مرابطات «الأقصى».. بطولة كسرت شوكة المحتل
ريما محمد زنادة – مجلة المجتمع
مع إشراقة شمس يوم جديد تتعالى بها أنفاس المرابطة المقدسية هنادي الحلواني وهي تشد حجابها بقوة، مرتدية جلباب طهارتها وعفتها، مصطحبة على ظهرها حقيبتها التي طبعت عليها جمال الملامح لقبة الصخرة المشرفة.
وتحمل في أحشائها مصحفها الذي يزيدها يقيناً وثباتاً في خطواتها التي تسير بها بشكل يومي إلى المسجد الأقصى المبارك، وهي ترتل قوله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) (الإسراء: 1).
وفي هذه البقعة المباركة حيث تلتقي رفيقات دربها زهرات «الأقصى» المرابطات: نفيسة خويص، وعايدة الصيداوي، وخديجة خويص، وغيرهن الكثيرات، يجتمعن على تلاوة القرآن وتعليمه في مصاطب العلم.
وتتعالى أصواتهن بالتكبير والدفاع عن «الأقصى» في حال أي اعتداء عليه من قبل جنود الاحتلال، والعمل على مواجهة اقتحامات المستوطنين، وتكون هذه المواجهة في أعلى ذروتها لأيام متتالية ومتكررة خاصة في مناسبات ترتبط بأعياد اليهود المزعومة، وذبح القرابين.
مواجهة خطر التهويد
ومن الأخطار التي تدركها المرابطات المحاولات المتكررة من قبل الاحتلال في تهويد المسجد الأقصى المبارك، ومحاولة تفعيل مخطط التقسيم الزماني والمكاني، وجعله واقعاً، وهذا الذي يجعل المرابطات لا يبرحن مكانهن في التصدي لهذا المشروع الخطير رغم الاعتداء عليهن بالضرب المبرح، والاعتقال، والغرامات المالية الباهظة في محاولة منه لبث الرعب في قلوبهن حتى يثنينهن عن رباطهن.
هذه المعركة رغم خطورتها على المرابطات، فإنهن في كل مرة ينتصرن رغم إصاباتهن الخطيرة، وحالات الإغماء جراء استنشاقهن لقنابل الغاز، والرصاص الحي والمطاطي، ورش الفلفل الأسود على أعينهن، وتكبيل أيديهن وضربهن بشكل مبرح، واعتقالهن.
الصلاة على أبوابه
هذا الصمود الأسطوري للمرابطات جعلهن ضمن أهداف الاحتلال، فكانت سياسة اعتقالهن وإبعادهن عن المسجد الأقصى من ضمن العقوبات التي يهدف من خلالها تفريغ «الأقصى» من المرابطات، فهن يشكلن خطراً عليه.
ورغم ذلك، فإن هنادي ورفيقاتها المرابطات أيضاً ابتكرن طريقة جديدة في الرباط المتمثلة في الصلاة في أقرب بوابة قريبة للمسجد؛ الأمر الذي كان يغيظ العدو، حتى في الأجواء الباردة والماطرة، وكذلك في حرارة الصيف المرتفعة، فإن ذلك لا يُضعف من رباطهن شيئاً، فهن مثل النخل، جذورهن منتشرة في أرض «الأقصى»، وهن شامخات يقهرن في رباطهن العدو.
هذا الأمر جعلهن أكثر وعياً لمخططات الاحتلال، فهن يحاولن قدر الإمكان عدم تجاوز المكان المسموح به في الإبعاد؛ نظراً لتضييع فرصة على الاحتلال في الحصول على غرامات مالية باهظة في حال مخالفة قرار الإبعاد.
وما إن يقترب قرار الإبعاد من انتهاء مدته حتى يتجدد في محاولة للتضيق عليهن، وبين فترة وأخرى يتم اقتحام بيوتهن وقلبها رأساً على عقب ضمن سياسة العقاب ضدهن.
اعتقال وتكبيل
هذه القوة والثبات الواضح على ملامح المرابطات جعلهن يتعرضن للاعتقال من قبل جنود الاحتلال، والأصعب من ذلك بالنسبة للمرابطات هو محاولة الاحتلال انتزاع حجابهن بقوة وهن مكبلات، ويتم استدعاؤهن قبل أسرهن في السجون إلى محاكم الاحتلال، وفي الاستدعاء لا بد من إجراء التفتيش العاري من قبل المجندات في محاولة امتهان كرامة المرابطات.
