زيت الزيتون زاد الفلسطينيين في مقاومة المحتل وحفظ هويته

  • الجمعة 21, أكتوبر 2022 02:16 م
  • زيت الزيتون زاد الفلسطينيين في مقاومة المحتل وحفظ هويته
يعتبر زيت الزيتون واحدا من أهم المواريث التراثية الزراعية للشعب الفلسطيني، حيث كان له الدور الرئيسي في صمود الشعب الفلسطيني في وجه أكبر هجمة عرفها التاريخ عام 1948م والتي سميت بـ "النكبة" وكذلك دوره في حفظ هويته حتى يومنا هذا.
زيت الزيتون زاد الفلسطينيين في مقاومة المحتل وحفظ هويته
غزة- عربي21- مصطفى عبد الرحمن
يعتبر زيت الزيتون واحدا من أهم المواريث التراثية الزراعية للشعب الفلسطيني، حيث كان له الدور الرئيسي في صمود الشعب الفلسطيني في وجه أكبر هجمة عرفها التاريخ عام 1948م والتي سميت بـ "النكبة" وكذلك دوره في حفظ هويته حتى يومنا هذا.
ولا يكاد بيت فلسطيني يخلو من زيت الزيت، فالبيت الذي لا يوجد به زيت الزيتون هو بيت خرب بحسب المثل الشعبي الفلسطيني، لذلك يحرص الفلسطينيون منذ أكثر من قرن من الزمان على تخزين زيت الزيتون على مدار العام بطرق مختلفة.
ومع انتهاء المزارعين الفلسطينيين من حصاد الزيتون هذا الموسم التراثي الرائع والذي يسمى "جد الزيتون" يقومون بترحيل هذه الكميات الى المعاصر المنتشرة في كافة أرجاء فلسطين لتحويلها إلى زيت زيتون بأنواعه المختلفة.
ورجح الدكتور أيمن شواهنة، مدير التوعية والتعليم البيئي في سلطة جودة البيئة الفلسطينية أن يصل إنتاج زيت الزيتون في الأراضي الفلسطينية لهذا العام إلى 33 ألف طن، مشيرا إلى أن الجيش الإسرائيلي اقتلع منذ احتلال عام 1967م مليون شجرة زيتون مثمرة، ولكن الشعب الفلسطيني واصل زراعة هذه الشجر المعمرة والتي تحولت إلى رمز وطني وارث ثقافي وحضاري للشعب الفلسطين
وقال شواهنة لـ "عربي21": "شجرة الزيتون موجودة في فلسطين منذ آلاف السنين وهي رمز وطني فلسطيني وإرث ثقافي وحضاري وهناك تسميات شعبية تدل على ذلك".
وأضاف: "هناك أشجار زيتون يصل عمرها الى 5 الاف سنة ولا زالت قائمة وأشهر وأكبر هذه الاشجار الموجودة في التاريخ الفلسطيني هي شجرة الزيتون الموجودة في قرية الولجة في حدود منطقة بتير والتي تقع ما بين مدينتي القدس وبيت لحم".
وتابع: "تحولت هذه الشجرة إلى مزار لمن يهتم في الزيتون وتحمل في محيطها حوالي 10 دونمات وقد خصصت وزارة الزراعة الفلسطينية موظف لمتابعتها وحمايتها والاهتمام بها".
وأوضح شواهنة أن المساحة الكلية المزروعة بأشجار الزيتون تتجاوز275 ألف دونم، مشيرا إلى أن من أكثر من المناطق الفلسطينية نسبة زراعة شجر الزيتون هي مدينة جنين والتي تقدر بـ 151 ألف دونم زراعي، تليها رام الله وتنشر في باقي مناطق فلسطين.
وقدّر المسؤول الفلسطيني عدد أشجار الزيتون في آخر إحصائية بـ 10 مليون شجرة، مشيرا إلى أن شجرة الزيتون في فلسطين تعتبر من الأشجار الأقل تكلفة بالنسبة للأشجار الأخرى والأقرب مقاومة للأمراض والأكثر مناسبا للمناخ الفلسطيني.
وأكد أن شجرة الزيتون تحتاج سنويا بشكل متوسط أن لا تقل كمية الأمطار عن 600 ملم، مشيرا إلى أنه في حال قلت عن ذلك تحتاج إلى رأي في أشهر الجفاف.
وشدد على أن شجرة الزيتون نستطيع أن ننتج الزيت، والشعب الفلسطيني يهتم بها بشكل طبيعي بعيدا عن الأسمدة والمواد الكيميائية، مطالبا بعدم إدخال أصناف هجينة غير مقامة للأمراض لأن البيئة الطبيعية في فلسطين بيئة مناسبة جدا في معظمها لشجرة الزيتون.
