عن رمضان داخل أسوار السجن.. أسيرات محررات يتحدثن عن تجاربهن

  • الأربعاء 06, أبريل 2022 12:38 م
  • عن رمضان داخل أسوار السجن.. أسيرات محررات يتحدثن عن تجاربهن
عند الحديث عن شهر رمضان المبارك داخل أسوار السجن، تبدو غصّة الأسيرات الفلسطينيات ثقيلة، لفقدانهن الأهل في حضرةِ وجبة سحور خفيفة، إفطار شهيّ، صلاة التراويح، أو توقًا لضحكات العائلة في ليال السمر الهانئة، لكنّ وبالرغم من تلك المنغّصات يحاولن صناعة الفرح قدر المستطاع وإيجاد السلوى في رفيقات الأسر.
عن رمضان داخل أسوار السجن.. أسيرات محررات يتحدثن عن تجاربهن
إيمان شبير - وكالة سند للأنباء
عند الحديث عن شهر رمضان المبارك داخل أسوار السجن، تبدو غصّة الأسيرات الفلسطينيات ثقيلة، لفقدانهن الأهل في حضرةِ وجبة سحور خفيفة، إفطار شهيّ، صلاة التراويح، أو توقًا لضحكات العائلة في ليال السمر الهانئة، لكنّ وبالرغم من تلك المنغّصات يحاولن صناعة الفرح قدر المستطاع وإيجاد السلوى في رفيقات الأسر.
داخل غرف السجون المهترئة، ثمة أحبال زينة مُعلّقة على الجدران مصنوعةً من أملٍ لا ينقطع، وأدواتٍ بسيطة من ورقِ الدفتر، يُخيّل لنا أن لا بهجة داخل الأسر، لكن الفلسطينيات يصنعن من اللا شيء ألوان الفرح في رسالةٍ قوية للسجان أن "شعور فقد الأهل لن يُثني إرادتهن".
"بكابر على وجعي" عبارةٌ خرجت من قلبِ أم عاشت شهر رمضان داخل السجن مع فتيات أصغر منها سنًّا، كانت تجلس بينهن، وتخفف الوجع وتمسح دمع المعاناة في قلوبهن، رغم فؤداها الذي يتضور وجعًا وقهرا.
"أم الأسيرات"
تقول القيادية في الجبهة الشعبية والأسيرة المحررة خالدة جرار، "إن شهر رمضان بالنسبةِ للأسيرات هو عبارة عن مزيج من الشعور بالفرح بقدومه، وشعور آخر بالغصة لافتقاد لمّة العائلة".
وبنبرة حنونة تُردف "جرار" لـ "وكالة سند للأنباء" : "كنتُ في الغرفة الأكبر سنًّا وجميعهن فتيات، عشت بمشاعر الأم تجاه بناتها، وكان لزامًا عليًّ أن أقوم بتعويض الأسيرات عن غياب العائلة".
لكنّ ماذا عنكِ كإنسانة وأم أيضًا بعيدة عن عائلتها؟ ترد بعد تنهيدة: "كنت أكابر وأرش على الجرح ملح، وأقف قوية أمام الأسيرات حتى لا يستسلمنّ للحزنِ ومرارةِ الفقد.
وفي حديثها عن الطقوس الرمضانية في داخل الأسر، تسرد: "نتعاون جميعًا في طقوس التزيين بأدواتٍ بسيطة من الكرتون نصنع الفوانيس وهلال رمضان، أما المأكولات، كُنا نحاول صنع أكلات مميزة ضمن الإمكانات المتاحة المتواضعة في السجن".
وتُكمل: "كُنا نقوم بكافةِ الطقوس المسائية التي تتمثل في صلاة التراويح، وقراءة القرآن، وقيام الليل، بالإضافةِ إلى متابعة البرامج عبر الإذاعة".
وتمنع إدارة مصلحة السجون الزيارات بين الأسيرات وقت الإفطار خلال الشهر الفضيل، ونادرًا ما تسمح لهم بوقتٍ قصير جدًّا، بحسب "جرار".
