ينابيع الماء تتهاوى أمام المستوطنين .. إنذار بالعطش وخراب الزراعة

  • الثلاثاء 06, مايو 2025 10:52 ص
  • ينابيع الماء تتهاوى أمام المستوطنين .. إنذار بالعطش وخراب الزراعة
تجفيف الينابيع وسرقتها، وتخريب شبكات النقل ومنع المواطنين من سحب المياه، والسيطرة على عيون الماء والأراضي التي تتواجد بها الينابيع، ذلك جزء من مشهد سيطرة المستوطنين على مصادر المياه في الضفة الغربية المحتلة.
ينابيع الماء تتهاوى أمام المستوطنين .. إنذار بالعطش وخراب الزراعة بالضفة
رام الله - خاص صفا
تجفيف الينابيع وسرقتها، وتخريب شبكات النقل ومنع المواطنين من سحب المياه، والسيطرة على عيون الماء والأراضي التي تتواجد بها الينابيع، ذلك جزء من مشهد سيطرة المستوطنين على مصادر المياه في الضفة الغربية المحتلة.
هجوم واسع ومنظم وغير مسبوق يقوده المستوطنون في جميع المحافظات بالضفة، للسيطرة على الينابيع العذبة الصالحة للشرب والينابيع الزراعية، والهجوم بالمئات عليها والاستيلاء على المناطق بأكملها، ومنع المواطنين من استخدامها أو حتى الدخول إلى تلك المناطق.
وخلال أسبوع، أقدم المستوطنون على سحب وتجفيف نبع العوجا في أريحا، والذي يعد من أشهر الينابيع في الضفة صيفًا وشتاءً.
كما هاجموا الينابيع والآبار في قرية عابود غرب رام الله، وكذلك نبع بدران قرب مدينة سلفيت.
ومع دخول موسم الصيف وارتفاع درجات الحرارة، تعاني الكثير من المحافظات والبلدات في الضفة شحًا كبيرًا في المياه، إذ إنها تعتمد على الينابيع وعيون الماء التي يهاجمها المستوطنون.
السيطرة على الأراضي
ويقول مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد الأبحاث التطبيقية "أريج" سهيل خليلية: إن "قضية السيطرة على المياه بالنسبة للاحتلال كان من أنجح القرارات التي اتخذها منذ احتلال الضفة عام 1967، وإن السيطرة على جميع مصادر المياه كان من أول القرارات التي اتخذها الاحتلال، وتحديدًا في مناطق الأغوار".
ويوضح خليلية في حديث لوكالة "صفا"، أن مناطق الأغوار كانت مفعمة بالحياة قبل احتلالها، إذ كان يسكنها أكثر من 250 ألف فلسطيني، وكانت منطقة زراعية بامتياز وتنتج أضعافًا مقارنة بهذه الأيام.
ويشير خليلية إلى أن مصادرة المياه بالنسبة للاحتلال كان من أولى القرارات العسكرية، ولاحقًا جرى توزيع المياه وتوريدها للمزارعين الفلسطينيين بنسب محدودة وأخذت بالانتقاص عام بعد عام، إلى درجة أن الوضع الزراعي في الأغوار أخذ يتناقص بشكل كبير، وتلفت الأراضي الزراعية وتحول الكثير منها إلى أراض بور غير صالحة بسبب شح المياه، رغم أنها مناطق وفيرة بالينابيع وعيو الماء أصلا.
ويبين أن الاحتلال وعلى غرار توزيع حصص المياه على المزارعين في الأغوار، أخذ بتطبيق سياسة التوزيع على جميع محافظات الضفة.
ويوضح أن هذا الأسلوب كان الأنجح بالنسبة له بتقليص الأراضي الزراعية من خلال حرمانها من الماء وإبعاد المزارعين عن أراضيهم، وتحويل قطاع الزراعة إلى قطاع عمل المزارعين في المستوطنات.
ويلفت إلى أن الاحتلال طبق ما انتهجه في الأغوار على المناطق الغربية من الضفة والمناطق المحاذية للجدار الفاصل، والسيطرة على مصادر المياه التي يتسهلكها الفلسطيني للزراعة والشرب، حتى يستطيعوا تنفيذ مخطط سلخ المزارعين عن أراضيهم، سواء في المحاصيل الموسمية أو غيرها، وتكون لها تداعيات كبيرة لاحقة غير مباشرة لتهجير الفلسطينيين من المناطق الريفية إلى المدن وهذا شيء بات واضحًا.
