تقرير الإبعاد عن الأقصى.. سياسة الاحتلال المتجددة في تحييد دور المرابطين
فلسطين أونلاين
ما إن تنتهي المرابطة المقدسية هنادي حلواني من إمضاء فترة الإبعاد عن المسجد الأقصى المبارك، حتى تسلمها سلطات الاحتلال الإسرائيلي قرارًا جديدًا، بهدف تغييبها هي والعديد من المرابطين المؤثرين عن المشهد بالمسجد، وتحييدهم عن طريق التصدي لاقتحامات المستوطنين.
بات أهون على "حلواني" إحصاء عدد أيام دخولها إلى الأقصى، من إحصاء أيام الإبعاد لكثرتها، فبعدما كانت تتسلم قرارات الإبعاد لفترات متباعدة بين عامي 2012 – 2015، باتت قرارات الإبعاد الإسرائيلية خلال السنوات السبع الأخيرة متلاحقة وتصل إلى 6 أشهر، فلا تزيد أيام دخولها للأقصى خلال تلك المدة على ثلاثة أشهر.
وتتصاعد قرارات الإبعاد بحق المقدسيين بشكل غير مسبوق، إذ رصد مركز معلومات "وادي حلوة" في القدس المحتلة، إصدار سلطات الاحتلال 68 قرار إبعاد خلال شهر أيلول/سبتمبر الماضي، و46 قرارًا في أكتوبر/ تشرين أول الماضي، مقارنة بـ 17 قرار إبعاد فقط في يناير/ كانون ثاني الماضي.
66 مرة اعتقال
تقول حلواني لصحيفة "فلسطين": إن قرارات الإبعاد تهدف إلى تفريغ المسجد الأقصى من أهله ورواده المؤثرين، الذين يتصدون للاقتحامات، وبات الإبعاد كرتًا رابحًا وسلاحًا سريعًا وسهلًا يستخدمه الاحتلال، دون الاعتراض من أحد، "ليس لأننا نقبل به، فهو يُفرض بالقوة، لأننا لا نريد التوجه لمحاكم الاحتلال للاعتراض حتى لا نعطيهم شرعية، وكأنه يصبح هو المتحكم في الأقصى".
لوحدها اعتُقلت حلواني على فترات متباعدة 66 مرة في سجون الاحتلال، منهم 11 مرة أمضت فيها ليلة أو أسبوعين في السجن، منها سبع مرات بسجن الرملة معظمها كانت في العزل الانفرادي، وهي "سياسة إذلال حتى نتراجع عن الطريق، وتشكل ضغطًا على عائلاتنا، للتنحي عن دورنا، لكني لم أرضخ لذلك"،كما تقول.
رغم كل ما سبق، لم تستسلم حلواني، تردف بصوت واثق: "لم أستسلم لأي قرار، إن أُبعدت عن الأقصى، أرابط على أبوابه، وإن أُبعدت عن البلدة القديمة، أرابط على الأسوار، كل المؤتمرات العالمية التي منعت المشاركة فيها، أشارك فيها عن طريق الإنترنت، ولن يسكت صوتي، فدورنا بالأقصى لا ينتهي بإبعاد الجسد".
41 قرار إبعاد
في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، في أثناء وجود المرابط المسن خير الشيمي (64 عامًا) عند باب السلسلة في مكان تجمع المستوطنين، هاجمه أحد عناصر شرطة الاحتلال وضربه على يده ودفعه على الدرج فسقط للخلف على رأسه وأغمي عليه، ما تتسبب له بجروح عميقة في الجانب الأيسر من رأسه بنحو 20 قطبة طبية، وقبل دفعه شدّوا عباءته وقطعوا أزرارها. بعدها بأيام تعرض الشيمي لكسر في الساق بسبب حفرة في طريق مسيرة لبيته بمخيم شعفاط في أثناء حصار الاحتلال المخيم في 11 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، فلزم فراشه، لكن الاحتلال طلب استدعاءه للتحقيق، متجاهلًا وضعه الصحي، إذ أصبح يسير على كرسي متحرك بسبب الإصابة الثانية.
