في غياب الأب قسرًا.. أبناء الأسرى يعيشون نجاحاتهم بمشاعر فرحٍ منقوصة
غزة/ الضفة الغربية - إيمان شبير – وكالة سند للأنباء
هل فكرت يومًا كيف يعيشُ أبناء الأسرى شعور الفرح في مناسباتهم السعيدة ومحطات النجاح التي يمرّون بها على مدار سنوات حياتهم؟ في وقتٍ غيّب الاحتلال الإسرائيلي آبائهم في زنازين مهترئة وظروف اعتقالٍ قاسية.
حسنًا هل عشت شعورهم وهم على منصة تكريم ما، يبحثون في عيون الحاضرين عن لَمعة فخر مملوءة بدموع بهجةٍ محددة لا تُشبه غيرها! ماذا عن شعور عنِاق فرحة العمر التي يُحرم منها هؤلاء فقط لأن الاحتلال أراد ذلك.
هذا وغيره من مشاهد الحياة وتفاصيلها، تمرّ بشعورٍ ناقص ومرير على قلوب ذوي الأسرى مهما بدا الأمر عاديًا لمن حولهم، فعامود البيت غائبًا عن جوهر تفاصيلهم وأبسطها.
الأسير نضال البرعي من غزة.. 28 عامًا وحضن والدته ينتظر عودته
وفي يوم الأسير الفلسطيني الذي يُصادف (17 إبريل/ نيسان) من كل عام ، تسلط "وكالة سند للأنباء" الضوء على ما يعيشه هؤلاء من ظروف ومشاعر، وما هي رسائلهم وهل سيجدون مخرجًا لهذا التيه؛ في ظل غياب الآباء قسرًا في سجون الاحتلال.
"فرد غائب"..
الشابة دانا ثابت (20 عامًا) تدرس العلاقات الدولية في جامعة فلسطين التقنية بطولكرم، وهي ابنة الأسير مسلمة ثابت والمحكوم بالسجن عليه 25 عامًا، وحينما اُعتقل لم تكن قد أبصرت نور الحياة بعد.
تقول "دانا" بنبرةٍ حانية: "تفوّقت في مرحلة الثانوية العامة بمعدل 93.1، وكان الجميع يجلسون حولي، يتبادلون التهنئة معي، وكنت أنظر في وجه كل وحدٍ فيهما كأنه "أبي"، إنه لقهر أن أفتقد السند، وهذا أكثر ما نغّص فرحتي "الفرد الغائب"
وتسرد: "الاحتلال حرمني أن أكبر بين أحضان والدي، اعتقله الجيش وأنا في بطن أمي، وأصبحتُ صبية في غيابه، فهو لم يرَ كيف كبرت طفلته، ولم يسمع كلمة بابا مني في أول مرةٍ نطقتها، هكذا يُريدنا الاحتلال أن يكسر عزيمتنا، لكن حاشا أن ينال منها شيئًا".
وفي مرحلة الجامعة كانت تجلس "دانا" بين زميلاتها تتحدث عن اهتمام والدها بها، أو الحضن الصباحي لها، يفتخرن بذلك، بينما ضيفتنا ترقب أحاديثهم بوجعٍ والكثير من الأمل أن تعيش هذه التفاصيل قريبًا مع والدها.
وتستدرك "دانا" بعد تنهيدة: "كنت أهوّن على نفسي بمناقب أبي، وأفتخر أنَّه بطل من أبطال فلسطين، لكن القيد يمنعني من عناقه".
وكأي فتاة تمنيت "دانا" أن يُشاركه والدها كل فرحة بحياتها سواءً كانت صغيرة أو كبيرة، تُردف: "أنا كبرت دون عطفه وإرشاده، تمنّيتُ لو كان بالقرب مني، تمنّيت لو أنه يمشي معي إلى الجامعة، كما أرى كل الآباء يفعلون".
وتُشير إلى أنها زارت والدها أربع مرات خلال فترة أسره، وآخر زيارة لها قبل 3 أشهر، وفي كل مرة يُشعرها والدها بطفولتها "إنه يتخيلني ذاك الجنين الذي تركه مرغمًا في رحم أمه، كبرت ولازال يخبرني أنني طفلته التي لن تكبر في عنينه".
وقبل أن تختم حديثها معنا عبّرت عن امتنانها لوالدتها التي تقوم معها وإخوانها منذ اللحظة الأولى لاعتقال والدهم بدور الأب والأم معًا، قائلةً: "إنها امرأة عظيمة صبرت، وكبّرتنا جميعًا وتسعى جاهدة كي لا نشعر بنقص في غياب والدنا".
"معاني مفقودة"..
