تتكون مسودة قانون الطفل من 62 مادة، وف كل مادة عدد من الفقرات الفرعية. وعند استعراض المسودة نجد أن هذا القانون حوى نقاطا مهمة تحمي الطفل من الأخطار التي قد يتعرض لها خلال عملية التنشئة. ونحن ابتداء مع أي قانون يكفل للمواطن طفلا أم راشدا ذكرا أن انثى حقوقه الطبيعية التي منحه إياها الله سبحانه وتعالى.
في تعريف الطفل ورد أنه كل من لم يتم ثماني عشرة سنة شمسية. وهذا التزام بقوانن سارية في الدول الغربية خصوصا وعدد من دول العالم. وإذا نظرنا إلى هذا التعريف فسنجد أنه يطيل الفترة الزمنية لهذه المرحلة العمرية دون سبب مقنع. أي أن هذا الكائن سيعامل معاملة خاصة دون اعتبار لما جاء في ديننا. وهذا سيظهر في المواد المتعلقة بحرية الطفل والقرارات التي سيتخذها. فنحن نعلم أن عبادات مثل الصلاة والصوم يتعلقان بالبلوغ وليس بالعمر الزمني. فلو اختار الطفل ألا يصوم أوألا يصلي حتى بلوغ الثامنة عشرة من عمره، فهل ليس من حق الوالدين إجباره على ذلك؟. وهل مجاهرته بالمعصية حق له؟ والرسول الكريم أخبرنا عن سن البدء بالصلاة وإيقاع العقاب على من تخلف عن ذلك. وهذا جزء من فهمنا لقوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة". فهل سيعاقب الأب على تربية ابنه وتدريبه على الطاعات و العبادات بدعوى أنه لم يصل السن القانونية أو أنه تدخل في حياته الخاصة أو تعذيب له؟ وهل سيحرم الوالدان من حضانة ابنهما الطفل إذا قاما بتهذيبه وتربيته؟ فهل المشرع من البشر أعلم أم الله؟؟ هل سنرى الأطفال في المدارس من سن البلوغ فما فوق حتى الثامنة عشرة يجاهرون بالمعاصي ويتركون العبادات المفروضة ويتعرض من يعلمهم الخير إلى العقوبة باعتبار أنه تدخل في خصوصياتهم؟؟؟؟
وهناك مادة أخرى تتعلق ب "احترام الحياة الخاصة للطفل ومنع تعريضه لأي تدخل تعسف أو غير قانون في حياته أو أسرته أو منزله.." فهل لو أن الطفل تعرض لتعليم منحرف في المناهج المدرسية أو توجيه إعلامي يجعله يتخذ قرارات تخالف الشريعة الإسلامية كأن يتخذ قرارا بتغيير جنسه أو أن يكون منحرفا جنسيا أمر طبيعي؟ وهل إذا قام الوالدان بمنعه من التعرض لهكذا مناهج أو برامج سيعاقبان على ذلك؟ وهل هذه المادة منسجمة مع المادة الثانية من الدستور التي تقرر بأن دين الدولة هو الإسلام؟
الاسئلة التي يجب طرحها كثيرة:
هل تم عرض مسودة القانون على علماء الدين ورابطة علماء الأردن والمعنيين من التربويين وعلماء النفس والاجتماع أم تم حصرها في المحظوظين والمقربين من الحكومة ودوائرها؟ وهل تم عرضها على روابط حقوق الإنسان التي تراعي حرمة الدين وتعترف بحق الطفل في ممارسة شعائره وحق الوالدين ف تعلمه تلك الشعائر؟
هل إلحاق الطفل ببرامج دينية ودورات تحفيظ القرآن من حقوق الطفل أم أنها تعد على حريته الخاصة؟
هل تربية الطفل وتأديبه بالوسائل التي أقرها الإسلام والشرع جريمة في نظر واضعي القانون؟
هل ستقوم الحكومة بتقديم برامج توعية حقيقية للوالدين؟ وهل ستكون تلك البرامج سابقة لإقرار المشروع أن أنها ستخضع لتوفر المال من عدمه؟ وهل سيتم تطبيق القانون قبل أن تتوفر تلك البرامج؟
هل يتمتع المواطن الراشد بمثل الحقوق التي تضمنها القانون؟ هل تعذيب المواطن في بعض الأمكنة لكونه اعتنق فكرا أو انتظم في حزب أو جماعة لاترضى عنها الدولة جريمة يعاقب عليها القانون أم أنها جزء من الممارسات المقبولة باسم حفظ الوطن من التطرف والإرهاب؟
هل مئات الآلاف من العاطلين عن العمل أو المحرومين من إكمال دراستهم الجامعية بسبب الفقر جريمة بحق المواطن أم لا؟
هل توريث المناصب وحجز المقاعد في المراكز القيادية العليا لفئة من أبناء المسوؤلين جريمة يعاقب عليها القانون أن أنها حقوق مكتسبة لهذه الفئة من المواطنين؟
أليس المواطن الراشد الذ ي يدفع الضرائب ويلتزم بالقانون ويحترمه يحتاج إلى قانون فاعل لضمان الحصول على حقوق العمل والوظيفة التي تناسب مؤهلاته وخبراته وقدراته؟
هل تتكرم الحكومة وتقول الحقيقة وتنشر أسماء المؤسسات التي تتلقى الملايين من السفارات والمراكز والجهات الخارجية وتتبنى فلسفتها في الحياة ولها أدوار محددة من قبل مموليها في مجتمعنا؟ وما هي الأدوار التي تلعبها من وراء الكواليس لتدمير قيمنا وتشويه ديننا باسم التحرر والحداثة والتقدم؟
هل تتكرم الحكومة بإعلان دور البنك الدولي وسفارات الدول الكبرى والأمم المتحدة ومنظماتها الفرعية في الضغط عليها لتمرير هكذا قوانين؟ هل من حق المواطن معرفة من سيتولى تمويل البرامج ونوعيتها، ومن سيقوم عليها، وما هي الفلسفة التي تتبناها تلك المؤسسات التي ستكون مسؤولة عن تدريب المعلمين والمختصين بتطبيق القانون وكذلك الوالدين ليكونا قادرين على تربية أبنائهم وبناتهم؟
هل أصبح المواطن طفلا و راشدا، ذكرا وأنثى من ممتلكات الدولة تفعل به ما تشاء دون اعتبار لإنسانيته وخصوصياته الدينية والأخلاقية؟ هل عدنا إلى عصر الإقطاع بل اسوأ من ذلك حيث المواطن "قن" في مزرعة سيده؟؟؟؟
المطلوب من كل مواطن يحترم دينه وقيمه ودستور بلاده أن يرفع صوته لرفض المواد المخالفة للشريعة في مسودة مشروع القانون، وأن يطالب سن قانون يحمي حقوق المواطن في عدم التعرض له لانتمائه الحزبي أو النقابي ومساومته في الدوائر الأمنية على حقوقه الوظيفية واحترام حقوقه في اختيار العمل والوظيفة التي تنسجم مع مؤهلاته دون أية اعتبارات أخرى.
د. صالح نصيرات