معسكر حوارة.. هكذا تتوه الإنسانية وتُنتهك حقوق الأسرى بين زنازينه!
نابلس - نواف العامر - وكالة سند للأنباء
وسط أشجار الصنوبر على المدخل الجنوبي لمدنية نابلس شمال الضفة الغربية، يجثم معسكر حوارة، أحد أبشع المراكز الاعتقالية والعسكرية التابعة لسلطات الاحتلال الإسرائيلي، والذي شهدت زنازينه الثمانية عشر انتهاك حقوق الأسرى الإنسانية، في ظل انعدام مقومات الحياة الآدمية هناك.
ويرتبط اسم المركز العسكري ببلدة حوارة المقام على أراضيها وأراضي القرى المجاورة، وحاجزها الشهير الذي يقطع أوصال مدينة نابلس وعمقها الريفي ومدن وسط وجنوب الضفة الغربية.
وذاع صيت المعسكر خلال عملية السوق الواقي في الضفة الغربية عام 2002، حيث اعتقل الالاف في ساحاته، حيث كان مركزًا لتجميع المعتقلين من مدينة نابلس وقراها خلال حملات الاعتقال الجماعية إبان العملية العسكرية.
وبني معكسر حوارة في العهد الأردني، وبعد احتلال الضفة الغربية عام 1967، سيطرت سلطات الاحتلال عليه، واتخذت منه قاعدة عسكرية لها في المنطقة، حيث يقع في أراضي سهلية تعود ملكيتها لأهالي حوارة وعورتا.
ويحتوي المعسكر على مقر "الإدارة المدنية" ومقرات للجيش والشرطة والمخابرات الإسرائيلية والارتباط العسكري، ومركز للاعتقال، ومهبط للطائرات العمودية، وتجمع للدبابات والآليات العسكرية، وساحات رماية للتدريب.
انتهاك للإنسانية..
المحرر عبد السلام الجمل من قرية عورتا التي أقيم المعسكر على جزء من أراضيها، لا زالت أصناف اختناق الحياة بين جدران زنازين المعسكر والخيام التي كانت هي الأخرى محطة اعتقالية للأسرى، عالقة بذاكرته .
ويروي "الجمل" لـ "وكالة سند للأنباء" ظروف الاحتجاز التي عاشها في اعتقالات سابقة في معسكر حوارة: "محتويات الزنازين تشكّل لوحدها عذابًا نفسيًا للأسرى واستهداف معنوياتهم، حيث البطانيات الخشنة، والفراش الاسفنجي الرقيق، عدا عن المنع من مغادرة الزنزانة سوى نصف ساعة خلال اليوم".
أما عن الطعام المقدّم للأسرى، فيصفه: "ثلاثة أرباع الطعام اليومي تشكلها وجبة الحمص القليل، وكميات مضاعفة من الخبز، وقليل من اللبنة، والبيض المسلوق سيء الصيت، في واحدة من تطبيقات الاستهداف للاسرى بوجبات لا تشبع ولكنها تبقيهم على قيد الحياة".
ويبيّن الجمل، أن معسكر حوارة يعد مكانا لجمع الأسرى من منطقة نابلس، ومحطة للتنقل بين السجون ومراكز التحقيق والمحاكم.
ويسهب الأسير المحرر في وصف المعاناة اليومية للأسرى في حوارة، ويقول: "عند الحديث عن أبسط حق إنساني للأسير الذي يتمثل في قضاء حاجته، فإن الأمر يعد أمرًا معقدًا في زنازين المعسكر، حيث لا يسمح للأسرى بالخروج من الزانزين سوى وقت محدود جدًا للحمامات العامة والاستحمام خلال اليوم، ما يضطر الأسرى لاستخدام "مبولة" لقاء حاجاتهم داخل الزنازين".
ويختصر "الجمل" الحكاية بقوله إن المركز الاعتقالي لا يصلح للحياة، ويشكل واحدًا من مراكز محاولات كي الوعي وتحطيم المعنويات وردع الشباب، فهو أشبه بالعزل، حيث لا نوافذ في الزنازين والضوء الخافت الأصفر يؤذي الرؤية".
