أحلام على وسادة .. لعبة رقمية فلسطينية تستعيد النكبة

  • الخميس 16, يناير 2025 09:34 ص
  • أحلام على وسادة .. لعبة رقمية فلسطينية تستعيد النكبة
في حكاية شعبية تستعيد النكبة الفلسطينية، تركض أمّ شابة تعيش في فلسطين- قتلت العصابات الصهيونية زوجها عام 1948- إلى منزلها كي تأخذ طفلها حديث الولادة من السرير، لتدرك لاحقاً أنها حملت وسادة بدلاً من طفلها، في عوالم موازية من الكوابيس والصدمات وسنوات من التاريخ الفلسطيني وهي في طريقها إلى لبنان.
أحلام على وسادة .. لعبة رقمية فلسطينية تستعيد النكبة في عوالم موازية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام
في حكاية شعبية تستعيد النكبة الفلسطينية، تركض أمّ شابة تعيش في فلسطين- قتلت العصابات الصهيونية زوجها عام 1948- إلى منزلها كي تأخذ طفلها حديث الولادة من السرير، لتدرك لاحقاً أنها حملت وسادة بدلاً من طفلها، في عوالم موازية من الكوابيس والصدمات وسنوات من التاريخ الفلسطيني وهي في طريقها إلى لبنان.
تختلف نهايات الحكاية اللعبة الرقمية الفلسطينية “أحلام على وسادة” بحسب الجمهور والرواة، فمرّة تفقد الأم عقلها، ومرّة تُقتل، وأخرى تنجح في تجنّب العصابات الصهيونية المتجوّلة للخروج من وطنها وليس العودة إليه.
ويصف مطور اللعبة الشاب الفلسطيني رشيد أبو عيدة، بأنها لعبة مغامرات حول “أرض مليئة بالناس تتحول إلى شعب بلا أرض”. وتأتي اللعبة محمّلةً بالتقاليد الشعبية الشفوية، مع الحفاظ على الجذور التاريخية الدقيقة.
ونجحت اللعبة أخيراً في جمع نحو 200 ألف دولار أمريكي خلال حملة تمويل جماعي لتطويرها بعدما رفضت شركات نشر الألعاب التعامل معها بوصفها “مثيرة للجدل”.
ويقول أبو عيدة، إنه توجّهه إلى الجمهور قوبل بالترحيب والدعم في ترجمة للتضامن العالمي الواسع مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحرب إبادة منذ السابع من أكتوبر 2023.
ويجري تطوير “أحلام على وسادة” داخل الضفة الغربية المحتلة وسط تحديات هائلة، تترواح بين الألم النفسي تجاه ما يحدث في غزة وحتى في الضفة الغربية، وفق المطور أبوعيدة.
ونشر أبو عيدة عبر حسابه على منصّة “إكس”: “بعد سنوات من الابتعاد عن تطوير الألعاب، لم أستطع البقاء صامتاً بشأن تجريد شعبي من إنسانيتهم. لقد صنعت لعبة أحلام على الوسادة، المستوحاة من حكاية شعبية فلسطينية شهيرة عن نكبة 1948”.
وهذه هي اللعبة الفيديو الثانية التي يطورها أبو عيدة بعد اللعبة التي التي تحكي قصة الحرب الإسرائيلية على غزة 2014، والتي خلّفت حينها 2322 شهيداً، بينهم 578 طفلاً و489 امرأة، و11 ألف مصاب، منهم 302 سيدة، إلى جانب ألفي يتيم.
وقتها أدرك أبو عيدة قوّة الألعاب، ورأى أنها تسمح للاعبين بالدخول إلى واقع شخص آخر، حيث بدأ بتطوير لعبة “ليليا وظلال الحرب”، وهي لعبة تدور أحداثها حول رجل يحاول العثور على الأمان لابنته ونفسه، ولكن في ظل الحرب سرعان ما ينتفي الأمان في كل مكان، “أعادت اللعبة الحياة إلى الحقائق القاسية للعيش في ظل الاحتلال والفصل العنصري” كما يقول.
كما في اللعبة الجديدة، رفض الناشرون والمانحون والقيّمون على المنح الثقافية دعم اللعبة، “لأنها مثيرة للجدل للغاية، وتمثّل الكثير من المخاطرة”، مشيرا إلى أن “الحديث عن القصّة الفلسطينية كان ممنوعاً”.
