"شيخ الأسرى".. المسن عبد الرحمن صلاح تنخر الأمراض جسده في زنزانته
جنين - وكالة سند للأنباء
"هل سيمهلني القدر لأزورة ثانية؟" سؤال بمشاعر الخوف يراود رشا صلاح، ابنة الأسير عبد الرحمن صلاح (70 عامًا) من جنين شمال الضفة الغربية، وهي تنتظر موعد كل زيارة قادمة لوالدها في سجون الاحتلال، بعد أن غزت الأمراض والشيخوخة جسده وملامحه خلال 21 سنة من الاعتقال بظروفٍ قاسية.
صدمة كبيرة أصابت "رشا" الابنة الكبرى لـ "صلاح"، حين زارت والدها لأول مرة منتصف العام الماضي، بعد منعهم لنحو ثلاث سنوات بحجة فايروس كورونا، فقد دخل والدها للزيارة بجسدٍ هزيل متعب وهو يتكئ على عكاز ويسير بمساعدة أسيرين آخرين.
بحزن لا يفارق صوتها تصف "رشا" حال والدها لـ "وكالة سند للأنباء": "نَظَره تراجع بشكل كبير وملحوظ، حيث يعاني من ضعف بنسبة 90% في عينه اليسرى، في حين فقد الرؤية في عينه اليمنى، إضافة إلى معاناته منذ زمن من مرض ديسك في الظهر ومرضَي السكري والضغط المزمنين".
في اللحظات الأولى للزيارة التي تقتصر على 45 دقيقة لم يُميّز عبد الرحمن صلاح الملقب بـ "شيخ الأسرى" بناته وزوجته، هذا أَحزنهم جميعًا.
وتقول "رشا": "لم يُفرق بيني وبين شقيقتي، يتحدث بصعوبة ويداه ترتجف، استغرب من كِبر أحفاده (..) كل هذا لأن الاحتلال أراد أن يُغيّبه عنّا قسرًا".
إهمال طبي..
ولم تشفع سنوات عمر وشيخوخة الأسير "صلاح" أمام بطش الاحتلال وسياسته في الإهمال الطبي المتعمد بحق الأسرى، حيث ترفض إدارة السجون تقديم أي علاج حقيقي له، متذرعة بحجج واهية، وفق "رشا".
وتكمل: "عيناه بحاجة لعملية جراحية ماسة لوجود ماء فيهما، لكن الاحتلال يرفض إجراءها، لأنها ناتجة -على حد قوله- عن العامل الوراثي، أما عن ضعف قدميه فأرجعوه إلى كبر سنه وأنهم لا يستيطعون تقديم شيء له".
وتتساءل بصوتٍ مقهور "أليس لكبار السن لهم عناية صحية خاصة ومراجعة دورية للطبيب؟! ولماذا يُحرم والدي من هذا الحق؟!"
وتؤكد "رشا" أن الاحتلال يتلاعب بطرق الرعاية الطبية والصحية اللازم توفيرها للأسرى، ما ينتج عنه تفاقم الحالات المرضية في السجون، محمّلةً الاحتلال المسؤولية الكاملة عن التراجع المستمر في الحالة الصحية لوالدها.
"شيخ أسرى جنين"..
"شيخ الأسرى" لقبٌ يطلقه الأسرى في السجون على الأسير عبد الرحمن صلاح، فهو أكبر أسرى محافظة جنين سناً، اُعتقل لأول مرة في 23 حزيران/ يونيو 2002، وحكم بالسجن لـ 25 عاماً وأفرج عنه في صفقة "وفاء الأحرار" بعد 10 سنوات من الأسر، وأعاد الاحتلال اعتقاله في 18 حزيران 2014، وأعاد إليه حكمه السابق.
سنوات طويلة مرّت على عائلة الأسير "صلاح"، حملت معها آلام كثيرة في غيابه، بدأت باستشهاد نجله "محمد" برصاص الاحتلال عام 2003، بعد عام واحد من اعتقال والده، فكان الألم مضاعفًا.
