نساء غزة .. ماجدات يدفعن الفاتورة الأكبر لإرهاب الاحتلال
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
لا تكاد تجد في قطاع غزة، امرأة لم تقدم زوجها أو ابنها أو أخيها أو والدها شهيدًا، أو حتى نفسها شهيدة، إضافة لأعباء ثقال لا تحتمل الجبال عظمها.
فمنذ بدء حرب الإبادة، تدفع النساء بغزة الثمن الأكبر، من الدم والأعباء والأوجاع والآلام، وهي التي كانت وما زالت شريان الدم الذي ينزف في سبيل الوطن منذ سنوات النضال الوطني الطويلة.
وتفيد وزارة الصحة بغزة بأن زهاء 12 ألف امرأة استشهدن، جراء عدوان الاحتلال، إضافة لآلاف المصابات، وعشرات الأسيرات.
وحرب الإبادة المستمرة التي دخلت شهرها الثاني عشر ألقت بظلال ثقال على نسوة غزة، فإضافة لكونها شهيدة، وأم شهيد، وأخت شهيد، وزوجة شهيد، بات مطلوبًا منها التزامات أكبر من طاقتها.
مسؤوليات بعد استشهاد الزوج
المواطنة سعاد أبو شملة (٤٢ عاماً) وهي نازحة من مدينة غزة إلى مخيم دير البلح وسط قطاع غزة، تقول إنها فقدت زوجها شهيداً في بداية الحرب إثر غارات الاحتلال على منطقة سكنهم في حي الزيتون.
تضيف في حديث لمراسلنا أنه بات مطلوبًا منها، رعاية 5 من الأبناء، طعامهم وشرابهم، ومسكنهم، وحتى التنقل بهم في ظل أوامر الإخلاء الإسرائيلية المستمرة.
تتابع: في لحظة استشهد والدهم، وانقلبت الحياة رأسًا على عقب، كل المهام أسندت لي، وبت أحتمل ما لا يمكن احتماله، لكن سأواصل وهذا عهد أقطعه على نفسي.
تؤكد أنها ستواصل المسير، في تربية أبناءها ورعايتهم، وصولًا لتحقيق أهدافهم، وأحلامهم.
فقدت السند
وفي مخيم دير البلح نفسه، تقول الحاجة أم أحمد أبو مغصيب وهي أرملة منذ سنوات طويلة، فقدت نجلها في حرب الإبادة تقول باستشهاده فقدت يدي اليمنى، وسندي بعد والده.
تضيف في حديث لمراسلنا أنه بات مطلوباً منها كل شيء على مختلف الأصعدة، حتى تلك التي يقوم بها الرجال مثل تعبئة المياه، وإشعال النيران لإعداد الخبز، والبحث عن مصادر الطاقة.
وتوضح أن الحرب ألقت على نساء غزة أعباء صعبة وثقيلة، لا تحتملها الجبال، مؤكدة أن النسوة لها، وسيتجاوزن الصعاب.
تحديات متعددة
ومن أكبر التحديات التي تواجه النساء في قطاع غزة، انعدام الخصوصية نتيجة للاكتظاظ السكاني سواء في الخيم أو مراكز الايواء أو داخل منازل الأقرباء، حيث فرضت عليهن ضغوطاً نفسية وصحية جمة فاقت الحد المسموح ، كبقائهن محجبات طوال الوقت، أو التقليل من الطعام والشراب تفاديا لاستخدام المراحيض الذي يجعلهن يتنظرن دوراً طويلاً أمام أعين الغرباء، بالإضافة للنوم في غرفة تحشد أعداداً كبيرة من النساء بلا فراش قد يؤويهن.
