الأسير يوسف الشعيبي.. حكايةُ تفوقٍ من رحمِ السجن
رام الله- فرح البرغوثي- وكالة سند للأنباء
داخل قلاع الأسْر، صنعَ حكايةَ تفوّقٍ خَلّد بين سطورها صمودًا وعزيمةً تأبى الاستسلام، تشبّث بالأمل، ودَرسَ وتعلّم لكي يُعوّض تلك السنوات التي حاول الاحتلال خنقه بها؛ ليتجلّى معنى "من رَحمِ المعاناةِ، يُولدُ الإبداع".
الأسير يوسف سمير الشعيبي (43 عامًا) من قرية دير غسانة شمال غرب رام الله، تحدّى الأسر وحصل مؤخرًا على شهادة البكالوريوس تخصّص الاجتماعيات، من جامعة القدس المفتوحة، مُحلّقًا بأحلامه وطموحاته متجاوزًا ضيق المكان وأسلاكه الشائكة.
ويقضي "الشعيبي" حكمًا بالمؤبد مدى الحياة، بعد اعتقاله في 20 آب/ أغسطس 2004، ولم يتجاوز عمره آنذاك 24 عامًا.
فرحةٌ منقوصة..
قبل نحو أسبوعين، عاشت عائلة الأسير مشاعر مُختلفة، حضرت حفلَ تخرجه رغم غيابه، وتسلّمت عنه ثمارَ تَعبِه وجهده التي حصدها بعد تحدياتٍ كبيرة.
تقول زوجته، منال الشعيبي: "عندما أخبرته أنني سأذهب لأستلّم شهادته، لم أكن أعلم أنه متهم بها لهذا الحدّ! كان مسرورًا جدًا أننا سنحضر حفل تخرجه ونُحضر له الشهادة، وطلب مني أن أُهنئه بمنشورٍ خاص على موقع الفيسبوك".
وعن مشاعرها في الحفلة، تُخبرنا: "اختلطت في قلبي مشاعرَ الفرح والحزن، فرحٌ بأنني فخورةً بزوجي وإنجازه رُغم الصِعاب، وحزنٌ لأنني تمنيت أن يكون معنا وهو من يتسلّمها".
في هذه اللحظات، كانت أمنية "منال" الوحيدة، أن تحضرَ الحفل مع زوجها ونجلها "سمير" كعائلةٍ واحدة، يُشاهدوه وهو يصعد دَرَج المِنصة، يُحيّوه بفخرٍ وسرور، ويلتقطوا معه الكثير من الصور بثوبِ التخرج.
وبصوتٍ يشوبه الألم، تُردّد: "صحيحٌ أنها فرحة؛ لكنّها كانت منقوصة، تُشبه يوم نجاح سمير في الثانوية العامة، نحنُ نحتاجه معنا وبجانبنا في كلّ اللحظات والمواقف".
تشبّثٌ بالأمل..
وتلفتُ "ضيفة سند" إلى أنّ زوجها كان يطمح في إكمال مرحلة البكالوريوس منذ بداية اعتقاله، لكنّه كان يأمل أن يتحرّر في أيّ لحظة، وعقب سنواتٍ عدّة قرَّر دراسة تخصّص الاجتماعيات وتعبئة وقته بالدِراسة.
وتبيّن أنّ زوجها كان يطلب منها إدخال الكتب إلى السجن، لكنّ رحلة حصوله عليها كانت "عذابًا ومشقّة" بسبب مضايقات الاحتلال وعدم السماح بذلك.
وتُحدّثنا: "كُنا نحاول أكثر من مرةٍ حتى يحصل عليها، ولم نستسلم.. كنت أُحُبّ أن يُجسّد هذا المشهد لنجلي كيف يتحدى والده كلّ الصِعاب ويدرس خلف القضبان".
شبلٌ يدعمُ والده.
واستطاع "يوسف" أن يَمنحَ بإصراره وصبره، دفعةً إيجابية لنجله "سمير" الذي اتخذّه قدوةً له، وسار على خُطاه، حتى تفوّق في مرحلة الثانوية العامة، والتحق بجامعة بيرزيت.