وعن أحوال عائلتها في غياب الأب تحكي "رشا": "حرمنا من مشاركة والدي في كل مناسباتنا، استشهد أخي، وكبرنا وتخرجنا من المدارس والجامعات، وتزوجنا وأنجبنا، وأصبح لوالدي 15 حفيدًا، وكل ذلك حدث في غيابه".
وخلال حديثنا مع العائلة، جلس أحفاد "صلاح" بالقرب منا، لتقاطعنا حفيدته سارة الزغيبي بصوتٍ رقيق بريء: "لم أرَ جدي إلّا عن طريق الصور، ورأيته في صورةٍ يحملني بعدما أُفرج عنه عام 2011، لكنني لا أتذكر ذلك".
وتكمل: "الاحتلال يسعى لكسرنا ليسهل عليه سرقة أرضنا وبيوتنا، لكننا سنبقى صامدين، ويجب على الاحتلال الرحيل عنا لنعيش حياتنا كباقي الشعوب بأمن وأمان".
يوم الأسير..
وعند الحديث عن يوم الأسير، الذي يصادف 17 من نيسان/ أبريل، تعبّر "رشا" عن استيائها من تضاؤل التضامن الشعبي مع الأسرى وقضيتهم.
وتردف: "لا يوجد توعية كافية للأجيال الناشئة بقضية الأسرى ومعاناتهم، وهو ما ينعكس سلبًا على حجم التفاعل والمشاركة في الفعاليات المؤازرة لهم".
وعن ألم فراق أخيها الشهيد، ووالدها الأسير، تقول: "كلاهما صعب، الاستشهاد لا أمل بعودة صاحبه، أما الاعتقال، فننتظر بأية لحظة أن يطرق والدي الباب علينا محرراً، فالسجن لا يغلق على أحد".
ويوثّق نادي الأسير 700 حالة مرضية بين المجموع الكلي للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، والبالغ عددهم 4900 أسير، منهم 24 أسيرًا مصابون بالسرطان بدرجات متفاوتة، 15 منهم يتواجدون بشكل دائم في عيادة سجن الرملة، وبعض الحالات لم تغادره منذ 20 عاما بسبب الأمراض المستعصية ورفض الإفراج عنها.
جنين - وكالة سند للأنباء
"هل سيمهلني القدر لأزورة ثانية؟" سؤال بمشاعر الخوف يراود رشا صلاح، ابنة الأسير عبد الرحمن صلاح (70 عامًا) من جنين شمال الضفة الغربية، وهي تنتظر موعد كل زيارة قادمة لوالدها في سجون الاحتلال، بعد أن غزت الأمراض والشيخوخة جسده وملامحه خلال 21 سنة من الاعتقال بظروفٍ قاسية.
صدمة كبيرة أصابت "رشا" الابنة الكبرى لـ "صلاح"، حين زارت والدها لأول مرة منتصف العام الماضي، بعد منعهم لنحو ثلاث سنوات بحجة فايروس كورونا، فقد دخل والدها للزيارة بجسدٍ هزيل متعب وهو يتكئ على عكاز ويسير بمساعدة أسيرين آخرين.
بحزن لا يفارق صوتها تصف "رشا" حال والدها لـ "وكالة سند للأنباء": "نَظَره تراجع بشكل كبير وملحوظ، حيث يعاني من ضعف بنسبة 90% في عينه اليسرى، في حين فقد الرؤية في عينه اليمنى، إضافة إلى معاناته منذ زمن من مرض ديسك في الظهر ومرضَي السكري والضغط المزمنين".
في اللحظات الأولى للزيارة التي تقتصر على 45 دقيقة لم يُميّز عبد الرحمن صلاح الملقب بـ "شيخ الأسرى" بناته وزوجته، هذا أَحزنهم جميعًا.
وتقول "رشا": "لم يُفرق بيني وبين شقيقتي، يتحدث بصعوبة ويداه ترتجف، استغرب من كِبر أحفاده (..) كل هذا لأن الاحتلال أراد أن يُغيّبه عنّا قسرًا".
إهمال طبي..
