الطوفان الذي هز عرش الاحتلال.. 365 يوما من الصمود
أدهم حسانين
بعد أيام قليلة يمر عام كامل على انطلاق عملية طوفان الأقصى، تلك العملية التي هزت أركان الكيان الصهيوني وأعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة المشهد العالمي.
نستعرض أبرز ما حققته المقاومة الفلسطينية من مكاسب، وما واجهته من تحديات وعقبات، ونناقش فرص انتصارها وهزيمة الاحتلال في المستقبل.
ما اكتسبته فلسطين:
أولا: إعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة العالمية
نجحت عملية طوفان الأقصى في كسر حالة الجمود التي كانت تعيشها القضية الفلسطينية، فعادت فلسطين لتتصدر عناوين الأخبار العالمية وتشغل الرأي العام الدولي. هذا الاهتمام المتجدد فتح الباب أمام نقاشات جادة حول حقوق الفلسطينيين وشرعية المقاومة، وفضح المشروع الصهيوني أو توقفه وتعطيله في هذه البقعة من الأرض.
ثانيا: توحيد الصف الفلسطيني
شكلت العملية نقطة تحول في مسار الانقسام الفلسطيني. فقد التحمت مختلف فصائل المقاومة الفلسطينية في مواجهة العدوان الإسرائيلي، مما أظهر إمكانية تجاوز الخلافات الداخلية في سبيل القضية الأم.
ثالثا: كشف هشاشة منظومة الأمن الإسرائيلية:
أثبت طوفان الأقصى أن "جيش الاحتلال الذي لا يقهر" هو مجرد أسطورة. فقد تمكنت المقاومة من اختراق أكثر المناطق تحصينا وهي مركز التجسس في منطقة ريعيم وإلحاق خسائر فادحة بالعدو وأسر أكثر من 250 أسيرا، منهم شخصيات كبيرة داخل جيش الاحتلال، مما زعزع ثقة المجتمع الإسرائيلي بقدرات جيشه وأجهزته الأمنية.
رابعا: تعزيز الدعم الشعبي العربي والعالمي:
شهدت الساحة العربية والدولية موجة غير مسبوقة من التضامن مع الشعب الفلسطيني. تجلى ذلك في المظاهرات الحاشدة التي عمت العواصم العالمية، وحملات المقاطعة التي استهدفت الشركات الداعمة للاحتلال.
خامسا: إحياء روح المقاومة في الأراضي المحتلة:
انتشرت شرارة المقاومة من غزة إلى الضفة الغربية والقدس والأراضي المحتلة عام 1948. هذا التصاعد في العمليات والمواجهات الشعبية أربك حسابات الاحتلال وأثبت أن المقاومة خيار استراتيجي للشعب الفلسطيني، فليس معنى السكون في فترة زمنية أن القضية قد ماتت بل هي حالة هدوء ما قبل التسونامي الفلسطيني.
التحديات والعقبات:
أولا: العدوان الإسرائيلي الوحشي:
واجهت المقاومة والشعب الفلسطيني عدوانا إسرائيليا غير مسبوق في وحشيته. استهدف هذا العدوان المدنيين بشكل ممنهج، مخلفا عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى ودمارا هائلا في البنية السكنية والتحتية حتى قال بعض الخبراء إن الركام في غزة يحتاج أعواما لإزالته، وهذا يرجع الى الهجمة البربرية على غزة.
ثانيا: الحصار الخانق على غزة:
منذ عام 2006 شدد الاحتلال حصاره على قطاع غزة، فمن دخول الشاحنات المحملة بالطعام والاحتياجات الأساسية إلى حالة مماثلة من شِعب أبي طالب، مانعا دخول الغذاء والدواء والوقود. هذا الحصار فاقم من المعاناة الإنسانية وشكل تحديا كبيرا أمام صمود الشعب الفلسطيني.
ثالثا: التواطؤ الدولي مع الاحتلال:
واجهت المقاومة موقفا دوليا منحازا للاحتلال، خاصة من قبل الولايات المتحدة والدول الغربية. هذا الانحياز تجلى في الدعم العسكري والسياسي اللامحدود لإسرائيل، وفي عرقلة أي جهود دولية لوقف العدوان.
