إرادة الشُّعوب تهزم جبروت الاحتلال!
أحمد عبد الرحمن
ما قدّمته غزة وما زالت من مشاهد عزٍ وفخر، إلى جانب ما قدّمه الشعب اللبناني العزيز، والأبطال في اليمن والعراق، أثبت أنّ إرادة الحياة لدى هذه الشعوب أقوى من آلة حرب الاحتلال.
ممّا لا شكّ فيه أنّ أحد أهمّ أهداف الحرب العدوانية الظالمة على قطاع غزة، وما ارتبط بها من عدوان غاشم وهمجيّ على لبنان كان ترسيخ حالة من كيّ الوعي والشعور بالانكسار والهزيمة لدى الشعبين العزيزين في فلسطين ولبنان، إذ إنّ حجم الهجمات الجوية على وجه التحديد التي شُنّت على المدنيين الآمنين في البلدين، وما تركته من آثار وتداعيات كارثيّة على المنازل والبيوت والمنشآت والبنى التحتية، وعلى كلّ ما يمتّ لحياة الإنسان بصلة كان يهدف في الأساس إلى كسر إرادة الصمود لدى الناس، وإلى إشعارهم بحالة من فقدان الأمن الشخصي والجماعي، وإلى ترسيخ مفهوم الردع الذي بحثت عنه "إسرائيل" طويلاً في السنوات الماضية، والذي تأكّل بشكل متصاعد خلال المعارك المتعدّدة التي اندلعت مع فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية على مدار العشرين سنة الفائتة، ومن ثمّ سقط بشكل دراماتيكي صباح السابع من تشرين الأول/أكتوبر المجيد.
هذا شكّل إلى جانب ما رافقه من أحداث على مستوى الإقليم ضربة قاتلة للمشروع الصهيوني ككلّ، وبات هاجساً يؤرق كلّ الإسرائيليين على اختلاف مشاربهم السياسية، والذين كانوا يعتقدون أنهم أسياد المنطقة، وأنّ سوطهم الغليظ الذي ضربوا به فيما مضى كلّ أعدائهم القريبين والبعيدين، سيكون قادراً على حماية "دولتهم" من الأخطار التي تتهدّدها من كلّ جانب، والتي تؤشّر على أنّ مستقبل هذه "المستوطنة" في المنطقة بات غير آمن، وأنّ كابوس "العقد الثامن" الذي يتخوّف منه معظم الصهاينة قد يتحوّل إلى حقيقة، ولا سيّما أنّ التحوّلات الكبيرة التي شهدها الإقليم خصوصاً فيما يخصّ تنامي قوة المقاومة قد يعجّل في حدوث ذلك الأمر.
بعد توقّف العدوان على قطاع غزة وإن بشكل مؤقت حتى الآن على أقلّ تقدير، كما هو الحال في لبنان، تكشّفت الكثير من المآسي، وظهرت الكثير من التداعيات، وبان بعد اندحار قوات الاحتلال من العديد من المناطق بأنّ ما كان يُخطّط للشعب الفلسطيني تحديداً شيء كبير، ولا سيّما فيما يتعلّق بمشروع التهجير القسري، أو فيما يخصّ عودة الاستيطان الإسرائيلي إلى القطاع الصغير والمحاصر والمنكوب.
بنظرة سريعة على ما تم إنشاؤه في ما كان يُعرف بـ "محور نتساريم "، والذي عاينّا جزءاً منه بعد تراجع دبابات الاحتلال بالأمس، نكتشف أنّ ما كان يُشاع في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن إقامة منشآت عسكرية دائمة، وعن التحضير لعودة الاستيطان إلى أراضي القطاع لم يكن مجرّد بروباغندا إعلامية فقط، بل كان في جزء أساسي منه عبارة عن مشروع متكامل، يتمّ وفق خطط موضوعة سلفاً ومنذ أمدٍ بعيد.
