إيمان الأعور.. أم مقدسية تحررت من سجون الاحتلال لكن ليس من يومياتها المؤلمة
القدس المحتلة - الجزيرة نت
بعد أيام من الإفراج عنها من سجون الاحتلال، تجلس المقدسية إيمان الأعور في منزلها بحي عين اللوزة في بلدة سلوان بالقدس المحتلة، ولا تختفي ابتسامتها سوى عند الحديث عن ظلام الزنازين ووحشتها، وعن بشاعة أساليب التحقيق الإسرائيلية.
وأفرج الاحتلال الإسرائيلي عن إيمان الأعور (45 عاما) الأحد (13 مارس/آذار) بعد قضاء 22 شهرا في الاعتقال. ولقصة أسر هذه الأم فصول ألم كثيرة لم يكن أولها اعتقالها قبل أيام من موعد عملية جراحية لاستئصال ورم للمرة الثالثة من جسدها، وليس آخرها وفاة والدتها قبل 3 أسابيع من تحررها فقط.
النبرة الهادئة التي تحدثت بها تخللها الكثير من التنهدات، ولحظات من الصمت، وعجز عن الوصف أحيانا، خاصة عند الحديث عن تفاصيل 30 يوما قضتها في زنازين مركز تحقيق "المسكوبية"، غربي القدس.
وُلدت إيمان عام 1977، وترعرعت في كنف أُسرة مناضلة قدّمت الشهداء والأسرى، وكانت أمنية والدتها الوحيدة أن يلتئم شمل العائلة لمرة واحدة قبل رحيلها، لكنها توفّيت قبل تحرر إيمان ودون تحقُق أمنيتها.
جمع الصدقات جريمة
تقول الأعور في لقاء مع الجزيرة نت بمنزلها، إن الله اختارها منذ 15 عاما لتكون عونا للأُسر الفقيرة؛ فباتت عنوانا لتلقي الصدقات والتبرعات وتوزيعها في كافة المحافظات الفلسطينية، وخاصة في شهر رمضان وعيدي الفطر والأضحى.
لكن وصول التبرعات إلى عائلات في قطاع غزة أمر لم يرُق لمخابرات الاحتلال الإسرائيلي، التي راقبت إيمان عن كثب، ثم أقدمت على اعتقال زوجها واعتقالها بعده بأسبوعين، لتجد نفسها في مواجهة لائحة اتهام تتضمن 50 بندا، أبرزها "دعم الإرهاب وتبييض أموال لصالح حركة حماس".
ونفت إيمان خلال التحقيق أن عملها يندرج تحت أي إطار سياسي أو حزبي، وصمّمت على أنه لا يخرج عن نطاق العمل الإنساني، لكن المحققين لم يتوقفوا طيلة 30 يوما عن نعتها بـ "الإرهابية الخنزيرة"، وهو الوصف الذي تقول إنه جرح كرامتها وكان السبب في التلاسن مع المحققين مرات عدة.
ولم تكن تجربة التحقيق سهلة لسيدة تعاني من مشاكل صحية مختلفة، إذ خضعت لعدة عمليات جراحية منذ عام 2014 لاستئصال ورم من عنق الرحم ثم استئصال الرحم كاملا، واكتشاف كتلة سرطانية أخرى في الأحبال الصوتية قبيل اعتقالها، وتحديد عملية لاستئصالها، لكنها لم تتم بسبب الاعتقال.
يضاف إلى ذلك حاجتها لجلسات علاج طبيعي أسبوعيا، كانت تتلقاها بعد تعرضها لكسور في الحوض. لكن كل هذه المشاكل الصحية لم تؤخذ بعين الاعتبار خلال فترة التحقيق ولم يُقدم لها أي علاج، وكان رد طبيب السجن على مطالبها بتوفير أدويتها "يمكنك تناول المسكن أو شرب الماء فقط".
