"الهدم العقابي" سيف الاحتلال المسلط على رقاب فلسطينيي القدس

  • الخميس 09, نوفمبر 2023 12:43 م
  • "الهدم العقابي" سيف الاحتلال المسلط على رقاب فلسطينيي القدس
القدس المحتلة- كان مخيم شعفاط شمالي القدس الذي يعيش في أحيائه الخمسة 130 ألف نسمة، على موعد مع سلسلة عقوبات جماعية بمجرد اقتحامه في تمام الساعة الخامسة فجر اليوم.
"الهدم العقابي" سيف الاحتلال المسلط على رقاب فلسطينيي القدس
الجزيرة نت - أسيل الجندي
القدس المحتلة- كان مخيم شعفاط شمالي القدس الذي يعيش في أحيائه الخمسة 130 ألف نسمة، على موعد مع سلسلة عقوبات جماعية بمجرد اقتحامه في تمام الساعة الخامسة فجر اليوم.
فقد حاصرت قوات الاحتلال البناية السكنية التي تعيش فيها عائلة الفتى المقدسي محمد الزلباني (13 عاما) المتهم بتنفيذ عملية طعن في فبراير/شباط الماضي على حاجز عسكري إسرائيلي محاذ للمخيم.
ووفقا لشهود عيان، فإن أكثر من 200 جندي اقتحموا المخيم رفقة فرق هندسية وقنّاصة وطائرتين مسيرتين بهدف تفجير منزل هذا الفتى، وباشروا بتوزيع منشورات على السكان، خاصة أولئك الذين يقطنون حول البناية.
وجاء في المنشور "سيتم سماع صوت انفجار في المنزل المجاور لمنزلك.. يتعلق الأمر بهدم منزل إرهابي… عليك الدخول إلى الغرف الداخلية داخل شقتك وعدم الخروج".
المحامي المقدسي مدحت ديبة، الذي يسكن قريبا من المنطقة قال إن هذه المنشورات وضعت أمام المنازل بينما كان أصحابها نياما، مشيرا إلى إجبار أصحاب هذه المنازل على مغادرتها تمهيداً لتفجير المنزل.
إخلاء فوري وترهيب
يقع مكتب المحامي ديبة في البناية المجاورة لمنزل عائلة الزلباني، وقال للجزيرة نت إنه تلقى فجرا اتصالا طُلب منه خلاله التوجه فوراً لفتح مكتبه، وهدده الجنود بتفجير بابه في حال لم يصل خلال 10 دقائق.
"توجهتُ إلى المكتب وفتحته وباشر الجنود تفتيشه للتأكد من عدم وجود أحد بداخله، وهذا يعني أنهم كانوا ينوون إحداث أضرار كبيرة ليس في المنزل المستهدف فقط وإنما في المباني المحيطة به"، يضيف ديبة.
بعد نحو 4 ساعات ونصف من اقتحام المخيم تم تفجير منزل الفتى الزلباني، الذي اتُهم بتنفيذ عملية طعن داخل حافلة عمومية على حاجز مخيم شعفاط عند توقفها من أجل التفتيش.
وأقدم هذا الطفل على طعن شرطي من حرس الحدود عند صعوده لتفتيش الحافلة، الأمر الذي دفع زميل الأخير لإطلاق رصاصتين أصابت إحداها الزلباني والأخرى الشرطي مما أدى إلى مقتله واعتقال الطفل، وفق رواية الشرطة الإسرائيلية.
صدر لاحقا قرار بهدم منزل الفتى الواقع في حي "أبو ماهر" بشارع عناتا الجديد في المخيم، ورُفضت الاستئنافات المقدمة ضد هذا القرار، وبتفجيره اليوم تحت بند "الهدم العقابي" يضاف منزل هذا الطفل إلى 4 منازل أخرى هُدمت منذ بداية عام 2023 تحت البند ذاته، وفق رصدر مراسلة الجزيرة نت.
فقد أُغلق منزل الشهيد المقدسي عدي التميمي في المخيم نفسه، وخيري علقم في بلدة الطور، وحسين قراقع في بلدة العيساوية، بالإضافة إلى تفجير منزل الأسير المقدسي إسلام فروخ في مدينة رام الله.
