كيف يعيد اليمين الاستيطاني تشكيل هوية القدس بشراء العقارات الفلسطينية؟
المركز الفلسطيني للإعلام
في ورقة بحثية صادرة عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية بعنوان “اليمين الاستيطاني واستراتيجيات شراء العقارات الفلسطينية في القدس”، جرى تسليط الضوء على الأبعاد التاريخية والسياسية والقانونية والدينية لظاهرة الاستحواذ على العقارات الفلسطينية من قبل الجمعيات الاستيطانية المدعومة من الدولة العبرية.
الورقة تؤكد أن ما يجري في القدس ليس مجرد عمليات شراء متفرقة، بل مشروع ممنهج يعكس جوهر اليمين الاستيطاني الذي يسعى إلى إعادة تشكيل هوية المدينة وفرض وقائع جديدة على حساب سكانها الأصليين.
الصعود الأيديولوجي
ومنذ احتلال شرقي القدس عام 1967، برزت الصهيونية الدينية كقوة مركزية دفعت باتجاه الاستيطان داخل المدينة، معتبرة أن الانتصار العسكري آنذاك يشكّل تحقيقاً لـ”نبوءة الخلاص”. هذا البعد الديني وفّر غطاءً لعمليات التهويد التي قادتها حركات مثل غوش إيمونيم التي تأسست عام 1974، لتعلن أن الاستيطان مهمة إلهية لا يجوز التراجع عنها.
ومن رحم هذه الحركة انبثقت جمعيات مثل عطيرت كوهانيم (1978) وإلعاد (1986)، اللتين ركزتا على الاستيلاء على العقارات الفلسطينية في قلب القدس، وخاصة البلدة القديمة وحي سلوان. ومع مرور الوقت، تحولت هذه الجمعيات إلى أذرع تنفيذية للمشروع الاستيطاني الرسمي، تحظى بدعم وزارات إسرائيلية وبلدية الاحتلال، مستندة إلى تشريعات مثل قانون أملاك الغائبين لعام 1950 وقانون 1970 الخاص بالشؤون الإدارية.
لجنة كلوجمان
وبمرور الوقت، تحوّلت هذه الجمعيات إلى أذرع تنفيذية للمشروع الاستيطاني الرسمي، إذ حظيت بدعم واسع من وزارة الإسكان وبلدية الاحتلال في القدس، فضلاً عن الغطاء القانوني الذي وفّره قانون أملاك الغائبين وغيره من التشريعات.
ورغم تفكك غوش إيمونيم، بقيت الجمعيات الجديدة امتداداً لها في صورة أكثر مؤسساتية وتنظيماً، مدعومة بعلاقات وثيقة مع رموز سياسية من تيار الصهيونية الدينية داخل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.
وتوضح الورقة أنه وتحت ضغط الانتقادات الدولية مطلع التسعينيات، شكّلت حكومة إسحاق رابين لجنة كلوجمان عام 1992 للتحقيق في صفقات نقل العقارات في شرقي القدس، والتي كشفت عن مستوى خطر من التواطؤ بين مؤسسات الدولة والجمعيات الاستيطانية في القدس الشرقية، والذي لم يبقَ في إطار الدعم الموقت، بل تطور ليشكل دعامة أساسية دائمة تنظم عمليات الاستحواذ على العقارات وتضفي عليها طابعاً من الشرعية.
وتستند هذه الدعامة إلى قانون أملاك الغائبين الصادر عام 1950، والذي يعد الأداة الأساسية للسيطرة على أملاك الفلسطينيين في القدس، يُضاف إليه قانون الشؤون الإدارية والقانونية عام 1970 الذي يُطبَّق في القدس الشرقية فقط، ويقضي بحق اليهود في استعادة أملاكهم التي كانوا يملكونها قبل عام 1948.
وأثبتت اللجنة أن عشرات العقارات انتقلت بشكل غير قانوني إلى جمعيتي إلعاد وعطيرت كوهانيم، بمساندة مباشرة من وزير الإسكان آنذاك أريئيل شارون، وكشفت أن أكثر من 23 مليون شيكل من الأموال العامة وُجهت لدعم المستوطنين، بما في ذلك ترميم المباني المستولى عليها.
