عيد على الأبواب.. أجواء الفرح مؤجلة في منزل الأسير خليل عواودة
يوسف فقيه - وكالة سند للأنباء
يقترب عيد الفطر ومعه زينته والاستعدادات المُبهجة لاستقباله، لكنّ الفرحة هذا العام ضلّت طريقها عن منزل عائلة الأسير الفلسطيني خليل عواودة (40 عامًا)، المضرب عن الطعام منذ نحو شهرين متتالين، وحلّ مكانها مشاعر الخوف والقلق مع تساؤلات دائمة تطرحها عيون صغيراته الحائرة "هل بابا بخير؟".
والأسير "عواودة" من بلدة إذنا قضاء الخليل، وهو يعمل سائقًا على سيارة أجرة، متزوج ولديه أربع بنات، أكبرهن "تولين" تسع سنوات، تليها "لورين" خمس سنوات، و"ماريا" ثلاث سنوات ونصف، و"مريم" سنة ونصف.
اعتدن صغيراته أن يصطحبهن والدهن كل عام إلى السوق، لشراء ملابس وألعاب العيد، لكنّ بسبب الاعتقال الإداري التعسفي يغيب "خليل" عن منزله، ولم تفلح والدتهن بإقناعهن بشراء ملابس العيد "لن نشتري، نريد قمصانًا تُطبع عليها صورة بابا".
واعتقلت قوات الاحتلال "عواودة" في السابع والعشرين من شهر كانون أول/ ديسمبر 2021، ورغم حصوله على براءة من محكمة الاحتلال من تهمة التحريض عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلا أنه حُوّل للاعتقال الإداري، ما دفعه في 3 آذار/ مارس المنصرم لخوض إضرابٍ عن الطعام، لازال مستمرًا فيه حتى اليوم بوضع صحي حرج.
ونقل "عواودة" مساء أمس الأربعاء بشكل عاجل من سجن "الرملة" إلى إحدى المستشفيات "المدنية" الإسرائيلية، بعد تدهور خطير طرأ على وضعه الصحيّ، بحسب نادي الأسير الفلسطيني.
صائم لا يفطر!
بنبرة حزينة تقول "دلال" زوجة الأسير خليل عواودة لـ "وكالة سند للأنباء": "تُصاحبنا غصّة منذ بداية شهر رمضان، فعلى كل مائدة إفطار وسهرات ما بعد صلاة التروايح نفتقده، ونفتقد جو الفرح والفكاهة الذي كان يُضفيه بأرجاء البيت".
وما يزيد من ثِقل الوجع والخوف على قلوب عائلة "عواودة" أن "خليل" صائم لا يفطر ولم يدخل لجوفه أي لقمة أكل منذ شهرين ويواجه الحياة والسجّان بالماء فقط، تتساءل زوجته: "كيف لنا بعد كل هذا، أن نستلذ بالطعام أو مذاقه".
ويحرص "خليل" على صناعة فرحة في بيته وإدخالها على قلوب صغيراته، إذ ينتظر مواسم الأعياد وشهر رمضان ليتشارك مع عائلته بتزيين منزلهن، لكنّ هذا العام "غاب كل شيء" وظلّ شعور الاحتياج الذي خلّفه الغيّاب القسري، حاضرًا لديهن مع حالة من الخوف الشديد عليه خاصة بعد تدهور صحته، وفق زوجته.
وفي رسالة وصلت لعائلته قبل أيام، أخبرهم "خليل" عن صعوبة وضعه الصحي، حيث يعاني من جفاف شديد وتقيؤ دم مستمر، ولم يعد يقوى على الكلام أو الوقوف وفقد أكثر من 25 كغم من وزنه، في ظل رفضه أخذ المدعمات الغذائية.
ويرفض الأسير أخذ المدعمات، لأنه في حال قبوله يعني إطالة فترة الإضراب، وهو ما يمكن أن يؤثر على صحته وحياته.
وتخشى "دلال" على زوجها الذي أمضى ستة أعوام في اعتقالات سابقة، في ظل وصوله لحالة من الخطر الشديد كلما تقدم بأيام الاضراب، مشيرةً إلى حاجته لدعم كبير ليصل إلى مطالبه وينتصر على السجان.
عيد دون ملابس جديدة!
ولم تفلح محاولات الأم في إقناع طفلات الأسير بالتوجه للسوق لشراء كسوة العيد، عن ذلك تُحدثنا: "حاولت التحايل عليهن كثيرًا لإقناعهن بشراء الملابس، وتخفيف الضغط النفسي الذي نمر به جميعنا، لكنهن يرفضن ذلك في انتظار ما سيحصل مع والدهن".
وكان عواودة" يحرص كل عام على مرافقة طفلاته الأربع معه يوم العيد لزيارة أرحامه وأقاربه وإدخال البهجة والفرحة على قلوبهن بشراء الهدايا وألعاب العيد، دون أن ينسى أن يدخل الفرحة على قلوب أطفال أشقائه وشقيقاته ما سيشعرون بفقدانه هذا العام، حسب زوجته.
