المصاب عبد الرحمن الزغل.. المقاومة تتذكر طفلا مقدسيا في الحبس المنزلي
جمان أبو عرفة
القدس المحتلة -الجزيرة نت
لم يتمكن الطفل المقدسي عبد الرحمن عامر الزغل (14 عاما) من الابتهاج بقرار الإفراج عنه، أمس الأحد، ضمن الدفعة الثالثة من صفقة تبادل الأسرى بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وسلطات الاحتلال، والتي شملت 21 طفلا مقدسيا، فقد كان يخضع لعملية جراحية في مستشفى "هداسا عين كارم" بعد إصابته بجراح خطيرة في 19 أغسطس/آب الماضي.
ووسط حضور محدود لعائلته وتحت تأثير المخدر نزعت شرطة الاحتلال السوار الإلكتروني عن كاحله، ليُعلن بذلك انتهاء حبسه المنزلي غربي القدس .
وكان الزغل الطفل الوحيد الذي يمكث في الحبس المنزلي من بين 69 طفلا مقدسيا أسيرا شملتهم الصفقة، في لفتة واضحة من المقاومة الفلسطينية التي تنبهت لمعاناة الأطفال في الحبس المنزلي.
ويتمثل الحبس المنزلي في إجبار الأسير على المكوث في منزل معين لمدة محددة أو غير محددة، ولا يخرج منه إلا لحالات استثنائية، ويُجبر أحد أفراد عائلته على ضمان عدم خروجه، ويقيّد كاحله بسوار إلكتروني يرصد تحركاته.
لم يتمالك الطفل عبد الرحمن نفسه عندما قرأ اسمه ضمن قوائم الأسرى المتوقع الإفراج عنهم بداية الهدنة المؤقتة، فقفز كثيرا وصرخ فرحا وتحدث هاتفيا مع أصدقائه حتى غلبه النعاس من الفرحة والتعب فنام بعمق.
الطفل المعجزة
تقول والدته نجاح الزغل للجزيرة نت "مش مصدق حاله، متحمس يلتقي بصحابه ويرجع على حارته، ويكمل علاجه، ويحاول يرجع على مدرسته".
وتخشى الأم من إمكانية تأثير الإصابة على مستقبل طفلها الأكاديمي، حيث أطلق الاحتلال النار عليه ليلا أثناء ذهابه لشراء الخبز في بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى، ما أدى إلى إصابته برصاص في رأسه أدى إلى تهشم جمجمته وتضرر عينه اليسرى، إضافة إلى شظايا في الحوض.
ورغم إصابته نقل عبد الرحمن إلى المستشفى ليعالج وهو مقيد، ثم اعتقل بعد أسبوعين من إصابته بتهمة إلقاء زجاجات حارقة، وأفرج عنه في 14 سبتمبر/أيلول الماضي بشرط الحبس المنزلي المفتوح في قرية بيت نقوبا غربي القدس، والإبعاد عن منزله في الحارة الوسطى ببلدة سلوان.
ولد الزغل في ذكرى النكبة 15 مايو/أيار 2009، وتوفي والده عامر قبل 4 سنوات، وأصيب في حارة مراغة ببلدة سلوان وهي ذات الحارة التي استشهد فيها الفتى ميلاد عياش عام 2011، والفتى وديع أبو رموز مطلع العام الجاري.
وتقول الأم نجاح إن الأطباء وصفوا ابنها بالطفل المعجزة، فقد نجا بأعجوبة بعد أن شاع ليلتها خبر استشهاده، وتماثل للشفاء بعد إصابته الخطرة.
روت الأم تفاصيل أسبوعين من التنكيل في المستشفى الذي عولج فيه عبد الرحمن وهو مقيد اليدين والقدمين. وتقول إن غرفته كانت تخضع لحراسة مشددة، بالإضافة إلى منع أقاربه من زيارته، ومنعها هي أيضا من الاقتراب منه إلا في أوقات وجيزة نادرة، بينما كانت تقضي الوقت كله في اختلاس النظر إليه عبر نافذة الغرفة، التي كان عناصر الشرطة يغلقون ستارتها متعمدين.
تنكيل في المستشفى
"في البداية خضع عبد الرحمن لعملية جراحية استمرت 5 ساعات، رأيته بعدها في غرفة العناية المكثفة وقد انتفخ رأسه، حينها طلبوا مني أن أجهز نفسي لأي احتمال، أصبت بجلطة وفقدت الوعي ونُقلت إلى الطوارئ"؛ هذا ما ترويه الأم حول لحظات الصدمة الأولى بعد إصابته.
ثم تتابع: "كلما كنت أحاول رؤيته كان عناصر الشرطة يسخرون ويشمتون بي، أمسك أحدهم القيود وبدأ بهزها مستهزئا، منعوا الممرضة حتى من إطعامه، وتمكنت من دخول غرفته بعد 3 أيام من إصابته".