رابعا: محاولات تشويه صورة المقاومة:
منذ اللحظة الأولى في الحرب شنّت وسائل الإعلام الغربية والإسرائيلية حملة تشويه ممنهجة ضد المقاومة الفلسطينية، محاولة نزع الشرعية عن نضالها وتصويرها كحركة إرهابية.
خامسا: استنزاف القدرات البشرية والمادية:
أدى العدوان المتواصل إلى استنزاف كبير في صفوف المقاومة، سواء على مستوى الكوادر البشرية أو الإمكانيات المادية والعسكرية.
فرص انتصار المقاومة وهزيمة الاحتلال:
أولا: تنامي الوعي العالمي:
شهدت الحرب الأخيرة على غزة تزايدا ملحوظا في الوعي بحقيقة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في أصقاع الأرض. هذا الوعي المتنامي يشكل فرصة ذهبية للمقاومة لكسب المزيد من التأييد الدولي وفضح ممارسات الاحتلال.
ثانيا: تصدع الجبهة الداخلية الإسرائيلية:
لطالما أظهر الإعلام قوة الاحتلال التي لا تقهر وتماسك المجتمع الداخلي، فأظهرت الأحداث الأخيرة هشاشة التماسك الداخلي في المجتمع الإسرائيلي. الانقسامات السياسية والاجتماعية المتزايدة تضعف قدرة إسرائيل على مواصلة احتلالها على المدى الطويل.
ثالثا: تطور قدرات المقاومة:
أثبتت المقاومة أنها تملك القدرة على تطوير قدرتها العسكرية والسياسية وأساليب التكتيك والاستراتيجيات، ورغم بعض الخسائر إلا أن هذا التطور المستمر يجعل من الصعب على الاحتلال التنبؤ بخطواتها القادمة أو احتوائها.
رابعا: تعزيز التضامن الدولي والعربي والإسلامي:
يجب على المقاومة الاستفادة من حالة التضامن المتزايدة من العالم عامة والعالمين العربي والإسلامي خاصة. هذا التضامن يجب الدفع به إلى أن يترجم إلى دعم سياسي واقتصادي أكبر للقضية الفلسطينية.
خامسا: تغيرات في النظام العالمي:
أصبحت التحولات الجيوسياسية العالمية تدفع إلى تصغير حجم الهيمنة الأمريكية مما يفتح آفاقا جديدة للقضية الفلسطينية، وينعكس على الدعم الدولي اللامشروط لإسرائيل.
سادسا: استمرار الصمود الشعبي:
يشكل صمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بأرضه وحقوقه عاملا حاسما في إطالة أمد المقاومة وإرهاق الاحتلال.
سابعا: تزايد الضغوط الاقتصادية على إسرائيل:
أخفق الاقتصاد الداخلي للاحتلال على مدار ما يقرب من العام الآن في النهوض مما خسره في الشهور الماضية منذ بداية الطوفان، كما تحقق حركات المقاطعة العالمية والدعوة إلى سحب الاستثمارات ضغطا اقتصاديا متزايدا على إسرائيل، مما قد يدفعها للتراجع عن سياساتها القمعية والمدمرة لشعب فلسطين.
رغم التحديات الهائلة، تظل فرص انتصار المقاومة الفلسطينية قائمة. يتطلب تحقيق هذا الانتصار استراتيجية شاملة تجمع بين الصمود الميداني، والعمل الدبلوماسي، وكسب التأييد الشعبي العالمي.
إن عاما على طوفان الأقصى قد أثبت أن إرادة الشعب الفلسطيني لا تلين، وأن المقاومة قادرة على تحقيق ما كان يُعتبر مستحيلا بالأمس.
لقد أعاد طوفان الأقصى رسم خريطة الصراع، وفتح صفحة جديدة في تاريخ المقاومة الفلسطينية. وبينما يستمر الصراع، يبقى الأمل في تحقيق الحرية والعدالة للشعب الفلسطيني حيا، مدفوعا بإرادة شعب لا يعرف الاستسلام، ومقاومة تواصل الكفاح رغم كل الصعاب.
