الإسراء والمعراج رحلة
اليقين ووعد بالفتح المبين
لم تكن رحلة الإسراء والمعراج مرحلة عابرة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا مجرد رسالة مواساة بعد ألم فراق الزوجة الحاضنة للدعوة خديجة رضي الله عنها ووفاة العم الرفيق بابن أخيه وتكالب كفار قريش على الرسالة والرسول بالتكذيب والتحريض كما حدث في الطائف ، بل هي رحلة اليقين بعد الثبات على كل عقبات الدعوة، رحلة الإرتقاء والصفاء البشري من عالم الشهادة نحو عالم الغيب، ومن المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي بارك حوله الله تعالى.
تحمل الرحلة دلالات خيرية وبشارات عديدة، فاختيار العروج بخير الأنام من المسجد الأقصى نحو السماء، هو تأكيد على قدسية المكان وعلوه ورفعته.
ومما نستخلص من هذا الدرس العظيم في زمن ضيق على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن الرحلة كانت بمثابة الفتح العظيم بل هي الفتح نفسه حين تضعف جميع أسباب البشر ويأتي الاحتضان والرعاية الإلهية المباشرة، بل يأتي الإذن الرباني للحبيب المصطفى بإختراق عنان السماوات و الارتقاء حيث نورانية الخالق سبحانه ولم يؤذن لخير الملائكة جبريل عليه السلام بإكمال رحلة الإرتقاء.
وفي زمن التضييق على المسجد الأقصى و انتهاك حرمته وشتات الأمة ، تتجدد الذكرى لتعيد الأمل و بوصلة النصر والفتح المبين الذي ينطلق من نفس مكان المعراج لانه القلب النابض لهذا الجسد الواحد،وأن الإرتقاء لا يأتي إلا بصفاء النفوس وتصديقها بوعد الله تعالى وهو وعد الآخرة الذي ذكر بسورة الإسراء، حين يبعث الله عبادا ليسوا ككل العباد قال فيهم سبحانه : "عبادا لنا أولي بأس شديد" فلابد للهمم أن ترتقي لتكون من هؤلاء العباد جيل التغيير و التحرير وعلى يدهم يأتي الفتح المبين بعون الله ومنته، ويكون العروج بالأمة من مستنقع الذل والخذلان، إلى درجات السمو وتحقيق أخوة الإيمان ونيل رضا الرحمن.