إنّ حجم الشوارع والطرق التي تمّ شقّها في المكان، وحجم عمليات الهدم الهائلة التي جرت حتى آخر لحظة لمئات المنازل والمباني والمؤسسات، يدلّ على أنّ هذه المنطقة تحديداً كما هو الحال في بيت حانون وبيت لاهيا ورفح كانت ستشكّل العمود الفقري للمشروع الاستيطاني في أراضي القطاع، وإلى احتلال طويل الأمد لأكثر من أربعين بالمئة من أراضيه، بما يؤدي في أحد مراحله إلى دفع الناس إلى الهجرة الإجبارية بحثاً عن مكان آمن، وعن حياة كريمة حُرموا منها نتيجة العدوان، ونتيجة الحصار المستمر منذ أكثر من ثمانية عشر عاماً.
يمكننا أن نكتشف من دون حاجة إلى كثير من التحليل، وبناء على ما نشاهده بالعين المجرّدة أنّ الجهد الذي بذلته المقاومة الفلسطينية، وما رافقه من جهد من جبهات الإسناد في لبنان واليمن والعراق وإيران وسوريا قد ساهم بما لا يدع مجالاً للشكّ في سقوط مشروع صهيوأميركي خطير للغاية، وإلى إفشال خطة متعدّدة المراحل تمّ كما يبدو العمل عليها قبل عملية "طوفان الأقصى" بسنوات، وكانت تُعتبر جزءاً من مشروع أكبر يشمل كلّ المنطقة، ويهدف إلى تشكيل شرق أوسط جديد تصبح فيه "الدولة" المارقة والمجرمة سيّدة الإقليم، وملكه المتوّج من دون أيّ منازع أو منافس.
إلى جانب المقاومة وفعلها البطولي والاستثنائي، بالإضافة إلى عوامل أخرى سنشير إليها لاحقاً، يأتي دور الشعوب الحرّة والأبيّة في كلٍ من فلسطين ولبنان، وحتى أكون أكثر تحديداً ومن باب الإنصاف في قطاع غزة وجنوب لبنان، والتي أذهلت العالم بصبرها وثباتها، وحجم تضحياتها الهائل وغير المسبوق، والتي ضربت أروع الأمثال في التضحية والفداء، وفي تشكيل حاضنة شعبية ثابتة وقويّة للمقاومين، إلى جانب قدرة هائلة على البذل والعطاء والتضحيات.
أحمد عبد الرحمن
ما قدّمته غزة وما زالت من مشاهد عزٍ وفخر، إلى جانب ما قدّمه الشعب اللبناني العزيز، والأبطال في اليمن والعراق، أثبت أنّ إرادة الحياة لدى هذه الشعوب أقوى من آلة حرب الاحتلال.
ممّا لا شكّ فيه أنّ أحد أهمّ أهداف الحرب العدوانية الظالمة على قطاع غزة، وما ارتبط بها من عدوان غاشم وهمجيّ على لبنان كان ترسيخ حالة من كيّ الوعي والشعور بالانكسار والهزيمة لدى الشعبين العزيزين في فلسطين ولبنان، إذ إنّ حجم الهجمات الجوية على وجه التحديد التي شُنّت على المدنيين الآمنين في البلدين، وما تركته من آثار وتداعيات كارثيّة على المنازل والبيوت والمنشآت والبنى التحتية، وعلى كلّ ما يمتّ لحياة الإنسان بصلة كان يهدف في الأساس إلى كسر إرادة الصمود لدى الناس، وإلى إشعارهم بحالة من فقدان الأمن الشخصي والجماعي، وإلى ترسيخ مفهوم الردع الذي بحثت عنه "إسرائيل" طويلاً في السنوات الماضية، والذي تأكّل بشكل متصاعد خلال المعارك المتعدّدة التي اندلعت مع فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية على مدار العشرين سنة الفائتة، ومن ثمّ سقط بشكل دراماتيكي صباح السابع من تشرين الأول/أكتوبر المجيد.