أدهم حسانين
بعد أيام قليلة يمر عام كامل على انطلاق عملية طوفان الأقصى، تلك العملية التي هزت أركان الكيان الصهيوني وأعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة المشهد العالمي.
نستعرض أبرز ما حققته المقاومة الفلسطينية من مكاسب، وما واجهته من تحديات وعقبات، ونناقش فرص انتصارها وهزيمة الاحتلال في المستقبل.
ما اكتسبته فلسطين:
أولا: إعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة العالمية
نجحت عملية طوفان الأقصى في كسر حالة الجمود التي كانت تعيشها القضية الفلسطينية، فعادت فلسطين لتتصدر عناوين الأخبار العالمية وتشغل الرأي العام الدولي. هذا الاهتمام المتجدد فتح الباب أمام نقاشات جادة حول حقوق الفلسطينيين وشرعية المقاومة، وفضح المشروع الصهيوني أو توقفه وتعطيله في هذه البقعة من الأرض.
ثانيا: توحيد الصف الفلسطيني
شكلت العملية نقطة تحول في مسار الانقسام الفلسطيني. فقد التحمت مختلف فصائل المقاومة الفلسطينية في مواجهة العدوان الإسرائيلي، مما أظهر إمكانية تجاوز الخلافات الداخلية في سبيل القضية الأم.
ثالثا: كشف هشاشة منظومة الأمن الإسرائيلية:
أثبت طوفان الأقصى أن "جيش الاحتلال الذي لا يقهر" هو مجرد أسطورة. فقد تمكنت المقاومة من اختراق أكثر المناطق تحصينا وهي مركز التجسس في منطقة ريعيم وإلحاق خسائر فادحة بالعدو وأسر أكثر من 250 أسيرا، منهم شخصيات كبيرة داخل جيش الاحتلال، مما زعزع ثقة المجتمع الإسرائيلي بقدرات جيشه وأجهزته الأمنية.
رابعا: تعزيز الدعم الشعبي العربي والعالمي:
شهدت الساحة العربية والدولية موجة غير مسبوقة من التضامن مع الشعب الفلسطيني. تجلى ذلك في المظاهرات الحاشدة التي عمت العواصم العالمية، وحملات المقاطعة التي استهدفت الشركات الداعمة للاحتلال.
خامسا: إحياء روح المقاومة في الأراضي المحتلة:
انتشرت شرارة المقاومة من غزة إلى الضفة الغربية والقدس والأراضي المحتلة عام 1948. هذا التصاعد في العمليات والمواجهات الشعبية أربك حسابات الاحتلال وأثبت أن المقاومة خيار استراتيجي للشعب الفلسطيني، فليس معنى السكون في فترة زمنية أن القضية قد ماتت بل هي حالة هدوء ما قبل التسونامي الفلسطيني.
التحديات والعقبات:
أولا: العدوان الإسرائيلي الوحشي:
واجهت المقاومة والشعب الفلسطيني عدوانا إسرائيليا غير مسبوق في وحشيته. استهدف هذا العدوان المدنيين بشكل ممنهج، مخلفا عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى ودمارا هائلا في البنية السكنية والتحتية حتى قال بعض الخبراء إن الركام في غزة يحتاج أعواما لإزالته، وهذا يرجع الى الهجمة البربرية على غزة.
ثانيا: الحصار الخانق على غزة:
منذ عام 2006 شدد الاحتلال حصاره على قطاع غزة، فمن دخول الشاحنات المحملة بالطعام والاحتياجات الأساسية إلى حالة مماثلة من شِعب أبي طالب، مانعا دخول الغذاء والدواء والوقود. هذا الحصار فاقم من المعاناة الإنسانية وشكل تحديا كبيرا أمام صمود الشعب الفلسطيني.
ثالثا: التواطؤ الدولي مع الاحتلال:
واجهت المقاومة موقفا دوليا منحازا للاحتلال، خاصة من قبل الولايات المتحدة والدول الغربية. هذا الانحياز تجلى في الدعم العسكري والسياسي اللامحدود لإسرائيل، وفي عرقلة أي جهود دولية لوقف العدوان.