عن التحقيق والزنزانة
ولكرسي التحقيق ذكريات أليمة، تؤكد إيمان أنها تشوش تفكيرها حتى الآن "الأصفاد مثبتة بالأيدي، والأرجل إلى الخلف على مقعد صغير (أسلوب الشبح خلال التحقيق الإسرائيلي).. الشتائم القذرة تنهال عليّ من كل صوب.. والمحققون يلعبون بأعصابي ويحرمونني من النوم".
والزنزانة الانفرادية ليست أفضل حالا، إذ تقول إن لونها ترابي ورائحتها قذرة ودرجة الحرارة فيها منخفضة جدا وكانت تشعر بأن رأسها وأطرافها قد تجمدت بالفعل، وتقول إن الوصف الدقيق لهذا المكان هو "مقبرة الأحياء".
قبل نقلها من مركز التحقيق إلى السجن بأيام، تعمد المحققون أن يمرروا زوجها من أمام غرفة التحقيق التي تمكث بها، وعن تلك اللحظات قالت "كبلوني بطريقة مؤذية لنفسية زوجي.. وبمجرد مروره قلت له: أنا بخير إن كنت أنت كذلك، ثم عادوا به إلى زنزانته فورا".
حُكم على زوج إيمان بالسجن 9 أشهر في القضية ذاتها، وتحرر نجلها المحكوم بالسجن لمدة 3 أعوام ونصف العام قبل تحررها، وبقيت هي خلف القضبان تكابد السجن والبعد عن أسرتها.
الأمهات الأسيرات.. الحضن الدافئ
وعن حال 32 أسيرة فلسطينية في سجن الدامون الذي غادرته قبل أيام، قالت إيمان إنهن يتأهبن لخوض خطوات احتجاجية للمطالبة بتوفير هواتف عمومية لهن، وطبيبة نسائية مرتين شهريا، وإلغاء زجهن في سجن "الشارون" كمحطة مؤقتة قبل نقلهن إلى سجن الدامون المخصص لهن حاليا.
كانت إيمان و10 أمهات أخريات خلف القضبان يأخذن على عاتقهن القيام بدور الأمومة واحتواء بقية الأسيرات، رغم الفقدان العميق الذي يشعرن به.
القدس المحتلة - الجزيرة نت
بعد أيام من الإفراج عنها من سجون الاحتلال، تجلس المقدسية إيمان الأعور في منزلها بحي عين اللوزة في بلدة سلوان بالقدس المحتلة، ولا تختفي ابتسامتها سوى عند الحديث عن ظلام الزنازين ووحشتها، وعن بشاعة أساليب التحقيق الإسرائيلية.
وأفرج الاحتلال الإسرائيلي عن إيمان الأعور (45 عاما) الأحد (13 مارس/آذار) بعد قضاء 22 شهرا في الاعتقال. ولقصة أسر هذه الأم فصول ألم كثيرة لم يكن أولها اعتقالها قبل أيام من موعد عملية جراحية لاستئصال ورم للمرة الثالثة من جسدها، وليس آخرها وفاة والدتها قبل 3 أسابيع من تحررها فقط.
النبرة الهادئة التي تحدثت بها تخللها الكثير من التنهدات، ولحظات من الصمت، وعجز عن الوصف أحيانا، خاصة عند الحديث عن تفاصيل 30 يوما قضتها في زنازين مركز تحقيق "المسكوبية"، غربي القدس.
وُلدت إيمان عام 1977، وترعرعت في كنف أُسرة مناضلة قدّمت الشهداء والأسرى، وكانت أمنية والدتها الوحيدة أن يلتئم شمل العائلة لمرة واحدة قبل رحيلها، لكنها توفّيت قبل تحرر إيمان ودون تحقُق أمنيتها.
جمع الصدقات جريمة
تقول الأعور في لقاء مع الجزيرة نت بمنزلها، إن الله اختارها منذ 15 عاما لتكون عونا للأُسر الفقيرة؛ فباتت عنوانا لتلقي الصدقات والتبرعات وتوزيعها في كافة المحافظات الفلسطينية، وخاصة في شهر رمضان وعيدي الفطر والأضحى.