وعند سؤالها "كيف أثرا ببعضهما"، تُجيب: "كان الاثنان يدعمان بعضهما البعض، ومثلما كان زوجي يحثّ سمير على الدراسة والتفوّق، أصبح هو الآخر يحثّ والده على ذلك، ويمنحه شعور الفخر، رغم أنه يتساءل كثيرًا كيف يدرس والده وكيف يحضر المحاضرات".
وتشيرُ إلى أن زوجها شغوفٌ بالعلمِ والقراءة، وهذا ما جعله يصبر ويَصل، ويطمحُ حاليًا بإكمال مسيرته التعليمية بالدراسات العليا.
أيامٌ قاسية..
تسترجع ضيفتنا بذاكرتها عندما اعتقل الاحتلال زوجها، وزجّه خلف قضبانه، بعيدًا عنها وعن طفله البِكر الذي لم يتجاوز عمره آنذاك بضعة أيام
وعن تلك الأيام، تُردد بقلبٍ مكلوم: "كانت فترةً صعبة جدًا.. في عامنا الأول من الزواج اعتُقل يوسف، وبعدما أُفرج عنه وأنجبت طفلي سمير، زُجّ مرةً أخرى بالأسر في 20 آب 2004".
وتصفُ هذه الفترة، بقولها: "عشنا أيامًا صعبة ونحنُ ننتظر إصدار الحُكم، وعندما حُكم عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة، كانت من أقسى اللحظات التي لا تصفها الكلمات، خاصةً أننا ما زلنا نُؤسس حياتنا الجديدة ونحاول الاستقرار بها"
وبصوتٍ يختلط به الصبر والألم، اختتمت: "مرّت سنوات العمر وأملنا بالله كبير.. هو يمنحني القوّة، وأنا أبادله ذات الشعور.. حياتنا ليست سهلة؛ لكنّنا نسند بعضنا البعض.. نسأل الله أن تكون الأيام الصعبة ذهبت، والأيام القادمة تحمل الخير".
رام الله- فرح البرغوثي- وكالة سند للأنباء
داخل قلاع الأسْر، صنعَ حكايةَ تفوّقٍ خَلّد بين سطورها صمودًا وعزيمةً تأبى الاستسلام، تشبّث بالأمل، ودَرسَ وتعلّم لكي يُعوّض تلك السنوات التي حاول الاحتلال خنقه بها؛ ليتجلّى معنى "من رَحمِ المعاناةِ، يُولدُ الإبداع".
الأسير يوسف سمير الشعيبي (43 عامًا) من قرية دير غسانة شمال غرب رام الله، تحدّى الأسر وحصل مؤخرًا على شهادة البكالوريوس تخصّص الاجتماعيات، من جامعة القدس المفتوحة، مُحلّقًا بأحلامه وطموحاته متجاوزًا ضيق المكان وأسلاكه الشائكة.
ويقضي "الشعيبي" حكمًا بالمؤبد مدى الحياة، بعد اعتقاله في 20 آب/ أغسطس 2004، ولم يتجاوز عمره آنذاك 24 عامًا.
فرحةٌ منقوصة..
قبل نحو أسبوعين، عاشت عائلة الأسير مشاعر مُختلفة، حضرت حفلَ تخرجه رغم غيابه، وتسلّمت عنه ثمارَ تَعبِه وجهده التي حصدها بعد تحدياتٍ كبيرة.
تقول زوجته، منال الشعيبي: "عندما أخبرته أنني سأذهب لأستلّم شهادته، لم أكن أعلم أنه متهم بها لهذا الحدّ! كان مسرورًا جدًا أننا سنحضر حفل تخرجه ونُحضر له الشهادة، وطلب مني أن أُهنئه بمنشورٍ خاص على موقع الفيسبوك".
وعن مشاعرها في الحفلة، تُخبرنا: "اختلطت في قلبي مشاعرَ الفرح والحزن، فرحٌ بأنني فخورةً بزوجي وإنجازه رُغم الصِعاب، وحزنٌ لأنني تمنيت أن يكون معنا وهو من يتسلّمها".
