إن ما تشهده الطفولة من مآسي داخل فلسطين بسبب الاحتلال الصهيوني يعد من جرائم الحرب التي كان من المفترض أن
يعاقب عليها هذا الكيان الغاصب، وهو الذي يحرم الأطفال من حقهم في التعليم ويعترض طريقهم أثناء الذهاب للمدارس
ويقصف فصول الدرس فوق رؤوسهم، ويعتقلهم في الطرقات ويمنعهم من اللعب المشروع ثم يزج بهم في السجون
لسنوات طويلة يصحبها تعذيب جسدي، والنماذج كثيرة أبرزها الطفل أحمد مناصرة الذي اطلق عليه النار واعتقل
في سن الثالثة عشر واليوم قد تجاوز العشرينيات من عمره وهو داخل زنزانة انفرادية يمنع من رؤية عائلته بل يمنع من
رؤية بقية السجناء، هذا الوضع الذي جعله يعاني اضطرابات نفسية تحول دون نموه العقلي وتشعره بالخوف الشديد،
ورغم النداءات المتتالية بإطلاق سراحه إلا أن النظام الصهيوني المتغطرس لا يستجيب، فهو يستمتع بعذابات أبناء هذا
الشعب ويستقوي بلوبيات عالمية لا يهمها حقوق اإلنسان بقدر ما يهمها مصالحها المادية وتغولها على المستضعفين.
إن الطفولة التي تعيش كل هذه المرارة وهي تعي جيدا أنها مشروع شهيد في كل لحظة من لحظات حياتها كيف تستمتع
ببراءة الصغار وقد عاشت مشاهد اغتيال الأب أو الأسره، و الاعتداء على الأم و النساء، وفقدان الصديق والقريب، كيف
لهذه البراءة ان تستمر مع وحشية الاحتلال الذي جعل من أرض فلسطين سجنا كبيرا ؟؟؟
هنا لا شك تتلاشى بقايا الطفولة لتتحول إلى رجولة مبكرة، رجولة لا تقبل الضيم ولا الذل ولا الخذلان، رجولة تستنشق
معاني البسالة منذ نعومة الأظافر، فلا نستغرب خروج صغير وهو يواجه بنادق ومدرعات المحتل ويقف شامخا أمام
فوهة حامية، لا يبالي فتكه وقوة ذماره بقدر ما يحمل الطفل الصغير بين جنبيه وفي فؤاده شجاعة الفرسان بصدق
من يتلقف الموت مقبل غير مدبر و هو يرى العدو الذي سلبه كل الحقوق يفترس بقايا طفولته وطفولة أصدقائه، فلا يجد
بدا من المواجهة وإن كانت غير متكافئة، فأطفال اليوم هم نتيجة أطفال الحجارة الذين شردوا من بيوتهم وأرضهم
وارتكبت في حقهم مجازر لا تمحوها الذاكرة وإن غض اإلعالم عنها الطرف، إن الكيان الصهيوني المجرم وهو يعتقل
الأمهات في أسوء ظروف الاعتقال خاصة منهم الحوامل، حين تنجب المرأة الفلسطينية داخل السجن يعتبرون هذا المولود
الجديد إرهابيا رغم حداثة قدومه للعالم، بل أن المولود يعيش مرارة السجن مع أمه دون أدنى ضرورات الحياة فقط لأنه
فلسطيني، فكيف لهذا الصغير الذي حاكمه العالم وهو رضيع أن لا يكبر قبل الأوان؟؟؟