المسجد الأقصى ورواية الحديد..
صالح لطفي... باحث ومحلل سياسي
كشفت سورة الحديد عن سر من اسرار العلاقة بين الحديد اذ هو منزل كنزول الكتاب والميزان [ انظر اية 25 من سورة الحديد] فالمنهاج الخاتم يحتاج الى الحماية والرعاية المتجلية بالسياسة والتسييس المخبئة في الحديد بمعناه الواسع الرحب ، ذلكم انَّ كل فعل من أفعال الشريعة او السياسة المنفذة لمقتضيات الدين تحتاج الى الحماية .. ورواية الحديد في القران ارتبطت بالمنهاج والميزان المُعَبر به عن العدل الذي هو أساس الحكم والسياسة الراشدة ، ولذلك كانت رواية الحديد ذات صلة مباشرة بحفظ الدين والسياسات المنفذة له ، وعليه كانت العلاقة الوطيدة بين السيف" المعبر به عن الحديد" والدين كما هو في مقولة ابن تيمية " قوام الدين كتاب يهدي وسيف ينصر" . وهي تعبير دقيق عن الحاجة الماسة بين الطرفين.. وها هي الحضارات بما فيها حضارة الغرب حُميَت ولا تزال بالقوة التي مصدرها الحديد ولذلك كانت حماية مقتضيات الدين والتدين شرط من شروط قيمومته . والمساجد التي هي معبرة عن التوحيد والعبودية " وَأَنَّ ٱلْمَسَٰجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدًا" تحتاج الى حماية وعناية اذ هي مظنة من مظنات تجلي الدين على ارض الواقع خاصة في راهننا المعاش عربيا وأسلاميا ودوليا حيث تنتهك حرمات المسلمين في كثير من بقاع الأرض وتدنس فيها مقدساتهم وتهدم فيها مساجدهم وما يجري وجرى في بلاد الحرمين واليمن وليبيا ودويلات سايكس-بيكو ليس عنا ببعيد .
ما يتعرض له المسجد الأقصى المبارك منذ الاحتلال البريطاني وحتى هذه اللحظات يعبر وبدقة متناهية عن علاقة " الحديد" كما هو منصوص عليه في القران الكريم برسمه العيني والحضاري بالدين ، أذ بزوال الحكم الإسلامي –مع كل عثراته- عن ارض فلسطين رافقه مباشرة الاحتلال للمسجد الأقصى المبارك ، احتلال لا يزال يعبر عن ذل الامة مهانتها .
المسجد الأقصى في هذه اللحظات التاريخية يدخل مرحلة حرجة جدا وواجب الوقت ينادي بتحريره من ربقة الاستعمار الصهيوني\اليهودي- الصليبي. بيدَّ أنَّ عملية التحرير تستوجب االإعداد والخبرة والصبر كما تخبرنا سورة الانفال والاعداد يبدأ بالذات أي الفرد لينتهي بالمجتمع وهي مسيرة تبدأ من خطوة واحدة وعلوم ان مسيرة الالف ميل تبدأ بخطوة واحدة ، وقد أكرم الله الكثير من عباده المخلصين في هذا الزمان أن يكونوا سنداً للمسجد الأقصى ولو بشطر كلمة خاصة أولئك الذين يعيشون معنى [".... وليوشكن أن يكون للرجل مِثْل شطن فرسه من الأرض حيث يَرى منه بيت المقدس خيراً له من الدنيا جميعاً ". رواه الحاكم ( 4 / 509 ] في وقت يتم العمل على تغيبيها عن واقعها المُعاش فضلاً عن سيرتها الذاتية ودورها المنوط بها في تحقيق شرطي العدل والحق بين الناس القائم على معاني " الأمة الوسط" وهو ما يتطلب من هذه الجموع المخلصة التي هي من جموع المسلمين في أبداع وسائل من أجل كشف الضيم ورفعه عنه ، لكنَّ رواية الحديد تبقى هي القصة ألأمثَلْ ذات العلاقة معه ومع كل قضية لها صلة بهذا الدين واذا كانت العلاقة بين الدين والحديد والاقصى كما تكشف لنا قراءات التاريخ الطويلة علاقة جدلية فأنَّ من جدلياتها كذلك الاعداد بكل معانيه ,
المسجد الأقصى بات بارومتر هذه الامة من حيث درجة التدين والالتزام بالدين والذب عنه غير متغافلين الى ايقونيته التي تأسر ألباب المسلمين بغض النظر عن درجة تدينهم وصِدقِية هذا التدين. فالمسجد الأقصى المبارك بالنسبة للمسلمين عقيدة ومحل عبادة وداخل في كثير من قضايا القدر[ المستقبلية].. وفقا لرؤية البعض ويعلم كل قاريء للتاريخ ان المسجد الأقصى المبارك وقع تحت الاحتلال اكثر من مرة منذ ان استقرت الرسالة عند الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وحملتها أمته من بعده . وكان من ضمن الأمور التي استقرت ، مآلات بيت المقدس اذ برفض اليهود الدين الخاتم وانتحالهم الباطل وقتلهم الأنبياء وسفكهم دمائهم وسعيهم للافساد والفساد في الأرض وتحريفهم رسالة موسى عليه الصلاة والسلام وتحريف الكلم عن مواضعه وانحرافهم عن منهج التوحيد وتوثينهم الديانة الموسوية انتهت عهدة هؤلاء القوم ببيت المقدس واضحت العلاقة العقدية والتعبدية بنص القران ووحي الرحمن من نصيب أمة أخر الأنبياء عليه الصلاة والسلام. وما الاحتلال الصليبي والانجليزي واليوم اليهودي\الصهيوني الى محطات عابرة في تاريخه الطويل الشاهد على مسيرة الإنسانية فعلى صخرة بيت المقدس توارت واندثرت أمم وحضارات والعاقبة للمتقين.