ويستذكر "ضيف سند"، أحاديث والديه في مواسم الحصاد وقطف الزيتون في أراضيهم على أطراف المعسكر، وحكاياتهم حول تاريخ المكان ونشأته، وصدح مئذنة المسجد التي تتوسط التلال المجاورة بالتوشيحات قبل الاحتلال، وتذكير الجنود الأردنيين بمواعيد الصلاة .
انتزاع الحقوق بالإضراب..
لا يقتصر الأمر على الظروف المعيشية داخل زنازين المعسكر، فهناك أيضًا يمنع الأسير بلقاء محاميه بشكل مباشر، حيث تحرم إدارته الأسرى من لقاء محاميهم في زيارات مباشرة، وتقتصر ذلك على الحديث بالهاتف المرئي عبر الواتساب من طرف المحامي المتواجد في جغرافيا المعسكر، مع رقم الخلوي الخاص بإدارة السجن، يقدّم فيه الأسرى طلباتهم وما حصل معهم ووضعهم الطبي، وفق الأسير المحرر علاء حميدان من مدينة نابلس .
ويقول "حميدان" لـ "وكالة سند للأنباء": "اضطررت عام 2021 للإضراب عن الطعام مرتين مطالبًا بنقلي لسجن مجدو بسبب سوء الظروف المعيشية في حوارة، بينما لا يطول الأمر بالأسرى المرضى والحالات الطبية واضحة المعالم، حيث يتم نقلهم للمعتقلات والسجون مباشرة" .
ويوضح "ضيف سند"، أن وجود معتقلين إداريين بين الأسرى وشروعهم بالإضراب عن الطعام، كان يسهم في تخفيف معاناة وجبات الطعام ونقصها ونوعيتها، لأن المعتقل الإداري له حقوق وفق القانون المعمول به أكثر من الموقوفين، تبعًا لقوله .
وتشهد الزنازين في حوارة، اكتظاظا متفاوتا بأعداد الأسرى، وقد يطول بهم الحال إلى 20 يوما، ما يسبب في زيادة المعاناة خاصة فيما يتعلق بأمور النظافة والاستحمام، وفق "حميدان" .
ويحدثنا عن بعض مشاهد سلب الحقوق الإنسانية في زنازين المعسكر: "يعد قضاء الحاجة ورطة بمعنى الكلمة، حيث يتم إغلاق الزنازين طوال اليوم ولا يُسمح بالخروج للحمامات إلا في وقت معين، وعند حاجة الأسير لقضاء الحاجة يتم الشروع بالطرق على الأبواب لساعة أو ساعتين وأكثر، كوسيلة ضغط بهدف الاستجابة للمطلب الإنساني الحساس".
ويتابع: "في السنوات السابقة كانت قضاء الحاجة بوضع برميل بلاستيكي بين الأسرى، تختنق أنفاسهم من روائحه الكريهة، ويضيف لهم حرجا أخلاقيا ودينيا إضافيا أثناء قضاء الحاجة" .
ويسهب "حميدان": "يفتقد الأسرى لوسائل حلاقة الرأس والوجه ومواد التنظيف، وينجم عن فقدانها مشاكل صحية لهم، في ظل معاناة متواصلة طيلة فترة احتجازهم في المعسكر" .
وتتفاوت أعداد الأسرى المعتقلين في معسكر حوارة، وفقٌا للظروف الأمنية وحملات الاعتقال التي تشهدها الضفة، وفق منسق الحملة الوطنية لدعم الأسرى في نابلس مظفر ذوقان .
ويبيّن "ذوقان في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، أنه خلال الظروف العادية من الممكن أن يضم المعسكر ما بين 20-30 معتقلًا، في حين قد يرتفع العدد خلال حمالات الاعتقالات الواسعة والعمليات العسكرية لجيش الاحتلال في مدينة نابلس وقراها ومخيماتها.
ويصف "ذوقان" ظروف المعسكر الحياتية، بالقول: "إن المركز غير مؤهل وفق مطعيات وشهادات الأسرى الذي اعتقلوا فيه، حيث يفتقد للحاجات الإنسانية الضرورية" .