وتعاني النسوة في غزة من فقدان المأوى، حيث نزح 89% منهن من منازلهن، إضافة إلى أن 78% منهن دمر الاحتلال منازلهن، و55% منهن يقمن في الملاجئ العامة، 25.2% يعيشن في الخيام؛ 15.8% يستضيفهن الجيران أو أفراد الأسرة 1.4% يعيشون في الشوارع، وفق أرقام نشرتها المؤسسة الفلسطينية للتمكين، ومتوقع أن تكون هذه الأرقام أقل من الواقع.
وحسب تلك الأرقام فإن 75.9 يواجهن تحديات في إعداد الطعام، ووفق مراسلنا فإن النسوة يعتمدن بشكل أساسي على الحطب في إعداد الطعام نظرًا لشح غاز الطهي، وعدم قدرة الكثير منهن على شراءه حال توفره.
ووفق المؤسسة؛ فقد أجبر جيش الاحتلال الإسرائيلي آلاف النساء والفتيات النزوح من شمال القطاع الى جنوبه سيراً على الأقدام بمساقة تقدر ب22 كليو متراً وسط اطلاق كثيف لنيران جيش الاحتلال رغم ادعاءاته بالأمان لهن، إلا أنهن تفاجئن أثناء سيرهن في شارع صلاح الدين نحو الجنوب، باعتقال عدد كبير منهن ، حيث تعرضن لممارسات وحشية، فجرى توقيفهن على حاجز نتساريم ، وإبقائهن في حفرة عميقة لساعات طويلة مع إبقاء السلاح على رقابهن ورؤوسهن واللواتي نجوّن ووصلوا الي جنوب القطاع وجدن أنفسهن بلا مأوي وأمام تحديات جمة بلا معيل وبلا مقومات اقتصادية قد تسعفهن على المضي ما تبقى لهن من حياة.
إعدامات
وخلال النزوح اعدمت قوات الاحتلال العديد من المواطنين منهم نساء وأطفال، وقد استُهدفوا عمداً وهم يحملون الأعلام البيضاء أثناء فرارهم إلى أماكن أكثر أماناً.
ويتم إعدام النساء غالباً مع أفراد أسرهن، خصوصاً أطفالهن، وقد اختفى عدد غير معروف من النساء والأطفال في مناطق شمال غزة، لم يُعرف عنهم شيئاً حتى الساعة، كما لم يُعثر على جثثهم بعد، وهناك أطفال فُصلوا عن والديهم، وما زالوا مجهولي العناوين بالنسبة الى ذويهم وأقاربهم، وسجلت تقارير صحافية نقل طفلة واحدة على الأقل قسراً إلى داخل دولة الاحتلال.
تعذيب المعتقلات
علاوة على الإبادة الجسدية، تتعرض النساء الفلسطينيات في غزة لسلوكيات إنسانية مهينة من جيش الاحتلال.
وفي هذا السياق، كشفت ريم السالم، مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة، أنها تلقت تقارير “مروعة عن تجريد نساء من ملابسهن وتصويرهن، بخاصة أثناء الاستجواب، وقد تبادل الجنود صورهن في ما بينهم وعلى شبكة الإنترنت”، وهذا يدعم التقارير الصحافية والشهادات الشخصية التي تحدثت عن حالات اعتداء وتحرش جنسي، واعتقالات وقتل عمد بحق النساء الفلسطينيات على أيدي ضباط إسرائيليين.
معاناة الحوامل
وفي الأشهر الأولى للحرب، واجهت 50 ألف امرأة حامل عوائق مادية ومشاكل صحية ونفسية قاسية ومؤلمة بسبب الحرب، وتمت 183 ولادة يومياً من دون تخدير ومسكنات، بسبب نقص الخدمات الطبية والصحية وغياب الأطباء والممرضات أو القابلات، وانعدام الرعاية أثناء الولادة وبعدها لصعوبة الوصول إلى المساعدة.