كان الطفل الجريح يتواصل مع أمه بالإشارات معظم الوقت، ويرسل إليها القبلات عن بعد عبر النافذة، ورغم إصابته البليغة ظل مقيدا حتى عند استخدام الحمّام، كما تعمد عناصر الشرطة إطفاء أنوار غرفته نهارا كي لا تراه عائلته، وإضاءتها ليلا لإزعاجه أثناء النوم.
كما أبعدت الشرطة عن المستشفى بعض عمال النظافة ومرافقي المرضى المقدسيين لأنهم تحدثوا إلى عائلة عبد الرحمن أو حاولوا مساعدتها.
وتفاجأت العائلة في أحد الأيام بنقل نجلها من مستشفى هداسا عين كارم إلى سجن الرملة، وتقول إنه تعرض هناك للإهمال الطبي رغم حساسية وضعه الصحي، والتهب جرحه، وكان يزود بالمسكنات فقط، ومكث هناك 12 يوما قبل أن يُنفى إلى قرية عين نقوبا ويخضع للحبس المنزلي شهرين ونصف قبل تحرره.
القدس-مستشفى هداسا عين كارم-ظل عبد الرحمن مقيدا بسوار إلكتروني حتى أثناء إجرائه عملية جراحية-المصدر_أم عبد الرحمن-26_11_2023
معاناة الحبس المنزلي
وخلال تلك المدة ظل عبد الرحمن حبيس المنزل مع والدته بعيدا عن مدرسته وأصدقائه، حيث اضطرت الأم -وهي الكفيل الوحيد له للالتزام بشروط الحبس- إلى ترك عملها الذي تعيل به أسرتها، وترك أبنائها في البيت ببلدة سلوان، حيث فرض عليها منع عبد الرحمن من الخروج، وكانت دوريات الشرطة تتأكد من ذلك هاتفيا وميدانيا.
وبعد الإفراج عنه أمس الأحد، أمام عبد الرحمن سلسلة من العمليات والعلاج الدوري، لاستعادة النظر في عينه اليسرى وترميم جمجمته التي تشوهت، ويقول للجزيرة نت إنه اشتاق لمدرسته كثيرا ويطمح أن يصبح رجل أعمال ويرد الجميل لوالدته.
ويضيف أنه نجا سابقا من الموت مرات عديدة فقد عضه قبل أشهر كلب مفترس، وانغرز قضيب حديدي في ظهره حين كان في السابعة من عمره.
ورفض عبد الرحمن رفضا قاطعا التقاط صور له، وقال لنا "هذا ليس شكلي الحقيقي، عندما أتعافى ويعود رأسي ووجهي كما كانا، سألتقط الكثير من الصور".
جمان أبو عرفة
القدس المحتلة -الجزيرة نت
لم يتمكن الطفل المقدسي عبد الرحمن عامر الزغل (14 عاما) من الابتهاج بقرار الإفراج عنه، أمس الأحد، ضمن الدفعة الثالثة من صفقة تبادل الأسرى بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وسلطات الاحتلال، والتي شملت 21 طفلا مقدسيا، فقد كان يخضع لعملية جراحية في مستشفى "هداسا عين كارم" بعد إصابته بجراح خطيرة في 19 أغسطس/آب الماضي.
ووسط حضور محدود لعائلته وتحت تأثير المخدر نزعت شرطة الاحتلال السوار الإلكتروني عن كاحله، ليُعلن بذلك انتهاء حبسه المنزلي غربي القدس .
وكان الزغل الطفل الوحيد الذي يمكث في الحبس المنزلي من بين 69 طفلا مقدسيا أسيرا شملتهم الصفقة، في لفتة واضحة من المقاومة الفلسطينية التي تنبهت لمعاناة الأطفال في الحبس المنزلي.
ويتمثل الحبس المنزلي في إجبار الأسير على المكوث في منزل معين لمدة محددة أو غير محددة، ولا يخرج منه إلا لحالات استثنائية، ويُجبر أحد أفراد عائلته على ضمان عدم خروجه، ويقيّد كاحله بسوار إلكتروني يرصد تحركاته.
لم يتمالك الطفل عبد الرحمن نفسه عندما قرأ اسمه ضمن قوائم الأسرى المتوقع الإفراج عنهم بداية الهدنة المؤقتة، فقفز كثيرا وصرخ فرحا وتحدث هاتفيا مع أصدقائه حتى غلبه النعاس من الفرحة والتعب فنام بعمق.
الطفل المعجزة
تقول والدته نجاح الزغل للجزيرة نت "مش مصدق حاله، متحمس يلتقي بصحابه ويرجع على حارته، ويكمل علاجه، ويحاول يرجع على مدرسته".
وتخشى الأم من إمكانية تأثير الإصابة على مستقبل طفلها الأكاديمي، حيث أطلق الاحتلال النار عليه ليلا أثناء ذهابه لشراء الخبز في بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى، ما أدى إلى إصابته برصاص في رأسه أدى إلى تهشم جمجمته وتضرر عينه اليسرى، إضافة إلى شظايا في الحوض.