إغلاق المخيم
عن العقوبات الجماعية التي يتعرض لها مخيم شعفاط بأحيائه الخمسة منذ تنفيذ الشاب عدي التميمي عملية إطلاق نار على حاجز المخيم في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2022، قال المحامي مدحت ديبة إن أخطر هذه العقوبات إغلاق حاجز المخيم بشكل متكرر ومنع الدخول والخروج منه.
ويعاقَب السكان أيضا بالاعتداء عليهم بشكل عشوائي، بدءا من العمال مرورا بطلبة المدارس وليس انتهاء بالنساء وكبار السن.
وأكد ديبة أنه "بمجرد اقتحام المخيم صباح اليوم تم تفتيش العمال وضربهم وسحلهم، واعتدى الجنود على الطلبة والطالبات بتفتيشهم بشكل مهين وإلقاء حقائبهم على الأرض، وأُغلقت الطرقات والأزقة في المخيم الأمر الذي حال دون وصول المرضى وكبار السن إلى المراكز الطبية".
"تقطيع الطرق وإغلاق المسارات المؤدية إلى هذه المراكز الطبية يعتبر عقابا جماعيا أيضا خاصة، أن السيارات تمنع من نقل هؤلاء المرضى خارج المخيم بسبب إغلاق الحاجز العسكري"، وفق المحامي الفلسطيني.
وختم حديثه للجزيرة نت بالقول إن القوات المقتحمة أفرغت 3 بنايات محيطة بالبناية التي تقطنها عائلة الزلباني، وتضم كل واحدة منها 12 شقة سكنية يسكنها 70 فردا على الأقل.
وهذا يعني أن عدد الذين أجبروا على إخلاء منازلهم تمهيدا لتفجير شقة سكنية واحدة بلغ نحو 280 مواطنا عوقبوا بشكل جماعي دون ذنب ارتكبوه، وهو ما يتعارض مع القانون الدولي الإنساني.
سلوك غير مسبوق
الناشط المقدسي حسن علقم، الذي يسكن في مخيم شعفاط أوضح للجزيرة نت أنه في الوقت الذي وصلت فيه القوات إلى محيط البناية السكنية التي يعيش فيها، كانت بناته الثلاث في طريقهن للخروج باتجاه المدرسة، وعندما شاهدن الجنود عدن أدراجهن.
وأضاف: "نزلت إلى مدخل البناية مجددا معهن وبمجرد وصولنا تأهبوا وصوبوا أسلحتهم نحونا وبدؤوا بالصراخ علينا.. ارتعبت الطفلات وعدنا مجددا إلى المنزل كما كافة طلبة المخيم".
بقي علقم وأسرته حبيسي منزلهم لساعات بعد إغلاق كل مداخل ومخارج المخيم وتطويق الكثير من البنايات السكنية واعتلاء أسطح بعضها، وقال إن الجيش نكّل بالعديد من المارة وفتشهم بشكل مهين في مشهد لم يمر على سكان المخيم منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
"الأعداد الكبيرة التي اقتحمت المخيم هدفها بث الرعب في قلوب السكان وردعهم، لدرجة أنهم مُنعوا من فتح نوافذ منازلهم وكل من فعل ذلك صُوّبت الأسلحة نحوه، ولأول مرة في المخيم نشاهد مدرعات نقل الجنود تشارك في الاقتحام ورصدنا 4 مدرعات "نمر" داخله وهو ما تم توثيقه بمقاطع فيديو وصور" وفق علقم.
وأشار إلى أن سكان البناية التي يقع فيها المنزل المستهدف أجبروا على إخلائها خلال دقائق، وطلب منهم الجنود إبقاء أبواب شققهم السكنية مفتوحة بسبب الضغط الكبير الذي سينجم عن الانفجار.
سيناريو اقتحام هذا المخيم وإن كان استثنائيا اليوم، إلا أنه يتكرر بشكل شبه يومي، وأعلنت الشرطة الإسرائيلية قبل يومين عن تمكن عناصرها من "توقيف 23 مشتبها به في نشر مواد تحريضية وداعمة لما تصفه "إرهاب" حماس، وضبط أسلحة ومعدات ووسائل قتالية في حملة واسعة بمخيم شعفاط" وفقا لما نشرته على صفحتها في موقع فيسبوك.