ولفت أبو عيدة إلى أن تطوير اللعبة واجه عقبات ورفض، إذ أعلنت شركة Apple أن اللعبة “سياسية للغاية”، وحظرتها مؤقتاً عام 2016، وحجب عنه القيّمون على صناعة الألعاب التمويل بحجة أنها “مثير للجدل”، لكن ليليا أصبحت ظاهرة عالمية.
وعلى الرغم من الإشادة والاهتمام الذي حظيت به لعبته الأولى، إلا أن أبوعيدة لم يتمكن من جمع التمويل للعبته التالية بالوسائل التقليدية، حيث لجأ إلى الجهور الذي لم يبخل عليه، بوصفه تعبيرا عن الحالة العامة لقضية الشعب الفلسطيني.
ويقول إن “أحلام على وسادة” تحمل طموح وأحلام الفلسطيني الذي حُرم من حقه في صنع الألعاب مثل الآخرين، لكنه يستمر رغم كل الظروف. ولا يمكن أن يتم ذلك بتمويل الألعاب التقليدية، لأن مثل هذا التمويل لا يمكن للفلسطيني الوصول إليه. ولا يمكن تحقيقه بالتمويل الجماعي التقليدي، لأن معظم منصّات التمويل الجماعي الشعبية لا تعترف بفلسطين”.
وفي مقابلة مع موقع “روك بيبر شوتغان” لأخبار ألعاب الفيديو، أضاف: “إنها حياة يومية صعبة للغاية. مجرد اصطحاب أطفالك إلى المدرسة أمر كبير لأنك لا تعرف الطريق الذي يجب أن تسلكه. أنت لا تعلم أين توجد نقاط التفتيش وما إذا كانوا سيغلقون الطرق اليوم أم لا”.
وتابع: “في كل يوم، تحدث هجمات متعددة في قرى مختلفة في المدن من قبل الجنود أو المستوطنين. حرق المنازل، قطع الأشجار، وتدمير الطرق الرئيسية. هذا صخب يومي نعيشه”.
ومضى أبوعيدة إلى القول: “من أجل سرد هذه القصة، ولتحقيق هذا الحلم المستحيل، وجمع فريق من مطوري الألعاب المخضرمين والمبدعين المحليين، تحوّل الفريق إلى منصة “لانش جاد” وهي منصّة تركز على المسلمين، حيث حقّق هدفه التمويلي في 7 يناير، وهو يكفي لتغطية نصف تكاليف تطوير اللعبة، وبمجرد أن تبدأ اللعبة في التبلور، سيكون من الأسهل العثور على الباقي”.
وتابع: “كان الدعم على وسائل التواصل وعلى صفحة الحملة هائلاً، ما يدلّ على اهتمام الناس بالقضية الفلسطينية، لم أتوقع هذا المستوى من النجاح”.
ونقل موقع “سي دي أم” عن أبوعيدة قوله في 2016: “أنا أب لطفلين، لا أستطيع أن أتخيل حياتي من دونهما، لكن في فلسطين لا أحد آمن. عندما بدأت الحرب في غزة ورأيت صور الأطفال مقتولين بين أيدي والديهم، شعرت بالصدمة، انتابني شعور غريب، إنه مزيج من الحزن والخوف والتعاطف والغضب”.
وقال: “كل ما كنتُ أفكر فيه هو: ماذا لو حدث هذا لي؟ لقد اخترتُ مشاركة هذه المشاعر في لعبة لإيصال رسالة حول كيفية عيشنا كفلسطينيين في ظل هذا الوضع. إنها ليست مجرّد لعبة، إنها حالة ونداء للمساعدة”.
وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي شن إسرائيليون وغربيون هجوما على لعبة “فرسان الأقصى” التي تحاكي عملية طوفان الأقصى، وسط مطالبات بحظرها ومنعها في جميع دول العالم لـ”معاداتها السامية”، غير أن اللعبة لا تزال متوفرة على المنصة الناشرة لها.
و”فرسان الأقصى” هي لعبة فيديو إلكترونية أطلقها الشاب البرازيلي من أصل فلسطيني نضال نجم على منصة “ستيم” عام 2022، بطلها شاب فلسطيني اسمه أحمد، تعرض للاعتقال والتعذيب على يد جيش الاحتلال لمدة 5 سنوات، وفقد عائلته على يد جنوده، ليقرر بعد خروجه الانضمام إلى مجموعة مقاومة تدعى “فرسان الأقصى”، والتي تعكس مقاومة الاحتلال.