ورغم إصابته نقل عبد الرحمن إلى المستشفى ليعالج وهو مقيد، ثم اعتقل بعد أسبوعين من إصابته بتهمة إلقاء زجاجات حارقة، وأفرج عنه في 14 سبتمبر/أيلول الماضي بشرط الحبس المنزلي المفتوح في قرية بيت نقوبا غربي القدس، والإبعاد عن منزله في الحارة الوسطى ببلدة سلوان.
ولد الزغل في ذكرى النكبة 15 مايو/أيار 2009، وتوفي والده عامر قبل 4 سنوات، وأصيب في حارة مراغة ببلدة سلوان وهي ذات الحارة التي استشهد فيها الفتى ميلاد عياش عام 2011، والفتى وديع أبو رموز مطلع العام الجاري.
وتقول الأم نجاح إن الأطباء وصفوا ابنها بالطفل المعجزة، فقد نجا بأعجوبة بعد أن شاع ليلتها خبر استشهاده، وتماثل للشفاء بعد إصابته الخطرة.
روت الأم تفاصيل أسبوعين من التنكيل في المستشفى الذي عولج فيه عبد الرحمن وهو مقيد اليدين والقدمين. وتقول إن غرفته كانت تخضع لحراسة مشددة، بالإضافة إلى منع أقاربه من زيارته، ومنعها هي أيضا من الاقتراب منه إلا في أوقات وجيزة نادرة، بينما كانت تقضي الوقت كله في اختلاس النظر إليه عبر نافذة الغرفة، التي كان عناصر الشرطة يغلقون ستارتها متعمدين.
تنكيل في المستشفى
"في البداية خضع عبد الرحمن لعملية جراحية استمرت 5 ساعات، رأيته بعدها في غرفة العناية المكثفة وقد انتفخ رأسه، حينها طلبوا مني أن أجهز نفسي لأي احتمال، أصبت بجلطة وفقدت الوعي ونُقلت إلى الطوارئ"؛ هذا ما ترويه الأم حول لحظات الصدمة الأولى بعد إصابته.
ثم تتابع: "كلما كنت أحاول رؤيته كان عناصر الشرطة يسخرون ويشمتون بي، أمسك أحدهم القيود وبدأ بهزها مستهزئا، منعوا الممرضة حتى من إطعامه، وتمكنت من دخول غرفته بعد 3 أيام من إصابته".
كان الطفل الجريح يتواصل مع أمه بالإشارات معظم الوقت، ويرسل إليها القبلات عن بعد عبر النافذة، ورغم إصابته البليغة ظل مقيدا حتى عند استخدام الحمّام، كما تعمد عناصر الشرطة إطفاء أنوار غرفته نهارا كي لا تراه عائلته، وإضاءتها ليلا لإزعاجه أثناء النوم.
كما أبعدت الشرطة عن المستشفى بعض عمال النظافة ومرافقي المرضى المقدسيين لأنهم تحدثوا إلى عائلة عبد الرحمن أو حاولوا مساعدتها.
وتفاجأت العائلة في أحد الأيام بنقل نجلها من مستشفى هداسا عين كارم إلى سجن الرملة، وتقول إنه تعرض هناك للإهمال الطبي رغم حساسية وضعه الصحي، والتهب جرحه، وكان يزود بالمسكنات فقط، ومكث هناك 12 يوما قبل أن يُنفى إلى قرية عين نقوبا ويخضع للحبس المنزلي شهرين ونصف قبل تحرره.
القدس-مستشفى هداسا عين كارم-ظل عبد الرحمن مقيدا بسوار إلكتروني حتى أثناء إجرائه عملية جراحية-المصدر_أم عبد الرحمن-26_11_2023
معاناة الحبس المنزلي
وخلال تلك المدة ظل عبد الرحمن حبيس المنزل مع والدته بعيدا عن مدرسته وأصدقائه، حيث اضطرت الأم -وهي الكفيل الوحيد له للالتزام بشروط الحبس- إلى ترك عملها الذي تعيل به أسرتها، وترك أبنائها في البيت ببلدة سلوان، حيث فرض عليها منع عبد الرحمن من الخروج، وكانت دوريات الشرطة تتأكد من ذلك هاتفيا وميدانيا.
وبعد الإفراج عنه أمس الأحد، أمام عبد الرحمن سلسلة من العمليات والعلاج الدوري، لاستعادة النظر في عينه اليسرى وترميم جمجمته التي تشوهت، ويقول للجزيرة نت إنه اشتاق لمدرسته كثيرا ويطمح أن يصبح رجل أعمال ويرد الجميل لوالدته.
ويضيف أنه نجا سابقا من الموت مرات عديدة فقد عضه قبل أشهر كلب مفترس، وانغرز قضيب حديدي في ظهره حين كان في السابعة من عمره.
ورفض عبد الرحمن رفضا قاطعا التقاط صور له، وقال لنا "هذا ليس شكلي الحقيقي، عندما أتعافى ويعود رأسي ووجهي كما كانا، سألتقط الكثير من الصور".