفة الغربية على أنها أراض زراعية أو حدائق وطنية، وفقا للجنة الإسرائيلية ضد هدم المنازل. (كان هذا هو الحال في بيت عربية؛ حيث تم رفض الطلب الأول لعائلة الشوامرة للحصول على تصريح بناء لأن أراضيهم تقع ضمن هذا التصنيف، على الرغم من أنها كانت صخرية للغاية بحيث لا يمكن زراعتها، بحسب تقديراتهم). حيث يمنع الفلسطينيون من البناء على الأرض التي تعتبرها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية محتلة منذ عام 1967.
قد يكون من المستحيل تقريبا على الفلسطينيين أن يخلصوا أنفسهم من الشعور بالزوال الذي يلوح في الأفق، سواء كانوا يعيشون في الشتات أو يكافحون من أجل التمسك بمنازلهم في الأراضي المحتلة. تخيل ما تشعر به عندما تكون لاجئا في وطنك.
وتابعت: "من الغريب أن تكون من مكان لدى الجميع تقريبا رأي فيه. في بعض الأحيان، أكثر العبارات التي أخشى سماعها هي "من أين أنت؟" لأن المحادثة التي تتلو ذلك ليست واضحة أبدا ونادرا ما تكون مريحة، ونادرا ما تكون كلمة "فلسطين" خيارا في استمارة الإشارة إلى الجنسية، حيث تم ترك البلد الأصلي في الملف الرسمي في الكلية فارغا لأن البلد الأصلي لم يكن موجودا.
وأردفت الكاتبة بأنها كثيرا ما تفكر في "ما يعنيه أن يكون الشخص فلسطينيا دون وجود فلسطين معترف بها دوليا. وحتى هذا الشكل من المحو الجيوسياسي مؤلم"، فيجسد الشاعر الفلسطيني محمود درويش جوهر محنتنا في الحوار الداخلي لمرثيته الذاتية "في حضرة الغياب". حيث قال:
"وتسأل: ما معنى كلمة لاجئ؟
سيقولون: هو من اقتلع من أرض الوطن
وتسأل: ما معنى كلمة وطن؟
سيقولون: هو البيت، وشجرة التوت، وقن الدجاج، وقفير النحل، ورائحة الخبز، والسماء الأولى.
وتسأل: هل تتسع كلمة واحدة من ثلاثة أحرف لكل هذه المحتويات وتضيق بنا؟".
وقالت إنه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، تم تدمير البيت للمرة السادسة والأخيرة. وعلى الرغم من كل الصعاب، تمكنت عائلة الشوامرة من الصمود بعد التدمير المتكرر وإعادة بناء منزلهم.. مشيرة إلى أن قصتهم في المثابرة هي قصة فلسطينية في جوهرها: فقد حاولت "إسرائيل" مرارا وتكرارا اقتلاعهم من أرضهم، لكنهم بقوا - إن لم يكن في منزلهم الأصلي، ففي منزل آخر ليس بعيدا جدا.
من بين الشكوك التي تبدو لا حصر لها والتي تواجه الفلسطينيين اليوم، هناك حقيقة أبدية أصبحنا نعرفها جيدا وهي أنه يمكنك تدمير منزل، لكن لا يمكنك أبدا أن تأخذ وطنا.
لندن- عربي21
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للأستاذة المساعدة في الهندسة المعمارية في جامعة سيراكيوز، إيمان فياض، قالت فيه إن السلطات الإسرائيلية قامت في 9 تموز (يوليو) 1998، بهدم منزل صغير أصبح فيما بعد رمزا للصمود في قرية عناتا شمال شرقي القدس للمرة الأولى.
وأشارت إلى أن المنزل تقطن فيه عائلة الشوامرة، المكونة من تسعة أفراد، بني في جزء من الضفة الغربية تسيطر عليه "إسرائيل" عسكريا. وتحدث فيه عمليات هدم المنازل بشكل روتيني، حيث يُحرم الفلسطينيون مثل عربية وسليم الشوامرة من الحصول على تصاريح بناء على الأراضي التي اشتروها ويملكونها بشكل قانوني.
وأصبح المنزل هدفا لعمليات الهدم المتكررة لأن الأسرة رفضت المغادرة. وفي كل مرة هدمته السلطات الإسرائيلية، أعادت الأسرة بناءه، بالتعاون مع متطوعين من اللجنة الإسرائيلية ضد هدم المنازل. أصبح المنزل، المعروف الآن باسم بيت عربية، رمزا لصمود أهله.
وتقول الكاتبة إن قصة هذه العائلة تجسد الطبيعة المحفوفة بالمخاطر للحياة كفلسطيني، سواء كان يقيم في الوطن أو في الخارج في الشتات.
