"نسيج الحياة".. طريق استيطاني يفصل شمال الضفة عن جنوبها

  • الجمعة 11, أبريل 2025 11:03 ص
  • "نسيج الحياة".. طريق استيطاني يفصل شمال الضفة عن جنوبها
من جنوب بلدة العيزرية وصولًا لبلدة الزعيم شرقي القدس المحتلة خارج جدار الفصل العنصري، يمتد ما يسمى طريق "نسيج الحياة" الاستيطاني الذي أقرت حكومة الاحتلال الإسرائيلي البدء بتنفيذه، بغية قطع التواصل بين شمال الضفة الغربية المحتلة وجنوبها.
"نسيج الحياة".. طريق استيطاني يفصل شمال الضفة عن جنوبها ويُعزز الضم الفعلي
القدس المحتلة - خاص صفا
من جنوب بلدة العيزرية وصولًا لبلدة الزعيم شرقي القدس المحتلة خارج جدار الفصل العنصري، يمتد ما يسمى طريق "نسيج الحياة" الاستيطاني الذي أقرت حكومة الاحتلال الإسرائيلي البدء بتنفيذه، بغية قطع التواصل بين شمال الضفة الغربية المحتلة وجنوبها.
ويأتي قرار حكومة الاحتلال تتويجًا لمساعيها الرامية لتنفيذ عملية الضم الأكبر في تاريخ الصراع منذ عام 1967 للأراضي الواقعة خارج ما تسمى "حدود بلدية القدس" شرقًا، وخاصة مستوطنة "معاليه أدوميم"، وتعديل حدود البلدية ليضاف لها 3% من أراضي الضفة، بحيث يتم ضمها رسميًا إلى "إسرائيل".
ويربط الطريق الاستيطاني شمال الضفة بجنوبها عبر نفق في شرق القدس مخصص فقط لحركة الفلسطينيين، ويضم مساحات واسعة في وسط الضفة والأغوار.
ويُمنَع الفلسطينيون نهائيًا من استعمال الطريق رقْم "1" الذي يمتد من وسط القدس، ويخترق أحيائها العربية، مرورًا أمام مداخل مستوطنة "معاليه أدوميم" في طريقه إلى مدينة أريحا.
ويجبرون على سلوك طريقٍ واحدٍ تحت الأرض، بين مدينة رام الله في شمال الضفة وبيت لحم جنوبًا، وبالتالي تصبح شبكات الطرق الكبيرة التي تصل مستوطنات شرقي القدس كلها وحدةً واحدةً تخصُّ المستوطنين وحدهم لا يشاركهم فيها الفلسطينيون بأيّ شكل.
نفق تحت الأرض
المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب يقول إن التخطيط لإقامة هذا المشروع الاستيطاني تم في بداية عام 2011، وتم طرحه على المؤسسات واللجان المختصة الإسرائيلية عام 2020، وفي العام 2025 الجاري جرى إقرار تنفيذه.
ويوضح أبو دياب في حديث خاص لوكالة "صفا"، أن الاحتلال من خلال هذا الطريق، سيعمل على حصر حركة الفلسطينيين بين شمال الضفة الغربية وجنوبها في نفق تحت الأرض، بهدف السيطرة على خروجهم ودخولهم.
ويقتصر مرور الفلسطينيين بين شمال الضفة وجنوبها على هذا النفق، ومنع مرورهم من طريق بيت لحم- رام الله الحالي الذي يصل إلى الشارع رقم "1" عند مفترق مستوطنة "معاليه أدوميم" شرقي القدس.
ويضيف أن الطريق سيُعمق نظام الفصل العنصري، بحيث يؤدي لفصل الطرق التي يستخدمها الفلسطينيون عن المستوطنين، بما يسهل وصولهم لمستوطنة "معاليه أدوميم" والمستوطنات المحيطة دون معوقات أو وجود لأي حواجز عسكرية في العيزرية والزعيم، وسيحول الطريق رقم "1" عمليًا إلى طريق مخصص للإسرائيليين فقط.
ويصل طول الطريق إلى 15 كيلو متر مربع، يبدأ من العيزرية أسفل جبل البابا، وصولًا إلى الطريق رقم "1" الموصل بين القدس وأريحا والأغوار ومن ثم إلى منطقة الزعيم وعناتا.