ولم تشفع سنوات عمر وشيخوخة الأسير "صلاح" أمام بطش الاحتلال وسياسته في الإهمال الطبي المتعمد بحق الأسرى، حيث ترفض إدارة السجون تقديم أي علاج حقيقي له، متذرعة بحجج واهية، وفق "رشا".
وتكمل: "عيناه بحاجة لعملية جراحية ماسة لوجود ماء فيهما، لكن الاحتلال يرفض إجراءها، لأنها ناتجة -على حد قوله- عن العامل الوراثي، أما عن ضعف قدميه فأرجعوه إلى كبر سنه وأنهم لا يستيطعون تقديم شيء له".
وتتساءل بصوتٍ مقهور "أليس لكبار السن لهم عناية صحية خاصة ومراجعة دورية للطبيب؟! ولماذا يُحرم والدي من هذا الحق؟!"
وتؤكد "رشا" أن الاحتلال يتلاعب بطرق الرعاية الطبية والصحية اللازم توفيرها للأسرى، ما ينتج عنه تفاقم الحالات المرضية في السجون، محمّلةً الاحتلال المسؤولية الكاملة عن التراجع المستمر في الحالة الصحية لوالدها.
"شيخ أسرى جنين"..
"شيخ الأسرى" لقبٌ يطلقه الأسرى في السجون على الأسير عبد الرحمن صلاح، فهو أكبر أسرى محافظة جنين سناً، اُعتقل لأول مرة في 23 حزيران/ يونيو 2002، وحكم بالسجن لـ 25 عاماً وأفرج عنه في صفقة "وفاء الأحرار" بعد 10 سنوات من الأسر، وأعاد الاحتلال اعتقاله في 18 حزيران 2014، وأعاد إليه حكمه السابق.
سنوات طويلة مرّت على عائلة الأسير "صلاح"، حملت معها آلام كثيرة في غيابه، بدأت باستشهاد نجله "محمد" برصاص الاحتلال عام 2003، بعد عام واحد من اعتقال والده، فكان الألم مضاعفًا.
وعن أحوال عائلتها في غياب الأب تحكي "رشا": "حرمنا من مشاركة والدي في كل مناسباتنا، استشهد أخي، وكبرنا وتخرجنا من المدارس والجامعات، وتزوجنا وأنجبنا، وأصبح لوالدي 15 حفيدًا، وكل ذلك حدث في غيابه".
وخلال حديثنا مع العائلة، جلس أحفاد "صلاح" بالقرب منا، لتقاطعنا حفيدته سارة الزغيبي بصوتٍ رقيق بريء: "لم أرَ جدي إلّا عن طريق الصور، ورأيته في صورةٍ يحملني بعدما أُفرج عنه عام 2011، لكنني لا أتذكر ذلك".
وتكمل: "الاحتلال يسعى لكسرنا ليسهل عليه سرقة أرضنا وبيوتنا، لكننا سنبقى صامدين، ويجب على الاحتلال الرحيل عنا لنعيش حياتنا كباقي الشعوب بأمن وأمان".
يوم الأسير..
وعند الحديث عن يوم الأسير، الذي يصادف 17 من نيسان/ أبريل، تعبّر "رشا" عن استيائها من تضاؤل التضامن الشعبي مع الأسرى وقضيتهم.
وتردف: "لا يوجد توعية كافية للأجيال الناشئة بقضية الأسرى ومعاناتهم، وهو ما ينعكس سلبًا على حجم التفاعل والمشاركة في الفعاليات المؤازرة لهم".
وعن ألم فراق أخيها الشهيد، ووالدها الأسير، تقول: "كلاهما صعب، الاستشهاد لا أمل بعودة صاحبه، أما الاعتقال، فننتظر بأية لحظة أن يطرق والدي الباب علينا محرراً، فالسجن لا يغلق على أحد".
ويوثّق نادي الأسير 700 حالة مرضية بين المجموع الكلي للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، والبالغ عددهم 4900 أسير، منهم 24 أسيرًا مصابون بالسرطان بدرجات متفاوتة، 15 منهم يتواجدون بشكل دائم في عيادة سجن الرملة، وبعض الحالات لم تغادره منذ 20 عاما بسبب الأمراض المستعصية ورفض الإفراج عنها.