وأضافت: "عندما زرت منزل عربية في عام 2012 للاحتفال بإعادة بنائه للمرة الخامسة، كنت أدرك تمام الإدراك أن دمارا آخر قد يكون وشيكا، وبينما يعيد التاريخ نفسه مرة أخرى عندما يتعلق الأمر بتهجير الفلسطينيين من منازلهم بشكل جماعي، يظل هناك شيء واحد واضح بالنسبة لي: على الرغم من أن المنزل يمكن أن يكون مؤقتا، إلا أن الوطن دائم".
وأردفت فياض قائلة إن "تعريفي لـ’الوطن’ هو تعريف معقد. على الرغم من الحنين الذي أشعر به كلما زرت مسقط رأسي - ريستون، فيرجينيا، إحدى ضواحي واشنطن - أو أيا من المدن الأمريكية التي عشت فيها كشخص بالغ، إلا أنها ليست أماكن اعتبرتها موطنا لي على الإطلاق. عندما يسألني أحد من أين أنا، أقول أنا من القدس".
فـ"القدس هي المكان الذي نشأت فيه، منذ أن كنت في الخامسة من عمري تقريبا حتى تخرجت من المدرسة الثانوية. إنه المكان الذي ولدت فيه أمي، حيث ولد والداها وأجدادها، وحيث تكمن معظم ذكرياتي التكوينية. القدس، مع عدم استقرارها واستقرارها في آن، هي المكان الذي تعلمت فيه أن الفضاء المادي يشكل هويتنا. لقد علمتني أن أفهم العالم المادي كمكان للتدفق الدائم، وهو أمر أساسي لعملي كمهندسة معمارية ومحاضرة اليوم".
وتضيف الكاتبة: "عندما كنت طفلة، أحببت التجول في القدس مع أفراد عائلتي، والاستماع إليهم وهم يروون المناظر الطبيعية للمدينة. كان المبنى المهجور المتاخم لمحكمة إسرائيلية دار سينما كانوا يترددون عليها عندما كانوا مراهقين. كان هناك مطعم مملوك لإسرائيليين يقع في مكان كان بلا شك المنزل القديم لعائلة فلسطينية.
وتكمل فياض مقالها قائلة إن الطريق السريع الإسرائيلي أدى إلى تقسيم الأحياء التي كانت متصلة ذات يوم، ما أدى إلى تقسيم الضفة الغربية إلى نصفين وتوفير خط صدع فعلي تم من خلاله إنشاء وتوسيع المستوطنات غير القانونية.
وتشير الكاتبة إلى أنها "على مدار عدة سنوات، شهدت ظهور إحدى هذه المستوطنات تدريجيا في الحي الذي أعيش فيه. تضمنت المحادثات الكثير من قول "كان هذا في السابق" وقضيت طفولتي في استحضار نسخ بديلة للقدس، أعيش بين الماضي والحاضر".
وأكدت إيمان فياض أنه رغم تمتعها بحقوق أكثر وحياة أكثر كرامة في نيويورك مما كانت ستعيشه كفلسطينية في القدس، فمن المفارقات أن المدينة التي تشعر أنها تنتمي إليها هي المكان الوحيد الذي لا يمكن أن يكون موطنها مرة أخرى.
وقالت إن "إسرائيل" تحرمها فعليا من حق كسب لقمة العيش أو امتلاك أو استئجار منزل أو حتى قيادة سيارة في القدس. لا تنطبق هذه المعاملة التمييزية على مواطني الولايات المتحدة الآخرين. على الرغم من جنسيتها الأمريكية، فإن هويتها كفلسطينية تجعلها شخصا استثنائيا.
وتعود وتؤكد إيمان فياض أنه مع ذلك، فلن تُزاح القدس من شخصيتها أبدا؛ لا تزال عائلتها تعيش هناك، وتزورهم كثيرا. قائلة: "عندما أفكر في سؤال الجنود الإسرائيليين عند نقاط التفتيش عن أسباب وجودي في القدس، والذي كان ذات يوم جزءا من روتيني الصباحي للذهاب إلى المدرسة، فإن الإجابة عن هذا السؤال تبدو اليوم أكثر وجودية من كونها عملية وحتى عندما كنت أعيش في القدس، كنت أعتبر زائرة، وليس مقيمة قانونية".
وتابعت: "كنت أضطر أنا وأبي وشقيقاي إلى الحصول على تصاريح زيارة توافق عليها السلطات الإسرائيلية كل ثلاثة أشهر حتى نتمكن من الاستمرار في العيش في المدينة مع والدتي، التي هي على عكسنا، من سكان القدس الأصليين – وهو مصطلح غير رسمي يستخدم لتحديد الفلسطينيين المولودين في القدس، وتدعي ’إسرائيل’ ولايتها القضائية على القدس الشرقية، وهذا يسمح لها بتقييد حركة حاملي بطاقات هوية الضفة الغربية والوصول إلى أي جزء من المدينة".
