المقدسية "نورة صب لبن".. 50 سنةً من الصمود في وجه الاستيطان
القدس المحتلة - رنا شمعة خاص صفا
على بعد أمتار قليلة من المسجد الأقصى المبارك، تعيش المقدسية نورة صب لبن (67 عامًا) في منزلٍ صغيرٍ لا تتجاوز مساحته 55 مترًا مربعًا يقع في عقبة الخالدية بالبلدة القديمة، لتروي حكاية صمود عمرها 50 سنةً في مواجهة أطماع المستوطنين، ومحاولاتهم المستمرة للاستيلاء عليه.
تعود قصة نورة إلى العام 1978، حين بدأت أولى محاولات الاحتلال الإسرائيلي للاستيلاء على منزل عائلتها الذي تعيش فيه، بعدما استأجرته بموجب عقد إيجار محمي من الحكومة الأردنية عام 1953، عندما كانت مدينة القدس تخضع للحكم الأردني.
لكن بعد احتلال شرقي القدس عام 1967، جرى وضع العقار تحت إدارة ما يسمى "حارس أملاك الغائبين"، الذي بدأ محاولاته للسيطرة عليه، بادعاء أن ملكيته تعود ليهود قبل عام 1948، وهو الأمر الذي تنفيه العائلة بشكل قاطع.
ونورة صب اللبن واحدة من النساء الفلسطينيات، ولاسيما المقدسيات، اللواتي يعانين من قهر الاحتلال وجرائمه، في وقت يُحيي العالم "اليوم العالمي للمرأة"، الداعي لتوفير حياة كريمة لهن والحد من تعرضهن للاضطهاد والعنف.
معركة متواصلة
تقول المقدسية "صب لبن" في حديث لوكالة "صفا": إن "معركتنا القضائية لم تتوقف منذ سنوات طويلة، في محاكم الاحتلال، حفاظًا على منزلنا وعدم تركه للمستوطنين، الذي يحاولون بشتى الطرق الاستيلاء عليه وطردنا منه أنا وزوجي مصطفى ( 73 عامًا)، بعدما منعت المحكمة أبنائي من العيش داخله".
وتضيف أن "المنزل تعرض عام 1985 لتصدعات بسبب الأمطار، وحاولنا ترميمه، إلا أن بلدية الاحتلال أغلقت الأبواب ومنعتني من الترميم، وبقيت القضية على حالها حتى عام 1999، عندما أصدرت المحكمة الإسرائيلية العليا قرارًا يُؤكد أحقية العائلة في المنزل".
وتمكنت العائلة عام 2001 من إعادة فتح المنزل والإقامة فيه مجددًا، بعدما خاضت صراعًا في محكمة الاحتلال من أجل إرجاعه، وأجرت بعض الترميمات عليه، وفتحت بابًا جديدًا للدخول مباشرة إليه، بدلًا من المرور من العقار الملاصق الذي استولى عليه مستوطنون.
ورغم ذلك، لم تتوقف محاولات المستوطنين حتى منتصف عام 2010، حين حوّلت "دائرة الأملاك العامة" الوصاية على العقار إلى جمعية "عطيرت كوهانيم" الاستيطانية، والتي بدأت مساعيها لإخلاء عائلة "صب لبن" من منزلها في عقبة الخالدية.
وتشير "نورة" إلى أن العائلة خاضت منذ ذلك الوقت حتى العام 2016، معركة قضائية أخرى في محاكم الاحتلال، بما فيها المحكمة العليا التي قررت بقاءها وزوجها بالمنزل لمدة عشر سنوات إضافية، حتى ينتهي عقد الإيجار المحمي، ومنع نجليها رأفت وأحمد وزوجته وأولاده، وشقيقتهما لما من العيش داخل المنزل.
ولم توافق محكمة الاحتلال العليا على نقل المستأجرين المحميين إلى الجيل الثالث- أحمد وإخوته- ولا حتى لمن كانوا يعيشون بالمنزل في ذلك الوقت.
لكن في عام 2018، تُكمل "صب لبن" حديثها، "مرضت وعانيت من آلام بالظهر، فانتقلت للعيش عند أبنائي لمدة ثلاثة أشهر لرعايتي، وبقي زوجي بالمنزل، إلا أن المستوطنين وضعوا كاميرات عند المدخل والباب، وادعوا أني تركت منزلي لأكثر من ثلاثة أشهر، فكانت هذه ذريعة جديدة للاستيلاء عليه".