وكان لبنات الأسير طلب وحيد قبل حلول عيد الفطر ما هو؟ ترد والدتهن: "اقترحن أن أطبع لهن صورة والدهن على قمصان يرتدينها مع عبارات تضامن، للتعريف بقضيته على طريقتهن الخاصة علّ معاناته بالاعتقال الإداري ينتهي".
"نريد بابا"
وبأمنية تختلف عن باقي أقرانها بالعيد، تُعبّر "تولين" عن شوقها الكبير لوالدها وأمنيتها بأن يعود للبيت لتحتفل بأجواء العيد معه وتدخل الفرحة منزلهم من جديد.
بصوتٍ رقيق يُغلفه الحب تقول "تولين" لـ "وكالة سند للأنباء": "كنا نأمل أن يُفرج الاحتلال عن بابا قبل العيد ونخرج معه كبقية الأطفال الذين يخرجون مع أبائهم، ويشتري لنا الملابس والألعاب، كما كان يفعل معنا دائمًا".
وتعلل ببراءة مُوجعة عن السبب الذي دفعهم للعزوف عن شراء ملبوسات العيد: "بابا في وضع خطير وهذا يُقلقنا جدًا، لا نُريد شيئًا سوى أن ينتصر ويفرج عنه، حينها سيكون هذا أجمل عيد لنا، وسنحتفل ونشتري الملابس الجديدة".
والإضراب الحالي، هو الإضراب الثاني للأسير "خليل"، إذ خاض سابقًا مع الأسرى الإضراب الجماعيّ عام 2012، وبينما توزع "دلال" نظراتها بين عيون صغيراتها الحزينة، ختمت حديثها: "بعد أن كنا نشعر بمعاناة الأسرى وذويهم، ها نحن نعيش المعاناة ذاتها وسط صمتٍ دولي غريب ومستهجن تجاه الانتهاكات الإسرائيلية بحقهم طوال السنين الماضية".
وإلى جانب الأسير عواودة، يواصل الأسير رائد ريان (28 عامًا) من بلدة بيت دقو قرب القدس، إضرابه المفتوح عن الطعام منذ 22 يومًا رفضًا لاعتقاله الإداري، ويقبع في سجن "عوفر"، حيث يعاني أعراضًا صحية صعبة، ويتعرض لضغوط كبيرة لثنيه عن خطوته.
ومنذ مطلع شهر نيسان/ أبريل الجاري، أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 160 أمر اعتقال إداري بحق فلسطينيين، ما بين قرار جديد، وتجديد اعتقال، وفق معطيات نادي الأسير.
يوسف فقيه - وكالة سند للأنباء
يقترب عيد الفطر ومعه زينته والاستعدادات المُبهجة لاستقباله، لكنّ الفرحة هذا العام ضلّت طريقها عن منزل عائلة الأسير الفلسطيني خليل عواودة (40 عامًا)، المضرب عن الطعام منذ نحو شهرين متتالين، وحلّ مكانها مشاعر الخوف والقلق مع تساؤلات دائمة تطرحها عيون صغيراته الحائرة "هل بابا بخير؟".
والأسير "عواودة" من بلدة إذنا قضاء الخليل، وهو يعمل سائقًا على سيارة أجرة، متزوج ولديه أربع بنات، أكبرهن "تولين" تسع سنوات، تليها "لورين" خمس سنوات، و"ماريا" ثلاث سنوات ونصف، و"مريم" سنة ونصف.
اعتدن صغيراته أن يصطحبهن والدهن كل عام إلى السوق، لشراء ملابس وألعاب العيد، لكنّ بسبب الاعتقال الإداري التعسفي يغيب "خليل" عن منزله، ولم تفلح والدتهن بإقناعهن بشراء ملابس العيد "لن نشتري، نريد قمصانًا تُطبع عليها صورة بابا".
واعتقلت قوات الاحتلال "عواودة" في السابع والعشرين من شهر كانون أول/ ديسمبر 2021، ورغم حصوله على براءة من محكمة الاحتلال من تهمة التحريض عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلا أنه حُوّل للاعتقال الإداري، ما دفعه في 3 آذار/ مارس المنصرم لخوض إضرابٍ عن الطعام، لازال مستمرًا فيه حتى اليوم بوضع صحي حرج.
ونقل "عواودة" مساء أمس الأربعاء بشكل عاجل من سجن "الرملة" إلى إحدى المستشفيات "المدنية" الإسرائيلية، بعد تدهور خطير طرأ على وضعه الصحيّ، بحسب نادي الأسير الفلسطيني.
صائم لا يفطر!
بنبرة حزينة تقول "دلال" زوجة الأسير خليل عواودة لـ "وكالة سند للأنباء": "تُصاحبنا غصّة منذ بداية شهر رمضان، فعلى كل مائدة إفطار وسهرات ما بعد صلاة التروايح نفتقده، ونفتقد جو الفرح والفكاهة الذي كان يُضفيه بأرجاء البيت".