نابلس - نواف العامر - وكالة سند للأنباء
وسط أشجار الصنوبر على المدخل الجنوبي لمدنية نابلس شمال الضفة الغربية، يجثم معسكر حوارة، أحد أبشع المراكز الاعتقالية والعسكرية التابعة لسلطات الاحتلال الإسرائيلي، والذي شهدت زنازينه الثمانية عشر انتهاك حقوق الأسرى الإنسانية، في ظل انعدام مقومات الحياة الآدمية هناك.
ويرتبط اسم المركز العسكري ببلدة حوارة المقام على أراضيها وأراضي القرى المجاورة، وحاجزها الشهير الذي يقطع أوصال مدينة نابلس وعمقها الريفي ومدن وسط وجنوب الضفة الغربية.
وذاع صيت المعسكر خلال عملية السوق الواقي في الضفة الغربية عام 2002، حيث اعتقل الالاف في ساحاته، حيث كان مركزًا لتجميع المعتقلين من مدينة نابلس وقراها خلال حملات الاعتقال الجماعية إبان العملية العسكرية.
وبني معكسر حوارة في العهد الأردني، وبعد احتلال الضفة الغربية عام 1967، سيطرت سلطات الاحتلال عليه، واتخذت منه قاعدة عسكرية لها في المنطقة، حيث يقع في أراضي سهلية تعود ملكيتها لأهالي حوارة وعورتا.
ويحتوي المعسكر على مقر "الإدارة المدنية" ومقرات للجيش والشرطة والمخابرات الإسرائيلية والارتباط العسكري، ومركز للاعتقال، ومهبط للطائرات العمودية، وتجمع للدبابات والآليات العسكرية، وساحات رماية للتدريب.
انتهاك للإنسانية..
المحرر عبد السلام الجمل من قرية عورتا التي أقيم المعسكر على جزء من أراضيها، لا زالت أصناف اختناق الحياة بين جدران زنازين المعسكر والخيام التي كانت هي الأخرى محطة اعتقالية للأسرى، عالقة بذاكرته .
ويروي "الجمل" لـ "وكالة سند للأنباء" ظروف الاحتجاز التي عاشها في اعتقالات سابقة في معسكر حوارة: "محتويات الزنازين تشكّل لوحدها عذابًا نفسيًا للأسرى واستهداف معنوياتهم، حيث البطانيات الخشنة، والفراش الاسفنجي الرقيق، عدا عن المنع من مغادرة الزنزانة سوى نصف ساعة خلال اليوم".
أما عن الطعام المقدّم للأسرى، فيصفه: "ثلاثة أرباع الطعام اليومي تشكلها وجبة الحمص القليل، وكميات مضاعفة من الخبز، وقليل من اللبنة، والبيض المسلوق سيء الصيت، في واحدة من تطبيقات الاستهداف للاسرى بوجبات لا تشبع ولكنها تبقيهم على قيد الحياة".
ويبيّن الجمل، أن معسكر حوارة يعد مكانا لجمع الأسرى من منطقة نابلس، ومحطة للتنقل بين السجون ومراكز التحقيق والمحاكم.
ويسهب الأسير المحرر في وصف المعاناة اليومية للأسرى في حوارة، ويقول: "عند الحديث عن أبسط حق إنساني للأسير الذي يتمثل في قضاء حاجته، فإن الأمر يعد أمرًا معقدًا في زنازين المعسكر، حيث لا يسمح للأسرى بالخروج من الزانزين سوى وقت محدود جدًا للحمامات العامة والاستحمام خلال اليوم، ما يضطر الأسرى لاستخدام "مبولة" لقاء حاجاتهم داخل الزنازين".
ويختصر "الجمل" الحكاية بقوله إن المركز الاعتقالي لا يصلح للحياة، ويشكل واحدًا من مراكز محاولات كي الوعي وتحطيم المعنويات وردع الشباب، فهو أشبه بالعزل، حيث لا نوافذ في الزنازين والضوء الخافت الأصفر يؤذي الرؤية".
