التطبيع والإعلام د. صالح نصيرات
لايكاد موقع إخباري يخلو من خبر حول التطبيع مع العدو الصهيوني، حتى ظن بعض الناس أن هذه الخيانة المسماة بالتطبيع أصبحت أمرا طبيعيا وقدرا محتوما لا يمكن الوقوف بوجهه. ولعل كثيرا من المواقع تنشر تلك الأخبار بقصد حسن ونية طيبة. ولكن الحقيقة هي أن الإكثار من نشر الأخبار التي تتحدث عن أنشطة رياضية وفنية وزيارات متبادلة بين المطبعين والعدو لها آثار سلبية على الروح المعنوية للناس. فمن المهم أن تبين المواقع الإخبارية وغيرها الجانب المضيء في رفض خيانة التطبيع. فالمعلوم أن الغالبية العظمى من أبناء الأمة ترفض الكيان وتشمئز من كل موقف يراد به مد العدو بشريان الحياة. والدليل على ذلك أن التطبيع الذي ينشده العدو في الواقع هو أن تغيب الروح المناضلة وتصبح العلاقة معه أمر محببا ومقبولا، وهذا لم يحصل بحمد الله. كما أن من المهم أن نعلم أن كل قررات التطبيع تأتي من السلطات الحاكمة ولاعلاقة للشعوب بها من قريب أو بعيد. أما الصغار الباحثون عن الشهرة و المال على حساب شرف الأمة فهم قلة قليلة من بلاد لاتعرف للحرية سبيلا، ولا للديمقراطية الحقة طريقا.
فعندما نستعرض أسماء بعض الكتّاب أو الفنانين أو لاعبي الكرة الذين يمارسون تلك الخيانة نجدها قليلة بالمقارنة مع أسماء كثيرة فضّلت العقوبة والابتعاد عن الأنشطة المشتركة من أبناء صهيون على الحصول على ألقاب لا تقدم في حياة الأمة شيئا. وهذا الأمر لم يقتصر على عرب ومسلمين، بل بحمد الله نجد وعيا شعبيا في كثير من الدول المؤيدة للمحتل، هذا الوعي لم يأت صدفة، بل سعى إخوة كرام تحملوا المشاق ودفع بعضهم من حريتهم وحياتهم ليوصلوا حقيقة نظام الفصل العنصري المحتل إلى الكثير من المواقع المهمة. واليوم نجد أن هناك منظمات ومؤسسات إسلامية وعربية على رقعة واسعة من الأرض تعمل بجد واجتهاد من أجل محاصرة المطبعين والخونة لدينهم وأمتهم، وفضح جرائم العدو، وحشد المناصرين للعدل و الحق.
لقد علمنا التاريخ دروسا بليغة ومهمة ولعل أهمها أن الخائن لدينه وأمته محتقر عند عدوه قبل أهله. وعلمنا التاريخ ايضا أن الطغاة إلى زوال مهما طال ظلمهم واستطال الزمن بهم. ولن يكون نصيبهم من الشعوب إلا اللعنات والكراهية.
إن التركيز على الشعوب من المثقفين والعامة ضرورة في نقل صور ظلم العدو وأشكال القهر الذي يمارسه، وكذلك المواقف البطولية للشعب الفلسطيني الذي يقدم كل يوم شهداء على طريق النصر. إن الغرب الذي نصّب مستبدين وظلمة لن يبقى قويا مدى الدهر حاميا لهم بل سيضحي بهم كما ضحى بغيرهم من قبل. والعبرة دوما بالصبر والتحمل و الاستمرار وعدم اليأس من النصر المكتوب والذي سيأتي عندما يستحقه المؤمنون "وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم يعبدونني لا يشركون بي شيئا"