أما الشاب جمال عرام (33 عامًا) ابن الأسير خليل عرام والمحكوم بالسجن المؤبد 7 مرات فيُعبّر عن شعور غياب والده بالقول: "كل عيد ومناسبة سعيدة هي فرحة منقوصة لنا، أتمنى لو أنه معنا، نسمع صوته في أرجاء المنزل ويقاسمنا تفاصيل الحياة بحلوها ومرّها".
ويُضيف أنه مرّ منذ كان طفلًا بمناسبات متتالية كان يفتقد فيها حسّ والده وحنانه عليه ما يُفقده جوهر الفرحة، متحدثًا عن أبرز هذه المناسبات: "مررت بفرحة التخرج وافتقدت وجوده بجانبي، وتزوجت وأنجبت طفلًا تمنّيت لو أنه كبر بين أحضان جده".
ويزيد: "حين رزقني الله بطفلي، كان يراودني تساؤلات كثيرة عن تفاصيل هذه المشهد (..) كيف هو شعور والدي حين أصبح جدًا للمرة الأولى؟ وماذا لو كان بيينا وكان أول من يحتضن حفيده وابنه؟ لكن كل هذه المعاني باتت مفقودة في ظل وجود محتل متجبّر".
وعن أصعب المواقف يحكي "عرام" أنه "في العام 2010 تُوفيا جدي وجدتي لأبي، وكان بينهما فقط شهر واحد، افتقدنا وجوده، حتى أن الاحتلال منعه من وداعهما، فصار الحزن مضاعفًا على قلوبنا (..) هو عاش حزنه لوحده، ونحن عشنا وجعنا بعيدًا عنه".
ويُلفت "ضيف سند" إلى أن الأسير داخل سجون الاحتلال ينتظر دائمًا أي فرحة في حياة أبنائه؛ ليخفف عن حاله عبء الأسر لسماع هذه الأخبار المُفرِحة في ظل واقع المعتقل الأليم، موضحًا أن أخبار الفرح من خارج السجون هي بمثابة مخزون الصبر بالنسبة له.
ونبرةٍ موجِعة يُعبّر جمال عرام: "أنا فقدت الحنان الذي يحتاجه الطفل في فترةِ الصغر، ومن ثم أصبحت أقوم بدور المسئولية، وكنتُ أحتاج من يُعينني ويوجهني"
يُذكر أن الأسير خليل محمود يوسف أبو عرام (53 عامًا) من سكان بلدة يطا قضاء مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، أنهى عامه الـ 21، ودخل عامه 22 على التوالي في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وهو محكوم بالسجن المؤبد مدى الحياة.
غزة/ الضفة الغربية - إيمان شبير – وكالة سند للأنباء
هل فكرت يومًا كيف يعيشُ أبناء الأسرى شعور الفرح في مناسباتهم السعيدة ومحطات النجاح التي يمرّون بها على مدار سنوات حياتهم؟ في وقتٍ غيّب الاحتلال الإسرائيلي آبائهم في زنازين مهترئة وظروف اعتقالٍ قاسية.
حسنًا هل عشت شعورهم وهم على منصة تكريم ما، يبحثون في عيون الحاضرين عن لَمعة فخر مملوءة بدموع بهجةٍ محددة لا تُشبه غيرها! ماذا عن شعور عنِاق فرحة العمر التي يُحرم منها هؤلاء فقط لأن الاحتلال أراد ذلك.
هذا وغيره من مشاهد الحياة وتفاصيلها، تمرّ بشعورٍ ناقص ومرير على قلوب ذوي الأسرى مهما بدا الأمر عاديًا لمن حولهم، فعامود البيت غائبًا عن جوهر تفاصيلهم وأبسطها.
الأسير نضال البرعي من غزة.. 28 عامًا وحضن والدته ينتظر عودته
وفي يوم الأسير الفلسطيني الذي يُصادف (17 إبريل/ نيسان) من كل عام ، تسلط "وكالة سند للأنباء" الضوء على ما يعيشه هؤلاء من ظروف ومشاعر، وما هي رسائلهم وهل سيجدون مخرجًا لهذا التيه؛ في ظل غياب الآباء قسرًا في سجون الاحتلال.
"فرد غائب"..
الشابة دانا ثابت (20 عامًا) تدرس العلاقات الدولية في جامعة فلسطين التقنية بطولكرم، وهي ابنة الأسير مسلمة ثابت والمحكوم بالسجن عليه 25 عامًا، وحينما اُعتقل لم تكن قد أبصرت نور الحياة بعد.
