‏من عليه أن يفهم تصريحات أهارون حاليفا؟

  • الأربعاء 20, أغسطس 2025 10:17 ص
  • من عليه أن يفهم تصريحات أهارون حاليفا؟
هل كانت التصريحات المسربة لرئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي السابق أهارون حاليفا صادمة أو مفاجئة؟ هي ليست كذلك لمن عاش مجريات الحرب في غزة وذاق مرارة أهوالها واكتوى بكل فجائعها.
‏من عليه أن يفهم تصريحات أهارون حاليفا؟
لمى خاطر
هل كانت التصريحات المسربة لرئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي السابق أهارون حاليفا صادمة أو مفاجئة؟ هي ليست كذلك لمن عاش مجريات الحرب في غزة وذاق مرارة أهوالها واكتوى بكل فجائعها.
‏بل إن الواقع على الأرض أصعب بكثير من قوله (إن الفلسطينيين بحاجة إلى نكبة جديدة من حين لآخر حتى يشعروا بالثمن)، كما أن الدماء التي سُفكت فاقت غزارتها معادلة ( 50 فلسطيني مقابل كل قتيل إسرائيلي)، وقوله (إن وجود 50 ألف قتيل في غزة ضروري ومطلوب للأجيال القادمة).
‏إضافة إلى من عاش في زمن الإبادة الجماعية هذه في غزة، فإن هذه التصريحات الإجرامية لم تفاجئ أيضاً من يدرك كنه وجوهر المشروع الصهيوني والرؤية التي تأسس عليها القائمة على الاستغراق في العنف والقتل والفتك بالأعداء لأقصى درجة ممكنة، وبما يتجاوز حالة ردود الأفعال على أعمالهم المقاومة، وها هو حاليفا يقول بنفسه (إن كل القتل في غزة كان ضروريا وإنه يتجاوز الرغبة في الانتقام).
‏ بل إن هذه الإبادة أصبحت، في جانب منها، شكلاً من أشكال محاولة تأكيد تفوق العنصر اليهودي على من سواه، حتى على صعيد سفك الدم، ففي عرفهم المتغطرس والدموي يجب أن تسفك دماء كثيرة مقابل كل قتيل صهيوني، حتى لو كانت دماء أطفال لا حول لهم ولا قوة.
‏وليس مهماً هنا مدى البشاعة التي ستصبح عليها صورة كيان الاحتلال في العالم، بل ما يهمه هو تأكيد امتياز العنصر اليهودي وتفوقه على كل (الأغيار). أليس هم الذين قالوا من قبل (ليس علينا في الأميين سبيل)؟ ألم تنطق كل تصريحات قادتهم وأفعالهم بعقلية الإبادة الدموية منذ احتلالهم فلسطين وليس فقط منذ السابع من أكتوبر؟
‏إذن، فإحداث النكبات للفلسطينيين على هذه الأرض ثم للعرب والمسلمين ليس دأباَ جديداً ولا رداً على ما سماه بعضهم (استثارة حماس للوحش الإسرائيلي) وتمليكه الذريعة للإبادة والتهجير والتجويع والتدمير.
‏ وها هي الضفة الغربية تدفع منذ سنوات أثماناً كبيرة رغم أن السلطة الحاكمة فيها صامتة ومسالمة، بل ومحاربة للمقاومة ومانعة لتطورها، وتحول بين الناس ومواجهة المحتل والمستوطنين، بل تنشغل عن الأخطار المحدقة بالضفة بإطلاق تصريحات يومية تظهر فيها للمحتل استعدادها لحكم غزة وتفكيك سلاح حماس.
‏ من يحتاج أن يقرأ تصريحات هارون حاليفا إذن هم أولئك الذين لم يفعلوا شيئا منذ السابع من أكتوبر سوى هجاء المقاومة وتعزيز دعايات الاحتلال المضللة والتطوع للحديث باسمه وترويج أكاذيبه حول حجج الإبادة التي يقدمها للعالم، فيما هو لا يتورع في مقام آخر عن الإدلاء بتصريحات تكشف حقيقة نهجه وسياسته الدموية ونواياه تجاه عموم الفلسطينيين على هذه الأرض.‏
‏ومن صَنع هذه المحرقة في غزة لن يتوانى عن صنع مثلها في أي مكان آخر، وفي أي زمن، ما دام يحمل هذه العقلية الإبادية، ويحظى بالدعم الأمريكي والغربي، وبفئة من الخراصين (مأجورين أو متطوعين أو أغبياء) يعفونه من المسؤولية عن سفك الدماء وارتكاب الفظائع، ويوجهون الغضب باتجاه الفئة المجاهدة التي كانت وما تزال في طليعة المضحين، ونالها ما نال كل الناس في غزة من القتل والتدمير والتهجير.
‏‏ إن كل تصريح مسرب جديد، كما كل مجزرة على الأرض تعيد صياغة السؤال الجوهري حول السبيل الأمثل لمواجهة هذا الكيان المتوحش، ثم حول جدوى الخضوع له أو التطبيع معه، ثم السؤال إن كان كل هذا كافياً ليدرك المتجندون في خندقه حقيقة وأصل مشكلته مع أعدائه على هذه الارض وفي كل العالم.