وحُرمت 45 ألف امرأة من الحصول على الخدمات الإنجابية الأساسية، وولد نحو 5000 طفل في ظروف سيئة للغاية، كما تسببت الحرب بحالات إجهاض خطرة على الحياة نتيجة إصابة الأم أو خوفها، وبولادات مبكرة للسبب ذاته، عدا عن مقتل عدد من الأمهات مع أجنتهنّ. وأنجب عدد كبير من الحوامل أطفالهن في المخيمات وفي أماكن غير مناسبة للولادة، 40 بالمئة من الحوامل تعرضن لخطر التسمم والالتهابات، ومن احتجن منهن لعملية ولادة قيصرية، خضعن لها من دون تخدير ولا مطهرات ولا مضادات حيوية لمعالجة التهابات ما بعد الولادة، إضافة إلى تحديات في الحصول على الرعاية الطبية والتغذية والرعاية الكافية بعد الولادة.
تشير الإحصاءات إلى ارتفاع معدلات الإجهاض والولادة المبكرة في غزة إلى 20 بالمئة، منذ بداية الحرب.
ويقدر صندوق الأمم المتحدة للسكان أن “هناك 840 امرأة في غزة يتعرضن لمضاعفات تتعلق بالحمل أو الولادة.
وفي حال تجاوزت الأمهات هذه الأخطار أثناء فترة الحمل والولادة بأمان، ولم يقضِ عليهن القصف الإسرائيلي، فإنهن سيواجهن خطر نقص الرعاية الطبية وسوء التغذية والجوع لاحقاً.
وأضرت القيود المفروضة على إرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة، بالنساء وأطفالهن بالدرجة الأولى، ولذلك تواجه الحوامل والمرضعات مخاطر صحية وغذائية حادة؛ تؤثر تلقائياً على أطفالهن.
ووفق شهادات متطابقة؛ لا توجد مياه صالحة للشرب، ولا غذاء كاف ومناسب لهن لإرضاع أطفالهن، كما لا يوجد حليب صناعي للأطفال لتعويض هذا النقص، وحتى لو تم العثور على تركيبة حليب صناعي، فلا توجد مياه آمنة يمكن خلطها بالحليب لإعطائها للرضيع الجائع.
كما لا تتوفر بين أيدي الأمهات ملابس دافئة ومناسبة لأطفالهن حديثي الولادة، فقد اضطرت الأمهات إلى النزوح وترك مقتنياتهن خلفهن، من بينها كل ما يتعلق بحاجيات الأطفال.
الحصول على المساعدات
من بين التحديات التي تواجه النساء في غزة أيضاً، هي الوصول إلى المساعدات الغذائية، ففي حال توافرها، لا تحصل النساء، بخاصة الوحيدات، منها إلا على الفتات، بسبب التدافع والركض والزحام الشديد وقدرة النساء المحدودة على الوصول بشكل أسرع إلى أماكن توزيعها. وتُظهر الصور ومقاطع الفيديو أثناء “الهجوم” على المساعدات المرمية جواً على سبيل المثال، أو أثناء توزيع الطعام، غياب النساء أو ندرة وجودهن.
تشير تقارير الأمم المتحدة، إلى أن “نحو 2.1 مليون فلسطيني بحاجة إلى مساعدات إنسانية، تشكل النساء 49.2 منهم، وهناك 9 من كل 10 نساء، يعانين من صعوبة الحصول على الغذاء أكثر من الرجال”.
عدا ذلك، يشكل نقص المنتجات الصحية مشكلة خطيرة لدى النساء الغزيات، مثل الفوط الصحية، ما يجبرهن على استخدام قطع القماش وقطع الملابس المستعملة أثناء فترة الحيض أو بعد الولادة، فتزداد بشكل كبير خطورة إصابتهن بأمراض تناسلية وجرثومية.
ويترافق هذا النقص مع عدم توافر أماكن الاستحمام والمراحيض ومياه الغسيل والضروريات الأساسية لهذه الحالات الخاصة.
ورغم كل هذه المآسي، تبقى نساء غزة ماجدات يلتحفن السماء ويفترشن الأرض يرفضن الخنوع ويتطلعن إلى معتصم ينقذهن من بطش الاحتلال.