وما يزيد من ثِقل الوجع والخوف على قلوب عائلة "عواودة" أن "خليل" صائم لا يفطر ولم يدخل لجوفه أي لقمة أكل منذ شهرين ويواجه الحياة والسجّان بالماء فقط، تتساءل زوجته: "كيف لنا بعد كل هذا، أن نستلذ بالطعام أو مذاقه".
ويحرص "خليل" على صناعة فرحة في بيته وإدخالها على قلوب صغيراته، إذ ينتظر مواسم الأعياد وشهر رمضان ليتشارك مع عائلته بتزيين منزلهن، لكنّ هذا العام "غاب كل شيء" وظلّ شعور الاحتياج الذي خلّفه الغيّاب القسري، حاضرًا لديهن مع حالة من الخوف الشديد عليه خاصة بعد تدهور صحته، وفق زوجته.
وفي رسالة وصلت لعائلته قبل أيام، أخبرهم "خليل" عن صعوبة وضعه الصحي، حيث يعاني من جفاف شديد وتقيؤ دم مستمر، ولم يعد يقوى على الكلام أو الوقوف وفقد أكثر من 25 كغم من وزنه، في ظل رفضه أخذ المدعمات الغذائية.
ويرفض الأسير أخذ المدعمات، لأنه في حال قبوله يعني إطالة فترة الإضراب، وهو ما يمكن أن يؤثر على صحته وحياته.
وتخشى "دلال" على زوجها الذي أمضى ستة أعوام في اعتقالات سابقة، في ظل وصوله لحالة من الخطر الشديد كلما تقدم بأيام الاضراب، مشيرةً إلى حاجته لدعم كبير ليصل إلى مطالبه وينتصر على السجان.
عيد دون ملابس جديدة!
ولم تفلح محاولات الأم في إقناع طفلات الأسير بالتوجه للسوق لشراء كسوة العيد، عن ذلك تُحدثنا: "حاولت التحايل عليهن كثيرًا لإقناعهن بشراء الملابس، وتخفيف الضغط النفسي الذي نمر به جميعنا، لكنهن يرفضن ذلك في انتظار ما سيحصل مع والدهن".
وكان عواودة" يحرص كل عام على مرافقة طفلاته الأربع معه يوم العيد لزيارة أرحامه وأقاربه وإدخال البهجة والفرحة على قلوبهن بشراء الهدايا وألعاب العيد، دون أن ينسى أن يدخل الفرحة على قلوب أطفال أشقائه وشقيقاته ما سيشعرون بفقدانه هذا العام، حسب زوجته.
وكان لبنات الأسير طلب وحيد قبل حلول عيد الفطر ما هو؟ ترد والدتهن: "اقترحن أن أطبع لهن صورة والدهن على قمصان يرتدينها مع عبارات تضامن، للتعريف بقضيته على طريقتهن الخاصة علّ معاناته بالاعتقال الإداري ينتهي".
"نريد بابا"
وبأمنية تختلف عن باقي أقرانها بالعيد، تُعبّر "تولين" عن شوقها الكبير لوالدها وأمنيتها بأن يعود للبيت لتحتفل بأجواء العيد معه وتدخل الفرحة منزلهم من جديد.
بصوتٍ رقيق يُغلفه الحب تقول "تولين" لـ "وكالة سند للأنباء": "كنا نأمل أن يُفرج الاحتلال عن بابا قبل العيد ونخرج معه كبقية الأطفال الذين يخرجون مع أبائهم، ويشتري لنا الملابس والألعاب، كما كان يفعل معنا دائمًا".
وتعلل ببراءة مُوجعة عن السبب الذي دفعهم للعزوف عن شراء ملبوسات العيد: "بابا في وضع خطير وهذا يُقلقنا جدًا، لا نُريد شيئًا سوى أن ينتصر ويفرج عنه، حينها سيكون هذا أجمل عيد لنا، وسنحتفل ونشتري الملابس الجديدة".
والإضراب الحالي، هو الإضراب الثاني للأسير "خليل"، إذ خاض سابقًا مع الأسرى الإضراب الجماعيّ عام 2012، وبينما توزع "دلال" نظراتها بين عيون صغيراتها الحزينة، ختمت حديثها: "بعد أن كنا نشعر بمعاناة الأسرى وذويهم، ها نحن نعيش المعاناة ذاتها وسط صمتٍ دولي غريب ومستهجن تجاه الانتهاكات الإسرائيلية بحقهم طوال السنين الماضية".
وإلى جانب الأسير عواودة، يواصل الأسير رائد ريان (28 عامًا) من بلدة بيت دقو قرب القدس، إضرابه المفتوح عن الطعام منذ 22 يومًا رفضًا لاعتقاله الإداري، ويقبع في سجن "عوفر"، حيث يعاني أعراضًا صحية صعبة، ويتعرض لضغوط كبيرة لثنيه عن خطوته.
ومنذ مطلع شهر نيسان/ أبريل الجاري، أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 160 أمر اعتقال إداري بحق فلسطينيين، ما بين قرار جديد، وتجديد اعتقال، وفق معطيات نادي الأسير.