اعتداء جنود الاحتلال على المرابطات
زواج ورباط
ومن صور الرباط الجميلة رسمتها المرابطة بيان الجعبة التي خطت عقد قرانها في ساحات المسجد الأقصى؛ ليكون شاهداً على بناء أسرة جديدة تُنجب جيلاً بعد جيل يحافظ على عقيدته ويحمي قدسه بأنفاسه الزكية ودمائه الطاهرة، والحفاظ على حقه رغم عنجهية الاحتلال.
«مقلوبة» التحرير
وبين فترة وأخرى يشهد «الأقصى» نوعاً من المقاومة المبتكرة، فقد اشتهرت المرابطة هنادي الحلواني، وخديجة خويص وغيرهما من المرابطات اللاتي كن يفترشن الأرض المقدسة القريبة من بوابة المسجد الأقصى ويقمن على قلب «المقلوبة» أمام أنظار الاحتلال حينما يمنعهن من دخول «الأقصى»، حيث كانت حكاية البداية بالمقاومة من خلال «المقلوبة» عند باب السلسلة –وهو أحد أبواب المسجد الأقصى- حينما أصدر الاحتلال قراراً بإبعاد الحلواني من دخوله فقررت الرباط على بابه مع المرابطات بطريقتها.
والسبب الذي جعلهن يعددن «المقلوبة» أنه ورد في الروايات المشهورة حينما فتح القائد صلاح الدين الأيوبي مدينة القدس الشريف شهدت المدينة احتفالاً بهذا النصر، فأعد أهل مدينة القدس أكلة المقلوبة للقائد الأيوبي وجنوده؛ فأعجبته كثيراً؛ الأمر الذي جعله يسأل عن اسمها وهو يصفها بـ«المقلوبة»؛ نظراً لأنه بعد إعدادها تقلب في صواني التقديم، ومنذ ذلك الوقت أصبحت تسمى أكلة «المقلوبة».
ريما محمد زنادة – مجلة المجتمع
مع إشراقة شمس يوم جديد تتعالى بها أنفاس المرابطة المقدسية هنادي الحلواني وهي تشد حجابها بقوة، مرتدية جلباب طهارتها وعفتها، مصطحبة على ظهرها حقيبتها التي طبعت عليها جمال الملامح لقبة الصخرة المشرفة.
وتحمل في أحشائها مصحفها الذي يزيدها يقيناً وثباتاً في خطواتها التي تسير بها بشكل يومي إلى المسجد الأقصى المبارك، وهي ترتل قوله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) (الإسراء: 1).
وفي هذه البقعة المباركة حيث تلتقي رفيقات دربها زهرات «الأقصى» المرابطات: نفيسة خويص، وعايدة الصيداوي، وخديجة خويص، وغيرهن الكثيرات، يجتمعن على تلاوة القرآن وتعليمه في مصاطب العلم.
وتتعالى أصواتهن بالتكبير والدفاع عن «الأقصى» في حال أي اعتداء عليه من قبل جنود الاحتلال، والعمل على مواجهة اقتحامات المستوطنين، وتكون هذه المواجهة في أعلى ذروتها لأيام متتالية ومتكررة خاصة في مناسبات ترتبط بأعياد اليهود المزعومة، وذبح القرابين.
مواجهة خطر التهويد
ومن الأخطار التي تدركها المرابطات المحاولات المتكررة من قبل الاحتلال في تهويد المسجد الأقصى المبارك، ومحاولة تفعيل مخطط التقسيم الزماني والمكاني، وجعله واقعاً، وهذا الذي يجعل المرابطات لا يبرحن مكانهن في التصدي لهذا المشروع الخطير رغم الاعتداء عليهن بالضرب المبرح، والاعتقال، والغرامات المالية الباهظة في محاولة منه لبث الرعب في قلوبهن حتى يثنينهن عن رباطهن.