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
لا تكاد تجد في قطاع غزة، امرأة لم تقدم زوجها أو ابنها أو أخيها أو والدها شهيدًا، أو حتى نفسها شهيدة، إضافة لأعباء ثقال لا تحتمل الجبال عظمها.
فمنذ بدء حرب الإبادة، تدفع النساء بغزة الثمن الأكبر، من الدم والأعباء والأوجاع والآلام، وهي التي كانت وما زالت شريان الدم الذي ينزف في سبيل الوطن منذ سنوات النضال الوطني الطويلة.
وتفيد وزارة الصحة بغزة بأن زهاء 12 ألف امرأة استشهدن، جراء عدوان الاحتلال، إضافة لآلاف المصابات، وعشرات الأسيرات.
وحرب الإبادة المستمرة التي دخلت شهرها الثاني عشر ألقت بظلال ثقال على نسوة غزة، فإضافة لكونها شهيدة، وأم شهيد، وأخت شهيد، وزوجة شهيد، بات مطلوبًا منها التزامات أكبر من طاقتها.
مسؤوليات بعد استشهاد الزوج
المواطنة سعاد أبو شملة (٤٢ عاماً) وهي نازحة من مدينة غزة إلى مخيم دير البلح وسط قطاع غزة، تقول إنها فقدت زوجها شهيداً في بداية الحرب إثر غارات الاحتلال على منطقة سكنهم في حي الزيتون.
تضيف في حديث لمراسلنا أنه بات مطلوبًا منها، رعاية 5 من الأبناء، طعامهم وشرابهم، ومسكنهم، وحتى التنقل بهم في ظل أوامر الإخلاء الإسرائيلية المستمرة.
تتابع: في لحظة استشهد والدهم، وانقلبت الحياة رأسًا على عقب، كل المهام أسندت لي، وبت أحتمل ما لا يمكن احتماله، لكن سأواصل وهذا عهد أقطعه على نفسي.
تؤكد أنها ستواصل المسير، في تربية أبناءها ورعايتهم، وصولًا لتحقيق أهدافهم، وأحلامهم.
فقدت السند
وفي مخيم دير البلح نفسه، تقول الحاجة أم أحمد أبو مغصيب وهي أرملة منذ سنوات طويلة، فقدت نجلها في حرب الإبادة تقول باستشهاده فقدت يدي اليمنى، وسندي بعد والده.
تضيف في حديث لمراسلنا أنه بات مطلوباً منها كل شيء على مختلف الأصعدة، حتى تلك التي يقوم بها الرجال مثل تعبئة المياه، وإشعال النيران لإعداد الخبز، والبحث عن مصادر الطاقة.
وتوضح أن الحرب ألقت على نساء غزة أعباء صعبة وثقيلة، لا تحتملها الجبال، مؤكدة أن النسوة لها، وسيتجاوزن الصعاب.
تحديات متعددة
ومن أكبر التحديات التي تواجه النساء في قطاع غزة، انعدام الخصوصية نتيجة للاكتظاظ السكاني سواء في الخيم أو مراكز الايواء أو داخل منازل الأقرباء، حيث فرضت عليهن ضغوطاً نفسية وصحية جمة فاقت الحد المسموح ، كبقائهن محجبات طوال الوقت، أو التقليل من الطعام والشراب تفاديا لاستخدام المراحيض الذي يجعلهن يتنظرن دوراً طويلاً أمام أعين الغرباء، بالإضافة للنوم في غرفة تحشد أعداداً كبيرة من النساء بلا فراش قد يؤويهن.
وتعاني النسوة في غزة من فقدان المأوى، حيث نزح 89% منهن من منازلهن، إضافة إلى أن 78% منهن دمر الاحتلال منازلهن، و55% منهن يقمن في الملاجئ العامة، 25.2% يعيشن في الخيام؛ 15.8% يستضيفهن الجيران أو أفراد الأسرة 1.4% يعيشون في الشوارع، وفق أرقام نشرتها المؤسسة الفلسطينية للتمكين، ومتوقع أن تكون هذه الأرقام أقل من الواقع.
