وجهًا يحكي الفنان المسرحي "حسام أبو عيشة"
فلسطين أونلاين
غزة/ مريم الشوبكي:
"قهوة زعترة" حكاية القدس داخل أزقّة البلدة القديمة، فيها يلتقّي السياسيون ووجهاء المدينة المحتلة، ومنها تُدار الأحداث السياسية، هي مصنع قرارات جوهر الصراع ومُنطلق المقاومين، حتى قرّر الاحتلال الإسرائيلي إغلاقها للأبد لوقف الدور السياسي الذي كانت تلعبه.
تلك الحكايات، اختزلها الفنان حسام أبو عيشة في مسرحية "قهوة زعترة"، بطلها الرئيسي والده "صالح" الذي يدير القهوة ويؤدي دور المرسال الخفي بين رواد المقهى.
استطاع الفنان المسرحي من خلال "قهوة زعترة" أن يحصل على جائزة أفضل ممثل عربي ضمن فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان قرطاج لمسرح المونودراما، المنعقد في تونس في الفترة ما بين 13 و16 من أيار 2022.
المسرحية من تأليف وتمثيل حسام أبو عيشة، إعداد وإخراج الفنان كامل الباشا، ومُساعِدة المخرج كانت الفنانة شادن سليم. يُشكّل العمل الفني المونودرامي الذي يعتمد على اختزال جميع الأدوار في فنان واحد يرصد الحياة في القدس بين عامي 1938 و1979.
يعمل هذا الفنان دليلًا للغريب وابن المدينة الغائب عنها طوعًا أو قسرًا، فيذهب مع أبو عيشة وقصص "صالح" المُهجر من مدينة اللد في رحلة عبر التاريخ من خلال الأزقة والحارات والشخوص الذين يرتكز العمل على دورهم القيادي بالمدينة.
لمدة 70 دقيقة يتقلّب أبو عيشة بين 21 شخصية احتكّ بها عن قرب أثناء مرافقته لوالده في المقهى حينما كان عمره 13 عامًا.
يقول أبو عيشة لـ"فلسطين": "المسرحية تسرد تاريخ القدس من خلال القهوة التي أُغلقت بقرارٍ من الاحتلال الإسرائيلي لدورها السياسي حيث كان رُوّادها من الشخصيات السياسية والاعتبارية المقدسية".
يُضيف أبو عيشة: "كانت القهوة هي تيرمومتر المدينة، يفتتح أبي القهوة بعد صلاة الفجر، يأتيها التجار صباحًا قبل الوصول إلى محالهم التجارية، وحينما يجدونها مغلقة فهذا يعني أنّ هناك اضراب".
شكّلت هذه الشخصيات عصب الحياة في المدينة، بدءًا من خليل زعترة صاحب المقهى، مرورًا بأبي علي النتشة كبير تجار البلدة القديمة، والطبيب أمين الخطيب، والنطاسي أنطون ترزي والمُربّي أحمد نسيب عبد اللطيف وزكريا عامل تصريف المجاري وغيرهم.
وإثر ذلك، اعتقل حسن وحسام أبناء صالح، وخليل زعترة الذي أُبعد إلى الأردن عامين، وأغلق المقهى أبوابه بأمرٍ من سلطات الاحتلال لعشرة أيام، لتفتح لاحقًا بشروط أملاها ضابط المخابرات "أبو داوود"، وأهمها منع عقد الاجتماعات وإثارة البلبلة.
تذكير بقيم القدس وعن الرسالة التي تُوصّلها المسرحية، يُبيّن أبو عيشة أنها تستعرض تاريخ القدس "ليس من باب البكاء على الماضي، بل تذكيرًا بالقيم التي فقدناها كالحب، والوفاء، والإخلاص، والجيرة، فلم يكن هناك منظور فردي للحياة آنذاك".
ويضرب مثلًا: "الطبيب أمين الخطيب عميد العمل المجتمعي في القدس، حينما كانت تأتيه مريضة أول سؤال يسألها إيّاه هل تناولتِ فطورك، ثم يذهب لشراء الكعك والفلافل ويشاركها الإفطار، ومن ثم يرسلها إلى الصيدلاني سمعان السنيورة الذي يدير صيدلية فوق القهوة، وحينما تسأله عن الأجرة يجيبها واصلة".
والمونودراما عمل مسرحي لا ينجح فيه أيّ ممثل، ويتطلب تجربة طويلة في تمثيل عدد من المسرحيات وتنوع الشخصيات، وهي خلاصة تجارب 43 عامًا في المسرح.
ويؤكد أبو عيشة أنّ المونودراما يتطلب موهبة عالية في التمثيل، وثقافة عالية، وتراكم تجارب في التمثيل، بالإضافة إلى الحضور والاطّلاع الواسع.
ويكشف أنّ المسرحية تحصد الجائزة السابعة على مدار عامين ونصف من عرضها، ما بين جوائز عربية، ودولية، وجابت عروضها العديد من المدن الفلسطينية، وقريبًا ستكون العروض في دول عربية، وأوروبية.
ويستدرك قائلًا: "لا أطمح للجائزة، بقدر طموحي بالمعنى، ففوزي بالجائزة هو مسئولية إضافية لأحافظ على ذات المستوى، وأقدم أعمالًا أفضل في المرات القادمة، والنجاح يكمن في أن يكون كلّ عرض هو العرض الأول، وأن يكون أدائي ذاته في كل مرة".
ويختم حديثه برسالة: "على المستوى الرسمي الفلسطيني ورأس المال الخاص، أن يعي أهمية الثقافة كجدار أخير في الدفاع عن فلسطين".