هذا شكّل إلى جانب ما رافقه من أحداث على مستوى الإقليم ضربة قاتلة للمشروع الصهيوني ككلّ، وبات هاجساً يؤرق كلّ الإسرائيليين على اختلاف مشاربهم السياسية، والذين كانوا يعتقدون أنهم أسياد المنطقة، وأنّ سوطهم الغليظ الذي ضربوا به فيما مضى كلّ أعدائهم القريبين والبعيدين، سيكون قادراً على حماية "دولتهم" من الأخطار التي تتهدّدها من كلّ جانب، والتي تؤشّر على أنّ مستقبل هذه "المستوطنة" في المنطقة بات غير آمن، وأنّ كابوس "العقد الثامن" الذي يتخوّف منه معظم الصهاينة قد يتحوّل إلى حقيقة، ولا سيّما أنّ التحوّلات الكبيرة التي شهدها الإقليم خصوصاً فيما يخصّ تنامي قوة المقاومة قد يعجّل في حدوث ذلك الأمر.
بعد توقّف العدوان على قطاع غزة وإن بشكل مؤقت حتى الآن على أقلّ تقدير، كما هو الحال في لبنان، تكشّفت الكثير من المآسي، وظهرت الكثير من التداعيات، وبان بعد اندحار قوات الاحتلال من العديد من المناطق بأنّ ما كان يُخطّط للشعب الفلسطيني تحديداً شيء كبير، ولا سيّما فيما يتعلّق بمشروع التهجير القسري، أو فيما يخصّ عودة الاستيطان الإسرائيلي إلى القطاع الصغير والمحاصر والمنكوب.
بنظرة سريعة على ما تم إنشاؤه في ما كان يُعرف بـ "محور نتساريم "، والذي عاينّا جزءاً منه بعد تراجع دبابات الاحتلال بالأمس، نكتشف أنّ ما كان يُشاع في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن إقامة منشآت عسكرية دائمة، وعن التحضير لعودة الاستيطان إلى أراضي القطاع لم يكن مجرّد بروباغندا إعلامية فقط، بل كان في جزء أساسي منه عبارة عن مشروع متكامل، يتمّ وفق خطط موضوعة سلفاً ومنذ أمدٍ بعيد.
إنّ حجم الشوارع والطرق التي تمّ شقّها في المكان، وحجم عمليات الهدم الهائلة التي جرت حتى آخر لحظة لمئات المنازل والمباني والمؤسسات، يدلّ على أنّ هذه المنطقة تحديداً كما هو الحال في بيت حانون وبيت لاهيا ورفح كانت ستشكّل العمود الفقري للمشروع الاستيطاني في أراضي القطاع، وإلى احتلال طويل الأمد لأكثر من أربعين بالمئة من أراضيه، بما يؤدي في أحد مراحله إلى دفع الناس إلى الهجرة الإجبارية بحثاً عن مكان آمن، وعن حياة كريمة حُرموا منها نتيجة العدوان، ونتيجة الحصار المستمر منذ أكثر من ثمانية عشر عاماً.
يمكننا أن نكتشف من دون حاجة إلى كثير من التحليل، وبناء على ما نشاهده بالعين المجرّدة أنّ الجهد الذي بذلته المقاومة الفلسطينية، وما رافقه من جهد من جبهات الإسناد في لبنان واليمن والعراق وإيران وسوريا قد ساهم بما لا يدع مجالاً للشكّ في سقوط مشروع صهيوأميركي خطير للغاية، وإلى إفشال خطة متعدّدة المراحل تمّ كما يبدو العمل عليها قبل عملية "طوفان الأقصى" بسنوات، وكانت تُعتبر جزءاً من مشروع أكبر يشمل كلّ المنطقة، ويهدف إلى تشكيل شرق أوسط جديد تصبح فيه "الدولة" المارقة والمجرمة سيّدة الإقليم، وملكه المتوّج من دون أيّ منازع أو منافس.
إلى جانب المقاومة وفعلها البطولي والاستثنائي، بالإضافة إلى عوامل أخرى سنشير إليها لاحقاً، يأتي دور الشعوب الحرّة والأبيّة في كلٍ من فلسطين ولبنان، وحتى أكون أكثر تحديداً ومن باب الإنصاف في قطاع غزة وجنوب لبنان، والتي أذهلت العالم بصبرها وثباتها، وحجم تضحياتها الهائل وغير المسبوق، والتي ضربت أروع الأمثال في التضحية والفداء، وفي تشكيل حاضنة شعبية ثابتة وقويّة للمقاومين، إلى جانب قدرة هائلة على البذل والعطاء والتضحيات.