القدس.. الاحتلال يضيق الخناق على قرية جَبَع ويسلب أراضيها
الجزيرة نت
القدس المحتلة – لا مسجد تقام فيه الصلاة ولا ديوان ضيافة يستقبل الزوّار، وحتى المنزل الوحيد الذي كان مبنيا من الإسمنت والحجارة، وعمره يزيد عن نصف قرن ويعتبره الأهالي أحد عوامل ثباتهم وصمودهم على الأرض، هدمه الاحتلال الإسرائيلي بعدما استهدف التجمع البدوي المعروف بـ"تجمع بدو العراعرة" قرب قرية جَبَع شمال شرق مدينة القدس.
فاستكمالا لما بدأه الاحتلال من قبل، يتعرض تجمع بدو العراعرة لهجمة شرسة، يراد منها تهجير هذا التجمع تحديدا وتجمعات أخرى محيطة لا يقلل الاحتلال من أهميتها ويستهدفها لتوسيع مستوطناته، خاصة مستوطنة "آدم" التي لم يعد يرى نهاية لها.
وقبل أيام عاش "تجمع بدو العراعرة" هدما واسعا لا يقل خطورة عن عمليات هدم سابقة، إذ شمل 6 منشآت زراعية وحظائر أغنام ومنزلا إسمنتيا ومنشآت أخرى من الصفيح يحولها الأهالي إلى مساكن لهم، ومنها دار ضيافة التجمع ومسجده الوحيد، وأُخطرت منشآت أخرى بهدم جديد يتوقع الأهالي أن يكون قريبا، فالمنطقة كما يقولون يضعها الاحتلال على رأس قائمة الاستهداف.
صمود بمواجهة الاقتلاع
على مسافة قريبة من المباني المهدمة، كان ناجح عراعرة، أحد المتضررين من إجراءات الاحتلال الإسرائيلي والناشط في التجمع البدوي، ينظر إلى ما حلّ بهم وسط حالة حزن ومعاناة بات الجميع يعيشها، فهم فقدوا الأماكن التي كانت تجمعهم معا بشكل يومي.
وقد طال الهدم المبنى الحجري القديم والمصلى ودار ضيافة التجمع، التي يقضي فيها ناجح عراعرة والأهالي جل وقتهم ويتداولون فيها أمور حياتهم ويواجهون المشاكل والصعاب التي تحل بهم.
يقول عراعرة (48 عاما) للجزيرة نت إنهم تفاجؤوا بالهدم الأخير الذي جاء بعد شهرين من الإخطار فقط، مما زاد في معاناتهم التي تزامنت مع أجواء شتوية صعبة، وقد لجأ كثيرون ممن هدمت مساكنهم للانتقال عند أقارب لهم، والعيش معهم على أمل العودة لمنازلهم.
وقد أدلى عراعرة بتصريحه وهو في طريق عودته للتوّ من مقر هيئة الجدار والاستيطان في رام الله (جهة رسمية) لجلب خيام من أجل تفادي الناس البرد القارس خلال هذه الأيام، إذ يرفض السكان تحت أي ضغط إسرائيلي مهما كان حجمه ترك منازلهم والتخلي عنها.
ويعمل الاحتلال بكل قوته لتهجير بدو العراعرة وتجمعات أخرى قرب قرية جبع في خطة تهويدية استيطانية لصالح مستوطنة "آدم"، التي تجثم على أراضي القرية والمنطقة منذ أكثر من نحو 4 عقود، يصادر الاحتلال مساحات شاسعة منها، ويسعى للتمدد على ما تبقى من الأرض ضمن مخطط تهجيري كامل.
واستبقت سلطات الاحتلال الهدم بسلسلة من الإجراءات العقابية التي استمرت بعده أيضا من خلال الضغط على المواطنين، ويمنع الاحتلال منذ عامين السكان من الرعي والوصول إلى المراعي.
مستوطنة تبتلع القرية
من جهتهم يشن المستوطنون حملات تحريضية وهجمات يومية على السكان الفلسطينيين، يتخللها سرقة مواشيهم وقطع المياه عنهم وتغريمهم ماليا، واعتداء عليهم بالضرب وخاصة على الأطفال والشبان، إضافة لاقتحامات واعتقالات شبه يومية.