ورغم توصيات بفتح تحقيق جنائي، أُغلق الملف تدريجياً بعد اغتيال رابين وصعود نتنياهو، ما أكد أن العلاقة بين الدولة والجمعيات علاقة هيكلية وليست عرضية، إذ توفّر الدولة الغطاء المالي والقانوني والسياسي، بينما تتولى الجمعيات التنفيذ الميداني.
أطراف استيطانية فاعلة
وتركّز ورقة مؤسسة الدراسات الفلسطينية على الجمعيات الاستيطانية التي تلعب أدواراً أساسية:
جمعية إلعاد: تأسست عام 1986 بقيادة دافيد بئيري، وتنشط في حي سلوان، حيث تستخدم الحفريات والآثار لبناء رواية توراتية تزعم الأحقية اليهودية الحصرية بالمكان. وتتمثل أهداف الجمعية، كما ورد في ملفها الرسمي، في تعزيز العلاقة بين “الشعب اليهودي” ومدينة “أورشليم” بصورة عامة، ومدينة داود بصورة خاصةً. وتسعى كذلك إلى إبراز “القصة التوراتية المتخيّلة” المرتبطة بمدينة داود، وتوظيف الاكتشافات الأثرية لتكريس أحقية اليهود في المكان ووراثة ملكيته، عبر تقديم صورة تاريخية مشوّهة للزوار والسياح.
عطيرت كوهانيم: تأسست عام 1978 بقيادة متتياهو دان، وتتمثل مهمتها في تعزيز وتقوية الاستيطان اليهودي في القدس، وتحديداً في البلدة القديمة وما حولها. وجاء تأسيسها في ظل اتفاقية كامب ديفيد، التي أثارت توتراً وقلقاً في أوساط المستوطنين نتيجة الانسحاب من سيناء، ما دفع دان إلى تنظيم سلسلة من المحاضرات عن “الهيكل” في مدينة القدس.
جمعيات أخرى مثل ييشع وشوفوبانيم وإسرائيل الفتاة تسهم أيضاً في عمليات شراء وتسريب العقارات، عبر شبكات مالية خارجية معظمها سرية، وتعمل على إنشاء بؤر استيطانية داخل الأحياء الفلسطينية في شرقي القدس، ولا سيما في البلدة القديمة، في سلوان والشيخ جراح والطور والصوانة ورأس العامود وغيرها.
بهذه الشبكة، يتحوّل الاستيطان إلى منظومة متكاملة تتداخل فيها الأيديولوجيا بالدعم الحكومي والتمويل الدولي، ما يعكس الطبيعة المركبة لمشروع التهويد.
الهندسة الخفية للسيطرة على العقارات
وترصد الورقة سلسلة من الاستراتيجيات التي تستخدمها الجمعيات في السيطرة على العقارات الفلسطينية، من بينها: الإغراء المالي بعروض تفوق القيمة السوقية، والتزوير عبر عقود بيع صورية أو تواقيع مزيفة، والشركات الوهمية لإخفاء المستفيد الحقيقي، والاختراق الاجتماعي باستغلال ضائقة العائلات المستهدفة.
ومن بين الأساليب التي تشير إليها الورقة، التنكر والعملاء ممن يقدمون أنفسهم بصفات دينية أو اجتماعية لخداع المالِكين، والاعتماد على سماسرة محليين مقابل مبالغ كبيرة أو ضمانات خاصة، والضغط النفسي عبر مضايقات يومية لإجبار العائلات على المغادرة، استغلال الثغرات القانونية كقوانين البناء والهدم الخاصة بشرقي القدس المحتلة.
هذه الأساليب، بحسب الورقة، تمثل “هندسة خفية” تستند إلى ما تسميه العنف القانوني، حيث يُحاصر الفلسطيني بين الفقر والضغط النفسي والتهديد القانوني المستمر.
التمدد الاستيطاني
وتوضح الورقة البحثية أنه وبعد الاستحواذ على عقار ما، لا يتوقف النشاط عند هذا الحد، بل تبدأ مرحلة جديدة من التمدد الاستيطاني التدريجي، فبعد شراء منزل أو مبنى تفرض إجراءات أمنية مشددة بنصب كاميرات مراقبة وحراسات مسلحة، وتحويل المنزل إلى بؤرة للتوسع نحو العقارات المجاورة، وخلق بيئة خانقة للفلسطينيين تجعل من بقائهم مسألة شبه مستحيلة.