وقال شواهنة: "شجرة الزيتون متوطنة منذ الاف السنين في فلسطين والاهتمام بها من ناحية العلاجات والأسمدة شبه عضوي طبيعي، وهي قادرة على مقاومة مخلف الأمراض والصمود في وجه الطبيعية ولكن عندما نهتم بها يكون إنتاجها ومقاومتها للأمراض أكثر".
وطالب بزيادة الاهتمام بهذه الشجرة والعمل على استدامتها وديمومتها لأنها جزء من الحضارة والثقافة الفلسطينية بالإضافة إلى أنها قطاع انتاجي مهم للشعب الفلسطيني.
وقال شهوانة: "في حالة الصراع مع الاحتلال قامت القوات الإسرائيلية باقتلاع الكثر من الأشجار المثمرة لإقامة المستعمرات في الأراضي الفلسطينية، حيث اقتلعت منذ احتلال عام 1967م مليون شجرة زيتون، ولكن الفلسطيني باستمرار يزرع والاحتلال يقلع والزراعة مستمرة ولم تتوقف".
وأضاف: "واقع الإنتاج قريب من 10 مليون طن من الثمر والذي منتجا في المعدل الطبيعي حينما تكون الأمطار غزيرة وجيدة مناسبة لري الزيتون يصل هذا العام إلى 33 الف طن من الزيت الفلسطيني وفي السنوات العادية قد تصل إلى أدناها 7 آلاف طن".
وأشار إلى أن الاحتياج السنوي الفلسطيني لا يقل عن 22 الف طن من الزيت، مؤكدا أن معظم انتاج ثمر الزيتون يحول إلى زيت بنسبة 90 في المائة و10 في المائة لاستخدامات التخليل.
وبخصوص أنواع زيت والزيتون أكد شواهنة أن هناك أنواع عديدة أشهر هذه الأنواع "النبالي" والذي يستخدم ثنائي الغرض للزيت حيث ينتج من 20 إلى 25 في المائة من الزيت، و"الصوري" أو الصري والذي يفوق النبالي والذي قد يصل إنتاجه الى 33 في المائة من إنتاج الزيت، مشيرا إلى وجود أصناف أخرى: مثل: المليسي، البلدي البري، الذكّاري، و"كي 18".
ويقول فياض فياض رئيس مجلس الزيت الفلسطيني شجرة الزيتون في العالم معروفة أنها شجرة مباركة، ولكن هذه الشجرة في فلسطين تختلف لأن فلسطين هي موطنها الأصلي منذ آلاف السنين.
وأضاف فياض لـ "عربي21": "فلسطين هي بداية البدايات في زراعة شجرة الزيتون قبل حوالي 6 سنة، ووزيت الزيتون والزعتر هي من سمات الخاصة في الشعب الفلسطيني على مدار هذه السنوات".
وأشار إلى أن شجرة الزيتون ورد ذكرها في القران الكريم أكثر من مرة، وتطرق إلى أهميتها في القرآن وكذلك وفي الأحاديث النبوية.
وقال: "ارتباط الشعب الفلسطيني بزيت الزيتون هو متأصل معه في تراثه وحياته، فزيت الزيتون يمثل الامن الغذائي بالنسبة للشعب الفلسطيني، ولولا زيت الزيتون لهلك الشعب الفلسطيني كله خلال نكبة عام 48م وحصاره من قبل العصابات الصهيونية".
وأضاف: "كان زيت الزيتون والزاد الوحيد لبقاء أهل فلسطين على قيد الحياة وتثبيتهم في وجه هذا الكيان الغاصب المدعوم من دول الاستعمار العالمية".
وتابع: "زيت الزيتون هو الحامي والحصن الحصين الذي حمى الاسرة الفلسطينية كغذاء ابان نكبة عام 1948م، وشجرة الزيتون هي الشجرة الأكثر انتشارا في فلسطين".
وأوضح فياض أن 45 في المائة من مساحة الأرض الفلسطينية المزرعة بشجر الزيتون، وأن 85 في المائة من الأشجار المثمرة في فلسطين هي شجر الزيتون.
وأشار إلى أن موسم الزيتون يمثل شيء كبير بالنسبة للاقتصاد الفلسطيني، منوها إلى أن هناك 100 ألف اسرة فلسطينية تستفيد من هذا الموسم.
وقال: "فلسطين هي الزيتون، ولا زيتون بدون فلسطين ولا فلسطين بدون زيتون".
وأضاف: "لا يوجد بيت فلسطين لا يوجد به زيت الزيتون فهو من أساسيات البيت، ومعروف أن البيت الذي لا يوجد به زيت الزيتون يبت خرب كما يقول المثل الشعبي".