ومن حوالي ألف رأس من الأغنام، يملك ناجح عراعرة 150، ويعاني مثل غيره من نقص في عدد المواشي بفعل محاصرة مناطق الرعي وحاجة الأغنام للأعلاف الغالية الثمن وسرقة المستوطنين. ويقول عراعرة إن أغنامه تحتاج يوميا لنحو 100 دولار من الأعلاف، ومثلها للماء كل أسبوع، مشيرا إلى أنهم أصبحوا بفعل تضييقات الاحتلال يشترون الماء.
ويسكن في تجمع العراعرة البدوي أكثر من 40 عائلة على مساحة ضيقة من الأرض لا تتجاوز 20 دونما (الدونم يساوي ألف متر مربع)، في حين تجثم مستوطنة "آدم" على أغلب أراضي قرية جبع، ولا يسيطر أصحابها إلا على 723 دونما هي المخطط الهيكلي للقرية، أما ما تبقى فيحرمهم الاحتلال من الوصول إليه بفعل إجراءاته العسكرية وتصنيفه معظمها ضمن مناطق "ج"، أي تحت سيطرة إسرائيلية كاملة.
والاستهداف لتجمع العراعرة والتجمعات البدوية المحيطة بقرية جبع ليس جديدا، كما يقول سامي توام رئيس مجلس قروي جبع، بل إنه مستمر منذ سنوات، موضحا أن المضايقات تتصاعد يوما عن آخر وتأخذ أشكالا مختلفة.
ويقول، في حديثه للجزيرة نت، إن الموضوع تجاوز "العقاب الجماعي" وخاصة بعد الحرب على قطاع غزة، إلى الضغط بكل قوة لتهجير البدو من المنطقة، والتضييق أكثر فأكثر على سكان جبع (5 آلاف نسمة) وضواحي القدس وقراها بشكل أكبر.
ويضيف رئيس المجلس "بكرفان (غرفة متنقلة) واحد بدأت مستوطنة آدم والآن تحتل نحو 19 ألف دونم، وخاصة الأراضي في المنطقة الشرقية التي تعد المصدر الزراعي والاقتصادي الأهم للقرية".
عاطف دغلس- تجمع بدو العراعرة قرب قرية جبع وفوقه تجثم مستوطنة آدم - هذا التجمع اصبح هدفا للاحتلال بالهدم والاجراءات العسكرية لتهجير السكان وتوسيع المستوطنات هناك- الضفة الغربية- جبع شمال شرق القدس- الجزيرة نت6
مخطط تهجيري
وهذا العام وبفعل مضايقات الاحتلال ومهاجمة المستوطنين للمزارعين أثناء قطف الزيتون، يقدر توام أن بلدته أنتجت نصف الكمية المعهودة، وأن الموسم تراجع من نحو 16 ألف طن إلى 8 أطنان أو أقل.
ويصف أراضي جبع بأنها الأكبر من حيث المساحة الزراعية من قرى القدس، لكن سكانها محرومون منها، فالقرية تحاط بثلاثة شوارع استيطانية التفافية تغلق مداخل القرية ومخارجها، وفيها يقيم الاحتلال معسكرا للجيش وحاجزا عسكريا من الجهة الغربية، وتجثم مستوطنتان على أراضي القرية ومتجر "رامي ليفي" الاستيطاني الضخم.
كما يغلق الاحتلال المدخل الرئيسي من الناحية الجنوبية، الذي لا يبعد عن منازل المواطنين سوى أمتار قليلة، ويضطرهم للالتفاف مسافات طويلة وقطع عدة كيلومترات، ويقول توام "قُتل مواطنان أثناء قطعهما الشارع الرئيسي في الناحية الشرقية، فهو بعمق 15 مترا ويعرف بخطورته".
ويرجع توام كل هذه المضايقات والإجراءات العسكرية والاستيطانية إلى "تنفيذ الاحتلال مخططا تهجيريا وحشر الناس في تجمعات صغيرة تعيش تحت سلطة إسرائيل المباشرة دون أرض وملك".
