محمد بن عطاء الهروي قاض أفغاني نشر العلم في القدس

  • الخميس 25, يوليو 2024 01:57 م
  • محمد بن عطاء الهروي قاض أفغاني نشر العلم في القدس
محمد بن عطاء الله بن محمد الهروي (767-829 هـ)، فقيه وقاضي القضاة، ولد بمدينة هرات في أفغانستان سنة 767، ومنها جاءت تسميته بالهروي، تلقى في بلاده مبادئ العلوم الإسلامية وهو صغير، ولما شب تفقه أكثر على أيدي العديد من العلماء ممن عاشوا في هرات بعصره.
محمد بن عطاء الهروي قاض أفغاني نشر العلم في القدس
الجزيرة نت
محمد بن عطاء الله بن محمد الهروي (767-829 هـ)، فقيه وقاضي القضاة، ولد بمدينة هرات في أفغانستان سنة 767، ومنها جاءت تسميته بالهروي، تلقى في بلاده مبادئ العلوم الإسلامية وهو صغير، ولما شب تفقه أكثر على أيدي العديد من العلماء ممن عاشوا في هرات بعصره.
المولد والنشأة
ولد شمس الدين محمد بن عطاء الله بن محمد بن محمود بن أحمد بن الإمام فخر الدين محمد عام 767 هجري/ 1365 ميلادي في مدينة هرات غربي أفغانستان.
هاجر إلى بلاد الشام سنة 1411 ميلادية، ونزل في مدينة القدس الشريف لزيارتها، ثم اتجه بعدها نحو مكة المكرمة لأداء مناسك الحج.
وبعد إتمام المناسك عاد إلى القدس واستقر فيها وتولى التدريس في بعض مدارسها، واشتهر في بيت المقدس وذاع صيته.
الدراسة والتكوين العلمي
تلقى مبادئ العلوم الإسلامية منذ طفولته بمسقط رأسه في هرات، وتفقه فيها أكثر في شبابه على أيدي العديد من علماء عصره، مثل سعد الدين التفتازاني والشريف الجرجاني وغيرهما.
درس الفقه الحنفي وذاع صيته في بلاده، وصار من أبرز العلماء في الفقه والحديث والعلوم العقلية، وقرأ وحفظ أمهات الكتب في علوم شتى كتفسير الزهراوين من "الكشاف"، وصحيح مسلم وجزء كبير من صحيح البخاري.
الوظائف والمسؤوليات
ذاع صيته في بلاده، فتجاوز دوره العلوم والمعارف إلى أمور الحكم والسياسة في الدولة، وكان صاحب حظوة عند مؤسس الإمبراطورية المغولية القائد تيمور طرغاي بركل المعروف بـ"تيمورلنك".
فقد كان تيمورلنك يستشير الهروي في الكثير من أموره ومما يعرض له من قضايا، وينزل عند رأيه في كثير منها، وجعله سفيرا له في بعض أعماله ومهامه.
ولم تدم حالة الصفاء بينهما، وأصبحت العلاقة يطبعها الجفاء والتهديد، وهو ما دفع الهروي إلى الفرار، وحط رحاله في الإمارة القرامانية بقلب الأناضول.
آواه السلطان الحاكم في الأناضول، وعاش في إمارته مدرسا للعلوم الشرعية ومناظرا لعلماء المنطقة، وعلى رأسهم العالم ابن الفنري، لكن هذه المناظرة تطورت إلى خصام اضطر بعده إلى الرحيل من جديد، فانتقل إلى فلسطين، واستقر في بيت المقدس، وتولى التدريس في المدرسة الصلاحية سنة 815 ه‍‌جرية.
تحول في تكوينه الشرعي من الفقه الحنفي إلى الفقه الشافعي، وخلال مهمة التدريس في المدرسة الصلاحية نشأ نزاع بينه وبين أبي العباس شهاب الدين أحمد بن عماد الدين بن علي المعروف بابن الهائم المصري المقدسي.
ووصلت أصداء هذا النزاع إلى نائب الشام، فأشركهما معا في التدريس بالمدرسة الصلاحية، واستمر الأمر كذلك إلى أن توفي ابن الهائم، فانفرد الهروي بمشيخة المدرسة.
ولم تقف طموحات الهروي عند المدرسة الصلاحية، بل تاقت نفسه إلى تقلد إحدى الوظائف الدينية الكبرى في القاهرة حاضرة دولة المماليك آنذاك، فحط فيها رحاله في مايو/أيار 1415 ميلادي.
وهناك تولى القضاء مدة، وتقلد مناصب أخرى كثيرة، منها أمانة السر للملك الأشرف برسباي، ثم عاد واستقر في القدس إلى أن توفي فيها.
المؤلفات
تنوعت مؤلفاته بين علوم عديدة، وتوزعت بين الفقه الحنفي والشافعي والتفسير والحديث، ومن مصنفاته شرحه الجامع الصحيح للإمام مسلم، وعنونه "فضل المنعم في شرح صحيح مسلم".
ومن مصنفاته أيضا في علوم الحديث "شرح مصابيح السنة للبغوي" و"شرح مشارق الأنوار للصغاني".
كانت مؤلفاته الفقهية أكثر غنى وثراء من غيرها، فقد خلف مصنفات عدة في الفقه الحنفي، مثل "التنوير في تلخيص الجامع الكبير للشيباني"، و"التمحيص في شرح التلخيص للجامع الكبير"، وفي الفقه الحنفي له مؤلف "تقريب الأحكام".
تخرج على يديه تلاميذ في بيت المقدس، منهم يعقوب بن إدريس الرومي ومحمد بن محمد الغرابيلي ومحمد بن حسن بن أحمد الكردي ومحمد بن عبد العزيز بن عبد السلام المدني وعمر بن إبراهيم بن محمد المقدسي ومحمد بن علي بن محمد القاهري وعبد العزيز بن عبد السلام الكازروني المدني.
الوفاة
توفي محمد بن عطاء الهروي في مدينة القدس في سنة 829 هجرية/ 1426 ميلادية عن عمر ناهز 63 سنة، فصلى عليه أتباعه في المسجد الأقصى، وقد ووري الثرى بجوار صديقه الشيخ العلامة عمر البلخي في مقبرة ماملا، وهي من أكبر المقابر الواقعة غرب القدس.
شرع في بناء مدرسة له عند باب الدويدارية (باب الملك فيصل) شمال الحرم القدسي الشريف، لكن الوفاة أدركته قبل الانتهاء من تشييدها، وأكملها القاضي زين الدين عبد الباسط خليل الدمشقي وزير الخزانة والجيش، وخصص لها أوقافا سنة 1430 ميلادية.
ولم ينس الدمشقي حق الهروي في وضع أساسها، فاشترط على الصوفية في كتاب وقفها قراءة الفاتحة فور دخولهم إليها وعند خروجهم منها، وإهداء ثوابها إلى الشيخ الهروي، وسميت هذه المدرسة بالباسطية نسبة إلى القاضي عبد الباسط.