تقول "دانا" بنبرةٍ حانية: "تفوّقت في مرحلة الثانوية العامة بمعدل 93.1، وكان الجميع يجلسون حولي، يتبادلون التهنئة معي، وكنت أنظر في وجه كل وحدٍ فيهما كأنه "أبي"، إنه لقهر أن أفتقد السند، وهذا أكثر ما نغّص فرحتي "الفرد الغائب"
وتسرد: "الاحتلال حرمني أن أكبر بين أحضان والدي، اعتقله الجيش وأنا في بطن أمي، وأصبحتُ صبية في غيابه، فهو لم يرَ كيف كبرت طفلته، ولم يسمع كلمة بابا مني في أول مرةٍ نطقتها، هكذا يُريدنا الاحتلال أن يكسر عزيمتنا، لكن حاشا أن ينال منها شيئًا".
وفي مرحلة الجامعة كانت تجلس "دانا" بين زميلاتها تتحدث عن اهتمام والدها بها، أو الحضن الصباحي لها، يفتخرن بذلك، بينما ضيفتنا ترقب أحاديثهم بوجعٍ والكثير من الأمل أن تعيش هذه التفاصيل قريبًا مع والدها.
وتستدرك "دانا" بعد تنهيدة: "كنت أهوّن على نفسي بمناقب أبي، وأفتخر أنَّه بطل من أبطال فلسطين، لكن القيد يمنعني من عناقه".
وكأي فتاة تمنيت "دانا" أن يُشاركه والدها كل فرحة بحياتها سواءً كانت صغيرة أو كبيرة، تُردف: "أنا كبرت دون عطفه وإرشاده، تمنّيتُ لو كان بالقرب مني، تمنّيت لو أنه يمشي معي إلى الجامعة، كما أرى كل الآباء يفعلون".
وتُشير إلى أنها زارت والدها أربع مرات خلال فترة أسره، وآخر زيارة لها قبل 3 أشهر، وفي كل مرة يُشعرها والدها بطفولتها "إنه يتخيلني ذاك الجنين الذي تركه مرغمًا في رحم أمه، كبرت ولازال يخبرني أنني طفلته التي لن تكبر في عنينه".
وقبل أن تختم حديثها معنا عبّرت عن امتنانها لوالدتها التي تقوم معها وإخوانها منذ اللحظة الأولى لاعتقال والدهم بدور الأب والأم معًا، قائلةً: "إنها امرأة عظيمة صبرت، وكبّرتنا جميعًا وتسعى جاهدة كي لا نشعر بنقص في غياب والدنا".
"معاني مفقودة"..
أما الشاب جمال عرام (33 عامًا) ابن الأسير خليل عرام والمحكوم بالسجن المؤبد 7 مرات فيُعبّر عن شعور غياب والده بالقول: "كل عيد ومناسبة سعيدة هي فرحة منقوصة لنا، أتمنى لو أنه معنا، نسمع صوته في أرجاء المنزل ويقاسمنا تفاصيل الحياة بحلوها ومرّها".
ويُضيف أنه مرّ منذ كان طفلًا بمناسبات متتالية كان يفتقد فيها حسّ والده وحنانه عليه ما يُفقده جوهر الفرحة، متحدثًا عن أبرز هذه المناسبات: "مررت بفرحة التخرج وافتقدت وجوده بجانبي، وتزوجت وأنجبت طفلًا تمنّيت لو أنه كبر بين أحضان جده".
ويزيد: "حين رزقني الله بطفلي، كان يراودني تساؤلات كثيرة عن تفاصيل هذه المشهد (..) كيف هو شعور والدي حين أصبح جدًا للمرة الأولى؟ وماذا لو كان بيينا وكان أول من يحتضن حفيده وابنه؟ لكن كل هذه المعاني باتت مفقودة في ظل وجود محتل متجبّر".
وعن أصعب المواقف يحكي "عرام" أنه "في العام 2010 تُوفيا جدي وجدتي لأبي، وكان بينهما فقط شهر واحد، افتقدنا وجوده، حتى أن الاحتلال منعه من وداعهما، فصار الحزن مضاعفًا على قلوبنا (..) هو عاش حزنه لوحده، ونحن عشنا وجعنا بعيدًا عنه".
ويُلفت "ضيف سند" إلى أن الأسير داخل سجون الاحتلال ينتظر دائمًا أي فرحة في حياة أبنائه؛ ليخفف عن حاله عبء الأسر لسماع هذه الأخبار المُفرِحة في ظل واقع المعتقل الأليم، موضحًا أن أخبار الفرح من خارج السجون هي بمثابة مخزون الصبر بالنسبة له.
ونبرةٍ موجِعة يُعبّر جمال عرام: "أنا فقدت الحنان الذي يحتاجه الطفل في فترةِ الصغر، ومن ثم أصبحت أقوم بدور المسئولية، وكنتُ أحتاج من يُعينني ويوجهني"
يُذكر أن الأسير خليل محمود يوسف أبو عرام (53 عامًا) من سكان بلدة يطا قضاء مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، أنهى عامه الـ 21، ودخل عامه 22 على التوالي في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وهو محكوم بالسجن المؤبد مدى الحياة.