فلسطين أونلاين
غزة/ مريم الشوبكي:
"قهوة زعترة" حكاية القدس داخل أزقّة البلدة القديمة، فيها يلتقّي السياسيون ووجهاء المدينة المحتلة، ومنها تُدار الأحداث السياسية، هي مصنع قرارات جوهر الصراع ومُنطلق المقاومين، حتى قرّر الاحتلال الإسرائيلي إغلاقها للأبد لوقف الدور السياسي الذي كانت تلعبه.
تلك الحكايات، اختزلها الفنان حسام أبو عيشة في مسرحية "قهوة زعترة"، بطلها الرئيسي والده "صالح" الذي يدير القهوة ويؤدي دور المرسال الخفي بين رواد المقهى.
استطاع الفنان المسرحي من خلال "قهوة زعترة" أن يحصل على جائزة أفضل ممثل عربي ضمن فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان قرطاج لمسرح المونودراما، المنعقد في تونس في الفترة ما بين 13 و16 من أيار 2022.
المسرحية من تأليف وتمثيل حسام أبو عيشة، إعداد وإخراج الفنان كامل الباشا، ومُساعِدة المخرج كانت الفنانة شادن سليم. يُشكّل العمل الفني المونودرامي الذي يعتمد على اختزال جميع الأدوار في فنان واحد يرصد الحياة في القدس بين عامي 1938 و1979.
يعمل هذا الفنان دليلًا للغريب وابن المدينة الغائب عنها طوعًا أو قسرًا، فيذهب مع أبو عيشة وقصص "صالح" المُهجر من مدينة اللد في رحلة عبر التاريخ من خلال الأزقة والحارات والشخوص الذين يرتكز العمل على دورهم القيادي بالمدينة.
لمدة 70 دقيقة يتقلّب أبو عيشة بين 21 شخصية احتكّ بها عن قرب أثناء مرافقته لوالده في المقهى حينما كان عمره 13 عامًا.
يقول أبو عيشة لـ"فلسطين": "المسرحية تسرد تاريخ القدس من خلال القهوة التي أُغلقت بقرارٍ من الاحتلال الإسرائيلي لدورها السياسي حيث كان رُوّادها من الشخصيات السياسية والاعتبارية المقدسية".
يُضيف أبو عيشة: "كانت القهوة هي تيرمومتر المدينة، يفتتح أبي القهوة بعد صلاة الفجر، يأتيها التجار صباحًا قبل الوصول إلى محالهم التجارية، وحينما يجدونها مغلقة فهذا يعني أنّ هناك اضراب".
شكّلت هذه الشخصيات عصب الحياة في المدينة، بدءًا من خليل زعترة صاحب المقهى، مرورًا بأبي علي النتشة كبير تجار البلدة القديمة، والطبيب أمين الخطيب، والنطاسي أنطون ترزي والمُربّي أحمد نسيب عبد اللطيف وزكريا عامل تصريف المجاري وغيرهم.
وإثر ذلك، اعتقل حسن وحسام أبناء صالح، وخليل زعترة الذي أُبعد إلى الأردن عامين، وأغلق المقهى أبوابه بأمرٍ من سلطات الاحتلال لعشرة أيام، لتفتح لاحقًا بشروط أملاها ضابط المخابرات "أبو داوود"، وأهمها منع عقد الاجتماعات وإثارة البلبلة.
تذكير بقيم القدس وعن الرسالة التي تُوصّلها المسرحية، يُبيّن أبو عيشة أنها تستعرض تاريخ القدس "ليس من باب البكاء على الماضي، بل تذكيرًا بالقيم التي فقدناها كالحب، والوفاء، والإخلاص، والجيرة، فلم يكن هناك منظور فردي للحياة آنذاك".
ويضرب مثلًا: "الطبيب أمين الخطيب عميد العمل المجتمعي في القدس، حينما كانت تأتيه مريضة أول سؤال يسألها إيّاه هل تناولتِ فطورك، ثم يذهب لشراء الكعك والفلافل ويشاركها الإفطار، ومن ثم يرسلها إلى الصيدلاني سمعان السنيورة الذي يدير صيدلية فوق القهوة، وحينما تسأله عن الأجرة يجيبها واصلة".
والمونودراما عمل مسرحي لا ينجح فيه أيّ ممثل، ويتطلب تجربة طويلة في تمثيل عدد من المسرحيات وتنوع الشخصيات، وهي خلاصة تجارب 43 عامًا في المسرح.
ويؤكد أبو عيشة أنّ المونودراما يتطلب موهبة عالية في التمثيل، وثقافة عالية، وتراكم تجارب في التمثيل، بالإضافة إلى الحضور والاطّلاع الواسع.
ويكشف أنّ المسرحية تحصد الجائزة السابعة على مدار عامين ونصف من عرضها، ما بين جوائز عربية، ودولية، وجابت عروضها العديد من المدن الفلسطينية، وقريبًا ستكون العروض في دول عربية، وأوروبية.
ويستدرك قائلًا: "لا أطمح للجائزة، بقدر طموحي بالمعنى، ففوزي بالجائزة هو مسئولية إضافية لأحافظ على ذات المستوى، وأقدم أعمالًا أفضل في المرات القادمة، والنجاح يكمن في أن يكون كلّ عرض هو العرض الأول، وأن يكون أدائي ذاته في كل مرة".
ويختم حديثه برسالة: "على المستوى الرسمي الفلسطيني ورأس المال الخاص، أن يعي أهمية الثقافة كجدار أخير في الدفاع عن فلسطين".