وتقول إن الطرد والتهجير القسري لعشرات الفلسطينيين أولا من منازلهم ثم في نهاية المطاف من وطنهم – في نكبة عام 1948، عندما تأسست "إسرائيل"؛ وفي عام 1967، عندما فُقدت المزيد من الأراضي؛ وفي الجولات اللاحقة من العنف، بما في ذلك الحرب الحالية.. كله خلق أعدادا متفرقة من اللاجئين في العالم تصل إلى حوالي ستة ملايين شخص، و"أحب أن أعتقد أن وطننا موجود داخل كل واحد منا، بغض النظر عن مكان وجودنا. لكن هذا التهجير المنهجي هو في جوهره مأساوي للغاية".
وأضافت أن في غزة، تعرض ما يقدر بنحو 70% من الوحدات السكنية المحتلة للتدمير أو لأضرار بالغة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، ما أدى إلى نزوح حوالي 85% من سكان القطاع داخليا. وهذا التدمير الشامل للمساكن، والذي يُشار إليه عموما بإبادة المنازل، يجعل مساحات كاملة من الأرض غير صالحة للسكن. وتشير التقديرات إلى أنه في الضفة الغربية تم هدم أكثر من 1395 مبنى في العام الماضي، لتنضم إلى حوالي 60 ألف مبنى آخر تم هدمها في العقود الأخيرة في الأراضي المحتلة.
وتشير إلى أن "إسرائيل" تبرر العديد من عمليات الهدم هذه باعتبارها قانونية بموجب أنظمة تقسيم المناطق، التي تصنف حوالي 72% من الضفة الغربية على أنها أراض زراعية أو حدائق وطنية، وفقا للجنة الإسرائيلية ضد هدم المنازل. (كان هذا هو الحال في بيت عربية؛ حيث تم رفض الطلب الأول لعائلة الشوامرة للحصول على تصريح بناء لأن أراضيهم تقع ضمن هذا التصنيف، على الرغم من أنها كانت صخرية للغاية بحيث لا يمكن زراعتها، بحسب تقديراتهم). حيث يمنع الفلسطينيون من البناء على الأرض التي تعتبرها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية محتلة منذ عام 1967.
قد يكون من المستحيل تقريبا على الفلسطينيين أن يخلصوا أنفسهم من الشعور بالزوال الذي يلوح في الأفق، سواء كانوا يعيشون في الشتات أو يكافحون من أجل التمسك بمنازلهم في الأراضي المحتلة. تخيل ما تشعر به عندما تكون لاجئا في وطنك.
وتابعت: "من الغريب أن تكون من مكان لدى الجميع تقريبا رأي فيه. في بعض الأحيان، أكثر العبارات التي أخشى سماعها هي "من أين أنت؟" لأن المحادثة التي تتلو ذلك ليست واضحة أبدا ونادرا ما تكون مريحة، ونادرا ما تكون كلمة "فلسطين" خيارا في استمارة الإشارة إلى الجنسية، حيث تم ترك البلد الأصلي في الملف الرسمي في الكلية فارغا لأن البلد الأصلي لم يكن موجودا.
وأردفت الكاتبة بأنها كثيرا ما تفكر في "ما يعنيه أن يكون الشخص فلسطينيا دون وجود فلسطين معترف بها دوليا. وحتى هذا الشكل من المحو الجيوسياسي مؤلم"، فيجسد الشاعر الفلسطيني محمود درويش جوهر محنتنا في الحوار الداخلي لمرثيته الذاتية "في حضرة الغياب". حيث قال:
"وتسأل: ما معنى كلمة لاجئ؟
سيقولون: هو من اقتلع من أرض الوطن
وتسأل: ما معنى كلمة وطن؟
سيقولون: هو البيت، وشجرة التوت، وقن الدجاج، وقفير النحل، ورائحة الخبز، والسماء الأولى.
وتسأل: هل تتسع كلمة واحدة من ثلاثة أحرف لكل هذه المحتويات وتضيق بنا؟".
وقالت إنه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، تم تدمير البيت للمرة السادسة والأخيرة. وعلى الرغم من كل الصعاب، تمكنت عائلة الشوامرة من الصمود بعد التدمير المتكرر وإعادة بناء منزلهم.. مشيرة إلى أن قصتهم في المثابرة هي قصة فلسطينية في جوهرها: فقد حاولت "إسرائيل" مرارا وتكرارا اقتلاعهم من أرضهم، لكنهم بقوا - إن لم يكن في منزلهم الأصلي، ففي منزل آخر ليس بعيدا جدا.
من بين الشكوك التي تبدو لا حصر لها والتي تواجه الفلسطينيين اليوم، هناك حقيقة أبدية أصبحنا نعرفها جيدا وهي أنه يمكنك تدمير منزل، لكن لا يمكنك أبدا أن تأخذ وطنا.