لكن وصول التبرعات إلى عائلات في قطاع غزة أمر لم يرُق لمخابرات الاحتلال الإسرائيلي، التي راقبت إيمان عن كثب، ثم أقدمت على اعتقال زوجها واعتقالها بعده بأسبوعين، لتجد نفسها في مواجهة لائحة اتهام تتضمن 50 بندا، أبرزها "دعم الإرهاب وتبييض أموال لصالح حركة حماس".
ونفت إيمان خلال التحقيق أن عملها يندرج تحت أي إطار سياسي أو حزبي، وصمّمت على أنه لا يخرج عن نطاق العمل الإنساني، لكن المحققين لم يتوقفوا طيلة 30 يوما عن نعتها بـ "الإرهابية الخنزيرة"، وهو الوصف الذي تقول إنه جرح كرامتها وكان السبب في التلاسن مع المحققين مرات عدة.
ولم تكن تجربة التحقيق سهلة لسيدة تعاني من مشاكل صحية مختلفة، إذ خضعت لعدة عمليات جراحية منذ عام 2014 لاستئصال ورم من عنق الرحم ثم استئصال الرحم كاملا، واكتشاف كتلة سرطانية أخرى في الأحبال الصوتية قبيل اعتقالها، وتحديد عملية لاستئصالها، لكنها لم تتم بسبب الاعتقال.
يضاف إلى ذلك حاجتها لجلسات علاج طبيعي أسبوعيا، كانت تتلقاها بعد تعرضها لكسور في الحوض. لكن كل هذه المشاكل الصحية لم تؤخذ بعين الاعتبار خلال فترة التحقيق ولم يُقدم لها أي علاج، وكان رد طبيب السجن على مطالبها بتوفير أدويتها "يمكنك تناول المسكن أو شرب الماء فقط".
عن التحقيق والزنزانة
ولكرسي التحقيق ذكريات أليمة، تؤكد إيمان أنها تشوش تفكيرها حتى الآن "الأصفاد مثبتة بالأيدي، والأرجل إلى الخلف على مقعد صغير (أسلوب الشبح خلال التحقيق الإسرائيلي).. الشتائم القذرة تنهال عليّ من كل صوب.. والمحققون يلعبون بأعصابي ويحرمونني من النوم".
والزنزانة الانفرادية ليست أفضل حالا، إذ تقول إن لونها ترابي ورائحتها قذرة ودرجة الحرارة فيها منخفضة جدا وكانت تشعر بأن رأسها وأطرافها قد تجمدت بالفعل، وتقول إن الوصف الدقيق لهذا المكان هو "مقبرة الأحياء".
قبل نقلها من مركز التحقيق إلى السجن بأيام، تعمد المحققون أن يمرروا زوجها من أمام غرفة التحقيق التي تمكث بها، وعن تلك اللحظات قالت "كبلوني بطريقة مؤذية لنفسية زوجي.. وبمجرد مروره قلت له: أنا بخير إن كنت أنت كذلك، ثم عادوا به إلى زنزانته فورا".
حُكم على زوج إيمان بالسجن 9 أشهر في القضية ذاتها، وتحرر نجلها المحكوم بالسجن لمدة 3 أعوام ونصف العام قبل تحررها، وبقيت هي خلف القضبان تكابد السجن والبعد عن أسرتها.
الأمهات الأسيرات.. الحضن الدافئ
وعن حال 32 أسيرة فلسطينية في سجن الدامون الذي غادرته قبل أيام، قالت إيمان إنهن يتأهبن لخوض خطوات احتجاجية للمطالبة بتوفير هواتف عمومية لهن، وطبيبة نسائية مرتين شهريا، وإلغاء زجهن في سجن "الشارون" كمحطة مؤقتة قبل نقلهن إلى سجن الدامون المخصص لهن حاليا.
كانت إيمان و10 أمهات أخريات خلف القضبان يأخذن على عاتقهن القيام بدور الأمومة واحتواء بقية الأسيرات، رغم الفقدان العميق الذي يشعرن به.