وتشير تقديرات إلى أن أكثر من 80 عقاراً سُرّبت في القدس القديمة وحدها منذ عام 1967. وفي حي سلوان، الذي يقطنه نحو 60 ألف فلسطيني، استولى المستوطنون على عشرات المنازل بجهود جمعية إلعاد، بينما يعيش حوالي 3000 مستوطن وسط الأحياء الفلسطينية.
وتلفت الورقة إلى أن هذا الواقع يولّد بيئة خانقة للفلسطينيين، حيث يعيشون بين جدران مراقَبة، تحت تهديد الإخلاء أو المضايقات المستمرة. تتحوّل الحياة اليومية إلى صراع للبقاء، يتخلله شعور دائم بالحصار النفسي والمادي.
توصيات
وتوصي الورقة لمواجهة هذه السياسات، بتعزيز الصمود الأهلي ودعم اللجان المحلية والمراكز المجتمعية، وإنشاء قاعدة بيانات موحدة لملكية العقارات ورصد عمليات التزوير، والمساءلة الدولية عبر اتفاقية جنيف الرابعة وقرارات مجلس الأمن، وبناء إستراتيجية إعلامية شاملة لفضح أساليب الجمعيات الاستيطانية وتقديم الرواية الفلسطينية للعالم.
وتؤكد ورقة “اليمين الاستيطاني واستراتيجيات شراء العقارات الفلسطينية في القدس” أن نشاط الجمعيات الاستيطانية ليس تفصيلاً هامشياً، بل جزء جوهري من المشروع الإسرائيلي الهادف إلى إعادة صياغة هوية القدس ديموغرافياً وسياسياً. المشروع يجمع بين الدين والمال والقانون، ويمارس شكلاً من “العنف الصامت” الذي يعادل في أثره العنف العسكري المباشر.
وتقول إنه مع غياب تدخل عربي ودولي حاسم، يبقى الرهان على المبادرات المحلية لتوثيق الانتهاكات وكشف شبكات التمويل، باعتبارها جزءاً من معركة طويلة الأمد على الأرض والرواية والهوية الفلسطينية في القدس.
المركز الفلسطيني للإعلام
في ورقة بحثية صادرة عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية بعنوان “اليمين الاستيطاني واستراتيجيات شراء العقارات الفلسطينية في القدس”، جرى تسليط الضوء على الأبعاد التاريخية والسياسية والقانونية والدينية لظاهرة الاستحواذ على العقارات الفلسطينية من قبل الجمعيات الاستيطانية المدعومة من الدولة العبرية.
الورقة تؤكد أن ما يجري في القدس ليس مجرد عمليات شراء متفرقة، بل مشروع ممنهج يعكس جوهر اليمين الاستيطاني الذي يسعى إلى إعادة تشكيل هوية المدينة وفرض وقائع جديدة على حساب سكانها الأصليين.
الصعود الأيديولوجي
ومنذ احتلال شرقي القدس عام 1967، برزت الصهيونية الدينية كقوة مركزية دفعت باتجاه الاستيطان داخل المدينة، معتبرة أن الانتصار العسكري آنذاك يشكّل تحقيقاً لـ”نبوءة الخلاص”. هذا البعد الديني وفّر غطاءً لعمليات التهويد التي قادتها حركات مثل غوش إيمونيم التي تأسست عام 1974، لتعلن أن الاستيطان مهمة إلهية لا يجوز التراجع عنها.
ومن رحم هذه الحركة انبثقت جمعيات مثل عطيرت كوهانيم (1978) وإلعاد (1986)، اللتين ركزتا على الاستيلاء على العقارات الفلسطينية في قلب القدس، وخاصة البلدة القديمة وحي سلوان. ومع مرور الوقت، تحولت هذه الجمعيات إلى أذرع تنفيذية للمشروع الاستيطاني الرسمي، تحظى بدعم وزارات إسرائيلية وبلدية الاحتلال، مستندة إلى تشريعات مثل قانون أملاك الغائبين لعام 1950 وقانون 1970 الخاص بالشؤون الإدارية.