ويكشف خليلية أن الاحتلال والمستوطنين يتحكمون اليوم في جميع الأحواض المائية الكبيرة في الضفة ويسيطرون على جزء كبير من الينابيع والآبار.
ويقول: "لا يزال هناك ينابيع وآبار موجودة تحت التصرف الفلسطيني في الأغوار والمناطق الغربية من الضفة وفي مناطق مختلفة، ونرى المستوطنون يحاولون السيطرة على هذه الينابيع، وطالما أن المستوطنين مدعومين بشكل مباشر من جيش الاحتلال، فإن محاولات الاستيلاء ستبقى مستمرة إلى أن يتم مجابهتها".
وعن سبل مواجهة الاستيلاء على مصادر المياه، يؤكد خليلية أن قضية المياه موجودة ومستمرة منذ عقود، ويجب التعامل معها سياسيًا، وتثبيت الحق الفلسطيني في الموارد الطبيعية، وهذا حق تضمنته القوانين الدولية.
ويشير إلى أن الموارد الطبيعية الموجودة في أي بلد هي ملك لأبنائه، وهذا ما نصت عليه القوانين الدولية ولا يحق للدولة المحتلة استعمال تلك الموارد لصالح مواطنيها.
قضية شائكة
وأما المختص في شؤون الاستيطان محمود الصيفي فيقول: إن "قضية الينابيع ومصادر المياه في الضفة أصبحت شائكة وخطيرة، إذ إن الآبار والينابيع الكبيرة يسيطر عليها الاحتلال من خلال شركات ضخمة.
ويضيف الصيفي في حديث لوكالة "صفا"، أن خطط حكومة الاحتلال ووزير المالية فيها تستهدف بشكل مباشر الينابيع في الأغوار والسفوح الشرقية بالضفة، مشيرًا إلى وجود أكثر من 350 نبعًا ما بين ضعيف وغزير، تسيطر عليها المستوطنات منذ عام 67.
ويبين الصيفي أن الاحتلال ومستوطنيه تعمدوا بعد السابع من أكتوبر إلى السيطرة على ينابيع غزيرة مثل عين الساكوت وعين البيضا في بردلة، والعين الفوقا في بيت فوريك، ومنعوا المواطنين من دخلو المنطقة وتهديدهم في حال استخدام مصادر المياه، وكذلك السيطرة عل عين سامية وترحيل جميع التجمعات من المكان، رغم وجود آبار كبيرة يشرب منها سكان رام الله والقدس.
ويتطرق إلى هجوم المستوطنين قبل أيام على عين بدران ووادي المطوي في سلفيت، لافتًا إلى أن تلك العيون تغذي حاجة المواطنين ما نسبته 30 إلى 50%.
لكن المختص يرى أن الخطر الحقيقي هو بالسيطرة على الينابيع في الأغوار والسفوح الشرقية، لأنها أمام عاصفة الاستيطان، وتشكل مصدرًا كبيرًا للمياه يعتمد عليه الفلسطينيون.
وبحسب الصيفي، فإن سيطرة المستوطنين على الينابيع والعيون تهدف إلى السسيطرة على الأراضي الزراعية المحيطة بها، وأن الخطر ينتاب آلاف دونمات الأراضي الخصبة الصالحة للزراعة، إذ أن المستوطنين أقدموا على السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي بمحيط الينابيع.
ويضيف "استجلب الاحتلال أعدادًا من المستوطنين من الداخل لعمل حفلات قرب الينابيع وصنفها مناطق عسكرية مغلقة يحظر الاقتراب منها، وبهذا الفعل تم السيطرة على مصادر المياه والأراضي المحيطة به، كما حصل في قرية قريوت بنابلس وقرية دير نظام برام الله.
وحول طرق حماية الينابيع، يرى الصيفي أن التواجد الدائم للمزارعين والأهالي في حقولهم ومزارعهم والعمل المتواصل في أراضيهم واستغلال الينابيع والعيون في تلك الأراضي، يحد من هجمات المستوطنين.
ويؤكد أن ديمومة البقاء على الأرض تفوت على المستوطنين فرص الاستيلاء عليها، وأن تركها يصبح أمرًا سهلًا لسلبها وتحكم المستوطنين بها.
ويدعو الصيفي المزارعين إلى عدم الاكتراث لقوانين الاحتلال وأوامره بالمنع من دخول الأراضي والعمل بها.