أيها السادة : الهجرة حدث إسلامي فريد تم برعاية الله عز وجل لحماية نبيه صلى الله عليه وسلم وإقامة دولة الإسلام ، دولة العدل والقانون والحرية والسلام ، واحة الأمن وملجأ المستضعفين ، يحميها رجال مؤمنون أسود في الوغى فرسان في النهار ورهبان في الليل .
نتعلم من الهجرة الصبر والتضحية والإصرار على المبدأ فهذا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم يدعو في مكة المكرمة 13 عاماً يتحمل الأذى والصعوبات يُشتم ويُضرب ، ويُتهم بالجنون والكهانة والسحر وغيرها ، يذهب إلى الطائف يطلب النصرة ويعود جريحاً مطارداً ولا يدخل مكة إلا بجوار أحد المشركين ، عَرض نفسه على قبائل العرب في مواسم الحج يدعوها للإسلام فرفضت لكنه لم ييأس ، تآمر عليه كفار قريش وحاصروا بيته ليأسروه أو ينفوه أو يقتلوه لكن الله نجاه ، فهاجر إلى المدينة المنورة حيث الأنصار .
لقد أنزل الله في حادثة الهجرة قرآنا يتعبد به " إلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ معنا " .
أجل إلا تنصروا رسولكم محمد صلى الله عليه وسلم فقد نصره الله بعد أن آذيتموه وأخرجتموه من بلده واضطهدتم أصحابه نصره الله فرفع ذكره ، وأعاده إلى بلاده منتصرا وخضعتم له واتبعتم الدين الذي جاء به ، واصبح المستضعفون سادة يقودون الأمم ، ونصر الله الإسلام والمسلمين حتى بلغ مشارق الأرض ومغاربها ، ولا زلنا نعيش تحت رايته والحمد لله ، فلنتعلم من رسولنا الصبر على الأذى والثقة بنصر الله .
أيها المقدسيون وكل الفلسطينيين إن عز نصيركم اليوم ولم تجدوه في الغرب أو الشرق أو حتى بين بني جلدتكم ، فثقوا أن الله سينصركم ويثبت أقدامكم ، وما صمودكم الأسطوري في جنين وجبل النار والضفة والقطاع وبيت المقدس وكل فلسطين ووقوف بعض إخوانكم من العرب والمسلمين معكم إلا نصر من الله ، وستفرحون بالنصر الكامل قريبا بإذن الله لكن عليكم بالصبر والثبات والتمسك بحبل الله المتين الذي يمدنا بالنصر المبين كما أمد به المجاهدون السابقون .
أيها المستضعفون والمظلومون في كل مكان ثقوا بنصر الله لكم ولو بعد حين ولا تيأسوا من روح الله ، وإن غدا لناظره قريب .