رابعا: محاولات تشويه صورة المقاومة:
منذ اللحظة الأولى في الحرب شنّت وسائل الإعلام الغربية والإسرائيلية حملة تشويه ممنهجة ضد المقاومة الفلسطينية، محاولة نزع الشرعية عن نضالها وتصويرها كحركة إرهابية.
خامسا: استنزاف القدرات البشرية والمادية:
أدى العدوان المتواصل إلى استنزاف كبير في صفوف المقاومة، سواء على مستوى الكوادر البشرية أو الإمكانيات المادية والعسكرية.
فرص انتصار المقاومة وهزيمة الاحتلال:
أولا: تنامي الوعي العالمي:
شهدت الحرب الأخيرة على غزة تزايدا ملحوظا في الوعي بحقيقة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في أصقاع الأرض. هذا الوعي المتنامي يشكل فرصة ذهبية للمقاومة لكسب المزيد من التأييد الدولي وفضح ممارسات الاحتلال.
ثانيا: تصدع الجبهة الداخلية الإسرائيلية:
لطالما أظهر الإعلام قوة الاحتلال التي لا تقهر وتماسك المجتمع الداخلي، فأظهرت الأحداث الأخيرة هشاشة التماسك الداخلي في المجتمع الإسرائيلي. الانقسامات السياسية والاجتماعية المتزايدة تضعف قدرة إسرائيل على مواصلة احتلالها على المدى الطويل.
ثالثا: تطور قدرات المقاومة:
أثبتت المقاومة أنها تملك القدرة على تطوير قدرتها العسكرية والسياسية وأساليب التكتيك والاستراتيجيات، ورغم بعض الخسائر إلا أن هذا التطور المستمر يجعل من الصعب على الاحتلال التنبؤ بخطواتها القادمة أو احتوائها.
رابعا: تعزيز التضامن الدولي والعربي والإسلامي:
يجب على المقاومة الاستفادة من حالة التضامن المتزايدة من العالم عامة والعالمين العربي والإسلامي خاصة. هذا التضامن يجب الدفع به إلى أن يترجم إلى دعم سياسي واقتصادي أكبر للقضية الفلسطينية.
خامسا: تغيرات في النظام العالمي:
أصبحت التحولات الجيوسياسية العالمية تدفع إلى تصغير حجم الهيمنة الأمريكية مما يفتح آفاقا جديدة للقضية الفلسطينية، وينعكس على الدعم الدولي اللامشروط لإسرائيل.
سادسا: استمرار الصمود الشعبي:
يشكل صمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بأرضه وحقوقه عاملا حاسما في إطالة أمد المقاومة وإرهاق الاحتلال.
سابعا: تزايد الضغوط الاقتصادية على إسرائيل:
أخفق الاقتصاد الداخلي للاحتلال على مدار ما يقرب من العام الآن في النهوض مما خسره في الشهور الماضية منذ بداية الطوفان، كما تحقق حركات المقاطعة العالمية والدعوة إلى سحب الاستثمارات ضغطا اقتصاديا متزايدا على إسرائيل، مما قد يدفعها للتراجع عن سياساتها القمعية والمدمرة لشعب فلسطين.
رغم التحديات الهائلة، تظل فرص انتصار المقاومة الفلسطينية قائمة. يتطلب تحقيق هذا الانتصار استراتيجية شاملة تجمع بين الصمود الميداني، والعمل الدبلوماسي، وكسب التأييد الشعبي العالمي.
إن عاما على طوفان الأقصى قد أثبت أن إرادة الشعب الفلسطيني لا تلين، وأن المقاومة قادرة على تحقيق ما كان يُعتبر مستحيلا بالأمس.
لقد أعاد طوفان الأقصى رسم خريطة الصراع، وفتح صفحة جديدة في تاريخ المقاومة الفلسطينية. وبينما يستمر الصراع، يبقى الأمل في تحقيق الحرية والعدالة للشعب الفلسطيني حيا، مدفوعا بإرادة شعب لا يعرف الاستسلام، ومقاومة تواصل الكفاح رغم كل الصعاب.