لجنة كلوجمان
وبمرور الوقت، تحوّلت هذه الجمعيات إلى أذرع تنفيذية للمشروع الاستيطاني الرسمي، إذ حظيت بدعم واسع من وزارة الإسكان وبلدية الاحتلال في القدس، فضلاً عن الغطاء القانوني الذي وفّره قانون أملاك الغائبين وغيره من التشريعات.
ورغم تفكك غوش إيمونيم، بقيت الجمعيات الجديدة امتداداً لها في صورة أكثر مؤسساتية وتنظيماً، مدعومة بعلاقات وثيقة مع رموز سياسية من تيار الصهيونية الدينية داخل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.
وتوضح الورقة أنه وتحت ضغط الانتقادات الدولية مطلع التسعينيات، شكّلت حكومة إسحاق رابين لجنة كلوجمان عام 1992 للتحقيق في صفقات نقل العقارات في شرقي القدس، والتي كشفت عن مستوى خطر من التواطؤ بين مؤسسات الدولة والجمعيات الاستيطانية في القدس الشرقية، والذي لم يبقَ في إطار الدعم الموقت، بل تطور ليشكل دعامة أساسية دائمة تنظم عمليات الاستحواذ على العقارات وتضفي عليها طابعاً من الشرعية.
وتستند هذه الدعامة إلى قانون أملاك الغائبين الصادر عام 1950، والذي يعد الأداة الأساسية للسيطرة على أملاك الفلسطينيين في القدس، يُضاف إليه قانون الشؤون الإدارية والقانونية عام 1970 الذي يُطبَّق في القدس الشرقية فقط، ويقضي بحق اليهود في استعادة أملاكهم التي كانوا يملكونها قبل عام 1948.
وأثبتت اللجنة أن عشرات العقارات انتقلت بشكل غير قانوني إلى جمعيتي إلعاد وعطيرت كوهانيم، بمساندة مباشرة من وزير الإسكان آنذاك أريئيل شارون، وكشفت أن أكثر من 23 مليون شيكل من الأموال العامة وُجهت لدعم المستوطنين، بما في ذلك ترميم المباني المستولى عليها.
ورغم توصيات بفتح تحقيق جنائي، أُغلق الملف تدريجياً بعد اغتيال رابين وصعود نتنياهو، ما أكد أن العلاقة بين الدولة والجمعيات علاقة هيكلية وليست عرضية، إذ توفّر الدولة الغطاء المالي والقانوني والسياسي، بينما تتولى الجمعيات التنفيذ الميداني.
أطراف استيطانية فاعلة
وتركّز ورقة مؤسسة الدراسات الفلسطينية على الجمعيات الاستيطانية التي تلعب أدواراً أساسية:
جمعية إلعاد: تأسست عام 1986 بقيادة دافيد بئيري، وتنشط في حي سلوان، حيث تستخدم الحفريات والآثار لبناء رواية توراتية تزعم الأحقية اليهودية الحصرية بالمكان. وتتمثل أهداف الجمعية، كما ورد في ملفها الرسمي، في تعزيز العلاقة بين “الشعب اليهودي” ومدينة “أورشليم” بصورة عامة، ومدينة داود بصورة خاصةً. وتسعى كذلك إلى إبراز “القصة التوراتية المتخيّلة” المرتبطة بمدينة داود، وتوظيف الاكتشافات الأثرية لتكريس أحقية اليهود في المكان ووراثة ملكيته، عبر تقديم صورة تاريخية مشوّهة للزوار والسياح.
عطيرت كوهانيم: تأسست عام 1978 بقيادة متتياهو دان، وتتمثل مهمتها في تعزيز وتقوية الاستيطان اليهودي في القدس، وتحديداً في البلدة القديمة وما حولها. وجاء تأسيسها في ظل اتفاقية كامب ديفيد، التي أثارت توتراً وقلقاً في أوساط المستوطنين نتيجة الانسحاب من سيناء، ما دفع دان إلى تنظيم سلسلة من المحاضرات عن “الهيكل” في مدينة القدس.
جمعيات أخرى مثل ييشع وشوفوبانيم وإسرائيل الفتاة تسهم أيضاً في عمليات شراء وتسريب العقارات، عبر شبكات مالية خارجية معظمها سرية، وتعمل على إنشاء بؤر استيطانية داخل الأحياء الفلسطينية في شرقي القدس، ولا سيما في البلدة القديمة، في سلوان والشيخ جراح والطور والصوانة ورأس العامود وغيرها.
