على بوابة القدسِ
وعند المسجد الباكي من الأصفاد والحبسِ
وخلف مواجع الأقمارِ عند مواجد الشمس
أُغنِّي مثلَ قُبَّرةٍ على الأيكِ * :
(على أطلال يافا يا أحبائي
وفي فوضى حطام الدور بين الردم والشوك
وقفتُ وقلت للعينين
يا عينين
نبكِ)
وقلتُ اليوم للدنيا : ألا تبكي ؟!
عُيونُ الأرضِ قدْ جفت حواصلها من المأساة
وجيشُ الليلِ يَكتبُ من دَمي المَلهاة
ألا تبكي؟؟!
قصيدةُ عشقنا ذُبحت على الحجرِ
وصوتي ظلَّ مخنوقاً يغنيني بلا وترِ
هنالك فوق ربوتها
تدغدغني مواجدها
توشوشني منائرها
وتكتب في خطاب العشق تسألني عن الذكرى
عن الصور
وتسألني عن الموال ما معناه
من الراعي الذي غناه
عن الجفرا وعن صبرا
وعن أواه بعد الآه
تحدثني عن الفرس الذي قد عاد من منفاه
وما عاد الذي تهواه
**
على بوابةِ القدسِ
وعند المسجد الباكي من الأصفاد والحبسِ
وخلف مواجع الأقمارِ عند مواجد الشمسِ
وقفتُ أرددُ الأشعارَ بينَ الصَّحن والمنبرْ
رأيت التاجر المهووس من أنسال عدنانِ
يبيع التوتَ للآتين من روما
يبيع التين للآتين من برلين والمهجرْ
وبين المنبر الموجوعِ والمهجر
تحاصرنا تمائمهمْ
وتذبحنا قنابلهمْ
وتحرق سورةَ الإسراءِ في المحراب أنجمُهمْ
تحاصرني مواكبهمْ
تراودني عن الأشعار كي تحكي مواجعَهُم
وأسألهم : مواجِعُكُم ؟!
وقفتُ بقربِ أشجاني
على بوابة الأقصى بقرب المدمع الثاني
وحين يئنُّ صوت الحق في الساحات
ألملم حزني الشعريَّ في ورقاتْ
وأرسم وجه جثماني
أصلي عند أحزاني
وأحزاني على بوابة الأحرار مأسورة
تبيت هنا بلامأوى
نفتش في الندى عنها
فنلفيها على الطرقات مغدورة ...
وقفتُ هناك من جرحٍ بقربِ المدمع الثاني
أبيع الحلمَ بالكلمات والشعر
فلا حلمي يغادرني
ولا شعري يفارقني
ولا الكلماتُ قد بيعت بأموالٍ وأوزانِ
فرحت أقولُ للدنيا مواويلي
دروب القدس ِيرجعها سيولٌ من دمٍ قاني
وإني رغم أوجاعي بباب العشقِ يا أبتي
أسافرُ في شرايين الغد الآتي
وإني يا نداء الصوت في الصمتِ
ويا ريحانة الأرواح في الموتِ
وقفت بقرب أسواري
أغني نبض قيثاري
أقول لهم حنين الأرض موعدنا
صلاةُ الجمعة الغراء بالأشواق تجمعنا
فإن خنقوا هوياتي
أو اعتقلوا حكاياتي
فرائحتي من الزعتر
وحلمي مثل هذا اللوزِ يبقى دائماً أخضر
وفي شفتيَّ زيتونٌ وليمون ٌوتفاحُ
يعانق دمعها بدمي تزغردُ فيه أفراحُ
فإنْ يمحو ظلامُ الليل أوصافي من الدفتر
سأذبحُ ظلمه بيدي ، وينطق في دمي الخنجرْ
لنكبر في دروب القدس أطفالاً وشبانا
لنكبر مثلما كبروا
ونصنع من ندى التكبير في اليرموك إيمانا
عرفتك يا نداء الحرفِ والحتفِ
عرفتك قائماً بالقسطِ لا تبكي على خوفي
أنا يا صاحبَ الأوراق منتظرُ
بقرب الساحةالخضراء
عند القبة الصفراء منتظرُ
فإن المسجد الأقصى حصيرةُ ساحِهِ حمراءْ
وما في راية الأعراب غيرُ الراية البيضاء تزدهرُ
أنا يا صاحب الأنات والأوجاع أصطبرُ
على بوابة المعراج للأمجادِ أنتظرُ
وعيني ترقبُ الآتينَ منبعدِ
وقلبي يرقب الآتين في وجدِ
يُفتش عن شموس المجد يقدم ركبها عمرُ
سأنقشُ عند باب الشوق أشعاري
أرصع في جبين الشعر تذكاري
وأهتف للندى الآتي :
على بوابة القدسِ
رسمتُ قصيدة الأشواقِ للأطفال كالدرسِ
وخلف حكاية الآتين من بوابة الشمسِ
أغني مثلما غَنى على الأقمار سُماَّري
إلى داري
حكايةَ جنةٍ وُلدت من الآهاتِ والنَّارِ
شعر:سمير عطية