وحسب تلك الأرقام فإن 75.9 يواجهن تحديات في إعداد الطعام، ووفق مراسلنا فإن النسوة يعتمدن بشكل أساسي على الحطب في إعداد الطعام نظرًا لشح غاز الطهي، وعدم قدرة الكثير منهن على شراءه حال توفره.
ووفق المؤسسة؛ فقد أجبر جيش الاحتلال الإسرائيلي آلاف النساء والفتيات النزوح من شمال القطاع الى جنوبه سيراً على الأقدام بمساقة تقدر ب22 كليو متراً وسط اطلاق كثيف لنيران جيش الاحتلال رغم ادعاءاته بالأمان لهن، إلا أنهن تفاجئن أثناء سيرهن في شارع صلاح الدين نحو الجنوب، باعتقال عدد كبير منهن ، حيث تعرضن لممارسات وحشية، فجرى توقيفهن على حاجز نتساريم ، وإبقائهن في حفرة عميقة لساعات طويلة مع إبقاء السلاح على رقابهن ورؤوسهن واللواتي نجوّن ووصلوا الي جنوب القطاع وجدن أنفسهن بلا مأوي وأمام تحديات جمة بلا معيل وبلا مقومات اقتصادية قد تسعفهن على المضي ما تبقى لهن من حياة.
إعدامات
وخلال النزوح اعدمت قوات الاحتلال العديد من المواطنين منهم نساء وأطفال، وقد استُهدفوا عمداً وهم يحملون الأعلام البيضاء أثناء فرارهم إلى أماكن أكثر أماناً.
ويتم إعدام النساء غالباً مع أفراد أسرهن، خصوصاً أطفالهن، وقد اختفى عدد غير معروف من النساء والأطفال في مناطق شمال غزة، لم يُعرف عنهم شيئاً حتى الساعة، كما لم يُعثر على جثثهم بعد، وهناك أطفال فُصلوا عن والديهم، وما زالوا مجهولي العناوين بالنسبة الى ذويهم وأقاربهم، وسجلت تقارير صحافية نقل طفلة واحدة على الأقل قسراً إلى داخل دولة الاحتلال.
تعذيب المعتقلات
علاوة على الإبادة الجسدية، تتعرض النساء الفلسطينيات في غزة لسلوكيات إنسانية مهينة من جيش الاحتلال.
وفي هذا السياق، كشفت ريم السالم، مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة، أنها تلقت تقارير “مروعة عن تجريد نساء من ملابسهن وتصويرهن، بخاصة أثناء الاستجواب، وقد تبادل الجنود صورهن في ما بينهم وعلى شبكة الإنترنت”، وهذا يدعم التقارير الصحافية والشهادات الشخصية التي تحدثت عن حالات اعتداء وتحرش جنسي، واعتقالات وقتل عمد بحق النساء الفلسطينيات على أيدي ضباط إسرائيليين.
معاناة الحوامل
وفي الأشهر الأولى للحرب، واجهت 50 ألف امرأة حامل عوائق مادية ومشاكل صحية ونفسية قاسية ومؤلمة بسبب الحرب، وتمت 183 ولادة يومياً من دون تخدير ومسكنات، بسبب نقص الخدمات الطبية والصحية وغياب الأطباء والممرضات أو القابلات، وانعدام الرعاية أثناء الولادة وبعدها لصعوبة الوصول إلى المساعدة.