هذه المعركة رغم خطورتها على المرابطات، فإنهن في كل مرة ينتصرن رغم إصاباتهن الخطيرة، وحالات الإغماء جراء استنشاقهن لقنابل الغاز، والرصاص الحي والمطاطي، ورش الفلفل الأسود على أعينهن، وتكبيل أيديهن وضربهن بشكل مبرح، واعتقالهن.
الصلاة على أبوابه
هذا الصمود الأسطوري للمرابطات جعلهن ضمن أهداف الاحتلال، فكانت سياسة اعتقالهن وإبعادهن عن المسجد الأقصى من ضمن العقوبات التي يهدف من خلالها تفريغ «الأقصى» من المرابطات، فهن يشكلن خطراً عليه.
ورغم ذلك، فإن هنادي ورفيقاتها المرابطات أيضاً ابتكرن طريقة جديدة في الرباط المتمثلة في الصلاة في أقرب بوابة قريبة للمسجد؛ الأمر الذي كان يغيظ العدو، حتى في الأجواء الباردة والماطرة، وكذلك في حرارة الصيف المرتفعة، فإن ذلك لا يُضعف من رباطهن شيئاً، فهن مثل النخل، جذورهن منتشرة في أرض «الأقصى»، وهن شامخات يقهرن في رباطهن العدو.
هذا الأمر جعلهن أكثر وعياً لمخططات الاحتلال، فهن يحاولن قدر الإمكان عدم تجاوز المكان المسموح به في الإبعاد؛ نظراً لتضييع فرصة على الاحتلال في الحصول على غرامات مالية باهظة في حال مخالفة قرار الإبعاد.
وما إن يقترب قرار الإبعاد من انتهاء مدته حتى يتجدد في محاولة للتضيق عليهن، وبين فترة وأخرى يتم اقتحام بيوتهن وقلبها رأساً على عقب ضمن سياسة العقاب ضدهن.
اعتقال وتكبيل
هذه القوة والثبات الواضح على ملامح المرابطات جعلهن يتعرضن للاعتقال من قبل جنود الاحتلال، والأصعب من ذلك بالنسبة للمرابطات هو محاولة الاحتلال انتزاع حجابهن بقوة وهن مكبلات، ويتم استدعاؤهن قبل أسرهن في السجون إلى محاكم الاحتلال، وفي الاستدعاء لا بد من إجراء التفتيش العاري من قبل المجندات في محاولة امتهان كرامة المرابطات.
اعتداء جنود الاحتلال على المرابطات
زواج ورباط
ومن صور الرباط الجميلة رسمتها المرابطة بيان الجعبة التي خطت عقد قرانها في ساحات المسجد الأقصى؛ ليكون شاهداً على بناء أسرة جديدة تُنجب جيلاً بعد جيل يحافظ على عقيدته ويحمي قدسه بأنفاسه الزكية ودمائه الطاهرة، والحفاظ على حقه رغم عنجهية الاحتلال.
«مقلوبة» التحرير
وبين فترة وأخرى يشهد «الأقصى» نوعاً من المقاومة المبتكرة، فقد اشتهرت المرابطة هنادي الحلواني، وخديجة خويص وغيرهما من المرابطات اللاتي كن يفترشن الأرض المقدسة القريبة من بوابة المسجد الأقصى ويقمن على قلب «المقلوبة» أمام أنظار الاحتلال حينما يمنعهن من دخول «الأقصى»، حيث كانت حكاية البداية بالمقاومة من خلال «المقلوبة» عند باب السلسلة –وهو أحد أبواب المسجد الأقصى- حينما أصدر الاحتلال قراراً بإبعاد الحلواني من دخوله فقررت الرباط على بابه مع المرابطات بطريقتها.
والسبب الذي جعلهن يعددن «المقلوبة» أنه ورد في الروايات المشهورة حينما فتح القائد صلاح الدين الأيوبي مدينة القدس الشريف شهدت المدينة احتفالاً بهذا النصر، فأعد أهل مدينة القدس أكلة المقلوبة للقائد الأيوبي وجنوده؛ فأعجبته كثيراً؛ الأمر الذي جعله يسأل عن اسمها وهو يصفها بـ«المقلوبة»؛ نظراً لأنه بعد إعدادها تقلب في صواني التقديم، ومنذ ذلك الوقت أصبحت تسمى أكلة «المقلوبة».