في هذه اللحظات، كانت أمنية "منال" الوحيدة، أن تحضرَ الحفل مع زوجها ونجلها "سمير" كعائلةٍ واحدة، يُشاهدوه وهو يصعد دَرَج المِنصة، يُحيّوه بفخرٍ وسرور، ويلتقطوا معه الكثير من الصور بثوبِ التخرج.
وبصوتٍ يشوبه الألم، تُردّد: "صحيحٌ أنها فرحة؛ لكنّها كانت منقوصة، تُشبه يوم نجاح سمير في الثانوية العامة، نحنُ نحتاجه معنا وبجانبنا في كلّ اللحظات والمواقف".
تشبّثٌ بالأمل..
وتلفتُ "ضيفة سند" إلى أنّ زوجها كان يطمح في إكمال مرحلة البكالوريوس منذ بداية اعتقاله، لكنّه كان يأمل أن يتحرّر في أيّ لحظة، وعقب سنواتٍ عدّة قرَّر دراسة تخصّص الاجتماعيات وتعبئة وقته بالدِراسة.
وتبيّن أنّ زوجها كان يطلب منها إدخال الكتب إلى السجن، لكنّ رحلة حصوله عليها كانت "عذابًا ومشقّة" بسبب مضايقات الاحتلال وعدم السماح بذلك.
وتُحدّثنا: "كُنا نحاول أكثر من مرةٍ حتى يحصل عليها، ولم نستسلم.. كنت أُحُبّ أن يُجسّد هذا المشهد لنجلي كيف يتحدى والده كلّ الصِعاب ويدرس خلف القضبان".
شبلٌ يدعمُ والده.
واستطاع "يوسف" أن يَمنحَ بإصراره وصبره، دفعةً إيجابية لنجله "سمير" الذي اتخذّه قدوةً له، وسار على خُطاه، حتى تفوّق في مرحلة الثانوية العامة، والتحق بجامعة بيرزيت.
وعند سؤالها "كيف أثرا ببعضهما"، تُجيب: "كان الاثنان يدعمان بعضهما البعض، ومثلما كان زوجي يحثّ سمير على الدراسة والتفوّق، أصبح هو الآخر يحثّ والده على ذلك، ويمنحه شعور الفخر، رغم أنه يتساءل كثيرًا كيف يدرس والده وكيف يحضر المحاضرات".
وتشيرُ إلى أن زوجها شغوفٌ بالعلمِ والقراءة، وهذا ما جعله يصبر ويَصل، ويطمحُ حاليًا بإكمال مسيرته التعليمية بالدراسات العليا.
أيامٌ قاسية..
تسترجع ضيفتنا بذاكرتها عندما اعتقل الاحتلال زوجها، وزجّه خلف قضبانه، بعيدًا عنها وعن طفله البِكر الذي لم يتجاوز عمره آنذاك بضعة أيام
وعن تلك الأيام، تُردد بقلبٍ مكلوم: "كانت فترةً صعبة جدًا.. في عامنا الأول من الزواج اعتُقل يوسف، وبعدما أُفرج عنه وأنجبت طفلي سمير، زُجّ مرةً أخرى بالأسر في 20 آب 2004".
وتصفُ هذه الفترة، بقولها: "عشنا أيامًا صعبة ونحنُ ننتظر إصدار الحُكم، وعندما حُكم عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة، كانت من أقسى اللحظات التي لا تصفها الكلمات، خاصةً أننا ما زلنا نُؤسس حياتنا الجديدة ونحاول الاستقرار بها"
وبصوتٍ يختلط به الصبر والألم، اختتمت: "مرّت سنوات العمر وأملنا بالله كبير.. هو يمنحني القوّة، وأنا أبادله ذات الشعور.. حياتنا ليست سهلة؛ لكنّنا نسند بعضنا البعض.. نسأل الله أن تكون الأيام الصعبة ذهبت، والأيام القادمة تحمل الخير".