وتابع: "إن أكلاتنا الشعبية يدخل فيها زيت الزيتون بشكل كبير، فهو حاضر على السفرة الفلسطينية بقوة ويؤكل وحديا ومع مع كل شيء سواء مع الزعتر أو اللبن أو المقدوس أو الجبنة، ويدخل في صناعة المناقيش الفلسطينية الشهيرة".
واعتبر أن "تنكة الزيت" وهي الإناء الذي يحفظ فيه زيت الزيتون من التراث الفلسطيني القديم ويعود تاريخها إلى أكثر من قرن من الزمان حينما كانوا يستعملوا الأواني الفخارية "الزير" لتخزين الزيت، مشيرا إلى أن كميات الزيت آنذاك كانت قليلة جدا وعدد المواطنين كان قليل كذلك فكانوا يحتفظون بها دون أي مشاكل.
واستطرد قائلا: "لكن بعد ذلك تطور الأمر لأنه كان يتم نقلها وتخزينها فكانت من مادة الصفيح التي كانت تصنع في مصنع التنك في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية والذي لا يزال قائما منذ عام 1955م، حيث أن هذا المصنع أطلق عليه اسم تنكة وبقيت هذه التسمية حتى يوميا هذا رغم استخدام الجالون البلاستيكي".
وأضاف: "كان وزن تنكة الزيت معروف بحيث تتسع الى 20 لتر ماء، أو 18 كيلو من الزيت، لكن الناس بدأت بخفض هذا الرقم إلى أن وصل إلى 16 كيلو".
وحذر رئيس مجلس زيت الزيتون الفلسطيني من استخدام الجالون البلاستك في حفظ الزيت، مؤكدا أن هذا الأمر ممنوع وخطير على الصحة لأنه منفذ للضوء ويؤدي إلى أمراض خاصة إذا تم استخدامه أكثر من مرة.
وقال: "الزيت عبارة عن حامض يتحلل معه مادة البلاستك التي تدخل جزئياتها في زيت الزيتون لذلك هو غير آمن وغير صحي وننصح بعدم استخدامه مطلقا".
من جهتها أكدت الكاتبة والأديبة ديانا الشناوي على أن موسم زيت الزيتون والذي يصادف في تشرين أول (أكتوبر) من كل عام هو موسم تراثي بامتياز للشعب الفلسطيني.
وأشارت الشناوي في حديثها لـ "عربي21" أن المزارع ينتظر بفارغ الصبر حتى يتم عصر ما قطفه من زيتون على مدار العام لتمر هذه العملية بعدة مراحل حتى تصل إلى مادة زيت الزيتون المعروفة".
وقالت: "إن جمال هذا الموسم هو من خلال اجتماع كل أفراد العائلة كباراً وصغاراً رجالاً ونساء من أجل جني ثمار الزيتون أولاً أو ما يعرف باسم (جد الزيتون)؛ وسط بهجة رائعة يتسامر الجميع فيها وتختتم بإرسال هذا المحصول إلى المعصرة".
وأضافت: "موسم قطف الزيتون عبارة عن مهرجان تراثي كبير تستنفر كل العائلة من أجل عملية القطف في ظل أجواء جميلة فيها نوع من التعاون والتكاتف والجد والاجتهاد، ربما تظل أيام متواصلة وسط أجواء مناخية جميلة".
واشارت إلى أن هذا العام فرحة المزارعين كبيرة جدًا وخاصة أن موسم الزيتون حقق الرقم القياسي من إنتاج الزيتون، وهذا سوف ينعكس على كمية الزيت التي سوف تخرج منه.
واعتبرت الشناوي أن هذه الأجواء وهذه المواسم تفند مزاعم الاحتلال بأن فلسطين كانت قاحلة ومُتخلفة وأن أهلها كانوا جهلة بالزراعة، هي روايات كاذبة يحاول الاحتلال أن يروجها للعالم.
وقالت: "الحقيقة أن الموروث الزراعي في الزيتون والذي يُحاول البعض التقليل من شأنه، يظهر تمتع أجدادنا بخبرة متراكمة في أصناف الزيتون وهو ما يؤكد وعيهم لأهمية مجال التنوع الجيني في زراعة الزيتون".
وأضافت: "إن الأمثال الشعبية حول الزيتون كثيرة مما يدلل على قدم هذه الموسم وتوارثه لدى الأجيال والتي تتحدث عن ميزة كل صنف من اصناف الزيتون، وهو ما يؤكد خبرة زراعية عظيمة توارثوا جيلا بعد جيل مُنذ أن عرفوا زراعة الزيتون قبل الاف السنين".
واستعرضت الشناوي بعض هذه الامثال التي تصف أنواع الزيت مثل "النبالي" و"الصوري" و"الذكاري" و"البري"، و"الذكر"، و"البري"..