الجزيرة نت
القدس المحتلة – لا مسجد تقام فيه الصلاة ولا ديوان ضيافة يستقبل الزوّار، وحتى المنزل الوحيد الذي كان مبنيا من الإسمنت والحجارة، وعمره يزيد عن نصف قرن ويعتبره الأهالي أحد عوامل ثباتهم وصمودهم على الأرض، هدمه الاحتلال الإسرائيلي بعدما استهدف التجمع البدوي المعروف بـ"تجمع بدو العراعرة" قرب قرية جَبَع شمال شرق مدينة القدس.
فاستكمالا لما بدأه الاحتلال من قبل، يتعرض تجمع بدو العراعرة لهجمة شرسة، يراد منها تهجير هذا التجمع تحديدا وتجمعات أخرى محيطة لا يقلل الاحتلال من أهميتها ويستهدفها لتوسيع مستوطناته، خاصة مستوطنة "آدم" التي لم يعد يرى نهاية لها.
وقبل أيام عاش "تجمع بدو العراعرة" هدما واسعا لا يقل خطورة عن عمليات هدم سابقة، إذ شمل 6 منشآت زراعية وحظائر أغنام ومنزلا إسمنتيا ومنشآت أخرى من الصفيح يحولها الأهالي إلى مساكن لهم، ومنها دار ضيافة التجمع ومسجده الوحيد، وأُخطرت منشآت أخرى بهدم جديد يتوقع الأهالي أن يكون قريبا، فالمنطقة كما يقولون يضعها الاحتلال على رأس قائمة الاستهداف.
صمود بمواجهة الاقتلاع
على مسافة قريبة من المباني المهدمة، كان ناجح عراعرة، أحد المتضررين من إجراءات الاحتلال الإسرائيلي والناشط في التجمع البدوي، ينظر إلى ما حلّ بهم وسط حالة حزن ومعاناة بات الجميع يعيشها، فهم فقدوا الأماكن التي كانت تجمعهم معا بشكل يومي.
وقد طال الهدم المبنى الحجري القديم والمصلى ودار ضيافة التجمع، التي يقضي فيها ناجح عراعرة والأهالي جل وقتهم ويتداولون فيها أمور حياتهم ويواجهون المشاكل والصعاب التي تحل بهم.
يقول عراعرة (48 عاما) للجزيرة نت إنهم تفاجؤوا بالهدم الأخير الذي جاء بعد شهرين من الإخطار فقط، مما زاد في معاناتهم التي تزامنت مع أجواء شتوية صعبة، وقد لجأ كثيرون ممن هدمت مساكنهم للانتقال عند أقارب لهم، والعيش معهم على أمل العودة لمنازلهم.
وقد أدلى عراعرة بتصريحه وهو في طريق عودته للتوّ من مقر هيئة الجدار والاستيطان في رام الله (جهة رسمية) لجلب خيام من أجل تفادي الناس البرد القارس خلال هذه الأيام، إذ يرفض السكان تحت أي ضغط إسرائيلي مهما كان حجمه ترك منازلهم والتخلي عنها.
ويعمل الاحتلال بكل قوته لتهجير بدو العراعرة وتجمعات أخرى قرب قرية جبع في خطة تهويدية استيطانية لصالح مستوطنة "آدم"، التي تجثم على أراضي القرية والمنطقة منذ أكثر من نحو 4 عقود، يصادر الاحتلال مساحات شاسعة منها، ويسعى للتمدد على ما تبقى من الأرض ضمن مخطط تهجيري كامل.
واستبقت سلطات الاحتلال الهدم بسلسلة من الإجراءات العقابية التي استمرت بعده أيضا من خلال الضغط على المواطنين، ويمنع الاحتلال منذ عامين السكان من الرعي والوصول إلى المراعي.
مستوطنة تبتلع القرية
من جهتهم يشن المستوطنون حملات تحريضية وهجمات يومية على السكان الفلسطينيين، يتخللها سرقة مواشيهم وقطع المياه عنهم وتغريمهم ماليا، واعتداء عليهم بالضرب وخاصة على الأطفال والشبان، إضافة لاقتحامات واعتقالات شبه يومية.
