إذ شتت شملهم منذ ما قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام. وقد كان لذلك الفعل اثره في نفسياتهم، حيث انعزلوا في "غيتوهاتهم" بعيدا عن المجتمعات التي عاشوا فيها. وقد نظر إليهم الأوروبيون خاصة نظرة ازدراء واحتقار نظرا لاتهامهم بأفعال كثيرة منها الربا ونشر الفواحش والاعتقاد بأنهم شعب الله المختار وغيرهم من البشر ليسوا إلا "غوييم" خلقوا لخدمة اليهود.
وعندما قويت شوكتهم بعد انتقالهم من أوروبا إلى أمريكا، وأصبح نفوذهم قويا في المجتمع الأمريكي من خلال سيطرتهم على الساسة ونظام الانتخابات والإعلام قاموا بتوظيف فكرة العداء للسامية، واصبحت وسيلتهم للدفاع عن أنفسهم، وتوجيه الاتهام إلى كل من يعادي دولة الاغتصاب ويقف في وجه جرائمها، ويفضح مخططاتها ضد الفلسطينيين.
وأستطاعوا بفضل ذلك النفوذ تشويه صورة كل من ينتقد يهوديا أو إسرائيليا. وهذا التشويه طال رؤوساء أمريكيين وفنانين وصحفيين وعلماء وأكاديميين. وأنشأوا منظمات ترصد وتتابع كل من يفضح جرائمهم. ومن تلك المنظمات النافذة في أمريكا رابطة مكافة التشهير. وتبع ذلك ظهور منظات إعلامية مثل ميمري وحملة مراقبة الجامعات (كامبس ووتش) وكذلك عشرات الصفحات وأهمها صفحة العداء للسامية على منصة أكس حيث تقوم برصد كل من ينشر ما يفضح جرائم الإحتلال.
واليوم وخلال حرب دولة الاحتلال على غزة وارتكاب المجازر بحق الفسطينيين فيها وفي الضفة الغربية، وقفوا بالمرصاد لكل من يتحدث عن تلك الجرائم ويفضح ادعائتهم بأن ما حصل يوم السابع من أكتوبر ليس إلا إرهابا ضدهم كيهود.
وبناء على ذلك شنوا حملات على تلك الشخصيات، وكذلك طلاب الجامعات والجمعية الطلابية المعروفة باسم (طلاب من أجل العدالة في فلسطين)، حيث قامت جامعات مثل كولوميبا وغيرهم بحظر تلك الجمعية، ولم يسلم المتظاهرون بالملايين حول العالم من حملتهم المحمومة. كما لم يسلم منهم اليهود الذين رأوا بأم أعينهم تلك الجرائم بحق الإنسانية. فهم يطلقون على اليهود المناهضين للمشروع الصهيوني في فلسطين عبارة "اليهود الذين يكرهون أنفسهم" كما يسمون تشومسكي وفلنكستين وناطوري كارتا.
وقبل ايام كانوا وراء فصل طبيب يهودي مشهور في مركز للسرطان تابع لجامعة نيويورك اسمه بن نيل، وكذلك تم فصل طبيب مسلم لأنه امتدح ما حصل يوم السابع من أكتوبر في تغريدة له.
والمتابع للصحافة ومحطات التلفزة، يجد نشاطا محموما وتقارير ومقالات كلها تشير إلى ارتفاع في نسب الحوادث ضد اليهود. كما يتم اعتبار أي نقد للإجرام الصهيوني عداء للسامية.
وقد كان الين مسك آخر ضحايا هذه الحملة حيث شنت الصحافة المتصهينة حملة كبيرة عليه بسبب تغريدة له، حتى أن البيت الأبيض هاجمه على تلك التغريدة، وقامت شركة أبل بسحب إعلاناتها من توتر،
أنظر تقرير السي ان ان في 22/10/2023، تقرير نيويورك بوست، تقرير ان بي سي قبل عدة ساعات، تقرير رويترز يوم 30 أكتوبر، تقرير هافنغتون بوست يوم 17/11/2023. فضلا عن تقارير سابقة على محطة بي بي سي وان بي أر المعروفة وسي ان ان ايضا. إضافة إلى التقارير التي تصدر عن منظمات صهيوينة تبين أن حوادث العداء لليهود في ارتفاع.
هذه التغطية الدقيقة والتشنيع على كل من يعادي القتلة من ساسة الاحتلال وجنرالاته يهدف أساسا إلى التخويف من عواقب مجرد النقد. فمن كان عاملا يتم فصله من عمله، ومن كان صاحب مصلحة أو شركة تتم مقاطعته والتشهير به. ومن كان فنانا أو شخصية عامة يصبح مادة للنقد وربما حرم من العمل في مجاله كما حصل منذ سنوات بعيدة مع مارلون براندو وكذلك منع الممثل الكوميدي الأسمر ارسينو هول من تكملة برنامجه.
ويبدو أن المجتمع الأمريكي قد ظهر له من أفعال الصهاينة ما كان غافلا عنه بسبب التغطية الإعلامية المنحازة لدولة الاحتلال. حيث لعبت وسائل التواصل الاجتماعي في نشر فظائع العدو ومجازره كما لم يحصل من قبل. وهذه الصحوة تعتبر في نظر الصهاينة و المتصهينين في أمريكا ظواهر تمييز وتحيز ضد اليهود.
لقد آن الآوان لكسر هذا السيف، وبيان الحقائق حول تلك المنظمات و المؤسسات الإعلامية و الاقتصادية التي تستغل جهل الناس بما يحصل فتوجه التهم "لمن يجروء على الكلام" كما ورد في كتاب بول فندلي منذ سنوات بعيدة.
وعلى العرب و المسلمين التعاون مع هذه الشخصيات والمنظمات الداعمة للحق الفلسطيني. وهذا الأمر متاح من خلال زيارة مواقعهم على الشبكة العنكبوتية وتوجيه الشكر لهم على بيان الحق والوقوف إلى جانب المظلومين. وهذه الوقفة إلى جانب كل من يبين الحقيقة لها أهميتها الكبيرة لدى المنافحين عن الحق، فهي إشارات مهمة لهم بأنهم ليسوا وحدهم في مواجهة موجة التخويف والتحريض عليهم من قبل الصهاينة ومؤسساتها المتغلغلة في المجتعات الغربية.