يقول الشيمي لصحيفة "فلسطين": "أمام إصرارهم، حملني أبنائي للتحقيق على كرسي متحرك، وهناك قلت لهم: إن وضعي الصحي غير مهيأ للتحقيق، لكن الضابط تجاهل الأمر وقال لي: نريد الوصول إلى حل، ويقصد أن أكف عن التصدي للمستوطنين، وعدم الصلاة بالأقصى، فرفضت ذلك وأكدت له أنني، لن أتنازل عن الأقصى فهذا مسجدي وأريده".
يدرك الشيمي أن قرار إبعاده رقم 41 بات قريبًا جدًا، فهو منذ بداية العام الجاري أُبعد مرتين بلغت في مجموعها ثلاثة أشهر، وأن تحييده عن طريق المستوطنين بات هدفًا للاحتلال، مضيفًا: "أصبحت معروفًا للجنود ولضباط الاحتلال، حتى أن أي جندي أو ضابط جديد عندما يتسلم مهامه عند أبواب الأقصى، يقومون بإبلاغه عني، وأنني أحدث مشاكل".
لم يذعن المرابط الذي ترك مدينة عكا قبل 12 عامًا وجاور المسجد الأقصى، لشرطة الاحتلال وقراراتها وهو دائم الوجود ويتصدر الخطوط الأولى من المواجهة، تخرج الكلمات من قلب اتسع لحب الأقصى: "نحن صابرون والأقصى يستحق أكثر من ذلك، مستعدون للتضحية بأكبر من ذلك، نفوسنا وأموالنا فداء للأقصى".
تفريغ الأقصى
منذ ثلاثة أسابيع تُمنع المرابطة فاطمة خضر (64 عامًا) من دخول المسجد الأقصى بعد تسلمها قرار إبعاد جديد، حينما اعتقلها من داخل باحات المسجد بعد صلاة العصر، وأفرج عنها الساعة العاشرة مساءً ووضع في يدها قرار الإبعاد.
تتحدث خضر لصحيفة "فلسطين" عن اعتقالها الحادي عشر وفي صوتها قهر: "بأي حق يقوم الاحتلال بمنعي من الصلاة بالمسجد، وإبعادي عن المسجد الأقصى، تتوالى قرارات الإبعاد عن المسجد، والمحاكم والملفات والملاحقة وتنغيص الحياة وكأني ارتكبت جرمًا في صلاتي ورباطي". تضيف: "نحن لا نحمل سوى القرآن الكريم، ولسانًا نصدح به بالتكبيرات في أثناء مرور المستوطنين، لكن الاحتلال يريد إبعادنا وإفراغ الساحة للمستوطنين ليستبيحوا الأقصى"، مؤكدةً أن المرابطين لن يرضخوا لقرارات الاحتلال "مهما كان الثمن والتضحية". وترى خضر أن الاحتلال يستخدم سياسة تدريجية ممنهجة بهدف تقسيم المسجد الأقصى على غرار المسجد الإبراهيمي، ومن مؤشرات ذلك، منع الشباب المقدسيين من دخوله في أثناء اقتحام المستوطنين، إلا عند الساعة الثالثة عصرًا بعد انتهاء الاقتحامات، تتساءل بغضب: "ماذا يعني ذلك غير أنهم يريدون تقسيمه؟".
من جهته، أكد الباحث المقدسي ناصر الهدمي، أن الرباط عنصر مهم في إحباط وإفشال مخططات الاحتلال وتأخير المخططات التهويدية، والدفاع عن المسجد الأقصى.
وقال الهدمي لصحيفة "فلسطين": إن الرباط شكّل عائقًا أمام مخططات الاحتلال، فاستهدف المرابطين بالإبعاد والاعتقال والإيذاء، مبينًا أن الإبعاد أداة مهمة للاحتلال مارسها طيلة سنوات احتلاله بحق المرابطين والمقدسيين وقيادات الشعب الفلسطيني، إضافة لحراس المسجد الأقصى أنفسهم. وأضاف أن الاحتلال يعي تمامًا أهمية الرباط وخطره، وأنه يُشكل عائقًا في تنفيذ سياساته، فهو يستهدف المرابطين بكل الطرق، لكن أعداد قرارات الإبعاد التي يصدرها تتفاوت من فترة إلى أخرى حسب تطورات الحالة الميدانية وما يتعلق بالأعياد.