لم يكن شهر رمضان هذا العام على القيادية "جرار" عاديًّا، فقد جاء ثقيلًا بطعم الفقد لوالدتها وابنتها؛ "كان الأصعب على الإطلاق وزاد ألمي" كما تصفه، مستطردةً "الإنسان كان ولا يزال يحاول الصمود أمام صعوبات الحياة طالبًا من ربه الصبّر والقوة".
يُذكر أن والدة القيادية "جرار" توفيت في أكتوبر/ تشرين أول من عام 2021 أي بعد نحو شهرٍ من الإفراج عنها، سبقها وفاة ابنتها "سها" في تموز/ يوليو خلال تواجدها في الأسر.
"غياب الأم"
وبالانتقال إلى تجربةٍ أخرى تقول الكاتبة الفلسطينية والمحررة لمى خاطر: "إن شهر رمضان في سجون الاحتلال يُمثّل خصوصية لدى الأسيرات الأمهات، فالأم هي "محور البيت" في رمضان، وغيابها عن أبنائها يعني فراغ وحزن كبير".
وتتحدث "خاطر" لـ "وكالة سند للأنباء"، أن "الأسيرات يتجهزن لشهر رمضان بالأدوات البسيطة الموجودة داخل الأسر المتمثلة بالأقلام والكراتين والأوراق"، موضحةً أنه يتم إعادة تدويرها بصنع أشكال "الأهلة والنجوم" لصناعة الفرحة والبهجة في الشهل الفضيل.
وتستطرد "خاطر"، أن التفاصيل الأولى في شهر رمضان داخل السجن، له شعور مختلف ممزوج بالقربِ من صديقات الأسر، والبعد عن دفء العائلة، لافتةً إلى أن دموع الشوق والرجاء حاضرة في كُلِّ يوم على مائدةِ الطعام.
وفي إجابتها على سؤالنا "ما الذي لا تنساه لمى عن رمضان في السجن؟" تُشير إلى "تجهيز الأسيرات لقيام الليل، وتوزيع الحِمل من ناحية الإمامة، إضافةً إلى ختم القرآن كاملًّا"، مؤكدةً أن ذلك يُشكّل نوع من التآلف في السجن، ويُرسخ الروح الواحدة في تبادل الهموم والمسرات.
وتُبين، أنَّ قيام الليل في السجن، كان له نكهة خاصة حتى الدعاء، مُشيرةً إلى أن "الإنسان يشعر كأنه على تماس مباشر مع السماء؛ لأنه في مكان معزول والعبادة تحتاج إلى عُزلة".
رمضان بقرب العائلة
أما الأسيرة المحررة نسرين أبو كميل من قطاع غزة التي تحررت في أكتوبر الماضي، تُشير إلى الحديث عن رمضان داخل السجن يُثير فينا الكثير المشاعر، خاصة عندما تتذكر أن لك عائلة خارج أسوار السجن تشتاق لك كما تشتاق لهم أنت، ولتفاصيلهم في الحياة العادية فكيف بهذا الشهر؟
وتسطرد "أبو كميل" لـ "وكالة سند للأنباء" لكن بالرغم من ذلك إلا أن الأسيرات الفلسطينيات يصنعن الفرحة من رحم الألم داخل السجون ابتهاجًا برمضان، من خلال التزيين، والسلاسل الورقية الملونة على جدار غرفة السجن بعبارات "رمضان كريم".
لكنّ ماذا عن الرمضان الأول لـ "نسرين" برفقةِ عائلتها بعد غيابٍ قسري امتد لـ 6 سنوات، قفز الفرح في صوتها أثناء الإجابة: "شعورٌ لا يوصف، إنه أكبر من الكلمات، كأنه بهجة مطلقة، لطالما حِلمت به وبكيت ودعوت الله لأجله، وهنا أنا أعيشه بفضلٍ من الله".
وحتى نهاية شهر فبراير/ شباط الماضي، يقبع في سجون الاحتلال 33 أسيرة من بين قرابة 4400، أسيرًا، وفق مؤسسات معنية بشؤون الأسرى.