قطع التواصل
ومن شأن إقامة هذا الطريق، مصادرة آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية في القدس، وهدم المنازل وتجريف الأراضي الزراعية في المناطق المستهدفة. وفق أبو دياب
ويؤكد أن الاحتلال يسعى إلى قطع التواصل بين شمال الضفة وجنوبها، وطرد التجمعات البدوية في الخان الأحمر وجبل البابا وسطح البحر وغيرها، فضلًا عن خنق الاقتصاد الفلسطيني في البلدات المحيطة بالقدس مثل العيزرية وأبو ديس، لاعتمادهما بشكل كبير على المقدسيين في التجارة.
وبهذا المشروع الاستيطاني، يقول الباحث المقدسي، إن الاحتلال بدأ فعليًا بتنفيذ مخطط ضم الأراضي الفلسطينية وتغيير الواقع بشكل كامل في الضفة، لأنه يرى بوجود اليمين المتطرف فرصة ذهبية لحسم موضوع الضفة.
ويُعزز المشروع الضم الفعلي للمستوطنات المحيطة بالقدس ضمن ما يسمى "القدس الكبرى"، ويحرم الفلسطينيين من مناطق واسعة من الضفة الغربية وخاصة مناطق "ب"، و"ج" وفق اتفاق أوسلو.
ويرى أبو دياب أن إقامة هذا المشروع يشكل خطوة أولى نحو حسم قضية الضفة الغربية، وضم "معاليه أدوميم" لمدينة القدس، بغية زيادة أعداد المستوطنين في المدينة، وتغيير تركيبتها السكانية.
عزل التجمعات
وأما المختص في شؤون القدس زياد إبحيص، فيقول إن الاحتلال يحاول من خلال تسمية "نسيج الحياة"، تسويقه كطريق يعزز "نمط حياة الفلسطينيين"، ويشكل "نسيج حياة" بين شمال الضفة وجنوبها، بينما الهدف الفعلي منه تمامًا، السماح بالتواصل المباشر بين المستوطنات ورفع الحواجز الأمنية عن الطرقات التي تربطها، وتخصيصها للإسرائيليين حصرًا.
ويوضح أن الطريق يستهدف حصر الحركة بين شمال الضفة وجنوبها في نفق تحت الأرض مخصص للفلسطينيين فقط، لا يمس إغلاقه بحياة المستوطنين.
وهذا ما يسمح للاحتلال بزيادة قدرته على منع التواصل بين الشمال والجنوب، بشكل قد يؤدي مع الزمن إلى جعل السفر نحو الأردن أسهل فعليًا من محاولة الانتقال بين شمال الضفة وجنوبها، ويترك تلك المناطق معلقة بخيط رفيع تحت الأرض
ويضيف أن استحداث هذا الطريق سيقطع التواصل خلال مرحلة البناء بين التجمعات البدوية البالغ عددها 25 في برية القدس والبلدات التي يعتمد عليها أهل المنطقة في التواصل والخدمات.
وهذا يعني عزل التجمعات البدوية تمامًا عن بلدات العيزرية وأبو ديس وحزما، ما سيسهل على الاحتلال إخلاء الخان الأحمر وجبل البابا ووادي جمل، وغيرها من التجمعات بالقدس.
وينقسم طريق "نسيج الحياة" فعليًا إلى شقين: الأول شمالي وقد أنجز بالفعل ما بين عامي 2017-2020، والحالي الجنوبي الذي أحيل للتنفيذ الآن.
وحسب إبحيص، فإن الشق الشمالي يصل ما بين بلدتي الزعيّم وعناتا شمالًا، ويتكون من طريقين متوازيين يفصل بينهما الجدار، الأول للفلسطينيين ويسمح بالمرور من الزعيّم إلى عناتا، ثم مواصلة الطريق شمالًا نحو رام الله، والثاني للإسرائيليين ويوفر مدخلًا شماليًا إلى القدس يربطها بكتلة "أدوميم" الاستيطانية.
ويتابع "إذا ما اكتمل العمل بهذا الجزء المكون من نفق تحت الأرض فسيجري وصله بالمقطع الشمالي الملاصق للجدار، بحيث يصبح الطريق الوحيد المخصص للفلسطينيين بين شمال الضفة وجنوبها، بينما تصبح طرقات المستوطنين التي تربطهم بالقدس خالية من الحواجز".