أرضُ الرباطِ ...
وقفتُ على جفنِ الشّموخِ مغرّدا
وألجمتُ دمعي خوفَ إشفاقةِ العدا
بذرتُ على أسوارِها قمحَ مهجتي
لعلَّ بها تنمو سنابلُ من فِدا
نسجتُ عشوشَ الحبِّ أعلى قبابها
فشعّتْ بنورٍ ليس يطفئُه الرّدى
وطارَ فؤادي في الفضاءِ محلِّقًا
فلمّا رأى مسرى الرّسولِ تورّدا
فسالت دموعُ القلبِ شوقًا وحُرقةً
وكنتُ أظنُّ القلبَ صخرًا تجلمدا
على سفحِ أعوامٍ مضت بي وغربةٍ
أرى الشوقَ يا قدسَ الهدى مُتجدِّدا
له من شموعِ الرّوحِ ما ازدادَ وهجُهُ
ونارٌ بأحشائي تهيجُ على المدى
سجدتُ بأحلامي على طهرِ أرضِها
ألملمُ بعضًا من ترابٍ ومن ندى
وأصنعُ تمثالاً لزيتونِ طورِها
ليبقى على الأيّامِ للحقِّ موردا
وأغرسُ فيهِ الرّوحَ أسقيهِ سرَّها
عساها ستنمو من ثرى القدسِ موعدا
يُجمّعُ آسادًا تسنُّ نيوبَها
لتشحذَ سيفًا للنّفيرِ تجرَّدا
وتبري سهامًا كم تشوَّقَ قوسُها
ليطلقَها نحو الظلامِ مُسدِّدا
ويصرخُ في جوفِ الدّجى ولهيبُهُ
كنفثةِ تِنّينٍ يصولُ معربِدا
ينادي وبالتهليلِ يجتاحُ ظلمةً
ويسعى وللتكبيرِ جاء مردّدا
وقفتُ على وهجِ القوافي كأنجمٍ
تضيءُ سطورَ الشّعرِ آملةً غدا
وأتركُ في الأرجاءِ بصمةَ لاجئٍ
برغمِ كؤوسِ الضّيمِ للفجرِ أنشدا
تسلّقْتُ وجهَ الكونِ أبحثُ في الفضا
وأكتبُ تاريخَ الرجوعِ مجدَّدا
أكَحِّلُ عينَ القدسِ من بعدِ رَمدةٍ
فتزهو على حلوِ المكاحلِ مِرودا
أيا قدسُ أنتِ الشوقُ والحبُّ والهوى
أطلْنا التّنائي والتّداني تَعقّدا
فطبتِ وطابَ الموتُ في ساحةِ الألى
بأرضِكِ باتوا ساجدينَ وهُجَّدا
بأرضِ رباطٍ رابطوا رغمَ جُرحِهم
وزادوا على ظلمِ الطغاةِ تمرُّدا
ونحنُ على ثغرِ الجراحِ ونزفَنا
نرابطُ في شوقٍ يزيدُ توقُّدا
فإن نصدقِ الإيمانَ فالنّصرُ قادمٌ
وليس يُضيعُ اللهُ إيمانَنا سُدى
وإن سدّدَ الإيمانُ باللهِ سهمَنا
فإنَّ إلهَ العرشِ للسهمِ سدَّدا
غدا ترتدي الأحلامُ ثوبَ زفافِها
وتنتعشُ الأفراحُ نصرًا مؤيَّدا
ترفرفُ فوقَ القدسِ أسرابُ عِزّةٍ
ويهطلُ غيثُ النصرِ فيها مزغردا
ريما البرغوثي /الأردن