وقالت: "هذه الامثال هي: (النبال زيته سيال ولقاطه بهدي البال)، (يا صري زيتك مُري اما لقاطك بسلي)، (الذكر زيته سكر وعند لقاطه بتتذكر")، (البري زيته مري)."
وأضافت: "كل هذه الأمثال والمسميات لا يمكن أن تخرج من شعب لم يفقه بالزراعة، فمعرفة الأصناف هي معرفة زراعية متقدمة".
من جهته قال الدكتور يحيى الكيالي، خبير الأعشاب والتغذية العلاجية: " زيت الزيتون يتم استخراجه من ثمار الزيتون الناضجة من خلال العملية المعروفة باسم (العصر)".
وأضاف الكيالي لـ "عربي21": "شجرة الزيتون هي أقدم شجرة في تاريخ البشرية المعروف، وكانت تنبت بشكل برّي، في دول حوض البحر الأبيض المتوسط، وهي شجرة مباركة، ومقدسة عند الأديان السماوية والوثنيين، وترمز إلى الحياة والخلود والقوة وكذلك السلام؛ زرعها الفينيقيون، وعرفها قدماء المصريين أيضاً قبل أن يزرعوها لاحقاً، لكنهم لم يستخرجوا زيتها إلا بعد 2000 عام من زراعتها".
وأشار إلى أن زيت الزيتون هو الزيت الوحيد الذي يمكن استخدامه بشكله الخام، حيث يستخدم في الطهي وتحضير السلطات، إذ يتميز بقيمة غذائية وعلاجية ودوائية لاحتوائه على نسبة عالية من الفيتامينات، والأحماض الدهنية، والمعادن، والعناصر الأساسية، ونسبة عالية من مضادات الأكسدة التي تمنع نمو وانتشار الجذور الحرة (Free Radicals) في الجسم، والتي تتلف خلاياه".
وأكد أن أول ما استُخدم زيت الزيتون قديماً استخدم للحفاظ على المواد الغذائية من التلف، وانطلقت تجارته مع الحضارات الفينيقية القديمة ثم اليونانية فالرومانية، لاحقاً، تطور استخدامه ليتم تناوله في الطعام مباشرة، وإنارة المصابيح ثم للتداوي فالتجميل.
وقال الكيالي: "إن الشعب الفلسطيني تنبه الى فوائد زيت الزيتون منذ القدم حيث استخدمه كشراب وكعلاج وكذلك تدليك الأطفال الصغار به لتقوية عضلات جسمهم وما يعرف فلسطينيا بعملية التمريج (المساج)".
وشدد على أن فوائد زيت الزيتون كثيرة ومتنوعة، مشيرا الى انه عنصر أساسي في حياة شعوب حوض البحر الأبيض المتوسط لا سيما الشعب الفلسطيني إذ يتميز بقيمة غذائية وعلاجية ودوائية عالية، لذلك يُلقب بالذهب الأخضر لدول البحر المتوسط.

وقال الكيالي: "زيت الزيتون ممتاز للصحة، وعنصر أساسي لأي نظام غذائي صحي، ويساعد في محاربة الكوليسترول وإزالة السموم وتجديد الخلايا، وهو غني بالأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة، خاصة عند تناوله نيئاً، وكذلك يحتفظ بخصائص غذائية ممتازة بعد طهيه على درجة حرارة مرتفعة".
واستعرض فوائد زيت الزيتون وما يحتويه من عناصر غذائية بسبب غناه بمادة الأوميغا 3 و6 و9 والأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة.
وقال: "فوائد زيت الزيتون كثيرة لأنه غني بمضادات الأكسدة، فهو يحمي ويغذي البشرة ويمنع علامات الشيخوخة، كما أنه مناسب لجميع أنواع البشرة للكبار والصغار وحديثي الولادة، وفعال للعناية بالشعر وفروة الرأس".
وأضاف: "من فوائد زيت الزيتون، أنه يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ويخفّض مستويات الكوليسترول الكلّيّ والكوليسترول LDL (الكوليسترول الضار) في الدم".
وأشار إلى أنه غني بالبوليفينول ومضادات الأكسدة التي تبطئ شيخوخة الخلايا وفيتامين K (لتخثر الدم وقوة العظام) و E (لمرونة الجلد).
وأكد الكيالي أنه يقي من الكثير من الامراض مثل: أمراض القلب، والسمنة، وضغط الدم، وتحسين صحة البشرة، ويقلل من احتمال الإصابة بسرطان الجلد، ويحسن الشعر والأظافر.
وأوضح أنه يقوي المعدة ويساعد على تسهيل الهضم، ويساعد أحياناً في علاج الإمساك، ويقوي جهاز المناعة، ويعالج أمراض القولون، والإمساك، ويقي من الالتهابات، وينقص الوزن، لمرضى.