ومن حوالي ألف رأس من الأغنام، يملك ناجح عراعرة 150، ويعاني مثل غيره من نقص في عدد المواشي بفعل محاصرة مناطق الرعي وحاجة الأغنام للأعلاف الغالية الثمن وسرقة المستوطنين. ويقول عراعرة إن أغنامه تحتاج يوميا لنحو 100 دولار من الأعلاف، ومثلها للماء كل أسبوع، مشيرا إلى أنهم أصبحوا بفعل تضييقات الاحتلال يشترون الماء.
ويسكن في تجمع العراعرة البدوي أكثر من 40 عائلة على مساحة ضيقة من الأرض لا تتجاوز 20 دونما (الدونم يساوي ألف متر مربع)، في حين تجثم مستوطنة "آدم" على أغلب أراضي قرية جبع، ولا يسيطر أصحابها إلا على 723 دونما هي المخطط الهيكلي للقرية، أما ما تبقى فيحرمهم الاحتلال من الوصول إليه بفعل إجراءاته العسكرية وتصنيفه معظمها ضمن مناطق "ج"، أي تحت سيطرة إسرائيلية كاملة.
والاستهداف لتجمع العراعرة والتجمعات البدوية المحيطة بقرية جبع ليس جديدا، كما يقول سامي توام رئيس مجلس قروي جبع، بل إنه مستمر منذ سنوات، موضحا أن المضايقات تتصاعد يوما عن آخر وتأخذ أشكالا مختلفة.
ويقول، في حديثه للجزيرة نت، إن الموضوع تجاوز "العقاب الجماعي" وخاصة بعد الحرب على قطاع غزة، إلى الضغط بكل قوة لتهجير البدو من المنطقة، والتضييق أكثر فأكثر على سكان جبع (5 آلاف نسمة) وضواحي القدس وقراها بشكل أكبر.
ويضيف رئيس المجلس "بكرفان (غرفة متنقلة) واحد بدأت مستوطنة آدم والآن تحتل نحو 19 ألف دونم، وخاصة الأراضي في المنطقة الشرقية التي تعد المصدر الزراعي والاقتصادي الأهم للقرية".
عاطف دغلس- تجمع بدو العراعرة قرب قرية جبع وفوقه تجثم مستوطنة آدم - هذا التجمع اصبح هدفا للاحتلال بالهدم والاجراءات العسكرية لتهجير السكان وتوسيع المستوطنات هناك- الضفة الغربية- جبع شمال شرق القدس- الجزيرة نت6
مخطط تهجيري
وهذا العام وبفعل مضايقات الاحتلال ومهاجمة المستوطنين للمزارعين أثناء قطف الزيتون، يقدر توام أن بلدته أنتجت نصف الكمية المعهودة، وأن الموسم تراجع من نحو 16 ألف طن إلى 8 أطنان أو أقل.
ويصف أراضي جبع بأنها الأكبر من حيث المساحة الزراعية من قرى القدس، لكن سكانها محرومون منها، فالقرية تحاط بثلاثة شوارع استيطانية التفافية تغلق مداخل القرية ومخارجها، وفيها يقيم الاحتلال معسكرا للجيش وحاجزا عسكريا من الجهة الغربية، وتجثم مستوطنتان على أراضي القرية ومتجر "رامي ليفي" الاستيطاني الضخم.
كما يغلق الاحتلال المدخل الرئيسي من الناحية الجنوبية، الذي لا يبعد عن منازل المواطنين سوى أمتار قليلة، ويضطرهم للالتفاف مسافات طويلة وقطع عدة كيلومترات، ويقول توام "قُتل مواطنان أثناء قطعهما الشارع الرئيسي في الناحية الشرقية، فهو بعمق 15 مترا ويعرف بخطورته".
ويرجع توام كل هذه المضايقات والإجراءات العسكرية والاستيطانية إلى "تنفيذ الاحتلال مخططا تهجيريا وحشر الناس في تجمعات صغيرة تعيش تحت سلطة إسرائيل المباشرة دون أرض وملك".