فلسطين أونلاين
ما إن تنتهي المرابطة المقدسية هنادي حلواني من إمضاء فترة الإبعاد عن المسجد الأقصى المبارك، حتى تسلمها سلطات الاحتلال الإسرائيلي قرارًا جديدًا، بهدف تغييبها هي والعديد من المرابطين المؤثرين عن المشهد بالمسجد، وتحييدهم عن طريق التصدي لاقتحامات المستوطنين.
بات أهون على "حلواني" إحصاء عدد أيام دخولها إلى الأقصى، من إحصاء أيام الإبعاد لكثرتها، فبعدما كانت تتسلم قرارات الإبعاد لفترات متباعدة بين عامي 2012 – 2015، باتت قرارات الإبعاد الإسرائيلية خلال السنوات السبع الأخيرة متلاحقة وتصل إلى 6 أشهر، فلا تزيد أيام دخولها للأقصى خلال تلك المدة على ثلاثة أشهر.
وتتصاعد قرارات الإبعاد بحق المقدسيين بشكل غير مسبوق، إذ رصد مركز معلومات "وادي حلوة" في القدس المحتلة، إصدار سلطات الاحتلال 68 قرار إبعاد خلال شهر أيلول/سبتمبر الماضي، و46 قرارًا في أكتوبر/ تشرين أول الماضي، مقارنة بـ 17 قرار إبعاد فقط في يناير/ كانون ثاني الماضي.
66 مرة اعتقال
تقول حلواني لصحيفة "فلسطين": إن قرارات الإبعاد تهدف إلى تفريغ المسجد الأقصى من أهله ورواده المؤثرين، الذين يتصدون للاقتحامات، وبات الإبعاد كرتًا رابحًا وسلاحًا سريعًا وسهلًا يستخدمه الاحتلال، دون الاعتراض من أحد، "ليس لأننا نقبل به، فهو يُفرض بالقوة، لأننا لا نريد التوجه لمحاكم الاحتلال للاعتراض حتى لا نعطيهم شرعية، وكأنه يصبح هو المتحكم في الأقصى".
لوحدها اعتُقلت حلواني على فترات متباعدة 66 مرة في سجون الاحتلال، منهم 11 مرة أمضت فيها ليلة أو أسبوعين في السجن، منها سبع مرات بسجن الرملة معظمها كانت في العزل الانفرادي، وهي "سياسة إذلال حتى نتراجع عن الطريق، وتشكل ضغطًا على عائلاتنا، للتنحي عن دورنا، لكني لم أرضخ لذلك"،كما تقول.
رغم كل ما سبق، لم تستسلم حلواني، تردف بصوت واثق: "لم أستسلم لأي قرار، إن أُبعدت عن الأقصى، أرابط على أبوابه، وإن أُبعدت عن البلدة القديمة، أرابط على الأسوار، كل المؤتمرات العالمية التي منعت المشاركة فيها، أشارك فيها عن طريق الإنترنت، ولن يسكت صوتي، فدورنا بالأقصى لا ينتهي بإبعاد الجسد".
41 قرار إبعاد
في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، في أثناء وجود المرابط المسن خير الشيمي (64 عامًا) عند باب السلسلة في مكان تجمع المستوطنين، هاجمه أحد عناصر شرطة الاحتلال وضربه على يده ودفعه على الدرج فسقط للخلف على رأسه وأغمي عليه، ما تتسبب له بجروح عميقة في الجانب الأيسر من رأسه بنحو 20 قطبة طبية، وقبل دفعه شدّوا عباءته وقطعوا أزرارها. بعدها بأيام تعرض الشيمي لكسر في الساق بسبب حفرة في طريق مسيرة لبيته بمخيم شعفاط في أثناء حصار الاحتلال المخيم في 11 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، فلزم فراشه، لكن الاحتلال طلب استدعاءه للتحقيق، متجاهلًا وضعه الصحي، إذ أصبح يسير على كرسي متحرك بسبب الإصابة الثانية.