وحُرمت 45 ألف امرأة من الحصول على الخدمات الإنجابية الأساسية، وولد نحو 5000 طفل في ظروف سيئة للغاية، كما تسببت الحرب بحالات إجهاض خطرة على الحياة نتيجة إصابة الأم أو خوفها، وبولادات مبكرة للسبب ذاته، عدا عن مقتل عدد من الأمهات مع أجنتهنّ. وأنجب عدد كبير من الحوامل أطفالهن في المخيمات وفي أماكن غير مناسبة للولادة، 40 بالمئة من الحوامل تعرضن لخطر التسمم والالتهابات، ومن احتجن منهن لعملية ولادة قيصرية، خضعن لها من دون تخدير ولا مطهرات ولا مضادات حيوية لمعالجة التهابات ما بعد الولادة، إضافة إلى تحديات في الحصول على الرعاية الطبية والتغذية والرعاية الكافية بعد الولادة.
تشير الإحصاءات إلى ارتفاع معدلات الإجهاض والولادة المبكرة في غزة إلى 20 بالمئة، منذ بداية الحرب.
ويقدر صندوق الأمم المتحدة للسكان أن “هناك 840 امرأة في غزة يتعرضن لمضاعفات تتعلق بالحمل أو الولادة.
وفي حال تجاوزت الأمهات هذه الأخطار أثناء فترة الحمل والولادة بأمان، ولم يقضِ عليهن القصف الإسرائيلي، فإنهن سيواجهن خطر نقص الرعاية الطبية وسوء التغذية والجوع لاحقاً.
وأضرت القيود المفروضة على إرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة، بالنساء وأطفالهن بالدرجة الأولى، ولذلك تواجه الحوامل والمرضعات مخاطر صحية وغذائية حادة؛ تؤثر تلقائياً على أطفالهن.
ووفق شهادات متطابقة؛ لا توجد مياه صالحة للشرب، ولا غذاء كاف ومناسب لهن لإرضاع أطفالهن، كما لا يوجد حليب صناعي للأطفال لتعويض هذا النقص، وحتى لو تم العثور على تركيبة حليب صناعي، فلا توجد مياه آمنة يمكن خلطها بالحليب لإعطائها للرضيع الجائع.
كما لا تتوفر بين أيدي الأمهات ملابس دافئة ومناسبة لأطفالهن حديثي الولادة، فقد اضطرت الأمهات إلى النزوح وترك مقتنياتهن خلفهن، من بينها كل ما يتعلق بحاجيات الأطفال.
الحصول على المساعدات
من بين التحديات التي تواجه النساء في غزة أيضاً، هي الوصول إلى المساعدات الغذائية، ففي حال توافرها، لا تحصل النساء، بخاصة الوحيدات، منها إلا على الفتات، بسبب التدافع والركض والزحام الشديد وقدرة النساء المحدودة على الوصول بشكل أسرع إلى أماكن توزيعها. وتُظهر الصور ومقاطع الفيديو أثناء “الهجوم” على المساعدات المرمية جواً على سبيل المثال، أو أثناء توزيع الطعام، غياب النساء أو ندرة وجودهن.
تشير تقارير الأمم المتحدة، إلى أن “نحو 2.1 مليون فلسطيني بحاجة إلى مساعدات إنسانية، تشكل النساء 49.2 منهم، وهناك 9 من كل 10 نساء، يعانين من صعوبة الحصول على الغذاء أكثر من الرجال”.
عدا ذلك، يشكل نقص المنتجات الصحية مشكلة خطيرة لدى النساء الغزيات، مثل الفوط الصحية، ما يجبرهن على استخدام قطع القماش وقطع الملابس المستعملة أثناء فترة الحيض أو بعد الولادة، فتزداد بشكل كبير خطورة إصابتهن بأمراض تناسلية وجرثومية.
ويترافق هذا النقص مع عدم توافر أماكن الاستحمام والمراحيض ومياه الغسيل والضروريات الأساسية لهذه الحالات الخاصة.
ورغم كل هذه المآسي، تبقى نساء غزة ماجدات يلتحفن السماء ويفترشن الأرض يرفضن الخنوع ويتطلعن إلى معتصم ينقذهن من بطش الاحتلال.