وتضيف "تقدمت أمام قضاة محكمتي الصلح والمركزية بكل الأدلة والتقارير الطبية حول وضعي الصحي، لكنهم رفضوها، فتوجهت باستئناف آخر إلى المحكمة العليا، إلا أنها رفضته وسلمتني أمر إخلاء آخر بتاريخ 15 آذار/ مارس الجاري".
خطر التهجير
وعلى مدار سنوات سابقة، حاولت الجمعيات الاستيطانية تقديم العديد من الإغراءات المالية للعائلة من أجل التخلي عن عقارها، لصالح المستوطنين، إلا أنها قاومت وناضلت، في سبيل التشبث بمنزلها والحفاظ عليه، رُغم المضايقات الإسرائيلية.
وتزداد معاناة "صب لبن" يومًا بعد يوم، في ظل استمرار مضايقات المستوطنين ومحاولاتهم طردها من منزلها بالقوة، كونها العائلة الفلسطينية الوحيدة التي تسكن في تلك المنطقة.
ولم تنته المعركة بعد، بل تنتظر العائلة المقدسية بفارغ الصبر 15 مارس، لمعرفة مصيرها، وهل سيتم إخلاؤها من منزلها أم لا.
وتقول نورة صب لبن، والألم يعتصر قلبها: "بيتي الذي وُلدت وكبرت وعشت فيه أجمل ذكرياتي، سيصبح أسيرًا لدى المستوطنين إذا ما تم الاستيلاء عليه، لكنه سيتحرر منهم، فهذه أرضنا وقدسنا وبيوتنا، لن نسمح لهم بالاستيلاء عليه، وسنبقى هنا صامدون مهما كان الثمن".
وتضيف "بيتي يقع داخل بؤرة استيطانية، ومحاط بالمستوطنين من كل جانب، فقد استولوا على سطحه وعلى مخزن كان يستخدمه والدي، ونصبوا كاميرات مراقبة أمام الباب، وكل يوم نتعرض لمضايقات واستفزازات، كما يمنع الاحتلال ترميمه".
وتؤكد أن محامي العائلة يبذل جهودًا من أجل منع إخلاء المنزل، مضيفة "لكننا لا نثق بالقضاء الإسرائيلي، ولا نعول عليه كثيرًا، فالقاضي دائمًا ما يكون مستوطنًا، وخيارنا الوحيد استمرار صمودنا وثباتنا ورباطنا في أرضنا وبيوتنا".
القدس المحتلة - رنا شمعة خاص صفا
على بعد أمتار قليلة من المسجد الأقصى المبارك، تعيش المقدسية نورة صب لبن (67 عامًا) في منزلٍ صغيرٍ لا تتجاوز مساحته 55 مترًا مربعًا يقع في عقبة الخالدية بالبلدة القديمة، لتروي حكاية صمود عمرها 50 سنةً في مواجهة أطماع المستوطنين، ومحاولاتهم المستمرة للاستيلاء عليه.
تعود قصة نورة إلى العام 1978، حين بدأت أولى محاولات الاحتلال الإسرائيلي للاستيلاء على منزل عائلتها الذي تعيش فيه، بعدما استأجرته بموجب عقد إيجار محمي من الحكومة الأردنية عام 1953، عندما كانت مدينة القدس تخضع للحكم الأردني.
لكن بعد احتلال شرقي القدس عام 1967، جرى وضع العقار تحت إدارة ما يسمى "حارس أملاك الغائبين"، الذي بدأ محاولاته للسيطرة عليه، بادعاء أن ملكيته تعود ليهود قبل عام 1948، وهو الأمر الذي تنفيه العائلة بشكل قاطع.
ونورة صب اللبن واحدة من النساء الفلسطينيات، ولاسيما المقدسيات، اللواتي يعانين من قهر الاحتلال وجرائمه، في وقت يُحيي العالم "اليوم العالمي للمرأة"، الداعي لتوفير حياة كريمة لهن والحد من تعرضهن للاضطهاد والعنف.
معركة متواصلة
تقول المقدسية "صب لبن" في حديث لوكالة "صفا": إن "معركتنا القضائية لم تتوقف منذ سنوات طويلة، في محاكم الاحتلال، حفاظًا على منزلنا وعدم تركه للمستوطنين، الذي يحاولون بشتى الطرق الاستيلاء عليه وطردنا منه أنا وزوجي مصطفى ( 73 عامًا)، بعدما منعت المحكمة أبنائي من العيش داخله".
وتضيف أن "المنزل تعرض عام 1985 لتصدعات بسبب الأمطار، وحاولنا ترميمه، إلا أن بلدية الاحتلال أغلقت الأبواب ومنعتني من الترميم، وبقيت القضية على حالها حتى عام 1999، عندما أصدرت المحكمة الإسرائيلية العليا قرارًا يُؤكد أحقية العائلة في المنزل".