يقول الشيمي لصحيفة "فلسطين": "أمام إصرارهم، حملني أبنائي للتحقيق على كرسي متحرك، وهناك قلت لهم: إن وضعي الصحي غير مهيأ للتحقيق، لكن الضابط تجاهل الأمر وقال لي: نريد الوصول إلى حل، ويقصد أن أكف عن التصدي للمستوطنين، وعدم الصلاة بالأقصى، فرفضت ذلك وأكدت له أنني، لن أتنازل عن الأقصى فهذا مسجدي وأريده".
يدرك الشيمي أن قرار إبعاده رقم 41 بات قريبًا جدًا، فهو منذ بداية العام الجاري أُبعد مرتين بلغت في مجموعها ثلاثة أشهر، وأن تحييده عن طريق المستوطنين بات هدفًا للاحتلال، مضيفًا: "أصبحت معروفًا للجنود ولضباط الاحتلال، حتى أن أي جندي أو ضابط جديد عندما يتسلم مهامه عند أبواب الأقصى، يقومون بإبلاغه عني، وأنني أحدث مشاكل".
لم يذعن المرابط الذي ترك مدينة عكا قبل 12 عامًا وجاور المسجد الأقصى، لشرطة الاحتلال وقراراتها وهو دائم الوجود ويتصدر الخطوط الأولى من المواجهة، تخرج الكلمات من قلب اتسع لحب الأقصى: "نحن صابرون والأقصى يستحق أكثر من ذلك، مستعدون للتضحية بأكبر من ذلك، نفوسنا وأموالنا فداء للأقصى".
تفريغ الأقصى
منذ ثلاثة أسابيع تُمنع المرابطة فاطمة خضر (64 عامًا) من دخول المسجد الأقصى بعد تسلمها قرار إبعاد جديد، حينما اعتقلها من داخل باحات المسجد بعد صلاة العصر، وأفرج عنها الساعة العاشرة مساءً ووضع في يدها قرار الإبعاد.
تتحدث خضر لصحيفة "فلسطين" عن اعتقالها الحادي عشر وفي صوتها قهر: "بأي حق يقوم الاحتلال بمنعي من الصلاة بالمسجد، وإبعادي عن المسجد الأقصى، تتوالى قرارات الإبعاد عن المسجد، والمحاكم والملفات والملاحقة وتنغيص الحياة وكأني ارتكبت جرمًا في صلاتي ورباطي". تضيف: "نحن لا نحمل سوى القرآن الكريم، ولسانًا نصدح به بالتكبيرات في أثناء مرور المستوطنين، لكن الاحتلال يريد إبعادنا وإفراغ الساحة للمستوطنين ليستبيحوا الأقصى"، مؤكدةً أن المرابطين لن يرضخوا لقرارات الاحتلال "مهما كان الثمن والتضحية". وترى خضر أن الاحتلال يستخدم سياسة تدريجية ممنهجة بهدف تقسيم المسجد الأقصى على غرار المسجد الإبراهيمي، ومن مؤشرات ذلك، منع الشباب المقدسيين من دخوله في أثناء اقتحام المستوطنين، إلا عند الساعة الثالثة عصرًا بعد انتهاء الاقتحامات، تتساءل بغضب: "ماذا يعني ذلك غير أنهم يريدون تقسيمه؟".
من جهته، أكد الباحث المقدسي ناصر الهدمي، أن الرباط عنصر مهم في إحباط وإفشال مخططات الاحتلال وتأخير المخططات التهويدية، والدفاع عن المسجد الأقصى.
وقال الهدمي لصحيفة "فلسطين": إن الرباط شكّل عائقًا أمام مخططات الاحتلال، فاستهدف المرابطين بالإبعاد والاعتقال والإيذاء، مبينًا أن الإبعاد أداة مهمة للاحتلال مارسها طيلة سنوات احتلاله بحق المرابطين والمقدسيين وقيادات الشعب الفلسطيني، إضافة لحراس المسجد الأقصى أنفسهم. وأضاف أن الاحتلال يعي تمامًا أهمية الرباط وخطره، وأنه يُشكل عائقًا في تنفيذ سياساته، فهو يستهدف المرابطين بكل الطرق، لكن أعداد قرارات الإبعاد التي يصدرها تتفاوت من فترة إلى أخرى حسب تطورات الحالة الميدانية وما يتعلق بالأعياد.