ويستذكر "ضيف سند"، أحاديث والديه في مواسم الحصاد وقطف الزيتون في أراضيهم على أطراف المعسكر، وحكاياتهم حول تاريخ المكان ونشأته، وصدح مئذنة المسجد التي تتوسط التلال المجاورة بالتوشيحات قبل الاحتلال، وتذكير الجنود الأردنيين بمواعيد الصلاة .
انتزاع الحقوق بالإضراب..
لا يقتصر الأمر على الظروف المعيشية داخل زنازين المعسكر، فهناك أيضًا يمنع الأسير بلقاء محاميه بشكل مباشر، حيث تحرم إدارته الأسرى من لقاء محاميهم في زيارات مباشرة، وتقتصر ذلك على الحديث بالهاتف المرئي عبر الواتساب من طرف المحامي المتواجد في جغرافيا المعسكر، مع رقم الخلوي الخاص بإدارة السجن، يقدّم فيه الأسرى طلباتهم وما حصل معهم ووضعهم الطبي، وفق الأسير المحرر علاء حميدان من مدينة نابلس .
ويقول "حميدان" لـ "وكالة سند للأنباء": "اضطررت عام 2021 للإضراب عن الطعام مرتين مطالبًا بنقلي لسجن مجدو بسبب سوء الظروف المعيشية في حوارة، بينما لا يطول الأمر بالأسرى المرضى والحالات الطبية واضحة المعالم، حيث يتم نقلهم للمعتقلات والسجون مباشرة" .
ويوضح "ضيف سند"، أن وجود معتقلين إداريين بين الأسرى وشروعهم بالإضراب عن الطعام، كان يسهم في تخفيف معاناة وجبات الطعام ونقصها ونوعيتها، لأن المعتقل الإداري له حقوق وفق القانون المعمول به أكثر من الموقوفين، تبعًا لقوله .
وتشهد الزنازين في حوارة، اكتظاظا متفاوتا بأعداد الأسرى، وقد يطول بهم الحال إلى 20 يوما، ما يسبب في زيادة المعاناة خاصة فيما يتعلق بأمور النظافة والاستحمام، وفق "حميدان" .
ويحدثنا عن بعض مشاهد سلب الحقوق الإنسانية في زنازين المعسكر: "يعد قضاء الحاجة ورطة بمعنى الكلمة، حيث يتم إغلاق الزنازين طوال اليوم ولا يُسمح بالخروج للحمامات إلا في وقت معين، وعند حاجة الأسير لقضاء الحاجة يتم الشروع بالطرق على الأبواب لساعة أو ساعتين وأكثر، كوسيلة ضغط بهدف الاستجابة للمطلب الإنساني الحساس".
ويتابع: "في السنوات السابقة كانت قضاء الحاجة بوضع برميل بلاستيكي بين الأسرى، تختنق أنفاسهم من روائحه الكريهة، ويضيف لهم حرجا أخلاقيا ودينيا إضافيا أثناء قضاء الحاجة" .
ويسهب "حميدان": "يفتقد الأسرى لوسائل حلاقة الرأس والوجه ومواد التنظيف، وينجم عن فقدانها مشاكل صحية لهم، في ظل معاناة متواصلة طيلة فترة احتجازهم في المعسكر" .
وتتفاوت أعداد الأسرى المعتقلين في معسكر حوارة، وفقٌا للظروف الأمنية وحملات الاعتقال التي تشهدها الضفة، وفق منسق الحملة الوطنية لدعم الأسرى في نابلس مظفر ذوقان .
ويبيّن "ذوقان في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، أنه خلال الظروف العادية من الممكن أن يضم المعسكر ما بين 20-30 معتقلًا، في حين قد يرتفع العدد خلال حمالات الاعتقالات الواسعة والعمليات العسكرية لجيش الاحتلال في مدينة نابلس وقراها ومخيماتها.
ويصف "ذوقان" ظروف المعسكر الحياتية، بالقول: "إن المركز غير مؤهل وفق مطعيات وشهادات الأسرى الذي اعتقلوا فيه، حيث يفتقد للحاجات الإنسانية الضرورية" .