رسالة إلى العنصريين البيض
د. صالح نصيرات
ليس من قيمنا ولا من ديننا أن نخاطب الناس بألوانهم، فهذا من أمر الله وليس من اختيارهم، و اللون ليس فضيلة أو رذيلة، فالمرء ليس باللون ولا باللغة ولا بالعرق، ففي ديننا الناس كلهم مكرمون "ولقد كرمنا بني آدم" ولكن أكرمهم عند خالقهم أتقاهم له "إن أكرمكم عند الله أتقاكم". و لما كان البشر جميعا أخوة في الأب آدم والأم حواء، فإن الاختلاف في اللون و العرق سنة الله " يا ايها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا".
ولكن يبدو أن ميزان القوة المادية عندكم جعلكم فقراء جدا في القيم الأخلاقية، لا همّ لكم سوى الانتقاص من الآخر، تاريخكم الطويل يشهد بذلك. وإن شئتم قدمنا لكم جردا بجرائمكم ضد الإنسانية. فهل تنكرون نهبكم واستعبادكم للقارة الخضراء؟ وهل تتعامون عن قتل الملايين في فيتنام وكمبوديا وأفغانستان والعراق؟ هل تنسون مؤامراتكم وتمزيق أمة العرب عبر مخططاتكم ومؤامراتكم؟ ألستم أنتم من اختراع مشاكل الحدود بين الدول؟ ووضعتم قنابل موقوتة بيدكم صاعقها تفجرونها متى شئتم.
هل تنسون حروبكم التي رفعتم فيها شعارات دينية مسيحية والمسيح عليه السلام براء منكم ومن جرائمكم؟ هل تنسون ما فعلتم بالانقلابات على الديمقراطيات من مصدق إلى مرسي، وقتلتم الثوار من لومومبا إلى نكروما؟ وهل تتجاهلون حقيقة أنكم أشعلتم حربين عالميتين، وفي دياركم نشأت النازية و الفاشية وتبنيتم الصهيونية العالمية التي لها سجل لايقل إجراما عن سجلكم. هل تريدون المزيد؟
لماذااخترتم لأنفسكم ديمقراطية وتنويرا وحداثة، وصدرتم للعالم المستبدين و الظلمة الذين تربوا في معاهدكم وكليات حروبكم؟ لماذا تنحازون إلى لصوص ومافيات تتحكم في قوت الشعوب، ووقفتم ضد كل مصلح وثائر على الظلم؟ انسيتم أنكم نصّبتم على الناس رؤوسا جهالا من طوائف حاقدة، وقبائل بدائية لا تعرف في حياتها سوى القتل والذبح على الهوية؟ هل نسيتم رواندا والبوسنة و الهرسك، عندما وقفتم تتفرجون على الاغتصاب والقتل والتدمير والحرق للنساء والأطفال والشيوخ.
واليوم تتقاتلون فيما بينكم، فتحرقون الأخضرواليابس، وتدمرون المدن على رؤوس أهلها، ويمد فريق منكم الآخر بالسلاح الفتاك، ويتسابق بعضكم لخنق بعض في اسواق المال والأعمال. ثم بلا خجل ولا حياء، تتفوهون عبر إعلامكم بكلام عنصري بغيض ينضح بالكراهية لغيركم من شعوب ودول اصطلت بنار جحيمكم. فدمرتم بلادهم، ونهبتم خيراتهم، ووقفتم مع الظلمة، فهاجروا إلى بلادكم ظنا منهم أن عندكم العدل والإنسانية والتنوير والتحضر، فإذا بكم تعودون إلى حقيقتكم التي حاولتم تغطيتها بكلام معسول، وقوانين ودساتير وشرائع لكم وحدكم دون العالمين.
فتحتم بنوككم لكل لص وسارق ليهربوا المليارات إليها، فتنعموا بترليونات الدولارات على حساب شعوب لايملك كثيرون فيها قوت يومهم. وما ذاك إلا لانعاش اقتصاداتكم. من شارك اللص في الجريمة فهو لايقل عنه إجراما.
وعندنا وبيننا قوم يمررون مخططاتكم، ويعملون على خيانة أوطانهم ودينهم وقيمهم من أجل حفنات من دولارات ويورهات تمدونهم بها ليفسدوا في الارض، ويهلكوا الحرث والنسل. فتارة تتحدوث عن حقوق الزناة، وأبناء السفاح، والشاذين عن الفطرة، وتارة تتحدثون عن حقوق الإنسان في الحرية و الكرامة ودونكم فلسطين ترزح تحت نير احتلال بغيض تمدونه يأسباب القوة، وتغمضون عيونكم عن جرائم لاتقل عن جرائم النازي؟ لماذا لاتثوبون إلى رشدكم، وتعترفون للبشر بجرائمكم لتحاكموا عليها؟ تنشئون محاكم للقتلة فماذا فعلتم لسفاحي ديرياسين وصبرا وشاتيلا وطريق الموت و كفرقاسم وقبية والسموع وسربرنيستا ورواندا والكونغو وكشمير وأفغانستان؟
هذه حقيقتكم فلا عتب عليكم! ولكن العتب على من على بصره غشاوة من حقد وجهل ولازال يهتف باسمكم، وينادي بقيمكم، ويريد منا أن نساق إلى جحوركم.