بهذه الشبكة، يتحوّل الاستيطان إلى منظومة متكاملة تتداخل فيها الأيديولوجيا بالدعم الحكومي والتمويل الدولي، ما يعكس الطبيعة المركبة لمشروع التهويد.
الهندسة الخفية للسيطرة على العقارات
وترصد الورقة سلسلة من الاستراتيجيات التي تستخدمها الجمعيات في السيطرة على العقارات الفلسطينية، من بينها: الإغراء المالي بعروض تفوق القيمة السوقية، والتزوير عبر عقود بيع صورية أو تواقيع مزيفة، والشركات الوهمية لإخفاء المستفيد الحقيقي، والاختراق الاجتماعي باستغلال ضائقة العائلات المستهدفة.
ومن بين الأساليب التي تشير إليها الورقة، التنكر والعملاء ممن يقدمون أنفسهم بصفات دينية أو اجتماعية لخداع المالِكين، والاعتماد على سماسرة محليين مقابل مبالغ كبيرة أو ضمانات خاصة، والضغط النفسي عبر مضايقات يومية لإجبار العائلات على المغادرة، استغلال الثغرات القانونية كقوانين البناء والهدم الخاصة بشرقي القدس المحتلة.
هذه الأساليب، بحسب الورقة، تمثل “هندسة خفية” تستند إلى ما تسميه العنف القانوني، حيث يُحاصر الفلسطيني بين الفقر والضغط النفسي والتهديد القانوني المستمر.
التمدد الاستيطاني
وتوضح الورقة البحثية أنه وبعد الاستحواذ على عقار ما، لا يتوقف النشاط عند هذا الحد، بل تبدأ مرحلة جديدة من التمدد الاستيطاني التدريجي، فبعد شراء منزل أو مبنى تفرض إجراءات أمنية مشددة بنصب كاميرات مراقبة وحراسات مسلحة، وتحويل المنزل إلى بؤرة للتوسع نحو العقارات المجاورة، وخلق بيئة خانقة للفلسطينيين تجعل من بقائهم مسألة شبه مستحيلة.
وتشير تقديرات إلى أن أكثر من 80 عقاراً سُرّبت في القدس القديمة وحدها منذ عام 1967. وفي حي سلوان، الذي يقطنه نحو 60 ألف فلسطيني، استولى المستوطنون على عشرات المنازل بجهود جمعية إلعاد، بينما يعيش حوالي 3000 مستوطن وسط الأحياء الفلسطينية.
وتلفت الورقة إلى أن هذا الواقع يولّد بيئة خانقة للفلسطينيين، حيث يعيشون بين جدران مراقَبة، تحت تهديد الإخلاء أو المضايقات المستمرة. تتحوّل الحياة اليومية إلى صراع للبقاء، يتخلله شعور دائم بالحصار النفسي والمادي.
توصيات
وتوصي الورقة لمواجهة هذه السياسات، بتعزيز الصمود الأهلي ودعم اللجان المحلية والمراكز المجتمعية، وإنشاء قاعدة بيانات موحدة لملكية العقارات ورصد عمليات التزوير، والمساءلة الدولية عبر اتفاقية جنيف الرابعة وقرارات مجلس الأمن، وبناء إستراتيجية إعلامية شاملة لفضح أساليب الجمعيات الاستيطانية وتقديم الرواية الفلسطينية للعالم.
وتؤكد ورقة “اليمين الاستيطاني واستراتيجيات شراء العقارات الفلسطينية في القدس” أن نشاط الجمعيات الاستيطانية ليس تفصيلاً هامشياً، بل جزء جوهري من المشروع الإسرائيلي الهادف إلى إعادة صياغة هوية القدس ديموغرافياً وسياسياً. المشروع يجمع بين الدين والمال والقانون، ويمارس شكلاً من “العنف الصامت” الذي يعادل في أثره العنف العسكري المباشر.
وتقول إنه مع غياب تدخل عربي ودولي حاسم، يبقى الرهان على المبادرات المحلية لتوثيق الانتهاكات وكشف شبكات التمويل، باعتبارها جزءاً من معركة طويلة الأمد على الأرض والرواية والهوية الفلسطينية في القدس.