اعتذار من مآذن القدس
يا ويح قلبي,وطيف القدس قد خطرا
وانهال دمعٌ على الخــدّين , وانهمرا
ماذا أقول لمن في الروح تسكنني ؟
وقــد سلوتُ غــــراماً كان قد كبــرا
ماذا أقـــول ؟ وأعــــــذاري تكذّبني
فكلّ شعري على محرابهــا نُثِــــــرا
نامت لتحـــلم أنّا قد نجيء غـــــداً
بتاج مجــــدٍ , يزيح الهمّ والكـــدرا
من وحشة الموت جئنــاها بتعزيـــةٍ
إذْ مات فينا صهيل العزم , واندثـرا
غصّت مآذنهــا , والقهــــــر جلّلهــــا
وناسَ صوتُ أذان الفجر , وانحسرا
هذي الملايين أشباحٌ , بغير هــــدىً
تسير نحـو هـــلاكٍ عمَّ , وانتشــــرا
يا قدس عذراً,فما في العرْب من أحدٍ
إلّا وتاجــــر بالأقصى , وقــد خسرا
باعوك شجْبــاً , وأوهامــاً مدبّجــــةً
فلا الدّعــاءُ , ولا استنكارهم نصَــرا
خصيــان قــومٍ , أرادوا أن نزوّجهم
فما استطاعوا , ولا مولودهم حضرا
في كلّ يومٍ لهم نصــرٌ , ومفخــــرةٌ
إلّا إليــكَ , فما من فـارسٍ عبـــــــرا
ما زال يحلم شــيخ المسلمين هنــا
أن يرسل الله في يومٍ لنـــا عُمَـرا !!
فلا أتى سيفه المســلول ينقذنـــا !!
ولا صــلاحُ أتى للبيت منتصـــرا !!
ولا المسيح رمى صلبانَـــه , ومضى
إليكِ يوماً يعيـد الروحَ , والبصـرا !!
فلْتعــذري أمّـــــةً فرسانها عجـــــمٌ
وكلّ حُـــرٍّ بها في سجنها انطمـــــرا
ولْتذرفي الدمع في صمتٍ على عربٍ
كانوا أُبـاةً , وباتوا في الدُّنى خبــرا
هذي شعوبٌ أمات القمــع جذوتهـــا
والذلّ حاصرها , والعظـمَ قد نُخِــرا
قومي من الموت يا عنقاءُ, وانتصري
فمــا سواكِ يـــردّ البغْيَ , والخطــرا
لا يُـرجِع الحـــقَّ إلّا مَنْ عزيمتُــــــه
تأبى الهـوانَ , ومَنْ للمجد قد نفـــرا
ظلّي كما الصقر في العلياء شامخةً
وصفقة العـــــار ردّيها لمن غـــــدَرا
قولي لهم : هاهنا في العيد موعدنا
لا يركع الشّبلُ , من في مهـــده زأرا
وأرضعيهم حليبَ العــــزِّ من صغــرٍ
وعلّميهم دروسَ الرفض , والعِبـَـــرا
نعــــلاكِ أطهــــــر من تــاجٍ يكلّلهم
فلا تنـــادي الذي من عهــره استترا
ملّتْ صحائفنا من زيــف معجــــزةٍ
أن يصبح العُرْب في أمــرٍ لهم بشرا
عبد الكريم سيفو _ سورية