سبعون عاماً والقضية زادُها
نيلُ الشهادة في الوغى والمَحْبَرةْ
فاضتْ دمائي مثل سيلٍ عارمٍ
في نكبتين وكلّ حينٍ مجزرةْ
قد هدّني كيد الموالي والعدا
هم (كبّلوا شَفَتيْ وشوقَ الحنجرةْ)
قصّوا جناحاتي قراراً ملزماً
فأنا مهيضٌ رغم أني قسورةْ
مُتصابِراً أمضي ويغشاني الأسى
لكنني ذو همّةٍ مُسْتَبْشِرةْ
قَلَبوا مفاهيمَ الحياة بحرْفةٍ
حتى الخيانة لم تعُدْ مُستَنْكَرةْ
........................... ـ
سبعون عاماً عدتُ فيها القهقرى
وأنا جراحاتي تُباع وتُشترى
سبعون عاماً قد تعرّى قادةٌ
منّا وكنّا قد حسبْناهمْ ذُرى
لاءاتُنا ماتتْ لنكتب نعْيَها
وأتتْ نعمْ تسعى إليَّ تبَخْتُرا
منْ يخذل الأقصى لعمري خائنٌ
ولسوف يخذل آجلاً أُمّ القرى
وأنا المتيّم بالقضيةِ عاشقٌ
للقدس والأقصى وجافاني الكرى
وأنا المُكلّفُ أنْ أضمّ جوانحي
للقدس والأقصى فلا (يتعثرا)
وأنا رهين المسجدين محبةً
ورهين أقصانا جوىً وتَكدُّرا
وأنا رهين الواثقين بربهمْ
نصراً قريباً من لدنهُ مؤزّرا
و أنا رهين حياضنا إذ هُدّمتْ
ولقد حلفتُ بخالقي أن أثأرا
وانا رهين الحاملي أرواحهمْ
فوق الأكفّ لأجل أنْ نتحررا
وأنا رهين القابضين بنانهمْ
أعلى الزناد توثُّباً وتحضُّرا
وأنا الكريم ابن الكريم اصالةً
والكل يشهد أننا أهل القِرى
عشنا كماةً يستجار بأرضنا
وشعار "لا إكراهَ" ساد المنبرا
حتى أتانا من يعيث بساحنا
جاءوا لفيفاً عند وعدٍ قُدِّرا
كيما نتبّر ما علا من شأنهم
ونسوء وجهَ الغاصبين تَعَوُّرا
فأنا الفدائيُّ المخضّب بالدّما
لا عشتُ لي ودمُ الحِمى قد أُهْدِرا
وانا الحسينيْ عند قسطل جرحنا
لم يثْنهِ الخذلانُ أو كيد الورى
لم يعْطهِ العُرْب السلاحَ خيانةً
فمضى شهيد الحسنيين غضنفرا
وانا (الذي بيني وبينك عامرٌ)
مهما بدا صفوُ الحياة مكدَّرا
ولسوف يبقى عامراً يا موطني
حتى أُوَسّد بعد حينٍ في الثرى
وانا الذي غنّى لأجلك ميجنا
زهرَ البنفسج هل تعود منوِّرا؟
وانا الذي عزف الأسى لحناً لهُ
لحناً شجياً في هواك مؤثّرا
وانا الذي نظم القوافي معلناً
أني أبيٌّ لا أُباع وأُشترى
لا أدّعي زوراً بأني مبدعٌ
لكنّ شعري في هواك تمَحْورا
وأنا الذي جرحي وجرحك واحدٌ
نتقاسم الأوجاع حيثُ تيسّرا
وأنا الذي أخشى الرحيلَ مودّعاً
ميْتاً ولا ألقى ثراكَ تطهّرا
قوموا على قبري إذا عاد الحمى
واحثوا عليه بنفسجاً أو عنْبرا
قولوا: انتصرنا واستعدنا قدسنا
فلعلّ روحي أن تكفّ تحسُّرا
شعر: نجم رضوان