عبد السلام ياسين، رمزا لمناهضة التطبيع .. بقلم صفوان غيدوني

  • السبت 26, فبراير 2022 01:56 م
(إن ينطوي الدهر ستبقى أنت نادرة الزمن) أكتب هذا النص مساهمة متواضعة مني في فعاليات أسبوع القدس الشريف.
عبد السلام ياسين، رمزا لمناهضة التطبيع                                                  بقلم صفوان غيدوني 

(إن ينطوي الدهر ستبقى أنت نادرة الزمن)
أكتب هذا النص مساهمة متواضعة مني في فعاليات أسبوع القدس الشريف. 

إن هذا الرجل الشريف العفيف، هذا المشاهد المجاهد، هذا العالم العالم، بهذا المسلك الذي خطه تعبدا ومجدا قد أقام الحجة البالغة على كل أبناء الإسلام أنه لا مبرر لقبول الذل والهوان والرضوخ أمام الجور والظلم والظغيان..

سألت ماذا لو كان الأستاذ عبد السلام ياسين حيا الآن!

من الأمور المتعارف عليها سراً وجهرا، تحت الطاولة وفوقها، في الشوارع وداخل الغرف الرسمية والصالونات والفنادق، أنه كان في المغرب رجل واحد وواحد فقط يخاطب رأس السلطة في البلاد أعني الملك ورئيس الدولة بأدب جم وبشكل مباشر لا لف ولا دوران فيه حين يتعلق الأمر بحمى الدين وبيضة الإسلام وحقوق المسلمين، إنه عبد السلام ياسين..

بعد نكسة كارثة التطبيع، تضاربت ردود فعل السفهاء والشرفاء، طبقات المخلصين والمرتشين، ما بين المبررين المتفيقهين والصامتين الساكتين الخائفين في وطن صار يدار بمنطق ( كان أبوك صالحاً) في شؤونه الدينية، بحيث تم ترسيخ قيم التوارث والامتيازات واللبيب بالإشارة يفهم.. وأما من ناحية المصالح المادية والمكاسب الربحية، فالمنطق الصارخ هو ( خذ حقك من الكعكة والبقية تأتي).. ماذا لو كان صاحب رسالتي الإسلام أو الطوفان ومذكرة لمن يهمه الأمر حيا بين ظهرانينا، أتأمل في المشهد التالي وأضع السيناريو كما يلي: كان سيكتب إلى ملك المغرب مرة أخرى مذكرا إياه بنسبه الشريف وبتبعات موقفه بين يدي الله تعالى يوم الدين والحساب، وأعتقد أنه كان سيربط كعادته بين الدولة والدعوة، أعتقد أنه كان سيذكر: (أمير المؤمنين) بآخر موقف ل :(خليفة المسلمين) ، بل آخر: (خلفاء المسلمين) : السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته وجزاه الله تعالى خير الجزاء عنا وعن المسلمين.. فقبل أن يغادر القصر إلى منفاه لحظات قبل أن يتم اعتقاله واقتياده في مشهد درامي يفت الصخر، نادى على خادمه المخلص الوفي السيد شريف ( ولدلالة الاسم هنا حضورها وإيحاؤها) ناداه وسلمه رسالة خاصة كلفه أن يوصلها إلى شيخه في السلوك والطريق، سيدي محمد أبو الشامات شيخ الطريقة الشاذلية العلية وبعد أن أدى فروض الأدب والاحترام والتقدير لشيخه أخبره أنه لم يتخل عن الخلافة بل أرغم على تركها وأن السبب الرئيسي هو رفضه أن يخضع لشروط وضغوط الجماعات الإلحادية والماسونية المقنعة قصد السماح لهم بإنشاء وطن قومي للصهاينة في فلسطين.. وثيقة يتعمد خفافيش الظلام على مدى الأيام أن يخفوها ويطووا كل حديث عنها (وثيقة وجدتها ضمن أرشيف مركز الدراسات الفلسطينية لمن يريد أن يعود إليها).

لقد رفض السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله أن يدنس شرفه وشرف أسلافه ومعهم شرف أمة الإسلام والقرآن بأن يقبل بأمر كهذا.. لقد كان على وعي بتبعات التهديدات التي كان يتلقاها كالمطر، لعل القارئ يقول : ليته كان عقلانيا منطقيا وانصاع إلى ما تمليه عليه أبسط أبجديات الواقعية السياسية.. يا سبحان الله العظيم، الواقع والواقعية ،لا إله إلا الله محمد رسول الله..
هل هناك حقيقة في الوجود أكثر واقعية من الموت! وفي عقيدتنا نحن أهل ملة الإسلام أن الموت يعقبه وقوف بين يدي الله تعالى..

اللهم اجعلنا من أهل الحق والثبات، اللهم اجعلنا من الذين يحبون لقاءك وتحب لقاءهم برحمة يا أرحم الراحمين - آمين

ما أشبه اليوم بالبارحة، وإن غداً لناظره قريب...