وتمكنت العائلة عام 2001 من إعادة فتح المنزل والإقامة فيه مجددًا، بعدما خاضت صراعًا في محكمة الاحتلال من أجل إرجاعه، وأجرت بعض الترميمات عليه، وفتحت بابًا جديدًا للدخول مباشرة إليه، بدلًا من المرور من العقار الملاصق الذي استولى عليه مستوطنون.
ورغم ذلك، لم تتوقف محاولات المستوطنين حتى منتصف عام 2010، حين حوّلت "دائرة الأملاك العامة" الوصاية على العقار إلى جمعية "عطيرت كوهانيم" الاستيطانية، والتي بدأت مساعيها لإخلاء عائلة "صب لبن" من منزلها في عقبة الخالدية.
وتشير "نورة" إلى أن العائلة خاضت منذ ذلك الوقت حتى العام 2016، معركة قضائية أخرى في محاكم الاحتلال، بما فيها المحكمة العليا التي قررت بقاءها وزوجها بالمنزل لمدة عشر سنوات إضافية، حتى ينتهي عقد الإيجار المحمي، ومنع نجليها رأفت وأحمد وزوجته وأولاده، وشقيقتهما لما من العيش داخل المنزل.
ولم توافق محكمة الاحتلال العليا على نقل المستأجرين المحميين إلى الجيل الثالث- أحمد وإخوته- ولا حتى لمن كانوا يعيشون بالمنزل في ذلك الوقت.
لكن في عام 2018، تُكمل "صب لبن" حديثها، "مرضت وعانيت من آلام بالظهر، فانتقلت للعيش عند أبنائي لمدة ثلاثة أشهر لرعايتي، وبقي زوجي بالمنزل، إلا أن المستوطنين وضعوا كاميرات عند المدخل والباب، وادعوا أني تركت منزلي لأكثر من ثلاثة أشهر، فكانت هذه ذريعة جديدة للاستيلاء عليه".
وتضيف "تقدمت أمام قضاة محكمتي الصلح والمركزية بكل الأدلة والتقارير الطبية حول وضعي الصحي، لكنهم رفضوها، فتوجهت باستئناف آخر إلى المحكمة العليا، إلا أنها رفضته وسلمتني أمر إخلاء آخر بتاريخ 15 آذار/ مارس الجاري".
خطر التهجير
وعلى مدار سنوات سابقة، حاولت الجمعيات الاستيطانية تقديم العديد من الإغراءات المالية للعائلة من أجل التخلي عن عقارها، لصالح المستوطنين، إلا أنها قاومت وناضلت، في سبيل التشبث بمنزلها والحفاظ عليه، رُغم المضايقات الإسرائيلية.
وتزداد معاناة "صب لبن" يومًا بعد يوم، في ظل استمرار مضايقات المستوطنين ومحاولاتهم طردها من منزلها بالقوة، كونها العائلة الفلسطينية الوحيدة التي تسكن في تلك المنطقة.
ولم تنته المعركة بعد، بل تنتظر العائلة المقدسية بفارغ الصبر 15 مارس، لمعرفة مصيرها، وهل سيتم إخلاؤها من منزلها أم لا.
وتقول نورة صب لبن، والألم يعتصر قلبها: "بيتي الذي وُلدت وكبرت وعشت فيه أجمل ذكرياتي، سيصبح أسيرًا لدى المستوطنين إذا ما تم الاستيلاء عليه، لكنه سيتحرر منهم، فهذه أرضنا وقدسنا وبيوتنا، لن نسمح لهم بالاستيلاء عليه، وسنبقى هنا صامدون مهما كان الثمن".
وتضيف "بيتي يقع داخل بؤرة استيطانية، ومحاط بالمستوطنين من كل جانب، فقد استولوا على سطحه وعلى مخزن كان يستخدمه والدي، ونصبوا كاميرات مراقبة أمام الباب، وكل يوم نتعرض لمضايقات واستفزازات، كما يمنع الاحتلال ترميمه".
وتؤكد أن محامي العائلة يبذل جهودًا من أجل منع إخلاء المنزل، مضيفة "لكننا لا نثق بالقضاء الإسرائيلي، ولا نعول عليه كثيرًا، فالقاضي دائمًا ما يكون مستوطنًا، وخيارنا الوحيد استمرار صمودنا وثباتنا ورباطنا في أرضنا وبيوتنا".